رأي

الحرب العالمية الثالثة ومعالم النظام العالمي القادم

بقلم: أشرف شنيف

من خلال الأحداث الجارية في العالم حاليًا يتضح لنا جليًا أن دول العالم الأول تتحضر لجولة ثالثة من الحروب العالمية، والتي بدأت ملامحها تتشكل من خلال الشرارة التي أطلقها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعدما تعرض لما وصفه بالاستفزازات الغربية في أوكرانيا.

تسعى أمريكا لاستفزاز الصين عن طريق دفعها لتأييد روسيا بالإضافة إلى اهتمام الصين بضم تايون، كما أنها تسعى لعزل إيران عنهما عبر مفاوضات النووي معها.

أشرف شنيف

كما تسعى أمريكا ودول الغرب لتقسيم العالم ما بين مؤيد لها أو ضدها ولا وجود لمنطقة وسطى بينهما، وهذا هو ما قامت به سابقًا في حربها ضد الإرهاب، وذلك من خلال تحركات عسكرية أو سياسية أو إعلامية أو اقتصادية تطلبها من دول العالم ضد روسيا.

إن صوت طبول الحرب العالمية الثالثة تدق ويرتفع صوتها وحدتها تدريجيًا يومًا بعد يوم، لتحدد معالم النظام العالمي السياسي والاقتصادي القادم، في تصفية جديدة لمعسكر الحرب العالمية الثانية الذي أسفر عن انتصار دول مجلس الأمن ضد دول المحور، لينقسم مجلس الأمن لجزئين؛ جزء شرقي يتمثل في روسيا والصين، والآخر غربي وفيه بقية دول مجلس الأمن.

ومن هذا الانقسام يتضح أن ترجيح كفة ميزان القوة يميل نحو الغرب منطقيًا، كونه يحتوي على حلف الناتو والاتحاد الأوروبي الأكثر عتادًا وعدة، على حساب محور روسيا والصين.

في نفس السياق، يتضح لنا أن الغرب يؤمن بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية له وللعالم، ليسير ورائها دون أي اعتراض، خصوصًا بعد تراجع نزعة أوروبا الاستقلالية عن الهيمنة الأمريكية عقب اعتزال مستشارة ألمانيا ميركل والتي كان يتجاوب معها ماكرون.

بينما تعارض روسيا والصين تلك الهيمنة المطلقة لأمريكا، وتسعيان نحو نظام عالمي سياسي واقتصادي وثقافي متعدد الأقطاب، وهذا هو جوهر الخلاف الحالي بين قوى الشرق والغرب.

وتحت عنوان هذا الخلاف تنحاز كوريا الشمالية نحو روسيا والصين دون أي تردد، ولازالت إيران لم تحسم أمرها بسبب مفاوضات الملف النووي مع الغرب.

كما أن دول منظمة شنغهاي للأمن والتي توازي منظمة حلف شمال الأطلسي “الغربي”-خصوصا بعد انهيار حلف وارسو الذي أقامه الإتحاد السوفيتي- لازالت منقسمة بسبب عدم تشارك المصير بين دول شنغهاي، وكذا عدم استقلالية القرار السياسي عن النظام السياسي العالمي عن بعضها، ولهذا لازال تحالف شنغهاي لم ينضج كما هو حال حلف الناتو ليشكل قوة موازية له.

في الأخير، لا تزال هناك مناطق أمل لاحتواء النزاع العالمي النووي القادم بفضل قوى الردع العالمية لأسلحة الدمار الشامل، وهي في نفس الوقت سبب قلق العالم من اندلاع أي حرب عالمية قادمة.

ولازالت ذكرى آخر فصول الحرب العالمية الثانية في هورشيما وناغازاكي عالقة في أذهان العالم، ولكن يظل شبح الحل العسكري هو الأقرب للواقع في ظل المناخ العالمي المتشنج والمتصاعد في التمترس بتعصب للنظرية التي تراها القوى العظمى.

فلا حل وسط يوجد بين نظام القطب الأوحد والنظام متعدد الأقطاب، وهنا يكمن خطر التطورات العسكرية القادمة التي تستند لتراكمات تاريخية وتجاذبات سياسية وتحالفات عسكرية وبؤر صراع دولية.

هذا بالإضافة إلى الانهيارات الاقتصادية المتلاحقة والتي تعزز فيها فرضية “الهروب نحو الأمام” لكسب بعض الموارد المالية التي كانت تستفيد منها دول عظمى منافسة.


الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس وجهة نظر الموقع


تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى