بعد التحذيرات الجديدة من ارتفاع إصابات كورونا.. ماذا نتوقع وكيف نواجهه؟
أجرى الحوار: ليلى الحسيني ــ أعده للنشر: أحمد الغـر
استضاف راديو صوت العرب من أمريكا الدكتور زاهر سحلول، أخصائي الأمراض الصدرية والعناية المشددة، ورئيس منظمة “ميدغلوبال” الإنسانية، في حلقة خاصة حول التطورات الجديدة لانتشار فيروس كورونا وتزايد الإصابات به مجددًا في العديد من دول العالم.
حيث دار النقاش حول ارتفاع الإصابات بالفيروس في الولايات المتحدة وحول العالم، والتوقعات بشأن تطورات الفيروس خلال الشهور الباردة القادمة، وهل الوضع يدعو بالفعل إلى القلق من ظهور الجائحة مرة أخرى؟، وما هي أهم النصائح المتعلقة بأساليب الوقاية من كورونا وغيره من الفيروسات؟
مناعة مجتمعية
* أثارت منظمة الصحة العالمية تحذيرات عن ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا، وقالت إن هناك العديد من الدول لا تبلغ عن حجم الإصابات الحالية، هناك من يقول إن نظرية المؤامرة عادت من خلال التضارب في أعداد الإصابات، وهناك من يقول إن الإصابات ليست بتلك الشدة التي تصل إلى حد الجائحة. فما تعليقك؟
** الجواب معقد قليلًا، ولكن بدايةً ـ الحمدلله ـ بسبب حملات اللقاح وفي ظل إصابة 600 مليون شخص بكورونا حول العالم، فإن هذا أدى إلى وجود مناعة مجتمعية، وهو ما يعني أن الإصابات القادمة ستكون خفيفة نسبيًا، وهذا هو الذي نشاهده الآن خلال موجة الإصابات الأخيرة.
لدينا ارتفاع في نسبة الإصابات وارتفاع في نسبة الدخول إلى المشافي، وحتى هناك ارتفاع في نسبة الوفيات بسبب كورونا حوالي 15% مقارنةً بالشهر الماضي، ولكن معظم الإصابات التي تحدث لدى الناس هي إصابات خفيفة مثل البرد، ولكن الأشخاص المتقدمين في العمر أو الذين لديهم مناعة ضعيفة هم من يعانون من إصابة أشد، وربما يتطلب الأمر دخولهم إلى المستشفى وقد تؤدي إلى الوفاة.
تزايد الإصابات
* لو تحدثنا عن الولايات المتحدة؛ هل تتوقع أن تزداد الحالات خلال الأشهر الباردة؟، ماذا تتوقع خلال الشتاء القادم؟
** أتوقع زيادة نسبة الإصابات لعدة أسباب؛ أولًا بشكل عام فإن العدوى بالأمراض التنفسية مثل الرشح والأنفلونزا وكورونا وغيرها ستزداد بسبب تواجد الناس مع بعضهم البعض داخل المنازل لوقت أطول وبدون تباعد، فبسبب انتقال وتنفس الرذاذ المحمّل بالفيروس، تتكاثر الأمراض التنفسية خلال فصل الشتاء، لا سيما داخل الأبنية المغلقة وذات التهوية السيئة.
ثانيًا، نجد أن نسبة الأشخاص الذين أخذوا اللقاح ليست 100%، ومعظم الناس هنا في أمريكا لم يأخذوا الجرعة الداعمة “Booster”، فالجرعة الداعمة هي التي تحمي من المتحور الحالي “أوميكرون”، وثالثًا فإنه حتى الأشخاص الذين أخذوا الجرعة الداعمة خلال الفترة الماضية قد خفت تأثيرها، لأنه عادةً ما تقوى المناعة بعد الجرعة الداعمة لعدة أشهر ثم تبدأ في الانخفاض مع مرور الوقت، مما يؤدي إلى زيادة نسبة تعرض الناس للإصابة. وبشكل عام، الحمدلله فإن معظم الإصابات خفيفة إلا في فئة معينة مثلما ذكرت.
* كم المدة التي تستمر فيها المناعة قوية بعد أخذ اللقاحات؟
** هناك نوعين من المناعة؛ الأولى وهي القوية وتستمر من 3 إلى 6 أشهر، وتكون نسبة الأضداد التي تهاجم الفيروس كبيرة، بحيث تكون نسبة إصابة الإنسان قليلة جدًا، ومع مرور الوقت تقلّ نسبة الأضداد فيزداد احتمال الإصابة مجددًا، ولكن هناك مناعة دائمة أو شبه دائمة وهي الخلايا البائية (B cells) والخلايا التائية (T cells)، وهي الخلايا التي لديها ذاكرة للفيروس، وإذا ما أصيب الإنسان بالفيروس بعد سنة أو أكثر فإنها تفعّل نفسها وتبدأ في مهاجمته.
وبالتالي من الممكن للشخص الذي أخذ الـ “Booster” أن يُصاب بالفيروس، ولكن لن تكون إصابته شديدة، بفضل المناعة الناتجة عن الخلايا البائية (B cells) والخلايا التائية (T cells).
اختبارات وتوصيات
* ما هي توصياتك للتعامل مع الشخص المُصاب بكورونا؟، وماذا عن ضرورة إجراء الاختبار أيضا؟
** بالنسبة للمصابين؛ نجد أن معظم أعراض كوفيد-19 خفيفة، فنجد الشخص لديه رشح ووجع بالحلق وربما ارتفاع بسيط في الحرارة، إلى جانب صداع ووجع بالبطن أو إسهال، فالأعراض تكون مختلفة من شخص لأخر، لذلك لا بد من إجراء الاختبار للتأكد من إصابته هي إصابة بكورونا، والاختبارات متاحة بالصيدليات ومجانية.
وإذا كان الشخص لديه أعراض للفيروس، فلا بد له أن يجري الاختبار مرتين على الأقل، بفاصل زمني مدته 48 ساعة، فإذا كان الاختبارين سلبيين فإن الإصابة غالبًا ليست كوفيد، وإذا كان يريد مزيدًا من التأكيد فعليه بإجراء فحص الدم، لأنه أكثر دقة وأكثر حساسية.
بالنسبة للأشخاص الذين تعرضوا للإصابة بكورونا، وليست لديهم أعراض، لا بد أن يعيدوا الاختبار 3 مرات، المرة الأولى، ثم بعد 48 ساعة يعيدونه، ثم ينتظرون 48 ساعة ويعيدونه مجددًا للمرة الثالثة، فإذا كانت الاختبارات الثلاثة سلبية فهذا يعني أنه غير مصاب بكوفيد.
أما بالنسبة للشخص المصاب بكورونا وكانت نتيجة اختباره إيجابية، فعليه عزل نفسه في البيت لمدة 5 أيام وفقًا لتوصيات (CDC)، مع عدم الاختلاط بالناس حتى لا ينقل المرض لهم، وإذا استمرت الأعراض لمدة 5 أيام فعليه أن يمدد فترة العزل إلى 10 أيام.
ولا بد للمريض أن يضع الكمامة (N 95) وليست الكمامة الخفيفة، مع التزام الأشخاص الآخرين المتواجدين معه في المنزل بالإجراءات الاحترازية أيضا مثل لبس الكمامات وغسل الأيدي باستمرار والتباعد عن المريض، وأن يجروا الاختبار أيضا لأنه ربما تنتقل إليهم العدوى دون أن تظهر عليهم الأعراض.
* هل الفحص المنزلي دقيق ويمكن الاعتماد على نتائجه؟
** دقة الفحص المنزلي ليست عالية، ولكنه متوفر، ويمكن إعادته للتأكيد، وفي حالة الرغبة في دقة أكبر فعلى المريض أن يلجأ إلى فحص الدم.
إجراءات وقائية
* الوقاية خيرٌ من العلاج، فما هي نصائحك للمجتمع بشكل عام لا سيما ونحن مقبلون على فصل الشتاء؟
** من فضل الله أننا لدينا لقاحات متوفرة، سواء كانت للأنفلونزا أو لفيروس كورونا أو لفيروس RSV، وبعد عدة أيام ستكون هناك جرعة داعمة جديدة من اللقاح، والتي ستكون مضادة للمتحور الحالي من كورونا، لذا على الجميع أن يأخذوا الجرعة الداعمة الجديدة.
يجب الانتباه إلى أن أعراض كورونا قد تكون خفيفة جدا، وبالتالي يجب على الإنسان الانتباه وإجراء الاختبار إذا ظهر عليه أي عرض من الأعراض، وفي الوقت الراهن يجب على الأشخاص المتقدمين في العمر وأصحاب المناعة الضعيفة أن يرتدوا الكمامات، مع التزام الجميع بالإجراءات الاحترازية المعتادة مثل غسل الأيدي، مع الانتباه إلى توصيات الأطباء والمنظمات الصحية مثل (CDC)، لأن فيروس كورونا لا يزال موجودًا وتظهر له متحورات من وقتٍ لآخر.
الغذاء الصحي
* هل تتوقع أن تكون هناك جائحة أخرى؟، وهل من غذاء محدد يمكن تناوله للتخفيف من آثار الفيروس؟
** لا أتوقع أن تكون هناك جائحة أخرى، لكن في نفس الوقت يجب على الجميع أخذ اللقاحات والجرعات المعززة، وبالنسبة للغذاء أقول إنه لا توجد وصفة سحرية كما يزعم البعض، فقط الشخص بحاجة إلى تناول الغذاء المتوازن العادي الغني بالفواكه والخضروات، وممارسة الرياضة التي تقوي الجسم بشكل عام والمناعة بشكل خاص، مع ضرورة تخفيف الوزن والتخلص من السمنة، لأن ذلك يقلل من الإصابة بالأمراض سواء كورونا أو غيرها.
* هل من نصيحة أخيرة؟
** في الواقع فإن نسبة الأشخاص الذين يلقحون أنفسهم ضد الأنفلونزا سنويًا حوالي 50%، وهي نسبة جيدة، ولكن نسبة الأشخاص الذين يلقحون أنفسهم بالجرعة الداعمة للقاح كوفيد 14% فقط، بالرغم من أن كوفيد أخطر من الأنفلونزا، لذا أنصح الجميع بضرورة أخذ الجرعة الداعمة، ونسأل الله أن يحمينا جميعا من كل مرض.