أخبار العالم العربيتقارير

مجلة أمريكية تفضح دعاية إسرائيل المضادة وتؤكد: الدمار والدم في غزة حقيقي وليس مزيفًا

نشرت مجلة “رولنج ستونز” الأمريكية تحقيقًا صحفيًا بعنوان: “لا، الفلسطينيون لم يزيفوا الدمار في غزة”، قالت فيه إن الفلسطينيين متهمون زورًا بتزييف مشاهد القتل والتدمير التي يتعرضون لها في غزة.

ونوهت المجلة إلى مقتل آلاف الفلسطينيين وإصابة عشرات الآلاف الآخرين، نصفهم على الأقل من الأطفال، منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في السابع من أكتوبر الماضي، مشيرة إلى أن الفظائع التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية على الأرض كانت محاطة بضباب من المعلومات المضللة والدعاية التي أدت إلى إعاقة وصول المعلومات يمكن التحقق منها حول الصراع.

كما زاد معارضو فلسطين الطين بلة من خلال إحياء استراتيجية قديمة لتشويه مشاهد المعاناة والقتل والدمار ونداءات المساعدة القادمة من غزة، حيث بدأوا يزعمون، كذبا، أن الفلسطينيين يزيفون هذه المشاهد.

وأشارت إلى أن هذه الاستراتيجية التي اتبعها معارضو الفلسطينيين تسمى “باليوود”، (أي اختلاق المشاهد على طريقة هوليوود).

دعاية مضادة

وأوضحت المجلة أن مصطلح “باليوود” أو “Pallywood” يتضمن دمجٌ مهين لكلمتي “فلسطين” و”هوليوود”، واختلقها الصهيوني المتشدد، ريتشارد لانديزذ، وهو مؤرخ وأستاذ جامعي أمريكي زعم في عام 2005 أن الفلسطينيين بالغوا وتلاعبوا بصور وفيديوهات انتهاكات القوات الإسرائيلية ضدهم من أجل إنتاج دعاية مناهضة لإسرائيل، وخلق تعاطف عام مع قضيتهم.

وركزت ادعاءات لانديز وقتها على فيديو مقتل الطفل الفلسطيني محمد الدرة، البالغ من العمر 12 عامًا، والذي قتل في عام 2000 برصاص الاحتلال الإسرائيلي، بينما كان يحتمي بوالده من تبادل إطلاق النار.

وقد التقط هذه الحادثة الصحفي الفلسطيني، طلال أبو رحمة، وهو صحفي مستقل يعمل في محطة الأخبار الفرنسية فرانس 2، وأثارت غضبًا دوليًا. واعترفت إسرائيل في البداية بالمسؤولية عن مقتل الدرة، لكنها تراجعت عن هذا الاعتراف في وقت لاحق، ودعمت الحجج القائلة بأن تقرير القناة الفرنسية الثانية كان معيباً.

وذهب لاندز، من بين آخرين، إلى حد الزعم بأن الحادثة بأكملها كانت مفبركة، بل وزعم أن الطفل محمد الدرة لم يُقتل أبدًا. ومنذ أن صاغ لانديز هذا المصطلح، تم إطلاق اتهامات “باليوود” على الفلسطينيين في عدة مواقف.

“باليوود” مجددًا

وقد برز هذا المصطلح مجددًا في الدعاية المضادة لصور وفيديوهات القتل والدمار في غزة، لتصوير المذبحة البشرية التي تمت على أنها خدعة.

وقالت المجلة إنه في مواجهة الصدمة الرهيبة التي شعر بها الشباب في الغرب وهم يشاهدون ما يحدث في غزة على منصات التواصل الاجتماعي، انتشرت مقاطع فيديو دعائية مضادة تتهم الفلسطينيين باختلاق صور الدمار في غزة التي ليس لها مثيل منذ الحرب العالمية الثانية!!

وتبين أن المنصات الرسمية للحكومة الإسرائيلية متورطة في نشر فيديوهات الدعاية المضادة، وقامت بمسحها، ولكن بعد أن شاهدها الملايين، أي بعد تشويش العقول.

تزييف الوعي

وقد تم تضخيم اتهامات “باليوود” التي انتشرت خلال الشهر الماضي من خلال الحسابات الرسمية المرتبطة بإسرائيل، مما أعطى مصداقية لنظرية المؤامرة.

أحد هذه الادعاءات، والذي روج له حساب إسرائيل الرسمي على منصة X (تويتر سابقًا)، اتهم سكان غزة بوضع الأحياء داخل أكياس الجثث. وكتب قائلًا: “الجثث لا تستطيع تحريك رؤوسها”، مستشهداً بمقطع فيديو يزعم أن رأس الجثة يتحرك من تلقاء نفسه بينما يقوم رجل آخر بتعديل وضع كيس الجثث. وحذف الحساب الإسرائيلي التغريدة لاحقا، لكن بعد أن تلقى المنشور أكثر من 4 ملايين مشاهد.

وأوضحت المجلة أنه في كثير من الأحيان، يتبين أن الاتهامات بمسرحية “باليوود” هي مجرد لقطات مُعاد تدويرها من صراعات سابقة أو أحداث غير ذات صلة على الإطلاق بما يحدث حاليًا.

وتم التعرف على صورة أخرى منتشرة على نطاق واسع لفلسطيني مزعوم يجلس ويرسل رسائل نصية وهو ملفوف في كيس جثث، على أنها زي الهالوين من مسابقة عام 2022 في تايلاند.

وتم تقديم مقطع إخباري عام 2017 يناقش موضوع فناني الماكياج الذين يعملون في بناء صناعة السينما في غزة كدليل على أن الفلسطينيين يزيفون إصاباتهم.

كما تم توجيه بعض الادعاءات الأكثر انتشارًا حول تمثيل “Pallywood” إلى الناشط الغزاوي صالح الجعفراوي، الذي ينشر بشكل متكرر على وسائل التواصل الاجتماعي، وحصل على 2.3 مليون متابع على Instagram في الشهر الماضي، وتم جعله هدفًا لمنظري المؤامرة عبر الإنترنت الذين يزعمون أن محتواه السابق، والتوثيق الحالي للحرب في غزة دليل على أنه ممثل للأزمات.

كما أن إحدى أكثر الأمثلة مأساوية في افتراء “باليوود” تتعلق بوفاة عمر بلال البنا، وهو صبي يبلغ من العمر 4 سنوات قُتل في 12 أكتوبر، في غارة جوية إسرائيلية في حي الزيتون بغزة.

وعلى منصة X، تمت مشاهدة منشورات ملايين المرات تزعم أن جسد البنا كان في الواقع دمية ملفوفة في كفن، وتم الترويج لهذا الزعم مرة أخرى بواسطة حساب X الرسمي الإسرائيلي. وتمكنت بي بي سي في وقت لاحق من الاتصال بأفراد عائلة البنا، وكذلك المصورين الذين التقطوا صورًا لجثته، والتأكد من أن الصور كانت لجثة البنا، وليست دمية.

انتشار المزاعم

توصلت مراجعة مدققي الحقائق في Logically Facts لبيانات وسائل التواصل الاجتماعي إلى أنه عبر Facebook وTwitter وYouTube وReddit، “تم ذكر مصطلح “Pallywood” أكثر من 146000 مرة من قبل أكثر من 82000 مستخدم بين بداية الصراع الحالي في 7 أكتوبر و27 أكتوبر”. وكانت الدولة التي حصلت على أكبر عدد من الإشارات هي الولايات المتحدة، تليها الهند وإسرائيل.

وحدثت الزيادة الأبرز في استخدام مصطلح “باليوود” بعد 22 أكتوبر، عندما أعلنت إسرائيل عن خطط لزيادة شدة هجومها الجوي على قطاع غزة. ويمكن رؤية الارتفاع الثاني بعد 31 أكتوبر، في أعقاب قصف مخيم جباليا للاجئين، والذي أدى إلى مقتل ما يزيد عن 80 شخصًا وإصابة مئات آخرين.

وتعرض العديد من الشخصيات المؤثرة على وسائل التواصل، بما في ذلك منتجة المؤثرات الخاصة الإسرائيلية إيف كوهين، لانتقادات كثيرة بسبب إنتاج مقاطع فيديو تسخر من الفلسطينيين في غزة، حيث ارتدت كوهين الكوفية، ولطخت وجهها بالكاتشب لتقليد الدم، وقامت بتمثيل دور أم فلسطينية تتظاهر بالحزن على وفاة طفلها.

خطاب الكراهية

ويتزامن إعادة طرح نظرية المؤامرة “باليوود” أيضًا مع ارتفاع خطاب الكراهية ضد المسلمين. حيث رصد معهد الحوار الاستراتيجي في لندن ارتفاعًا بنسبة 422% في البحث عن الكلمات الرئيسية المرتبطة بالمشاعر المعادية للمسلمين عبر الإنترنت في أعقاب هجوم 7 أكتوبر.

وتكافح منصات وسائل التواصل الاجتماعي للحد من ظهور خطاب الكراهية والمعلومات المضللة القادمة من جميع فصائل الصراع.

وأعلنت منصة X الأسبوع الماضي أنها ستقوم بإلغاء المنشورات التي تم وضع علامة عليها على أنها تحتوي على معلومات خاطئة أو مضللة، لكن لم يساعد ذلك على للحد من انتشار المعلومات الخاطئة، حيث تكافح المنصات ومدققي الحقائق المحترفين لمواكبة وابل الادعاءات المثيرة للجدل التي يتم تقديمها على المنصة.

وأكدت أن المعلومات المضللة كانت دائمًا أداة في الحرب الرقمية التي تصاحب الصراع العسكري الحديث، لكن اتهامات “باليوود” تخدم غرضًا ماكرًا يتعلق تحديدًا بالتشكيك فيما يتم ارتكابه من فظائع بحق الفلسطينيين.

ونقلت المجلة عن سام دواك، أحد كبار مدققي الحقائق في Logically Facts قوله: “إن هذه الدعاية المضادة تتيح للناس مساحة عقلية لتجاهل الأدلة الحقيقية على وقوع ضرر للمدنيين”. مشيرًا إلى أنه بمجرد أن يرى شخص ما مقطع فيديو ويكون مقتنعًا بأن هذا فلسطيني يزيف الإصابات، فسوف يأخذون هذا السياق إلى وسائل الإعلام الأخرى التي يرونها وسيتعاملون معها مع المزيد من الشكوك”.

وأضاف: “ينتهي بك الأمر مع هذا الجمهور المستعد حقًا للنظر إلى ادعاءات الضرر الذي يلحق بالمدنيين باعتبارها محاولة للاحتيال عليهم، أو كدعاية”. “إنها تجريد من الإنسانية”.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى