رأي

الطّفلُ في المغارة.. وأمُّهُ مريم

بقلم: عبد المجيد شعبان، صحفي وإذاعي تونسي

احتفل المسيحيون الكاثوليك بعيد ميلاد نبي الله عيسى عليه السلام، وهناك طوائف مسيحية أخرى تحتفل به في تواريخ مختلفة: الكنائس الأرثوذكسية يوم 7 يناير، (أرثوذكس أوكرانيا احتفلوا هذه السنة مع الكاثوليك نكايةً في كنائس روسيا).. والكنائس الأرمنية يوم 6 يناير، وقلّة مثل بطريركية الأرمن الأرثوذكس في القدس يوم 19 يناير.

تُعتبر المسيحيّة الدّيانة الأولى في العالم، وأتباعها بمختلف طوائفهم ملياران ونصف المليار، نصفهم كاثوليك، وأكبر نسبة منهم في البرازيل والمكسيك والولايات المتحدة والفلبين. والأرثوذكس 12% منتشرون في شرق أوربا وتركيا ووسط آسيا، وهناك 14 دولة ذات أغلبية أرثوذكسية، أكبرها روسيا تليها إثيوبيا فأوكرانيا ورومانيا واليونان. أما البروتستانت فيشكلون 3.7%، وهم في شمال أوروبا والأمريكيتين وأستراليا وآسيا وأفريقيا خاصة في جنوبها.

مدينة بيت لحم الفلسطينية مهد السيد المسيح احتفلت بعيد الميلاد هذه السنة بعد انقطاع دام ثلاثة أعوام بسبب جائحة كورونا، وذلك بالرغم من تضييقات سلطات الاحتلال الصهيونية التي أجبرت أعدادا كبيرة من الحجّاج على الإقامة في فنادقها لحرمان فنادق بيت لحم من العائدات، عدا عن عرقلتها لوصول كثيرين إلى هذه المدينة المقدسة.

بيت لحم فيها أبرز المزارات وهي “كنيسة المهد” التي تضم الكهف الذي يُعتقد أنّه المكان الذي ولد فيه السيد المسيح، و”مغارة الحليب” التي يعتقدون أنها المكان الذي أرضعت فيه مريم العذراء ابنها عيسى عليه السلام، وسُمِّيت كذلك للاعتقاد بسقوط قطرات من حليب مريم على صخرة في المغارة فتحولت للّون الأبيض.

وبالرغم من أن المسيحية نشأت في فلسطين والشرق إلا أن أتباعها بالمنطقة تناقصوا على مرّ العقود. وهناك اختلاف في الإحصائيات حسب المصدر. وعددهم الأكبر حاليًا في مصر حيث يبلغون  17 مليونًا، منهم مليونان يعيشون خارجها.

وأعلى نسبة للمسيحيين في الوطن العربي توجد في لبنان، حوالي 40.5% من السكان، وهو البلد العربي الوحيد الذي يتولى رئاسته مسيحي.

وعددهم في فلسطين 2.3 مليون نسمة، غالبيتهم يقيمون خارج البلاد. وفي العراق كما في سوريا كان عددهم مليونًا ونصف المليون، لكنه الآن حوالي 350 ألفا في كلٍّ منهما.

عاش المسيحيون بمحبّة مع أشقّائهم المسلمين في الشرق، ولعبوا أدوارًا مهمة في بناء الدول الحديثة.. والذين هاجروا منهم  كان لهم صيت في دول المهجر.

لكن اغتصاب فلسطين كان له الأثر الكبير على ما نشأ من خلافات وتناحر، وزرعٍ للفتنة وصلت حد الاقتتال في لبنان لمدة 15 عامًا، ومازالت نارًا تحت الرّماد.. ثم جاءت مؤامرة التكفيريين وداعش التي حملت شعار إبادتهم جميعا.. فقُتل منهم كثيرون وهاجر كثيرون، وبقيت القلوب تذرف حَزَنًا على الحال مع ترنيمة فيروز(الطفل في المغارة وأمه مريم وجهان يبكيان)، وثقةً في طيب المآل، (الغضب السّاطع آتٍ وأنا كلّي إيمان).. وكل عام وأنتم بخير.


الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس وجهة نظر الموقع


تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى