تقارير

4 أنباء غير سارة للسعودية خلال أسبوع

علي البلهاسي

حمل الأسبوع الماضي عدة أنباء غير سارة بالنسبة للمملكة العربية السعودية، تراوحت بين اتهامات لها باستخدام تطبيق “أبشر” للتجسس على المواطنين، وإضافتها على قائمة اوربية سوداء بسبب اتهامات بالتهاون مع غسل الأموال وتمويل الإرهاب، فضلاً عن اتهامات أمريكية بمساعدة مواطنين سعوديين على الفرار من قضايا متهمين بها في أمريكا، وكذلك ظهور تفاصيل جديدة في قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، والمزاعم بتورط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في القضية.

شبح خاشقجي يعود للظهور

عاد شبح خاشقجي يحلق من جديد في الأجواء بعد أن أعلنت الشرطة التركية عن اعتقادها بأن أشلاء جثة الصحفي الراحل تم إحراقها في القنصلية السعودية باسطنبول.

وقالت وكالة الأناضول التركية للأنباء، نقلاً عن مصادر في الشرطة التركية، إن “مقر القنصلية في اسطنبول فيه بئران وفرن خشبي تصل درجة الحرارة فيه إلى ألف درجة مئوية، مما يتلف أي أثر لحمض نووي”.

وقالت الأناضول إن الشرطة التركية تعتقد الآن بأن أشلاء خاشقجي قد أحرقت وأتلفت. ولم يتم حتى الآن العثور على أي أثر لأشلاء خاشقجي رغم التحقيق التركي الرسمي الذي شمل مقر القنصلية ومقر إقامة القنصل السعودي ومواقع أخرى.

وكان خاشقجي قد قتل على أيدي عملاء سعوديين وصلوا إلى اسطنبول في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وأثار الحادث ردود فعل غاضبة على النطاق العالمي بعد أنباء عن تورط ولي العهد السعودي.

وكانت السلطات السعودية قد أقرت، بعد أن أصدرت العديد من التصريحات المتناقضة، بأن خاشقجي قتل بعد أن فشل موظفو القنصلية في إقناعه بالعودة إلى السعودية. وتنفي الرياض أن يكون لولي العهد السعودي محمد بن سلمان أي دور في اغتيال خاشقجي.

وسبق للرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن قال إن اغتيال خاشقجي تم بأمر من مسئولين في الدولة السعودية، وطالب مراًرا من الرياض أن تكشف عن هوية “المتعاون المحلي” الذي يقول السعوديون إنه تخلص من جثة القتيل.

وكانت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية قد فد نشرت تقرير مؤخرًا كشف فيه عما قالت إنه أدلة تعرفت عليها وكالة الأمن القومي وبقية أجهزة التجسس الأمريكية، التي جاءت على شكل تنصت عن محادثة بين ولي العهد ومساعد له قبل عام من قتل خاشقجي، يقول فيها إنه لو لم تنجح محاولات جر الصحافي وإقناعه بالعودة إلى السعودية كلها فإنه يجب استخدام القوة، وإن لم تنفع يقول ولي العهد إنه سيطلق عليه الرصاص.

وتتزامن هذه التطورات مع أنباء عن ضغوط يمارسها الكونجرس على الرئيس دونالد ترامب لإعلان موقفه من تورط ولي العهد السعودي في قضية مقتل خاشقجي. وقالت شبكة  CNNإن الرئيس الأمريكي رفض الالتزام بالموعد النهائي للإجابة على طلب قدمته له لجنة العلاقات الدولية التابعة للكونجرس حول ما إذا كان هناك مسؤولية أو صلة لولي العهد السعودي بقضية مقتل خاشقجي.

وتقدم الكونجرس بهذا الطلب لترامب بتاريخ 10 أكتوبر 2018، بدعم من النواب الديمقراطيون والجمهوريون، مستندًا في ذلك إلى مادة في قانون ماجنيتسكي تتيح لأعضاء الكونجرس تحديد مهلة للإدارة الأمريكية للرد على مطالبهم، تستمر لمدة 120 يومًا، وقد انتهت هذه المهلة يوم 8 فبراير الجاري.

لكن مصدر بمجلس الأمن القومي الأمريكي قال إن الإدارة الأمريكية “ليست تحت أي التزام قانوني” للرد (على طلب الكونغرس)، لافتا إلى أن الخارجية الأمريكية سترسل ردا للكونغرس، الجمعة الماضية دون الكشف عن محتوى الرسالة.

فيما علق السيناتور روبيرت مينينديز، على الرسالة التي بعثتها الخارجية حول هذه القضية قائلاً: “خاب ظني، هذا يظهر ما أرادته الإدارة طول الوقت – أن تنسى قضية قتل خاشقجي، سأستمر بدفع الرئيس ليحمل المسؤولية كاملة لأولئك المسئولين عنها والانصياع لقوانين الولايات المتحدة”.

فيما دافع ترامب عن العلاقات الأمريكية السعودية مقللاً من أهمية مقتل خاشقجي بالنسبة لمستقبل تلك العلاقات.

الفرار من أمريكا

ولم يكد الأسبوع ينتهي حتى ظهرت أنباء نشرتها CNN حول أن مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI يحقق إن كانت السعودية ساعدت مواطنين على الفرار من قضايا بأمريكا

وجاء ذلك بعد أن تمكن طالب سعودي يدعى عبد الرحمن نورا (21 عامًا) من نزع السوار الإلكتروني الخاص بتعقبه والتواري عن الأنظار، بعد إخراجه بكفالة بلغت 100 ألف دولار، لاتهامه بقتل مراهقة أمريكية في حادث سير بأوريون، نتيجة القيادة المتهورة في عام 2016.

وأثيرت مزاعم تشير إلى أن الحكومة السعودية قد تكون تورطت في تهريبه من البلاد.

وقال مسئولون في إنفاذ القانون لصحيفة “أوريغونيون” الأمريكية إنهم يعتقدون أن نورا حصل على جواز سفر جديد وغادر الولايات المتحدة على متن طائرة خاصة.

وقال الصحفي في “أوريغونيون” شين ديكسون “إن متهمين سعوديين يواجهون قضايا جنائية خطيرة تمكنوا من الفرار من الولايات المتحدة“، مضيفاً أن ذلك تم “بمساعدة الحكومة السعودية“.

وتقول CNN إن قضية نورا التي وقعت عام 2016 ليست الحالة الوحيدة، إذ تم تحديد ما مجموعه 17 حالة أخرى عبر 8 ولايات أمريكية وكندا حددتهم صحيفة أوريغونيون على أنهم “رجال سعوديون يواجهون تهمًا خطيرة اختفوا“.

وفي بيان لـCNN، قالت السفارة السعودية: “إن الفكرة القائلة بأن الحكومة السعودية تساعد المواطنين بنشاط للإفلات من العدالة بعد أن تورطوا في مخالفات قانونية في الولايات المتحدة، ليست صحيحة”.

قائمة سوداء

الخبر غير السار الثالث بالنسبة للسعودية جاء هذه المرة من أوروبا، حيث قالت المفوضية الأوروبية، إنها أضافت السعودية وبنما و21 دولة أخرى، إلى القائمة السوداء للدول التي تشكل تهديدا للتكتل بسبب تهاونها مع تمويل الإرهاب وغسل الأموال.

ويأتي إعلان المفوضية إضافة السعودية إلى القائمة وسط توترات بين الرياض والعواصم الأوروبية بسبب مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجى. وصادق البرلمان الأوروبي على قرار في أكتوبر الماضي يحث على إجراء تحقيق دولي في مقتل خاشقجي ودعا دول الاتحاد الأوروبي إلى وقف مبيعات الأسلحة للمملكة.

وإلى جانب التأثير السلبي للانضمام للقائمة على سمعة المدرجين بها، فإنه يعقّد أيضا العلاقات المالية مع الاتحاد الأوروبي. ولا يؤدى إدراج أي دولة على تلك القائمة إلى فرض أي عقوبات عليها، ولكنه يجبر البنوك الأوروبية على اعتماد ضوابط أكثر تشددا على التعاملات المالية مع العملاء والمؤسسات في تلك الدول.

ويتطلب إقرار مبادرة المفوضية موافقة البرلمان الأوروبي والدول الـ28 الأعضاء في الاتحاد، التي أبدى عدد منها تحفّظات على القائمة الجديدة، ومن بينها فرنسا والمملكة المتحدة.

وأعربت السعودية في بيان لها عن أسفها لصدور قرار المفوضية الأوروبية، والذي قالت إنه يأتي رغم إقرار المملكة العديد من التشريعات والإجراءات ذات العلاقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بهدف الحد من المخاطر المرتبطة بتلك الجرائم.

كما أكدت المملكة من جديد التزامها القوى بالجهود العالمية المشتركة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والتي تتعاون فيها مع شركائها وحلفائها على الصعيد الدولي.

وقال البيان إن المملكة العربية السعودية، شريك أساسي في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، وتقود مجموعة عمل مكافحة تمويل داعش، إلى جانب الولايات المتحدة وإيطاليا، وأقرت ونفّذت خلال السنوات الماضية العديد من القوانين والإجراءات التي تهدف إلى مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والتخفيف من المخاطر المرتبطة بها.

“أبشر” واتهامات التجسس على النساء

الأسبوع الماضي شهد جدلاً كبيرًا أيضًا حول تطبيق “أبشر” الذي توفره وزارة الداخلية السعودية لتقديم العديد من الخدمات المتوفرة لدى القطاعات التابعة لها بطريقة سهلة وآمنة، كما يمكن للمواطن السعودي من خلال التطبيق أن المتابعة والاطلاع على بيانات أفراد عائلته والعمال والموظفين الذين هم على كفالته، وغيرها من الخدمات.

وتحتاج النساء السعوديات إلى إذن من ولي الأمر (الأب-  الزوج – الشقيق)، حتى تغادر البلاد. ويتلقى ولي الأمر، إخطارًا من التطبيق إذا ما حاولت سيدة هو مسئول عنها مغادرة البلاد.

وانتقدت منظمات حقوق الإنسان الدولية هذا التطبيق، وسط اتهامات لحكومة المملكة بمنح الرجال سلطة مراقبة تحركات نسائهم. وأوردت حسابات سعودية معارضة ومواقع إلكترونية أنباء عن استخدام الأمن السعودي للتطبيق من أجل التجسس على المواطنين.

وتعرض التطبيق لانتقادات لاذعة من قبل السيناتور الأمريكي رون وايدن، الذي وجه رسالة إلى شركتي أبل وجوغل، يطالب فيها بمنع تحميل هذا التطبيق على منصاتهما الرقمية.

وكرد فعل على الرسالة، علق الرئيس التنفيذي لأبل، تيم كوك، قائلا إنه سينظر في حقيقة هذه الادعاءات، وسيرى ما إذا كان يتم استخدام التطبيق كأداة رقابية على النساء السعوديات، وفقا لصفحة “أبل إنسايدر” الرسمية على موقع تويتر.

فيما ردت وزارة الداخلية السعودية على هذه الانتقادات والاتهامات، وقال مسئول بالوزارة – بحسب وكالة الأنباء السعودية (واس)-: إن “الوزارة تعرب عن استنكارها الشديد للحملة المُغرضة المنظمة التي تسعى للتشكيك في غايات تطبيق خدمة (أبشر) الذي يتم توفيره على الهواتف الذكية لتسهيل وتيسير تقديم خدماتها للمستفيدين منها”.

وأكد المسئول أن “الوزارة تؤكد حرصها على حماية مصالح المستفيدين من خدماتها من كل ما يترتب على المساس بها من أضرار”.

واعتبرت الداخلية السعودية أن الحملة تحاول “تعطيل الاستفادة من أكثر من 160 خدمة إجرائية مختلفة يوفرها التطبيق لكافة شرائح المجتمع بالمملكة من مواطنين ومقيمين، بمن فيهم من النساء وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، الذين تمثل الخدمات الحكومية الالكترونية وسيلة أساسية ومباشرة لهم لتنفيذ الإجراءات الخاصة بهم بأي وقت ومن أي مكان”.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى