قصص نجاح

راديو “صوت العرب من أميركا” يستعرض قصة نجاح المهاجر المصري الإعلامي محمد الشناوي

واشنطن – السفر والعمل في الخارج حلم يراود الكثير من الشباب العربي، لكن هل الحلم فقط يكفي لنجاح التجربة، أم أن الحلم يتطلب العديد والكثير من المعطيات؟

هذا ما أثاره الإعلامي ممدوح زكي في حلقة من حلقات برنامج “عصفور من الشرق” التي أذيعت بتاريخ 9 فبراير/ شباط 2017 في راديو “صوت العرب من أميركا”، في حواره مع الإعلامي الأميركي المصري الأصل محمد الشناوي، خريج كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، والذي هجر الدبلوماسية والسياسة وأتجه للإعلام.

وحول تجربته في العمل الإعلامي قال الشناوي “لعب معي الحظ في تغير مسار عملي من العمل الدبلوماسي إلى الإعلامي، فبعد أن دخلت كلية الاقتصاد، وكان هدفي أن التحق بالسلك الدبلوماسي، استضافت الكلية الفنان الراحل صلاح ذو الفقار، وكانت ابنته د. منى ذو الفقار المحامية المشهورة هي التي ستقدم الحفل، ولكنها كانت مرهقة، فطلبت مني أن أستكمل تقديم فقرات الحفل بعد أول فقرة قدمتها”.

وأضاف “قدمت الحفل فوجئت بأن تقديمي نال إعجاب الجميع، فطلبوا منى الاستمرار في تقديم جميع حفلات الكلية طيلة فترة دراستي، وفي إحدى الحفلات شاهد تقديمي مخرج من إذاعة القاهرة، فنصحني بالتقدم لامتحان الإذاعة بعد التخرج، وبالفعل تقدمت ونجحت”.

وقال الشناوي “بدأت العمل الإعلامي في فبراير/ شباط عام 1970 في إذاعة القاهرة، حيث كانت الميزة في إذاعة القاهرة الذي بدأت في عام 1934، أنها تتبع النظام البريطاني في اختيار المذيعين، فكان المذيع المقترح هو الذي يخوض تجربة الالتحاق بالإذاعة، ثم يبدأ في الاختبارات، تم اختياري ضمن سبعة مذيعين من1400 متقدم من جميع كليات الجامعات المصرية”.

وسأل ممدوح زكي “ما الاختلاف بين إذاعة القاهرة وإذاعة صوت أميركا؟

أجاب الشناوي “هناك اختلاف في العمل بينها، في إذاعة القاهرة فيما يتعلق بالأخبار لا يشارك المذيع إلا في قراءة الأخبار، لا يشترط أن تقدم وجهة النظر الأخرى، ما تعلمته في صوت أميركا هو الالتزام بميثاق الإذاعة؛ الذي يلزمنا بتعريف المجتمع بالحياة في أميركا كما هي دون تجميل، ولا يكون للمذيع أي دور غير الدور الحيادي، ومن خلال ذلك طورتُ ما تعلمته في إذاعة القاهرة”.

وأكد الشناوي “استجبت لمتطلبات العمل في إذاعة صوت أميركا، وظهر هذا في أول تقرير سنوي كتبه مدير الإذاعة الأميركي حيث قال: (تمكنت صوت أميركا من اختيار واحد من أفضل المذيعين في السنوات الأخيرة؛ جمع بين ما تعلمه من إعلام تقليدي وكلاسيكي في إذاعة القاهرة، وطوره ليناسب الإعلام في إذاعة صوت أميركا)”.

وسأل مقدم البرنامج “ما هي أبرز الصعوبات التي واجهتها؟”

أجاب الشناوي “قابلت العديد من الصعوبات عندما وصلت إلى الولايات المتحدة، بدأت بمشكلة عمل الزوجة وشهاداتها، حيث كانت تحمل شهادة الهندسة، ولكن كان عليها أن تعادل شهاداتها من أجل تعمل بها الأمر الذي يتطلب عامين من الدراسة”.

وأضاف “وصلت إلى الولايات المتحدة عام 1978م؛ وكانت هناك صعوبة في التكيف مع المجتمع الذي لا أعرف عنه الكثير ولا أعرف إلا القليل من الزملاء، وكانت هذه السفرة هي التجربة الثانية، قبلها كانت تجربتي الوحيدة هي إلى سوريا الذي أعتبرها بلدي الثانية”.

وأكد الشناوي “من ضمن الصعوبات هي وسيلة التواصل بيني وبين الوطن الأم؛ أول شيء عملته بعد وصولي هو شراء راديو بـ 200 دولار، وكان يعتبر هذا المبلغ في ذاك الوقت كبيرا، لكي أتابع أخبار الوطن، أيضا كانت المكالمة الهاتفية إلى مصر في الدقيقة بتسعة دولارات”.

وسأل ممدوح زكي “كيف كانت بداية الإعلام العربي في أميركا؟”

أجاب الإعلامي محمد الشناوي “في البدايات الأولى بأميركا، لم تكون هناك وسيلة إعلام عربية، ولكن كان هناك بعض التجارب؛ مثل تجربة مجلة الحوار، مجلة الغربة، التي كان يصدرها أحد الزملاء المصريين، ولكن لم يكن لهذه النشرات الحظ في أن تتمكن في تكوين رأي عام”.

وأضاف “وصل إلى الولايات المتحدة رجل الاعمال محمد البذراوي رحمه الله، وبدأ في تكوين شبكة عربية إعلامية أسمها الشبكة العربية الأميركية (إن ايه ايه)، وبدأت إرسالها عام 1989، بإذاعة لمدة ساعتين، وتطور العمل الإعلامي من خلال محمد الضراوي، وتعاونه مع المغفور له المذيع حسن ابو العلا في إذاعة بي بي سي، وتمكنوا من حشد أكبر قدر من الإمكانيات ومن الكفاءات الإعلامية والجمع بين مؤهلين من إذاعة صوت أميركا وبي بي سي”.

وقال الشناوي “اكتشفوا العديد من المواهب التي سرعان ما دخلت حيز الإعلام العربي وظهرت في القنوات الفضائية، وتطورت هذه الإذاعة إلى تلفزيون عام 1990 وظهرت بمجموعة من البرامج؛ التي افشت الحوار العربي الأمريكي، كان لي الحظ في تقديم البرنامج الإذاعي (من التلفون إلى الميكرفون)، حيث كنا نستضيف ضيفا لنناقش قضية من القضايا ثم نفتح التفاعل مع الجمهور”.

وأضاف “كان يستمع إلى البرنامج كل سبت مجلس سفراء العرب في واشنطن، لأنه يناقش قضايا سياسية مهمة، ومن خلال هذا البرنامج أصبح هناك رأي عام”.

وأكد الشناوي “كانت هناك أيضا مجموعة من المنظمات العربية الأميركية، التي كان لها في ذلك الفترة دور في تكوين رأي عام عربي؛ من خلال معهد العرب الأميركي، والجمعية الوطنية للعرب الأميركيين التي كانت أول جمعية عربية، واللجنة العربية الأميركية لمكافحة التمييز، ثم ظهرت بعد ذلك مجالس مثل مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير)، ومركز الحوار”.

وأضاف “من خلال هذه المجموعة المتكاملة من المنظمات العربية الأميركية والإعلام العربي الذي ظهر بشكل محترف لأول مرة عام 1989 أصبح للعرب صوتا مميزا”.

وقال “كان هناك أيضا مجلس رؤساء المنظمات العربية الأميركية، كان هذا المجلس يتم دعوته إلى البيت الأبيض في كل مناسبة يكون فيها حدث في العالم العربي يهم البيت الأبيض، وكان لنا شعورا لا يوصف، اختفى هذا المجلس وضعفت المنظمات العربية الأميركية، بسبب ضعف التمويل ونتيجة عدم مشاركة الجاليات”.

وسأل مقدم البرنامج “ما رأيك في الإعلام العربي الآن؟”

أجاب الشناوي ” يخدم الإعلام في الدول العربية رجال الاعمال فقط أو السلطة، وبالتالي لا توجد هناك قناة عربية تخاطب الغير، كل دولة معها قناة تخاطب باللغة العربية فقط، لا توجد قناة باللغة الإنكليزية، إلا قناة الجزيرة انترناشيونال التي أصبحت إلى حد ما مهمة، المشكلة لا توجد قناة في الولايات المتحدة الأميركية لتكون صوت لنا، فالأميركيين يسيطرون على الإعلام”.

ما هي القصة التي حدثت لك من أجل تعريف الأميركيين بالإسلام؟

أجاب الشناوي “جاء لي اتصال من أحد أبناء الجالية، طلب مني أن أقابله بشأن مشروع مهم يقوم به مع عدد من الشباب، بخصوص الهجوم الذي يتعرض له الإسلام، فتعجبت من الطلب خاصة أني أعيش في أميركا، متسائلا كيف سأدافع عن الإسلام، ولكن الشاب وضح لي الطلب، وهو أن أكون مذيع لبرنامج إذاعي إسلامي في الإذاعة التي أستأجر منها الشاب ساعة، وافقت على الطلب ووضعت شرطا ألا يكون البرنامج للإثارة وعمل المظاهرات”.

وأضاف “بعد أسبوعين دعاني مدير الإذاعة ليقول لي: (أعطيتكم الساعة هذه لأني مؤمن بعدم معرفة الإسلام في أميركا، كنت اعتقد أني أعرف الإسلام أكثر من أي أميركي آخر لأني وضعت رحالي في مصر سنتين, ولكن عندما استعمت إلى البرنامج اكتشفت أني أجهل الكثير عن الإسلام ولذلك سأكافئك وأعطيك ساعة مجان، لكي تعرف الأميركيين مكانة الإسلام”.

وأكد الشناوي “مع الأسف العرب ينطوون على بعضهم في معظم الأحيان، يسكن المصري بجانب المصري، والسوري بجانب السوري، ليس لهم علاقة بجيرانهم الأميركيين، حتى أن الدراسات حول الرأي العام وجدت أن معظم الأميركيين الذين عرفوا العرب والمسلمين عندهم رأي إيجابي عكس الأميركيين الذين لم يختلطوا ولم يشاهدوا مسلما في حياتهم”.

وسأل مقدم البرنامج “هل لا زال العرب يحافظون عن العادات والتقاليد العربية؟”

أجاب الشناوي “نعم، لا زالوا يحافظون على العادات والتقاليد، والطقوس الدينية، واللغة العربية؛ في المنزل يتحدثون العربية، وفي خارج المنزل يتحدثون الإنكليزية، ولا زالوا يعلمون أولادهم اللغة العربية والطقوس الدينية”.

وأضاف الشناوي “استفادت ابنتي ديما من الأكاديمية الإسلامية السعودية في الالتزام في العمل وقيمة الواجبات المنزلية، حيث كانت الأكاديمية تجمع بين المنهج الأميركي والإسلامي، وعندما دخلت الجامعة كانت اللغة العربية من الأساسيات، أما ابني شريف لم يقبل أن يبقى في الأكاديمية واستخدم حيل عديدة من أجل أن يخرج منها، ودخل في مدرسة أميركية”.

وسأل مقدم البرنامج “كيف تنظر إلى مراحل الإعلام في الوطن العربي؟ وهل لك تجربة فيه؟”

أجاب الشناوي “مرت الفضائيات بمرحلتين المرحلة الأولى المبكرة، كانت أفضل من المرحلة الحالية عندما بدأت شبكة (أم بي سي) من مقرها الأول في لندن كانت من القنوات الرائدة، وجودها في لندن أكسبها حرية تختلف عن لو كانت بدأت عملها في دولة عربية كانوا يسموها إذاعة العرب لأنها كانت تقدم الأخبار كما هي، فصلت بين الخبر والتعليق وبالتالي حصلت على مصداقية لا تقل على مصداقية (السي إن إن) بالنسبة للمشاهد العربي”.

وحول عمله في أم بي سي أكد الشناوي “لي تجربة خاصة وشخصية مع قناة أم بي سي لمدة سنة، تمكنت من إقناع المسؤولين في أم بي سي، وإذاعة صوت أميركا، في إننا نعمل تعاون مشترك، وعملنا برنامج حوار مع الغرب؛ “غرب عن غرب” كان يتابعه 40 مليون مشاهد، كل يوم جمعة وكانت تجربة فريدة من نوعها”.

وأضاف الشناوي “كنت أجلس في استوديو بواشنطن مع مسؤول أميركي، وفي لندن مذيع آخر، كان يستضيف شخصيات عربية في لندن, بعد 20 دقيقة من الحوار بين واشنطن ولندن وكلا مع ضيفه في العاصمة الأخرى، نفتح التلفونات للمشاهدين في جميع أنحاء العالم، وكان المشاهد العربي يستطيع أن يتحدث إلى أعلى مسؤول في بلاد العرب، وإلى أعلى ما تمكنا من الحصول عليه”.

وقال “تلاشى بعد ذلك اهتمام أم بي سي في الأخبار، وبدأ الاهتمام بالمنوعات وبالبرامج الأخرى ومعها ظهرت قنوات فضائية أخرى وبدأت المنافسة مع أم بي سي، وأيه أر تي، ثم انطوت وأصبحت كل قناة مكتفية على ذاتها تقدم لون غريب من الإعلام”.

كيف ترى وضع الإعلام العربي؟

أجاب الشناوي “أصبح المذيع منظر ولا يقوم بدور المحاور، أصبح يلقي خطبا عصماء، لا يستفيد منها أي شخص غير تضخم الذات، ومعظمهم لم يتلقوا التدريب على فنون الإذاعة والتليفزيون، معظمهم صحافيون يعتبرون أن القلم يمكن أن ينتقل إلى الشاشة دون تأهيل أداء”.

وأضاف “أن القنوات الفضائية حاليا، لا تخدم هدفا إعلاميا وإنما تضخم الذات عند بعض رجال الأعمال، يستخدمونها لترويج أفكارهم، القنوات الفضائية الرسمية تهتم بالحكام، ولا تهتم بإثراء ثقافة الديمقراطية التي نحن بحاجتها لكي نسمع الرأي والرأي الآخر”.

وأكد الشناوي “أصبح عرض وجهة النظر الأخرى نادرا، حيث تصبح الحكاية حينها مثل صراع الديوك لا يفهم ما يقال، أصبح المذيع هدفه إثارة أكبر قدر ممكن من الصدام بين طرفين،  ففي هذه الأيام الذي يقرر المادة الاعلامية للقنوات الإعلامية العربية, هم أصحاب شركة الإعلانات”.

وسأل ممدوح زكي “كيف ترى الإعلام الأميركي؟”

أجاب “يوجد في أميركا وزير للفنون والإعلام، هناك الإعلام الاخباري يعطي تداولات الأخبار كما هي، ثم التحليل من خلال لجنة من الخبراء الحقيقين كل في مجاله حتى بالانتخابات في الجانب الديمقراطي ممثل وفي الجمهوري ممثل، وبأي قضية تثير الرأي والرأي الآخر، وتثري الحوار وأنت تترك للمشاهد تكوين رأيه الخاص، غالبا المذيع لا يقول أنا برأيي”.

وأضاف “أن هناك بعض القنوات المعروفات منها قناة فوكس، بعض البرامج فيها معروفة أنها تعبر عن رأي مثل العامود في الصحافة، وتعبر عن وجهة نظر كاتب العامود، وهناك برامج بأسماء المذيعين وبالتالي عندما نسمع رأي هو رأي المذيع هو ليس رأي المحطة أو رأي آخر”.

وأكد الشناوي “نرى هذه الأيام أن الإعلام أصبح سلطة رابعة فعلا؛ بدليل أن الرئيس ترامب ما تعود أن أحد يقول له لا, كرئيس شركة يعادي الإعلام، ولكن الإعلام يقوم بدوره ونتيجة ذلك اختلاف النظام السياسي في بلادنا, الإعلام سلطة للنقد وللكشف، فمن خلال الإعلام يمكن أن تحل مشاكل”.

وسأل ممدوح زكي “هل سيتغير الإعلام العربي؟”

أجاب الشناوي “نعم، إذا صدقت النية سيتغير الإعلام إلى الأفضل، مشكلة الإعلام في العالم العربي مسخر لأغراض سياسية تتعلق بحمامية النظام وليس لأثراء الحوار أو خلق ثقافة ديمقراطية الرأي والرأي الآخر, نحن لم نتعلم حتى في تقديم القصة الإخبارية أن نقدم وجهة نظر الأخر، أستطيع القول بأنه إعلام أحادي يعالج وجهة نظر صاحب المال أو صاحب السلطة”.

وأضاف “أن الإعلام هو وسيلة تنوير وتنبيه وثقافة وترفيه، ومن المفترض أن يكون التلفـزيون ملك الشعب، ويعبر عن أمال الشعب وأحلامه، ولكنه أصبح مهجورا ومعرضا للتوقف، وتعمل عوضا عنه قنوات فضائية معظمها لرجال أعمال، فالهدف شغل الناس عن التفكير فيما يهم التقدم الديمقراطي”.

واختتم الإعلامي محمد الشناوي حديثه قائلا “إن الحلم لا يكفي إذا لم تكون مزودا بمجموعة من الأسلحة مثل اللغة الإنكليزية والرغبة في العمل واحترام القانون؛ فنحن لم نتعود على احترام القانون، لعدم وجود سيادة قانون في الدول العربية”.

أعدها للنشر/ هارون محمد

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى