أخبار العالم العربيتقارير

لا مساجد للصلاة ولا حلوى أو طعام للأطفال.. الحرب تقتل فرحة العيد في غزة

بينما يستعد العالم الإسلامي للاحتفال بعيد الفطر المبارك، ستكون هناك أجواء مختلفة للعيد في قطاع غزة، فمع انتهاء شهر رمضان المبارك والاستعداد لاستقبال عيد الفطر أعلنت مصادر طبية، اليوم الثلاثاء، ارتفاع حصيلة العدوان على قطاع غزة إلى 33,360 قتيلًا، منذ السابع من أكتوبر الماضي.

ووفقًا لوكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) أوضحت المصادر أن حصيلة المصابين ارتفعت إلى 75,993، فيما لا يزال آلاف المواطنين في عداد المفقودين تحت الأنقاض وفي الطرقات.

في غزة لن تكون هناك مساجد تقام فيها صلاة العيد، ولن تكون هناك منازل تملأها فرحة الكبار والصغار، فمعظمها تم تدميره وسحقه تحت نيران القصف الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من 6 أشهر.

وفي غزة لا يبحث الأهالي عن حلوى أو كعك العيد، وإنما يبحثون عن طعام يسد جوعهم وجوع أطفالهم، ولا يبحثون عن زينة تزين شوارعهم، فقد اختفت ملامح الشوارع والمدن وصارت ركامًا.

وكل ما يتمناه الأهالي في غزة أن يحمل العيد أنباء عن توقف المعارك الدائرة في القطاع، ليلتقطوا الأنفاس من حرب هي الأكثر دموية في التاريخ الحديث.

بينما تسعى أطراف الوساطة التي تضم كلاً من مصر وقطر والولايات المتحدة للوصول إلى هدنة مؤقتة بين إسرائيل وحماس، خلال عيد الفطر.

آلاف الأيتام

سيحل العيد وليس هناك حلوى بل ليس هناك خبز يمكن توفيره للأطفال الذي يعانون من سوء التغذية في ظل الحصار الخانق ومنع وصول المساعدات لهم.

بل الأمر الأكثر مأساوية هو أن آلاف العائلات فقدت أطفالها خلال الحرب، بينما فقد آلاف الأطفال ذويهم وعائلاتهم وحتى منازلهم التي كانت تأويهم.

ووفقًا لموقع “بي بي سي” يقدر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عدد الأطفال الذين يعيشون بدون والديهم أو أحدهما في قطاع غزة بما يزيد على 43 ألف طفل.

ولا توجد أرقام دقيقة عن عدد الأطفال الأيتام الذين خلفتهم الحرب في غزة، لكن تقديرات اليونيسف تشير إلى أن هناك ما لا يقل عن 17 ألف طفل في غزة، غير مصحوبين أو منفصلين عن ذويهم أو فقدوا والديهم أو أحدهما منذ اندلاع الحرب.

ويواجه الكثير من الأيتام في غزة مصيراً مجهولاً، خاصة الرضع ممن فقدوا ذويهم ولم يُستدل على أقاربهم، أو أعضاء أسرتهم.

“لن يكون هذا العيد كأي عيد، بسبب الحرب، ولأننا فقدنا أهلنا”، هكذا تقول الطفلة الفلسطينية ليان ذات الـ11 عامًا، المقيمة بأحد مخيمات النزوح، بمدينة رفح جنوبي قطاع غزة.

فقدت ليان وأختها الصغرى سوار التي لم يتجاوز عمرها عامًا ونصف العام، أبويهما و5 من إخوتهما، وقُتل 35 شخصا من عائلتها، على إثر القصف الذي طال مستشفى الأهلي المعمداني في أكتوبر الماضي، بعد أن لجأوا إلى المستشفى هربا من القصف المستعر في الحي الذي كانوا يسكنون به في مدينة غزة شمالي القطاع.

وضع مأساوي

كان العيد في غزة قبل الحرب يمثل تجمعًا عائليًا في البيوت، وطعامًا يصُنع خصيصًا للاحتفاء بهذه المناسبة، ومع دمار البيوت وقتل العائلات وشح الطعام، لم يتبق لأهالي غزة من العيد سوى الذكريات.

فوفقًا للإحصائيات يعيش نحو 1.7 مليون نازح، ظروفا قاسية، يعتمدون على المساعدات، في ظل شح الطعام والماء، حيث تحذر المنظمات الإغاثية الدولية من شبح مجاعة يخيم على القطاع.

“كل شيء مدمر، وغزة أصبحت غير صالحة للعيش، وننتظر الموت في أي لحظة، فعن أي أعياد نتحدث؟!”، هكذا وصف عدد من سكان قطاع غزة لموقع “الحرة“، أجواء عيد الفطر ومعاناتهم في زمن الحرب، وسط خوف من هجوم مرتقب على مدينة رفح التي تعد الملاذ الأخير للمدنيين الذين نزحوا إليها بعد أن دمر القصف الإسرائيلي المتواصل أحياءهم السكنية.

ويتكدس في مدينة رفح حوالي 1.5 مليون فلسطيني، وسط أجواء صعبة للغاية ونقص في الغذاء والماء والمأوى، ووسط قلق من اجتياح إسرائيلي وشيك توعد به رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، بينما طلبت حكومات ومنظمات أجنبية من إسرائيل عدم اجتياح المدينة خوفا من سقوط عدد هائل من القتلى.

وعن أجواء العيد وسط هذه الظروف يقول سكان غزة: “نحن في أجواء حرب، لا توجد احتفالات، ولا يتم بيع الحلوى، ولا يقوم السكان بشراء ملابس جديدة”. ويتساءلون مستنكرين:” عن أي عيد نتحدث ونحن نترقب الموت في أي لحظة؟!، فرحة العيد غائبة، نحن نعيش في خوف ورعب، وننتظر اجتياح المدينة في أي وقت”.

وأضاف أحدهم: “العيد ليس له طعم، ولا واحد في المئة”، هكذا يقول أحد أهالي غزة، ويستطرد متأثرا، “كنا نقوم بالتنظيف قبيل العيد، ونزين الشوارع بالإضاءة، وتجهيز الكعك والحلويات، أما اليوم، فسنقضي العيد في خيام النزوح، ولن يكون هناك عيد”.

الفرحة المسروقة

ورغم كل فصول المأساة يحاول الغزيون ألا يفوتوا العيد على أطفالهم، ويسعون لإدخال الفرحة على قلوبهم ولو بأقل الإمكانيات المتاحة.

من أجل ذلك يتسابق كثيرون لتوزيع المساعدات والطعام، والألعاب، والعيديات، على الأطفال الذين يمثلون نصف سكان القطاع، ليعيدوا إليهم بهجة العيد “المسروقة”.

وفي هذا الإطار يقول أحدهم، الذي بات المعيل لمن تبقى من أطفال عائلته: “لقد سرقوا فرحتهم وفرحتنا، ولكن سأبذل قصارى جهدي لأعيد لهم فرحة العيد”.

ووفقًا لصحيفة “الشرق الأوسط” فقد أصر أهالي القطاع على الاحتفال بعيد الفطر على طريقتهم. وتلوّنت أكوام الدمار بفساتين الفتيات، وغمرت رائحة صواني الكعك التي خبزتها النازحاتُ المخيمات، على أمل استعادة لمحة من حياة اختلفت ملامحها تماماً هذا العام. ويتوافد النازحون في القطاع على أسواق مدينة رفح لشراء مستلزمات العيد من ملابس وحلويات لاستقبال عيد الفطر.

تضامن الكنائس

من جانبها قالت اللجنة الرئاسية العليا لشؤون الكنائس في فلسطين، إنّ الاحتلال الإسرائيلي حوّل عيد الفطر المبارك في فلسطين، خاصة في قطاع غزة إلى مناسبة للحزن والألم والأسى على فقد الأحبة، وحرم الشعب الفلسطيني فرحة العيد وبهجته وسلامه، بعد أن جعل غزة جحيما، أمام الصمت المخزي لقوى العالم المتنفذة التي فقدتْ إنسانيتها.

وفي بيان نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) تضرعتْ اللجنة، إلى الله العليّ القدير أن يعيد هذه المناسبة المباركة على الشعب الفلسطيني في أماكن تواجده كافة، وقد انتهت معاناته ونال حريته واستقلاله، وتوقفت حرب الإبادة والتجويع في قطاع غزة، وتوقفت آلة القتل والاعتقال والتضييق والتنكيل، والتهويد في القدس وعموم الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وأضافتْ أن الاحتلال على مدار سنوات إرهابه الطويلة في فلسطين، يتعمد الإمعان في القمع وإفساد المناسبات الدينية الإسلامية والمسيحية، فَحَرَمَ الآلاف من الوصول للمسجد الأقصى، ومنع مسيحيّي فلسطين من الاحتفال بعيد القيامة، وكل ذلك يجري في ظل تخاذل المنظومة الدولية عن نصرة المظلوم ومعاقبة الظالم.

ودعت اللجنة، الله عزّ وجلّ أن يحفظ أبناء الشعب الفلسطيني في كل مكان، وأن يرحم الشهداء ويعجّل في شفاء الجرحى وحرية الأسرى والمعتقلين، وأن يرفع الظلم عن الشعب الفلسطيني لينعم بحياة حرة وكريمة في دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى