أخبارأخبار العالم العربي

وفاة “مانديلا سوريا” المعارض الكبير رياض الترك عن عمر ناهز 93 عامًا

توفي في العاصمة الفرنسية باريس، السياسي السوري المعارض، رياض الترك، عن عمر ناهز 93 عامًا. وأعلنت ابنته، نسرين الترك، خبر وفاته عبر حسابها في فيسبوك قائلة: “وداعًا والدي الغالي رياض الترك”.

وذكر “حزب الشعب الديمقراطي السوري” أن قائده التاريخي توفي في إحدى مشافي باريس، التي كان قد وصل إليها في 2018، وفقًا لموقع “عنب بلدي“.

ويعد رياض الترك أحد أبرز المناضلين السوريين التاريخيين الذين اعتقلهم النظام السوري منذ ستينيات القرن العشرين، حيث قضى قسمًا كبيرًا من حياته خلف القضبان، بسبب مناصرته لقضايا حقوق الإنسان في سوريا.

ويوصف الراحل بلقب “مانديلا سوريا”، وكان يحب كثيرًا لقب “ابن العم”، وهي الكلمة التي كانت تعرض كل من يتفوه بها في سوريا للاعتقال.

وخاض الترك نضالًا طويلًا ضد الأسدين في سوريا، واعتقله رئيس النظام السوري، بشار الأسد، عقب تعبيره عن “موت الديكتاتور” عام 2000، بعد موت الرئيس السابق حافظ الأسد.

نعي ووداع

ووفقًا لموقع “الحرة” فقد نعى مثقفون سوريون وكتّاب ومعارضون الترك عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قال الشاعر والكاتب السوري، ياسر الأطرش، عبر موقع التواصل X إنه برحيل الترك “تنتهي حقبة كفاح يساري كان عنوانًا بارزًا على الساحة السورية طيلة النصف الثاني من القرن العشرين.

فيما قال الكاتب ياسين حاج صالح إن “الترك كان أحد أبرز المناضلين الديمقراطيين السوريين ومن أكثر أبطال الشعب السوري شجاعة وصلابة وصفاء ذهن”.

وقال الباحث السوري، أحمد أبا زيد: “مات رياض الترك، المناضل التاريخي والأيقونة السورية الوطنية وعاشق الحرية العتيق وأحد قادة المعارضة السورية منذ زمن بعيد”.

وأضاف: “سجنه الأسد الأب 18 عاما، وحين مات قال من داخل سوريا (مات الديكتاتور)، فأعاد الأسد الابن اعتقاله ومحاكمته”، كما تابع أبا زيد.

وأوضح أن الترك “كان مؤثرا في الثورة السورية ومساراتها المدنية والسياسية، إلى أن تم تهريبه ليصل إلى باريس ويموت هناك بعد 93 عاما من النضال الشرس والمستميت لأجل الحرية”.

ويقول المعارض السوري، غسان هيتو، إن “الترك هو الأب الروحي لحركة المعارضة السورية منذ ثمانينيات” القرن الماضي، وإنه “لعب دورًا محوريًا في الحراك المعارض السوري منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، حيث طالب بالديمقراطية والحرية في سوريا، وكان يؤمن ببناء سوريا الجديدة على أسس العدالة والمساواة”.

أما الكاتب والشاعر السوري، بشير البكر، فقد نعا الترك عبر منصة X قائلًا إنه “عاش حياته في مناهضة الاستبداد، ومن أجل سوريا ديمقراطية، ورحل قبل أن يرى سوريا الحرة، لكن سيرته الناصعة تبقى مصدر إلهام للديمقراطيين السوريين”.

وقالت الناشطة والسياسية المعارضة، عاليا منصور: “رحل مانديلا سوريا، الرجل الذي لم يتعب من النضال من أجل الحرية.. الرجل الذي ننحني بفخر أمام تضحياته، الرجل الذي قال مات الديكتاتور..، أمضى معظم حياته في سجون الأسدين.. شكرا رياض الترك لكل ما علمتنا إياه، ولكل وما صنعته بعنادك.. نبكيك ونبكي حالنا ونبكي سوريا الحبيبة”.

تاريخ من النضال

وُلد المعارض السوري رياض الترك في حمص عام 1930، ودرس الحقوق، وبدأ نشاطه السياسي أثناء متابعته الدراسة، وكان عمره لا يتجاوز 22 عامًا عندما ألقي القبض عليه أول مرة عام 1952 بتهمة الانتماء للحزب “الشيوعي، وظل رهن الاعتقال لمدة عدة أشهر تعرض خلالها للتعذيب.

وفي عام 1960، اعتُقل مرة أخرى، وتعرض للتعذيب، وكان السبب هذه المرة هو معارضته الوحدة بين سوريا ومصر في أوج حركة القومية العربية التي قادها الرئيس المصري حينها، جمال عبد الناصر.

وخلال انقلاب 8 مارس 1963، سُجن لفترة قصيرة قبل نفيه، حيث انتقل إلى لبنان. وبدأت أطول فترة قضاها وراء القضبان في 28 أكتوبر 1980، عندما اعتُقل بسبب عضويته في الحزب “الشيوعي- المكتب السياسي”، ومعارضته الصريحة للوجود السوري في لبنان، وخلال هذه الفترة أيضًا، لقي صنوفًا أشد من التعذيب.

وعلى مدى الأعوام الـ18 التالية، ظل الترك رهن الحبس الانفرادي بصفة شبه مستمرة، حيث كابد مشكلات صحية خطيرة، من بينها داء السكري وأمراض في القلب والكلية.

وقالت زوجته أسماء الفيصل، وهي طبيبة بشرية سُجنت هي الأخرى لمدة 20 شهرًا، بين عامي 1980 و1982، “لم نره لمدة 13 عامًا، ولم نكن حتى نعرف مكانه يقينًا”.

وبعد الإفراج عن رياض الترك بموجب عفو 30 من مايو عام 1998، وعمره حينها 68 عامًا، كان من المتصوّر أنه سوف يخلد إلى الراحة ويعتزل العمل السياسي.

ولكن بعد ذلك بعامين، وخلال فترة صارت تُعرف باسم “ربيع دمشق”، شارك الآلاف من الأشخاص في منتديات سياسية تنبض بالحيوية والحماسة في شتى أنحاء البلد.

وقال بعد إطلاق سراحه: “خرجت من السجن الصغير إلى السجن الكبير، وعلينا جميعًا أن نسعى إلى فتح أبوابه. أنا لن أتخلى عن حقي في ممارسة السياسة أيًا تكن الظروف. وأهلًا بالسجن إذا كان ثمنًا للتمسك بالرأي وحرية التصريح”.

ولم تلبث السلطات أن عادت إلى الاعتقالات السياسية، فاعتقل الترك في سبتمبر 2001، ثم حُكم عليه بالسجن لمدة عامين أمضى منهما 15 شهرًا، وقاربت مدة سجنه الفترة التي مكثها الزعيم الإفريقي نيلسون مانديلا في سجنه.

وفي نوفمبر 2002 تم إطلاق سراحه لأسباب صحية، خاصة أنه يعاني من مشكلات في القلب، وظل يقيم في حمص ويتنقل بين المحافظات السورية حتى أواخر عام 2018، وبعدها انتقل إلى فرنسا عبر تهريبه من الحدود السورية- التركية.

وكان الترك من أبرز الموقعين على “إعلان دمشق” الذي صدر عام 2005 بمبادرة من مجموعات معارضة سورية كانت تطالب بـ”التغيير الديمقراطي” في سوريا.

ولدى اندلاع النزاع في سوريا عام 2011 قدم دعمه لحركة المعارضة السلمية، وإلى المجلس الوطني السوري الذي ولد صيف 2011 في إسطنبول جامعا قوى المعارضة.

وكان له مقولة شهيرة بعد اندلاع أحداث الثورة السورية، إذ نقل عنه قوله: “ثورتنا سلمية شعبية ترفض الطائفية، والشعب السوري واحد. لا تنازل ولا تفاوض بشأن الهدف المتمثل بقلب النظام الطاغية”.

وفي عام 2020، استضافه برنامج “المشهد” الحواري الذي تبثه قناة “BBC عربي، وتقدمه الصحفية جيزيل خوري، وكان حينها على عتبة الـ90 عامًا. وأشار خلال المقابلة التلفزيونية إلى الإفلاس الذي تعيشه المعارضة السورية وفشلها في تحقيق هدفها بإسقاط النظام.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى