رأي

ترامب وخطورة الشخصية النرجسية

لم تُثر شخصية أي رئيس أميركي من الجدل كالذي أثارته شخصية الرئيس دونالد ترامب، والذي حظي بقدر كبير من النقاش حول شكل شخصيته وبنيته النفسية وتركيبته السيكولوجية، وهذا لم تكن تتداوله وسائل الإعلام كثيرًا من قبل وبهذا التفصيل، كما هو الحال في شخصية وسلوك الرئيس الحالي دونالد ترامب.

وإن أردنا شيئًا من التفصيل هنا فلا بد لنا أن نذكر ما تداولته بعض وسائل الإعلام نقلًا عن خبراء في علم النفس والتحليل النفسي، ومنها ما نشره عميد كلية الطب بجامعة (هارفارد) بصحيفة “لوس انجلس تايمز” بأن ترامب (شخصية مصابة بالاضطراب النرجسي).

فيما ردّ بروفيسور آخر بالطب النفسي “جولدنبرغ” بأنه يعلم من معالجته لأشخاص نرجسيين بأنه (لا يوجد واحد منهم يحرض علنًا على العنف، أو يفتري على المجموعات الإتنية). (1)

ومع ذلك فإن البروفيسور نفسه حكم على ترامب بأنه (لا يناسب المهمة، ولا يجدر به أن يصبح رئيسًا، لأنه يحتقر النساء، ويشوه سمعة المكسيكيين والمسلمين، ويسخر من ذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى كونه يشيطن الإعلام ويجرح من يتحداه). (2)

 بالإضافة إلى ذلك، فعندما يُظهِر شخص ما مَيلا إلى العنف على نطاق واسع (كأنْ يدعوَ إلى العنف ضد المتظاهرين أو العائلات المهاجِرة، ويصف المتعصّبين البيض مرتكبي العنف بأنهم “أناس طيّبون جدا”، أو يُظهِر نفسه عُرضة لتلاعب الأجانب المُعادِين)؛ فيمكن لهذه الأمور أن تعزِّز من انتشار ثقافة العنف. (3)

فترامب شخصية استعراضية، يحب الظهور والشهرة، إذ قدم لمدة اثني عشر عامًا برنامج تلفزيون الواقع “The Apprentice” أجرى فيه اختبارات لعدد من المرشحين للالتحاق بشركاته العملاقة، وأخذ الأمريكيون يلقبونه “الدونالد” ترامب الشهير. وهو مولع أيضًا بالنساء، وكانت فضائح علاقاته مع النساء مؤخرًا حديث الأمريكيين. (4)

وقد كتبت “إليزابيث درو” – مؤلفة كتاب (يوميات واشنطن)- مقالًا بعنوان: “جنون الملك ترمب”، قالت فيه:

“يوضح كاتب مقال “نيويورك تايمز” أن الصراعَ في البيت الأبيض لا يدور حول أيديولوجية ترامب. فالمشكلة – كما يرى المؤلف – هي: (افتقار ترامب إلى أيّ مبادئ أوّليّة واضحة توجِّه عمليةَ صنع القرار، واندفاعَه الذي يؤدِّي إلى اتخاذ قرارات غيرِ مكتملة، وتستند إلى معلومات خاطئة، وأحيانا متهوِّرة، ويجب التراجع عنها؛ وعدم وجود أيّ أحد يمكنه أن يعرف ما إذا كان قد يغيِّر رأيه بين وهلة وأخرى).

هذه هي أعراض نفسية واضحة تعكس الاستحواذ العاطفي، والاندفاع، وفقدان التركيز، والنرجسية، والتهور.

ما لاحظناه هو علامات عدم استقرار عقليّ، وهي علامات لن يظهر تأثيرها في النهاية على البيت الأبيض فقط، كما تقول هذه التقارير، بل على الأوضاع الداخليّة وفي المجال الجيوسياسيّ.

هناك علاقة قويّة بين الخطورة المباشِرة، مثل احتمال شنّ حرب أو إطلاق أسلحة نوويّة، والخطورة المجتمعيّة الممتدّة، مثل السياسات التي تفرِض فصلَ الأطفال عن الأسر (المهاجِرة) أو إعادة هيكلة العلاقات العالميّة بطريقة من شأنها أن تزعزِع استقرارَ العالم.

“وأشعر بالقلق من أنّ التحديات العقلية التي يواجهها قد تدفعه إلى اتخاذ إجراءات لا يمكن التنبّؤ بها ومن شأنِها أن تكونَ شديدةَ الخطورة، لصرف الانتباه عن مشاكله القانونية”. (5)

وألمحت “درو” إلى أن: (الحالات الأخرى التي يمكن أن يكون الرئيس فيها خطرًا تتجلّى في: الأعراض الإدراكيّة أو الهفوات، لأن وظائف مثل التفكير والذاكرة والانتباه واللغة والتعلم تعتبر وظائف مهمة بالنسبة لواجبات رئيس.

وقد ظهرت عليه علامات ضعف على مستوى هذه الوظائف أيضًا). وأضافت (أن قواعد الإطلاق النوويّ لا ينبغي أن تكون في يد شخص يُظهِر مثل هذه المستويات من عدم الاستقرار العقلي). (6)

وفي السياق نفسه فقد بعثت الطبيبة “باندلي لي” في أواخر 2017 رسالة نشرتها صحيفة “نيويورك تايمز”، قالت فيها: (هناك أكثر من مجرد حالة من عدم الاستقرار النفسي لدى ترامب؛ الذي بدأ يبتعد عن الواقع في تصرفاته، ويمر بحالة من تقلب السلوك؛ الذي لا يمكن التنبؤ به، وأنه بدأ يميل إلى العنف كوسيلة للتأقلم مع هذه الحالة). (7)

ويجيب بعض الخبراء النفسيين عن سؤال: متى يكون الرئيس خطيرًا؟، فيقولون إنه “عندما يكون الرئيس تشمل سيرته هذه الخصائص: (تاريخًا من القسوة على الناس الآخرين، والقيامَ بالمخاطرة، وسلوكا يوحي بالاندفاع أو فقدان السيطرة، والشخصيّةَ النرجسيّة، وانعدامَ الاستقرار العقليّ. ومن الأمور المثيرة للقلق أيضًا عدم الامتثال أو عدم الرغبة في الخضوع للاختبارات أو العلاج، أو إمكانيّة الوصول إلى الأسلحة، أو ضعف العلاقة مع طرف آخر مهمّ أو الزوج، أو رؤية المرء نفسه كضحيّة، أو انعدام الشعور بالشفقة أو التعاطف، وعدم الاهتمام بعواقب التصرّفات المؤذية). (8)

والخلاصة: أنه بوسع أي شخص أن يحتفظ بذكائه، حتى بعد أن يفقد جزءًا كبيرًا من دماغه”. لكن “وراء هذا القناع من الثقة القصوى التي تتمتع به شخصية “ترامب” يكمن تقدير الذات الهش، والذي يكون عرضة لأدنى الانتقادات”. ويعكس هذا التعريف تصرفات ترمب اليومية. (9)


الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس وجهة نظر الموقع


تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى