رئيس الصين يعقد شراكة مع السعودية ويتعهد بدعم أمن الخليج واستيراد الكثير من النفط

استقبل العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز في قصر اليمامة بالرياض، الرئيس شي جين بينغ رئيس الصين، بحضور الأمير محمد بن سلمان ولي العهد.
ورحب الملك سلمان بالرئيس الصيني شي جين بينغ والوفد المرافق له، فيما أبدى بينغ سعادته بزيارة السعودية. وجرى خلال اللقاء، استعراض علاقات الصداقة التاريخية بين البلدين وسبل تعزيزها بما يخدم مصالحهما المشتركة في شتى المجالات.
وعقب ذلك، وقع الملك سلمان والرئيس بينغ، اتفاقية الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين السعودية والصين، وفقًا لوكالة الأنباء السعودية (واس).
تحوّل استراتيجي
وتهدف زيارة الرئيس الصيني إلى السعودية إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية بين البلدين، بالإضافة إلى المنطقة ككل. وتنتقد الولايات المتحدة التحركات الصينية الرامية إلى زيادة نفوذها في المنطقة.
ووقعت السعودية والصين مجموعة من الاتفاقيات، التي شملت مجالات من بينها الطاقة والبنية التحتية، بقيمة حوالي 30 مليار دولار، حيث تسعى الصين إلى النهوض باقتصادها الذي تضرر بفعل جائحة كوفيد، بينما تتطلع السعودية إلى تنويع تحالفاتها الاقتصادية والسياسية، وفقًا لموقع “بي بي سي”.
ورأى مراقبون أن الاستقبال السعودي التاريخي للرئيس الصيني، الذي بدأ بمصاحبة مقاتلات سعودية لطائرته لا يقارن بالاستقبال الفاتر الذي تلقاه الرئيس الأمريكي، جو بايدن، قبل أشهر قليلة، مشيرين إلى أن حرس الشرف السعودي، رافقوا موكب جين بينغ في سيارته، بينما كانوا يمتطون صهوات جيادهم، حتى وصل إلى القصر الملكي، في العاصمة الرياض، وهناك كان في استقباله ولي العهد محمد بن سلمان ينتظره بابتسامة واسعة ومصافحة حارة.
وأكدوا أن هذه التطورات تشير إلى توجه المملكة نحو الصين، وتوسيع الشراكة معها، في وقت تحاول فيه الولايات المتحدة الحفاظ على تأثيرها، بينما تسعى الصين لقلب المعادلة، وترسيخ نفوذها في المنطقة الغنية بمصادر الطاقة.
دعم أمن الخليج واستيراد النفط
وفي تأكيد لهذا التوجه أكد الرئيس الصيني، شي جين بينغ، أن بلاده ستواصل دعمها الثابت لأمن دول الخليج العربي، وستواصل استيراد النفط والغاز بكميات كبيرة من دول الخليج.
وقال بينغ، في كلمته أمام القمة الخليجية الصينية بالرياض: “نثمن جهود السعودية لاستضافة أول قمة خليجية – صينية”، مشيرًا إلى أن الدول الخليجية والصين يمكنها تحقيق التكامل الاقتصادي والصناعي.
وأكد أن بلاده تتواصل مع مجلس التعاون الخليجي منذ نشأته، وتسعى إلى تعزيز الشراكة الاقتصادية معه وتحقيق التكامل ودفع التنمية، وفقًا لشبكة (CNN).
وأشار الرئيس الصيني إلى قيام بلاده بإنشاء مجلس استثمار مع دول الخليج، وإنشاء المركز الخليجي الصيني للأمن النووي، والعمل على تدريب 300 شخص متخصص في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية بدول مجلس التعاون الخليجي.
وأكد أن بكين ستعزز التعاون مع دول الخليج في الاستثمار بالطاقة النظيفة، وأوضح أن جهود الصين تتضافر مع دول الخليج لتفعيل نظام المدفوعات بالعملات المحلية.
البيان الختامي
وصدر اليوم الجمعة البيان الختامي للقمة الخليجية الصينية، والذي أكد اتفاق الجانبين على تعزيز الشراكة الإستراتيجية بينهما ودفعها نحو آفاق جديدة في مختلف المجالات، واعتماد خطة العمل المشترك للفترة القادمة (2023-2027) لتحقيق ذلك.
ووجّه قادة الصين ودول الخليج باستمرار الحوار الاستراتيجي بين الجانبين على جميع المستويات وتنسيق المواقف حيال القضايا المشتركة، ودعم جهود التعافي الاقتصادي من جائحة كورونا وغيرها من التحديات، والعمل على ضمان أمن إمدادات الغذاء والطاقة، وتطوير مصادر وتقنيات الطاقة النظيفة.
وشدد الجانبان على أهمية الدعم المتبادل، حيث تدعم الصين جهود دول الخليج لصيانة سيادتها ووحدة أراضيها والحفاظ على أمنها واستقرارها، وتحقيق التنمية المتكاملة، كما تدعم دول الخليج جهود الصين لتنمية اقتصادها وصيانة سيادتها وسلامة أراضيها، والالتزام بمبدأ الصين الواحدة.
كما أكد القادة أهمية مواصلة تعميق التعاون بين الجانبين في مجالات الطاقة والتجارة والاستثمار والمالية والصناعة والتكنولوجيا المتقدمة والفضاء والصحة، واستكمال مفاوضات التجارة الحرة بينهما في أقرب وقت ممكن.
كما أكد الجانبان ضرورة دعم معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل في منطقة الخليج، وضمان الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني، حفاظاً على الأمن والاستقرار إقليمياً ودولياً، وأكدوا على دعوة إيران للتعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وشددوا على ضرورة أن تقوم العلاقات بين دول الخليج العربية وإيران على إتباع مبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، واحترام استقلال الدول وسيادتها وسلامة أراضيها، وحل الخلافات بالطرق السلمية، وفقاً لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، وعدم اللجوء إلى استخدام القوة أو التهديد بها، والحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
وأكدوا أيضًا على أهمية الحوار الشامل بمشاركة دول المنطقة لمعالجة الملف النووي الإيراني، والأنشطة الإقليمية المزعزعة للاستقرار، والتصدي لدعم الجماعات الإرهابية والطائفية والتنظيمات المسلحة غير الشرعية، ومنع انتشار الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، وضمان سلامة الملاحة الدولية والمنشآت النفطية، والالتزام بالقرارات الأممية والشرعية الدولية.
وأكد القادة ضرورة التوصل لحل عادل للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، وفق قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومبادرة السلام العربية، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967م، وعاصمتها القدس الشرقية. ووقف الاستيطان وكافة الإجراءات الأحادية، واحترام الوضع التاريخي القائم في مدينة القدس ومقدساتها.
كما أكد القادة دعمهم لمجلس القيادة الرئاسي في اليمن، برئاسة الدكتور رشاد العليمي، معبرين عن أملهم في التوصل إلى حل سياسي وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن 2216. ودعوا جميع الأطراف اليمنية إلى البدء الفوري في المفاوضات المباشرة برعاية الأمم المتحدة، وإلى الالتزام باستمرار الهدنة، ودعم الحاجات الإنسانية والإغاثية والتنموية للشعب اليمني، وأدان القادة كافة الهجمات الإرهابية التي تشنها الميلشيات الحوثية على الأهداف المدنية في السعودية والإمارات والداخل اليمني وفي الممرات المائية وطرق الملاحة الدولية.
وأكد القادة على مواقفهم الداعمة لكافة الجهود الدولية الرامية إلى التهدئة وإيجاد حل سياسي لإنهاء الأزمة في أوكرانيا، وفقاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، بما يحقق حماية الأرواح والممتلكات، ويحفظ الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.