غير مصنف

الغنوشي في باريس لكسب ثقة ماكرون والتملص من الإخوان

هاجر العيادي

بدأ راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة التونسية، زيارة إلى فرنسا وصفت بالمهمة وفق مراقبين. وتأتي هذه الزيارة تلبية لدعوة من السلطات الفرنسية، وهي تدوم حوالي أسبوع، على رأس وفد كبير من الحركة على غرار رفيق عبد السلام، صهر الغنوشي، ومسئول العلاقات الخارجية في حركة النهضة، وفق مصادر مطلعة.

ومن المتوقع أن  يلتقي الغنوشي مسئولين سامين في الدولة الفرنسية، فضلا عن إلقاء محاضرات في بعض مراكز البحوث والدراسات، إلى جانب لقاءات بمجموعات من الجالية الفرنسية.

التنصل من الإخوان

أنباء تأتي وسط تشكيك بمصداقيتها، لاسيما أن مروجيها هم من أبناء الحركة، ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، وترى أوساط سياسية أن الغنوشي سافر إلى باريس في محاولة لإقناع فرنسا، التي تستعد لحملة واسعة ضد الإسلام السياسي، بأن حركة النهضة محلية ولم تعد لها صلات بحركة الإخوان، التي قد تبادر فرنسا إلى حظرها على خطى الولايات المتحدة.

وعرفت باريس الفترة الأخيرة  تخوفات من تنظيمات ما يعرف  بالإسلام السياسي، وسط  تحركات برلمانية للضغط على الرئيس إيمانويل ماكرون، ودفعه إلى إدراج تنظيم الإخوان في قائمة الإرهاب، وحل المنظمات والجمعيات المرتبطة به في فرنسا.

حملة ضد الإخوان

وتأتي هذه التحركات عقب حملة أطلقتها الناطقة باسم حزب الجمهوريين، ليديا جيروس، لحشد البرلمانيين، لاتخاذ خطوات لمكافحة ما يسمى بالمتطرفين في فرنسا، وصولا إلى تصنيف تنظيم الإخوان كمنظمة إرهابية.

واستطاعت جيروس إلى غاية الآن الحصول على  موافقة 50 برلمانيًا فرنسيًا. ومن المتوقع أن يرتفع رصيد المشاركين في هذه الحملة خلال الأيام القادمة، على أنه يعد استكمالاً للتحذير الذي أطلقه ماكرون، في 25 من أبريل الماضي، من أن الإسلام السياسي يسعى لتقسيم الفرنسيين على حد تعبيره.

فرنسا لم تعلق

في الأثناء لم يصدر أي موقف رسمي يؤكد أن السلطات الفرنسية الرسمية وجهت دعوة للغنوشي لزيارة باريس، فيما أكدت مصادر أخرى أن هذه الزيارة تأتي بترتيب من شركة علاقات عامة تعاقدت معها حركة النهضة في وقت سابق بمبلغ مالي كبير.

زيارة متعثرة

ومن الواضح، وفق متابعين، أن هذه الزيارة بدت متعثرة، حيث تعرض الغنوشي والوفد المرافق له، لانتقادات وجهتها لهم امرأة تونسية داخل الطائرة التي أقلتهم إلى باريس، وصلت إلى حد تحميل الحركة مسؤولية الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها البلاد، وفق ما أفاد به مقطع فيديو نشر على مواقع تواصل الاجتماعي.

والفيديو يظهر امرأة على متن طائرة تخاطب الغنوشي ومن معه بكلمات حادة، وصلت إلى حد القول: “لعن الزمن الذي أوصل حركة النهضة إلى الحكم”، وتسببها في ما وصفته بـ”الخراب” الذي حل بتونس، وسط ضحكات كان يطلقها رفيق عبد السلام، صهر الغنوشي بين الحين والآخر.

ويرى بعض المراقبين أن هذه الحادثة كشفت حجم المتاعب التي باتت تواجه الغنوشي وحركته سواء في الشارع التونسي، أو في المشهد السياسي، أو في المحيط الإقليمي فضلا عن أن الحادثة أقرت على ما يبدو رفضًا واضحًا لحركة النهضة وغيرها من التنظيمات الأخرى وفق محللين.

 ترتيب وتحالفات جديدة

وفي الوقت الذي نجحت فيه حركة النهضة في إضعاف الأحزاب المنافسة لها، وخاصة نداء تونس، فإنه مع اقتراب موعد الانتخابات بدأت القوى والأحزاب الوطنية في ترتيب البيت، وبناء تحالفات جديدة، ستساعد في تقليص هيمنتها، وفق خبراء. لاسيما أنها عرفت  في الآونة الأخيرة  تراجعًا على مستوى شعبيتها.

إعادة الترتيب

ومن المتوقع أن يكون الدور المؤثر في هذه الترتيبات الجديدة لسلمى اللومي، الوزيرة مديرة الديوان الرئاسي، التي استقالت مؤخرًا للتفرغ لترتيب البيت الداخلي لنداء تونس، والمساهمة في تجميع العائلة الوسطية التقدمية وتوحيدها، ووضع حد لتشتتها وانقسامها قبل فوات الأوان”، كما جاء في حسابها على فيسبوك أمس الأربعاء.

أولويات الخارطة

وفي هذا الإطار يؤكد بعض المتابعون للشأن السياسي أن البداية المتعثرة لزيارة الغنوشي لباريس، لا تمنع من الإشارة إلى أن توقيتها يكتسب مع ذلك أهمية بالغة، لعدة اعتبارات، تبدأ بالمتغيرات في المشهد الإقليمي والدولي في علاقته بتنظيمات الإسلام السياسي، ولا تنتهي عند خارطة الأولويات التي باتت تحكم تحركات حركة النهضة خوفًا من أن تفقد مكانتها.

وكان ماكرون واضحًا في هذا الصدد، حيث قال “لا ينبغي علينا أن نحجب أعيننا عن الحقائق، نحن نتحدث عن أناس أرادوا باسم الدين مواصلة مشروع سياسي، وهو الإسلام السياسي الذي يريد أن يحدث انقسامًا داخل جمهوريتنا”.

ولم يتردد ماكرون في المقابل، في الإعلان صراحة أنه طلب من الحكومة “ألا تبدي أي تهاون مع الذين لديهم مشروع سياسي تحت غطاء الدين، وهو مشروع الإسلام السياسي”.

ومن الواضح أن راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة يسعى وفق مراقبين إلى استمالة ماكرون، وكسب ثقته، حتى لا يتم ضم حركته إلى قائمة جماعات الإخوان، وتصنيفها ضمن الجماعات الإرهابية، في وقت تعمل فيه فرنسا على خطى الولايات المتحدة الأمريكية. فهل سينجح الغنوشي في ذلك أم الأيام القادمة ستحمل نتائج مغايرة؟.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى