رأي

خفض عدد اللاجئين يلغي حق العودة ..

دكتور حسن عبد ربه المصري *

تنبأت صحيفة الإندبندنت البريطانية أوائل شهرأغسطس الماضي ان يرفض الفلسطينيون خطة جاريد كوشنير صهر الرئيس الأمريكى التى تقوم علي تقديم المال لأبناء الشعب الفلسطيني مقابل الحصول منهم علي تنازلات عما يطالبون به من حقوق تتصل بأراضي القدس الشرقية من ناحية وبحجم المعونات التي يتحصلون عليها من وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين التى أنشأت عام 1948 بقرار من الأمم المتحدة من ناحية ثانية .. بهدف تنفيذ بنود ما سمي بصفقة العصر التي تخطط لإلغاء ” مبدأ الأرض مقابل السلام ” ليحل محله مصطلح جديد يقوم علي مبدأ ” المال مقابل السلام ” .. الذي وصف بأنه ” حرق لمشاعر الفلسطينيين الوطنية ودهس لمبادئهم وثوابتهم حيال وطنهم السليب مقابل حفنة من الدولارات ..

وهذا ما تحقق بالفعل ، رفض الفلسطينيون جميعا الصفقة بكل مشتملاتها ، فكان أن أعلنت واشنطن عقابها الجاهز علي الشعب الفلسطيني بأن خفضت مساهمتها في ميزانية وكالة الغوث بنحو 500 مليون دولار وقدمت لها 50 مليون دولار فقط .. وأعلنت أنها ستوقع عقوبات اقتصادية وسياسية ، علي اي دولة تعمل علي تعويض المبلغ الذي امتنعت عن سداده مساهمة منها في إستمرار الوكالة في عملها !! ..

تتوزع جهود وكالة الغوث الإغاثية هذه علي الآلاف من اللاجئين في القطاع والضفة من ناحية وعلي آلاف آخربن يعيشون في دول الجوار القريبة من أراضي فلسطين من ناحية ثانية ..

وتتنوع هذه الجهود بين إقامة المدارس وتحمل نفقات العاملين فيها والإنفاق علي الدارسين بها .. وإنشاء المراكز العلاجية وتشغيل المسئولين عن ادارتها والقائمين علي علاج المواطنين بها ، وتقديم المساعدات الإنسانية لمن يحتاج إليها من أبناء الشعب الفلسطينى في الداخل والخارج القريب ..

إدعت الإدارة الامريكية ظلما وعدواناً ، أن هذه الجهود تعطل جهود السلام وتشجع أبناء الشعب الفلسطيني وقياداته السياسية علي رفض خطط ومقترحات التسوية التى تتقدم بها الإدارة الأميريكية لاحلال الأمن والإستقرار في المنطقة ..

بررت إدارة الرئيس ترامب وقف مساهمتها في ميزانية وكالة الغوث بهذه الكيفية بأن ” أعداد اللاجئين ” مبالغ فيها .. ورفضت الرقم الذي تنشره الوكالة الدولية بأنه يبلغ خمسة مليون ونصف لاجئ ، وقالت بكل بجاحة ان عددهم فقط خمسون ألف من أصل 700 ألف لاجئ خرجوا من قراهم عام 1948 .. !! وهؤلاء هم من يجب ان تنفق عليهم وكالة الغوث الدولية من الآن فصاعداً .. وعلي المعترض ان يضرب رأسه في اقرب حائط ، ولن يجد من يشفق عليه ..

رحبت حكومة الإحتلال الإسرائيلي العنصرية بكل قواها ووسائل اعلامها بالقرار الأمريكي بجزئيه ..

1 – تقليصها ميزانية الوكالة وتهديد من يعوضها من الدول بالعقوبات الصارمة ..

2 – إلغاء صفة اللاجئين عن نحو خمسة ملايين ،  والإكتفاء بإصباغ هذه الصفة علي نحو 500 الف منهم فقط ..

وبدأت فوراً في تنفيذ ما يدعمه ويستكمل خطواته التآمرية حيث قام نير بركات رئيس بلدية القدس بتنفيذ خطة شاملة تهدف إلـي ..

أولاً .. انهاء المرتكزات التى تقدم من خلالها الوكالة الدولية خدماتها في مجالي التعليم والعلاج للفلسطينين في القدس الشرقية لأنها تمثل جهات أجنبية تعيق عمليات الإصلاح التى تقوم الحكومة الإسرائيلية بهدف تطوير هذا الجانب من المدينة .. وفي مقدمتها تصفية مخيم شعفاط للاجئين المقام في شمال القدس ويأوي حوالي 20 ألف فلسطيني ..

ثانيا .. تشجيع سكان القدس الشرقية بكافة الوسائل علي قبول البدائل التى ستقدمها البلدية في هذا الخصوص ، وإلا عليهم أن يتركوها إلي مناطق سكنية اخري ..

ثالثاً .. العمل علي وضع حد نهائي ” لتوريث ” صفة اللاجئ للأبناء والأحفاد ، لوقف تزايد أرقامهم ، وبذلك تتمكن من طرد من يٌصر علي أنه اكتسب هذه الصفة من والديه واجداده من قبلهما من سكان هذا الجزء من المدينة ..

النتيجة العملية لمجمل هذه التوجهات الأمريكية والإسرائيلية ستصب في دعم سياسات وأفكار واشنطن / تل ابيب التى تعمل علي إلغاء العمل بقرار ” حق العودة ” الذي تتمسك به القيادات الفلسطينية وتضعه علي رأس أي جدول أعمال يعكس وجهة نظرهم حيال أي مفاوضات تجري بينهم وبين دولة الإحتلال والعنصرية ..

وهنا تكمن المعضلة الكبري التى علي الجانب العربي وليس الفلسطيني فقط  ، أن يعمل علي الإستعداد لها إقليمياً ودولياً من الآن ..

فكل ما سمعناه وشاهدناه حتى الآن هو هوامش ، في الإمكان التصدي لها ، أما إذا تمكنت حكومة نتنياهو بمساعدة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من وقف العمل بقانون العودة إلا لمن تنطبق عليه الشروط الأسرامريكية ، فذلك سيكون المسمار الأخير في نعش قضية العرب / حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه التاريخية ..

[email protected]


الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس وجهة نظر الموقع


تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى