في مقال افتتاحي في صحيفة “نيويورك تايمز”، كتبه مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية لم يذكر اسمه، تساءل: إلى أي مدى قد يذهب المساعدون لمنع رئيس غافل، وجاهل، ومصاب بجنون الاضطهاد والعظمة، من ارتكاب فِعلة كارثية باندفاع وتهور. وكيف يجتهد – هذا المسؤول – مع آخرين للتصدي من الداخل لأسوأ شطحات رئيس ذي نزعة قيادية “تافهة” و”متهورة” و”غير فعالة”.
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب – في وقت لاحق- في سلسلة تغريدات على تويتر “إنه راجح العقل ومتزن بل وعبقري”، وذلك ردًا على التشكيك في أهليته للرئاسة التي تضمنها كتاب “نار وغضب” للصحفي مايكل وولف.
وكتب ترامب على تويتر “في الواقع أكبر نعمتين في حياتي: رجاحة العقل وشدة الذكاء”. وأضاف: “من رجل أعمال ناجح جدا أصبحت نجما تلفزيونيا لامعا، ثم رئيسا للولايات المتحدة (من محاولتي الأولى)، أعتقد أن هذا يؤهل المرء ليس أن يكون ذكيًا بل لأن يصبح عبقريًا.. عبقريا راجح العقل جدا”.
ففي كتاب “نار وغضب”: قال “وولف” في مقابلة له مع شبكة “أن بي سي” إن كل المحيطين بترامب يتساءلون عن قدرته على الحكم، وأضاف: “يقولون عنه إنه كالطفل، وإنه لا بد من إرضائه سريعًا، وإن كل الأمور يجب أن تجري حوله”.
وتحدث الكتاب عن تصرفات الرئيس: الذي لا يحب القراءة أبدا، وينعزل داخل غرفته ابتداءً من الساعة السادسة مساء، وإصراره على تركيب ثلاث شاشات تلفزيون بالغرفة لمشاهدة ثلاث قنوات في وقت واحد، ويسهر حتى الصباح، وأن أكثر الهوايات التي يفضلها هي خداع زوجات أصدقائه للنوم معه.
وذكر “وولف” أن ترامب يعتريه خوف قديم من أن يُسمم، وكانت طريقته لمواجهة هذا التهديد المتوهم هو أن يأكل من المطاعم التي لا تعرف متى يطلب طعامه، وأن مأكولاتها جميعها جاهزة قبل الطلب تقريبا، وأنه يفضل أن يأكل من سلسلة مطاعم ماكدونالدز.
وفي كتاب “المعتوه”، الذي ألفته “أوماروسا مانيغولت نيومان” المساعدة السابقة بالبيت الأبيض، شككت “نيومان” في القدرات العقلية للرئيس. وقالت إنها رأت ترامب وهو “يبتلع وثيقة رسمية سرية”. واتهمته بأنه أدلى بتصريحات يزدري فيها الأميركيين من أصل أفريقي والفلبينيين وأقليات أخرى.
وأضافت: “إنه غير مؤهل للرئاسة ونرجسي وعنصري وغير قادر على السيطرة على نزواته”. إضافة إلى شواهد تشير إلى حالات “نسيان وإحباط”. وكتبت تقول “لا يمكن إنكار تراجع قدراته العقلية”.
وفي كتاب آخر بعنوان “جنون الإعلام” بقلم الصحفي والناقد الإعلامي “هوارد كيرتز” يقول الكاتب: إن ترمب يبدأ يومه بقراءة صحف نيويورك تايمز ونيويورك بوست ووول ستريت جورنال وواشنطن بوست، وإنه لا يستعرض ولا يقرأ ما في الإنترنت، لكنه، كما هو معروف، ناشط جدا في تويتر.
ويصور الكتاب وضعا فوضويا في البيت الأبيض، ورئيسًا لم يكن مستعدا كما ينبغي للفوز بالمنصب عام 2016، ومساعدين يسخرون من قدراته.
وفي كتاب “الخوف” للصحفي الأمريكي بوب وودوراد يورد واقعة مفادها أن ترامب سأل مستشاره للأمن القومي عن سبب احتفاظ الولايات المتحدة بوجود عسكري مكلف في شبه الجزيرة الكورية، عندها اضطر وزير الدفاع ماتيس أن يبلغه بأننا “نفعل ذلك من أجل منع حرب عالمية ثالثة”.
كما ينقل أيضا عن ماتيس عقب أحد اجتماعاته بترامب قوله لرفاقه “إن درجة الفهم لدى ترامب موازية لتلميذ في الصف الخامس أو السادس، أي طفل في العاشرة أو الحادية عشرة من عمره”.
أما كبير موظفي البيت الأبيض الجنرال جون كيلي فكان يفقد أعصابه في أحيان كثيرة، وقال لزملائه إنه يعتبر ترامب “معتوها” و”أحمق” و”غير متزن عقليا”. مضيفا أنه “من غير المجدي محاولة إقناعه بأي شيء. لقد انحرف عن الطريق، نحن في عالم مجنون ولا أعرف حتى لماذا نحن هنا. إنها أسوأ وظيفة تقلدتها”.
ومؤخرًا رسم جون بولتون المستشار السابق للأمن القومي، في تسريبات عن كتابه “من قاعة الحدث: مذكرات من البيت الأبيض”، صورة سوداوية لترامب، قائلًا: إنه يحاول تسخير السياسة الخارجية الأميركية لخدمة مصالحه الشخصية، ومنها إعادة انتخابه، موضحا أن ترامب طلب – على هامش قمة مجموعة العشرين في اليابان في صيف العام 2019- من نظيره الصيني شي جين بينغ: مساعدته على الفوز في الانتخابات الرئاسية الأميركية، حيث شدد الرئيس على أهمية المزارعين وعلى أن زيادة المشتريات الصينية من فول الصويا والقمح ستكون لها نتيجة جيدة على الانتخابات” في الولايات الأميركية الريفية.
وتشير مذكرات “بولتون” إلى جهل الرئيس الأميركي حيث تقول: إنه سأل رئيسة الوزراء البريطانية السابقة تيريزا ماي هل المملكة المتحدة قوة نووية، كما سأل رئيس أركانه جون كيلي هل فنلندا جزء من روسيا؟.
وأخيرًا رغم ما تم تأليفه من عشرات الكتب عن حياة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال فترة رئاسته، فان هذه الكتب أبرزت بشكل كبير شخصية “ترامب” وطريقة تفكيره، وكيفية اتخاذه للقرارات المختلفة. ولأننا بعد قراءتنا لطبيعة الأفكار ونوعية الانفعالات التي تخص “ترامب” فإننا – بلا شك – سنتابع سلوكه بشأن نتائج الانتخابات لاحقًا.
الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس وجهة نظر الموقع
