غير مصنف

هل تنجح تونس في كبح العجز التجاري المتفاقم مع أفريقيا؟

تونس- هاجر العيادي

من المتوقع أن تطلق تونس نهاية الشهر الحالي ماراثون المفاوضات مع دول أفريقيا لإبرام اتفاقية منطقة التبادل التجاري الحرّ في كافة أنحاء القارة، وفق ما نقلته وكالة الأنباء التونسية الرسمية عن المكلف بقارة أفريقيا في وزارة الخارجية، كريم بن بشر، حيث قال إن “المفاوضات بشأن اتفاقية منطقة التبادل الحرّ القارية الأفريقية ستنطلق يوم 30 مايو الجاري”.

إعلان الاتفاقية

وجاء الإعلان عن موعد المفاوضات في الوقت الذي لم يصادق فيه البرلمان حتى الآن على اتفاقية وقعها وزير الخارجية خميس الجهيناوي خلال القمة الأفريقية الاستثنائية المنعقدة في رواندا خلال مارس من العام الماضي.

وتضم الاتفاقية جميع دول أفريقيا، وهو ما سيجعل المنطقة أكبر تكتل تجاري من حيث عدد الدول منذ إنشاء منظمة التجارة العالمية، علمًا بأن قرار إنشاء المنطقة يعود أساسًا إلى يونيو 2015 حينما وقعت 26 دولة في شرم الشيخ المصرية على البنود الأولى للاتفاقية.

كما تشمل منطقة التجارة الحرة بموجب الاتفاقية 3 تكتلات قائمة، وهي السوق المشتركة لدول شرق أفريقيا وجنوبها ومجموعة شرق أفريقيا ومجموعة تنمية أفريقيا الجنوبية.

وتشير بنود الاتفاقية إلى أنه على الدول الموقعة تحرير 90 بالمائة من الحركة التجارية وباقي التوافق بين الحكومات سيكون على قواعد المنشأ.

مفاوضات التنفيذ

في هذا السياق انتظمت مؤخرًا ندوة نظمها مجلس التعاون التونسي الأفريقي، مساء السبت الماضي، في صفاقس لبحث آفاق انضمام تونس للسوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا وإجراء المفاوضات لمناقشة مراحل تنفيذ الاتفاقية.

من جهته تحدث كريم بشير عن الاتفاقية، وأوضح أنها تشمل البضائع والخدمات والاستثمارات والمنافسة وغيرها من المجالات الاقتصادية، التي ستخدم الاقتصاد التونسي.

ويرى خبراء ومسئولون تونسيون أن إحداث الحكومة لاختراق في سياسة التبادل التجاري مع بلدان القارة من خلال منطقة التبادل التجاري الحر ستكون له انعكاسات إيجابية في السنوات القادمة.

كبح العجز التجاري

على صعيد آخر تعمل الحكومة الحالية على كبح العجز التجاري المتفاقم، الذي تجاوز في الثلث الأول من 2019 حاجز الملياري دولار.

ووفق الأرقام الرسمية، لا يتجاوز حجم التجارة التونسية مع دول القارة حوالي 5 بالمائة من حجم المبادلات التجارية، بينما تبلغ أكثر من 50 بالمائة مع دول أوروبا.

وفي هذا الإطار يمثل التوقيع على الاتفاقية خطوة مهمة لتونس نحو الانضمام للسوق المشتركة الأفريقية، حيث يؤكد خبراء أن الاتفاق سيحقق المصلحة المشتركة لكافة دول القارة.

إستراتيجية شاملة

كما اعتبر مراقبون بأن أفريقيا بحاجة ماسة لوضع إستراتيجية شاملة لتطوير القطاعات ومعالجة الاختلالات، التي تعاني منها وزيادة الشراكات بين بلدانها، بهدف استغلال كافة المقومات التي تتمتع بها، على حد تعبير المراقبين.

من جهة أخرى تركز منطقة التبادل الحر الأفريقية على إزالة كافة الحواجز الجمركية بين دول القارة عبر تحرير حركة السلع والبضائع، مع منح الحكومات هامشًا لتطبيق لسياساتها الاقتصادية التي تتماشى مع ظروف كل بلد.

أهداف متعددة

كما تهدف المنطقة إلى مضاعفة قيمة المبادلات التجارية داخل القارة لتبلغ معدلاً سنويًا في حدود 35 مليار دولار بحلول العام 2021.

ومن المتوقع أن تسهم المنطقة في رفع نسبة المبادلات التجارية بين الدول الأفريقية إلى 52 بالمائة، وتعزيز الصادرات الزراعية والصناعية.

من جانبه أكد الاتحاد الأفريقي أن المنطقة بإمكانها إيجاد سوق أفريقية تضم أكثر من 1.2 مليار شخص، بناتج محلي إجمالي يصل إلى 2.5 تريليون دولار سنويًا.

تحديات كبرى

بالمقابل  تواجه بلدان القارة تحديات كبيرة مع اقتراب إقامة المنطقة، خاصة في ما يتعلق بالبنية التحتية وتوفير فرص عمل للملايين من الشباب واستقطاب الاستثمارات البينية.

كما لا تزال المبادلات التجارية بين دول أفريقيا ضعيفة للغاية، فأسواق القارة غارقة حتى الآن ببضائع مستورة من الصين وتركيا والولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا، وأما صادرات الدول الأفريقية فهي تقتصر على مواد غير مصنعة.

وتبلغ نسبة التبادل التجاري بين بلدان أفريقيا نحو 12 بالمائة فقط، مقارنة بنسبة 55 بالمائة بين البلدان الآسيوية ونحو 70 بالمائة بين الدول الأوروبية.

ويرجع اقتصاديون أسباب ذلك إلى سماكة الحدود، والتي تقاس بعدد الوثائق التي يتعين توافرها للاستيراد والتصدير، حيث تبلغ 8 أوراق جمركية في أفريقيا، مقابل 4 في أوروبا، ما يزيد مهلة اجتياز الحدود وتكاليفها.

فضلا عن أن تخليص البضائع الجمركية بين دول أفريقيا يتطلب فترة تزيد في المتوسط على 30 يوما باستثناء المغرب، في مقابل نحو 10 أيام في الاتحاد الأوروبي، وفق منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.

أما صادرات الصناعات التحويلية فهي لا تمثل سوى نحو 18 بالمائة من حجم المبادلات الأفريقية البينية، بينما تمثل 1 بالمائة من المبادلات التجارية عالميًا.

تكامل اقتصادي

من الواضح أن تونس وفق خبراء تونس لا تعمل على تعزيز صادراتها، فحسب التي لا تزال ضعيفة رغم المحاولات لتنشيطها في السنوات الأخيرة، بل لديها رؤية اعتمدتها منذ أن بدأت في تحريك دبلوماسيتها الاقتصادية، لبلوغ أعلى درجات التكامل الاقتصادي مع أفريقيا وفق مراقبين.

ولعل الخطوة التي اتخذتها تونس تعد بمثابة الرهان على الدخول في عهد جديد من العلاقات التجارية مع بلدان قارة أفريقيا، في محاولة لإنعاش صادراتها، وكبح العجز التجاري، فهل ستنجح في ذلك؟

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى