أخبار أميركاتقارير

المعركة القادمة.. ماذا بعد العثور على وثائق سرية في مكتب بايدن الخاص؟

يبدو أن كلمة “معركة الوثائق” ستكون هي العنوان المناسب لما ستشهده الساحة السياسية الأمريكية خلال الأيام القادمة، وذلك بعد أن تفجرت قضية العثور على وثائق حكومية سرية في مكتب خاص للرئيس جو بايدن، تتعلق بفترة عمله كنائب للرئيس في عهد باراك أوباما.

ومن المتوقع أن تثير هذه القضية العديد من الإشكاليات القانونية، خاصة وأنها تتزامن مع تطورات هامة في التحقيق الذي يتم مع الرئيس السابق دونالد ترامب في قضية مشابهة تتعلق بإخفائه وثائق سرية في منزله بمنتجع مارالاغو.

ووفقًا لشبكة (CNN) فإن قضية وثائق بايدن ستوفر فرصة لترامب للدفاع عن موقفه في قضيته المثارة منذ فترة، كما ستكون مادة دسمة له في حملته لخوض انتخابات الرئاسة المقبلة ضد بايدن في عام 2024.

ومن المنتظر أيضًا أن تفتح القضية بابًا جديدًا للجدل والمعارك السياسية في واشنطن، خاصة بعد تولي الجمهوريين رسميًا قيادة مجلس النواب الذي حازوا على الأغلبية فيه، وقال مراقبون إن الجمهوريين سيحاولون استخدام القضية لاتهام بايدن “بالنفاق”، لأنه أخفى هذه الوثائق، بينما اتهم ترامب بعدم المسؤولية عندما حدث له ذلك قبل عدة أشهر.

وقالت CNN إنه سيتعين على بايدن الإجابة على العديد من الأسئلة التي يواجهها ترامب، حول ما إذا كان يحق له الحصول على هذه الوثائق، وما إذا كان قد تم حفظها بشكل آمن طوال هذه الفترة أم لا، ولماذا لم يقم بتسليمها في وقت سابق، ولماذا أيضًا لم يعلن عنها للجمهور على الفور عند اكتشافها؟.

قصة الوثائق وتعليق إدارة بايدن

من جانبه قال البيت الأبيض إن وزارة العدل تقوم بمراجعة الوثائق التي تم العثور عليها في مكتب بمركز “بين بايدن للأبحاث” Penn Biden Center الذي يبعد مسافة ميل واحد عن البيت الأبيض، وكان بايدن يستخدمه في الفترة من 2017 إلى 2020 كجزء من عمله مع جامعة بنسلفانيا، حيث كان أستاذًا فخريًا بها.

وقال الفريق القانوني الخاص بالرئيس إنه وجد ما يقارب 10 وثائق، في خزانة مقفلة بمكتب بايدن بالمركز المذكور في نوفمبر الماضي، مشيرًا إلى أن الوثائق تتعلق بالفترة التي كان يشغل فيها بايدن منصب نائب الرئيس في إدارة أوباما، وتم تسليمها إلى مركز الأرشيف الوطني، وفقًا لموقع “بي بي سي“.

فيما قال المستشار الخاص للرئيس بايدن، ريتشارد ساوبر، في بيان له إنّ “البيت الأبيض يتعاون مع الأرشيف الوطني ووزارة العدل فيما يتعلق بالوثائق، مشيرًا إلى أنه تم اكتشافها عندما كان المحامون الشخصيون للرئيس يقومون بتعبئة الملفات الموجودة في خزانة مقفلة في إطار التحضير لإخلاء مكتب بايدن في مركز “بين بايدن للأبحاث”.

وأوضح أن الرئيس “استخدم هذا المكتب بشكل دوري منذ منتصف عام 2017 حتى بداية حملة الانتخابات الرئاسية عام 2020، مشيرًا إلى أنه تم العثور على الوثائق في الثاني من نوفمبر الماضي 2022، أي قبل 6 أيام من موعد الانتخابات النصفية”.

وأضاف أن محامي بايدن خلال تعبئة ملفات الخزانة رأى مظروفًا عليه علامات تشير إلى أنها مستندات شخصية لنائب الرئيس السابق، وعندما فتح المظروف ولاحظ وجود مستندات سرية بالداخل أغلقه على الفور واتصل بإدارة المحفوظات والسجلات الوطنية التي قامت باستلام الوثائق في صباح اليوم التالي مباشرة.

وقال ساوبر إنه منذ أن تم اكتشاف الوثائق، تعاون محامو الرئيس مع مركز الأرشيف الوطني ووزارة العدل ضمن إجراءات تضمن الاحتفاظ بالسجلات الخاصة بإدارتي بايدن وأوباما، بشكل مناسب في الأرشيف.

وأوضح أن مكتب التحقيقات الفيدرالي “FBI” يشارك في التحقيق، كما طُلب من المدعي العام ميريك غارلاند مراجعة الوثائق، التي قال مصدر مطلع إنها لم تتضمن أسرارًا نووية، وفقًا لشبكة CBS news.

ووفقًا لصحيفة “واشنطن بوست” فقد كلّف غارلاند المدعي العام في شيكاغو، جون لاوش، بالتحقيق في الأمر، وذلك بعد أن تلقى إحالة بشأن القضية من إدارة الأرشيف والسجلات الوطنية، ولاوش عينه ترامب في 2017 وبقي في منصبه بعد تولي بايدن.

الموقف القانوني

ينص قانون السجلات الرئاسية على ضرورة تسليم جميع الوثائق من إدارة الرئيس وموظفيه إلى الأرشيف الوطني فور انتهاء المهام الرسمية.

ووفقًا لموقع إدارة المحفوظات والسجلات الوطنية (NARA) ينص القانون أيضًا على أنه يطلب من “أصحاب المناصب الفيدرالية بموجب القانون التخلي عن الوثائق الرسمية والسجلات السرية عند انتهاء خدمتهم الحكومية”. ويؤكد أن “السجلات الرسمية للرئيس وموظفيه مملوكة للولايات المتحدة وليس للرئيس”.

وينص كذلك على أن “أي سجلات تم إنشاؤها أو استلامها من قبل الرئيس في إطار واجباته.. هي ملك لحكومة الولايات المتحدة وتديرها NARA بعد انتهاء ولاية الإدارة”.

ومن غير الواضح الموضوعات التي تتعلق بها الوثائق التي تم العثور عليها، أو لماذا تم نقلها إلى مكتب بايدن الخاص، لكن شبكة (CNN) نقلت عن مصادر مُطلعة قولها إن الوثائق عليها علامات تصنيف سرية، وتعود إلى الفترة ما بين عامي 2013 و2016، وتتضمن مذكرات استخباراتية أمريكية وخلاصات إعلامية مقدمة لبايدن عندما كان في منصب نائب الرئيس، وترتبط بأوكرانيا وإيران والمملكة المتحدة.

وأشارت المصادر إلى أن الصناديق التي تضم هذه الوثائق السرية تحتوي أيضًا على مستندات شخصية لأسرة بايدن، بما في ذلك ترتيبات جنازة ابنه بو بايدن.

لكن خبراء يؤكدون إن هناك اختلافات قانونية بالنسبة لحالتي بايدن وترامب، فقد أخفى ترامب الوثائق ورفض تسليمها، بينما في حالة بايدن عثر فريقه على الوثائق وسلموها على الفور إلى الأرشيف الوطني، كما أن المحققين عثروا على عدد ضخم من الوثائق في منزل ترامب، في حين تم اكتشاف عدد قليل من الوثائق في مكتب بايدن.

ونقل موقع “بيزنس إنسايدر” عن برادلي بي موس، محامي الأمن القومي، قوله إن “فريق بايدن فعل ما يفترض أن يفعله بالضبط. عندما تجد وثائق سرية مخزنة بشكل غير صحيح، فإنك تخطر الحكومة وتقوم بتسليمها على الفور، وهذا ما حدث”.

وأشار إلى أنه يعتقد أن التحقيق في وثائق بايدن “روتيني” حتى الآن، مشيرًا إلى فروق بين القضيتين. وأضاف: “حتى الآن يبدو أن هذا تحقيق روتيني، ربما يكون الدافع منه جزئيًا رغبة وزارة العدل في إظهار أنها غير متحيزة”.

لكنه أشار إلى إمكانية تغير طبيعة التحقيق، إذا كشف المدعي المسؤول عن مراجعة الوثائق أي دليل على أن بايدن أو موظفيه، قد تعمدوا تضليل إدارة الأرشيف الوطني. أما ترامب فتحيط بقضيته مسائل جنائية، لأن التحقيق أظهر محاولة “عرقلة العدالة” وليس فقط حفظ الوثائق بشكل غير صحيح.

من جانبها تقول صحيفة “واشنطن بوست” إن التفاصيل التي قدمها محامي بايدن تشير إلى اختلافات رئيسية يمكن أن تؤثر بشكل كبير في ما إذا كانت قضية بايدن ستصبح مسألة جنائية.

ونقلت الصحيفة عن شخص مطلع على قضية بايدن أنه “في كلتا الحالتين، ذهبت معلومات سرية إلى مكان لا ينبغي أن تذهب إليه وهذا يثير التساؤل بشأن طريقة التعامل مع مواد رسمية”.

وأشارت إلى أنه عادة ما يتم التعامل مع هذه المواقف إداريًا وليس جنائيًا، وتشمل معايير المحاكمة الجنائية إثبات ما إذا كان الشخص قد انتهك عمدًا القواعد الخاصة بكيفية تأمين المواد الرسمية.

فرصة ترامب

ويبدو أن قضية وثائق بايدن جاءت على هوى الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي قال مراقبون إنه سيحاول استغلال هذه القضية بأفضل شكل ممكن، سواء من خلال الدفاع عن موقفه في قضية الوثائق التي تمت مصادرتها من منزله، أو خلال حملته لانتخابات الرئاسة المقبلة ضد بايدن.

وبالفعل لم يفوت ترامب الفرصة وتفاعل مع القضية على منصة التواصل الاجتماعي التابعة له “Truth Social”، قائلا: “متى سيداهم مكتب التحقيقات الفيدرالي منازل بايدن العديدة، وربما البيت الأبيض أيضًا؟.. هذه الوثائق لم يتم رفع السرية عنها بالتأكيد”.

ويأتي الكشف عن الوثائق التي تم العثور عليها في مكتب بايدن قبل وقت قصير من إعلان وزارة العدل تعيين محام مستقل للنظر في توجيه اتهام جنائي لترامب بشأن الوثائق السرية التي أخفاها ترامب في نادي الغولف الخاص به.

ويخضع ترامب لتحقيق بسبب نقله وثائق سرية إلى منزله بمنتجع مارالاغو بعد انتهاء فترة رئاسته، وجاء التحقيق بعد أن أبلغ مركز الأرشيف الوطني السلطات برفض ترامب طلب إعادة نحو 300 وثيقة سرية أخذها معه إلى مقر إقامته في فلوريدا بعد مغادرته البيت الأبيض.

موقف الجمهوريين

كما يأتي الكشف عن وثائق بايدن بالتزامن مع تولي الجمهوريين رسميًا قيادة مجلس النواب، وهو ما يثير التوقعات بأن المجلس الذي يسيطر الجمهوريون على أغلبيته سيطرح القضية وسيخوض من خلالها معركة سياسية مع إدارة بايدن، تضاف إلى المعركة المنتظرة حول رغبتهم في فتح تحقيق مع عائلة الرئيس حول المعاملات الخارجية التي قام بها نجله هانتر بايدن.

وقال مراقبون إن الجمهوريين سيحاولون استخدام قضية الوثائق الجديدة لاتهام بايدن “بالنفاق”، لأنه أخفى هذه الوثائق، بينما اتهم ترامب بعدم المسؤولية عندما حدث له ذلك في أغسطس الماضي.

وكان بايدن قد ردّ على سؤال بشأن الوثائق التي عثر عليها في مقر إقامة ترامب قائلا: “كيف لأي شخص أن يكون غير مسؤول إلى هذه الحد؟”.

كما سيحاول الجمهوريون استخدام الأمر ضد بايدن، ويؤكدون أنه إذا كانت الحكومة ستلاحق الرئيس السابق ترامب على شيء من هذا القبيل، فيجب أن يلاحقوا الرئيس بايدن أيضًا”.

وفي هذا الإطار قال الرئيس الجمهوري الجديد للجنة المراقبة في مجلس النواب، جيمس كومر، إن التعامل مع قضية وثائق بايدن يثير أسئلة حول حياد وزارة العدل.

وأضاف: “ما يثير القلق أن يكون هناك نظام عدالة مزدوج في وزارة العدل فيما يتعلق بكيفية تعاملهم مع الجمهوريين مقابل الديمقراطيين، وسنرى بالتأكيد كيف يعاملون الرئيس السابق مقابل الرئيس الحالي”.

وفي الإطار نفسه غرد النائب الجمهوري، روني جاكسون قائلًا: “أين مكتب التحقيقات الفيدرالي؟ لدينا نظامان للعدالة في هذا البلد: واحد لهم والآخر لنا”.

فيما تساءل عضو الكونغرس من ولاية تكساس، تروي نيلز، عما إذا كان “أف بي آي” سيداهم منزل بايدن مثلما فعل مع الرئيس السابق.

ووفقًا لموقع “الحرة” لم يعلن رئيس مجلس النواب الجديد، كيفين مكارثي، حتى الآن موقفه من ضرورة التحقيق مع بايدن، لكنه قال إن رد الفعل على احتفاظ ترامب بوثائق سرية كان مسيسًا، وأضاف: “لم يكن الرئيس ترامب في منصب من قبل وكان قد غادر المنصب للتو. لكن هذا الشخص (بايدن) أمضى آخر 40 عامًا من عمره في مناصب”.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى

اشترك مجانا في القائمة البريدية ليصلك كل جديد

نحترم خصوصية المشتركين