أخبار أميركاتقارير

زيارة بلينكن للسعودية.. جدل التطبيع مع إسرائيل والأسد وخلافات حول النفط والصين

خلال زيارته للسعودية التي استمرت لمدة 3 أيام عقد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن عدة اجتماعات مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وعدد من المسؤولين السعوديين، لمناقشة العديد من الملفات الهامة بعضها معلن والبعض الآخر غير معلن، لكنها تركز في مجملها على تقليل الخلافات وتنقية الأجواء التي عكرت صفو العلاقات بين البلدين خلال الفترة الماضية.

وزارة الخارجية الأمريكية قالت في بيان سابق إن بلينكن سيجتمع مع المسؤولين السعوديين خلال الزيارة لمناقشة التعاون الاستراتيجي بين البلدين في القضايا الإقليمية والعالمية، ومجموعة من القضايا الثنائية بما في ذلك التعاون الاقتصادي والأمني.

لكن لم يكن خافيًا على أحد أن المباحثات بين الجانبين ستسعى لتقليل الخلافات التي ازدادت مؤخرًا بخصوص قضايا منها ملف إيران والصين وأمن المنطقة وأسعار النفط وحقوق الإنسان.

مباحثات مباشرة وصريحة

وفقًا لمحللين فإن واشنطن تسعى لتحقيق الاستقرار في علاقاتها مع الرياض، من خلال مباحثات مباشرة وصريحة في مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة،

وهو ما أجراه بلينكن بالفعل في اجتماعه مع بن سلمان أمس الأربعاء، حيث ناقشا مجموعة واسعة من القضايا الثنائية في محادثات “منفتحة وصريحة”، وفقًا لوكالة “رويترز“.

ونقلت الوكالة عن مسؤول أمريكي قوله إن بلينكن وولي العهد السعودي اجتمعا لمدة ساعة و40 دقيقة، وناقشا عدة قضايا وملفات هامة، مشيرًا إلى أنه كانت هناك درجة جيدة من التقارب حول بعض القضايا، بينما كان هناك اختلافات حول البعض الآخر”.

التطبيع مع إسرائيل

وفقًا لتقارير إعلامية فقد دار جزء كبير من المناقشات حول تطبيع محتمل للعلاقات بين السعودية وإسرائيل، بالرغم من تقليل مسؤولين من احتمال إحراز تقدم فوري أو كبير في هذه المسألة.

وقال مسؤول أمريكي: “ناقشا إمكانية تطبيع العلاقات مع إسرائيل، واتفقا على استمرار الحوار بهذا الخصوص”، دون أن يقدم مزيدا من التفاصيل.

ولم تبد السعودية ممانعة بشأن إقامة الإمارات والبحرين لعلاقات مع إسرائيل في عام 2020 برعاية إدارة ترامب، لكنها لم تتخذ نفس الخطوة، وأكدت أن التطبيع مع إسرائيل يصب في مصلحة المنطقة، لكنها شددت على أنه يجب معالجة القضية الفلسطينية أولا.

وفي أبريل الماضي حدث تطور مهم قد يعيق حدوث تقدم في هذا الشأن، وذلك بعد أن أعادت الرياض العلاقات مع منافستها الإقليمية إيران، التي تعتبر العدو اللدود لإسرائيل.

وتشير بعض المصادر إلى أن من بين شروط الرياض لتطبيع العلاقات مع إسرائيل تطوير برنامج نووي سلمي، وهو ما لم يؤكد المسؤولون السعوديون أو الأمريكيون علنًا.

لكن كانت هناك تصريحات أمريكية فيما مضى حول انه يمكن مشاركة تكنولوجيا الطاقة النووية مع السعودية فقط إذا كانت هناك اتفاقية تمنع تخصيب اليورانيوم أو إعادة معالجة البلوتونيوم المصنوع في المفاعلات، وهما الوسيلتان لصنع أسلحة نووية، وفقًا لموقع “الحرة“.

وقبل ساعات من مغادرته إلى السعودية جدّد بلينكن التزام الولايات المتحدة بتعزيز التطبيع بين إسرائيل والسعودية، مشيرًا إلى أن أمريكا لديها “مصلحة حقيقية تتعلق بأمنها القومي” في الدعوة لتطبيع العلاقات بين تل أبيب والرياض.

وأضاف: “نعتقد أننا نستطيع، بل يجب علينا بالفعل أن نلعب دورًا أساسيًا في دفعه إلى الأمام”، لكنه لم يذكر أي شيء عن إطار زمني لحدوث ذلك، وفقًا لشبكة CNN.

وأضاف: “ليست لدينا أوهام حول إمكانية حدوث ذلك بسرعة أو سهولة، لكننا نظل ملتزمين بالعمل لتحقيق هذه النتيجة، بما في ذلك خلال مباحثاتي في السعودية”.

وقال إن اتفاقيات التطبيع “ليست بديلا للتقدم بين الإسرائيليين والفلسطينيين”، وأنها “لا يجب أن تأتي على حسابها”.

في المقابل رفض وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، حدوث تطبيع دون سلام مع الفلسطينيين قائلًا: “من دون وجود سلام مع الفلسطينيين فإن أي تطبيع مع إسرائيل سيكون محدود الفائدة”.

التطبيع مع الأسد

أحد القضايا الخلافية الهامة بين البلدين تتعلق بتطبيع العلاقات السعودية مع النظام السوري، والجهود التي قادتها السعودية لإعادة سوريا إلى مقعدها بالجامعة العربية، لكن بلينكن قلل في تصريحاته اليوم الخميس، من أهمية الخلافات بشأن هذا الملف، قائلاً إن كلاً من واشنطن والرياض “لديهما نفس الأهداف عندما يتعلق الأمر بما نحاول تحقيقه”.

ووفقًا لشبكة CNN فقد قال بلينكن في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره السعودي: “موقفنا واضح جدًا، لن نكون جزءًا من عملية تطبيع العلاقات مع الأسد، مع هذا النظام. لأنه لم يستحق بعد الحصول على خطوة نحو الاعتراف به أو نحو القبول به”.

وأضاف: “ولكن لأن الأهداف متشابهة بشكل كبير، سنرى ما إذا كان بإمكاننا تحقيق تقدم، فكلنا نريد التوصل إلى حل في سوريا ينسجم مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، ومن ضمن الأهداف أيضًا توسيع نطاق المساعدات الإنسانية، والتأكد من عدم قدرة تنظيم داعش على استعادة نشاطه، وتهيئة الظروف للسماح بعودة اللاجئين السوريين، ومكافحة تجارة الكبتاغون التي تسبب ضررًا كبيرًا للمنطقة، والحد من النفوذ الإيراني”.

وتابع قائلا: “ما سمعناه وما سمعته للتو مرة أخرى من وزير الخارجية، هو نية شركائنا استخدام التواصل المباشر مع نظام الأسد للمطالبة بمزيد من التقدم في هذه المجالات وغيرها من المجالات خلال الأشهر المقبلة”.

وأردف: “يجب أن أعترف أننا نشكك باستعداد الأسد لأخذ الخطوات الضرورية، لكننا نتفق مع شركائنا على تحديد هذه الخطوات وعلى الأهداف الكبرى”.

ووفقًا لموقع “العربية” تؤكد السعودية أن الحوار مع سوريا يساهم في حل المشاكل الإنسانية هناك، بينما تقول واشنطن إنها متفقة مع الشركاء بشأن الأمور التي على بشار الأسد الالتزام بها، لكنها وفقًا لبلينكن لا تعتقد أن اندماج سوريا مجددًا في الجامعة العربية كان قرارًا صحيحًا”.

العلاقات مع الصين

خلاف آخر يتعلق بتطور العلاقات السعودية مع الصين، وهو الأمر الذي برز بشكل واضح خلال الفترة الأخيرة، مما يمهد لزيادة النفوذ الصيني بمنطقة الشرق الأوسط التي كانت أمريكا هي اللاعب الرئيسي فيها، خاصة بعد نجاح الوساطة الصينية في إعادة العلاقات بين السعودية وإيران.

في هذا الإطار أكد وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، أن الصين شريك مهم للمملكة ودول المنطقة، موضحًا في نفس الوقت أن السعودية تواصل تطوير العلاقات الأمنية والعسكرية مع أمريكا.

واستفادت الرياض من علاقاتها المتنامية مع الصين في ظل رفض واشنطن الاستجابة لبعض مطالب المملكة مثل رفع القيود على مبيعات الأسلحة والمساعدة في الصناعات الحساسة ذات التقنية العالية.

ووفقًا لموقع “الحرة” فقد قال خبراء إن الصين ستساعد السعوديين في القطاعات التي تحجم الولايات المتحدة عن تقديم دعم فيها، لكن العلاقة بين الرياض وبكين ليس لها نفس عمق العلاقات مع واشنطن.

وأشاروا إلى أنه في هذه المرحلة، ما زالت العلاقة الأمريكية السعودية توصف بأنها إستراتيجية، بينما العلاقة الصينية السعودية لا زالت تتعلق بمعاملات ومصالح مشتركة.

أسعار النفط

من بين الملفات الهامة التي تمت مناقشتها أسعار النفط، خاصة وأن الزيارة تأتي بعد أيام من تعهد السعودية بمزيد من خفض الإنتاج إضافة إلى اتفاق أوبك+ بتقليص الإمدادات لدعم أسعار النفط المتراجعة، وذلك رغم معارضة الإدارة الأمريكية التي تسعى جاهدة لعدم عودة الأسعار للارتفاع مرة أخرى وزيادة الأعباء على المستهلكين الأمريكيين.

ويبدو أن ملف النفط قد بدأ يأخذ منحى جديدًا بين البلدين خلال السنوات الأخيرة، خاصة بعد أن انهار التحالف القائم بينهما على مبدأ النفط مقابل الأمن، وذلك بعد ظهور الولايات المتحدة كمنتج رئيسي للنفط.

ويرجح الخبراء أن يؤدي قرار السعودية وأوبك+ بخفض الإنتاج إلى مزيد من التوتر في العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية،

وكان البيت الأبيض قد دعا مجموعة أوبك+ مرارًا إلى زيادة إمدادات النفط لتهدئة الأسعار وزعزعة الأوضاع المالية لروسيا التي تشن حربًا على أوكرانيا وتعتمد في معظم إيراداتها على تصدير الخام.

وسبق أن أدت خطوة خفض الإنتاج إلى إثارة غضب واشنطن، وذلك بعد أن أدى قلة المعروض إلى زيادة أسعار النفط، وبالتالي زيادة أسعار البنزين وزيادة الضغوط على ميزانيات الأسر الأمريكية.

وتؤكد الولايات المتحدة بأن العالم يحتاج إلى أسعار أقل للنفط لدعم النمو الاقتصادي ومنع روسيا من كسب المزيد من الإيرادات لتمويل حرب أوكرانيا.

ووفقًا لموقع “بي بي سي” تؤكد السعودية أن خفض الإنتاج مجرد إجراء احترازي يهدف إلى دعم استقرار سوق النفط، ويرى محللون أن هذا الإجراء يهدف فيما يبدو إلى الحفاظ على سعر النفط أعلى من 80 دولارًا للبرميل في المدى المتوسط، وسط مخاوف من تراجع الطلب بسبب الوضع الاقتصادي العالمي.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى

اشترك مجانا في القائمة البريدية ليصلك كل جديد

نحترم خصوصية المشتركين