الراديوطبيبك الخاص

السمنة عند الأطفال (أسبابها و علاجها).. وعلاقتها بمرض كورونا

أجرى الحوار: ليلى الحسيني ــ أعده للنشر: أحمد الغـر

تواصل معدلات البدانة المفرطة بين الأطفال الأمريكيين ارتفاعها، حيث كشفت إحدى الدراسات الطبية تضاعف هذه المعدلات بصورة غير مسبوقة في الولايات المتحدة على مدى الأعوام العشرين الماضية.

تحدّي جديد يواجه أطفال العالم في زمن كورونا، حيث أظهرت دراسة نشرت في مطلع شهر يونيو من العام الحالي في مجلة الرابطة الطبية الأميركية لطب الأطفال (journal JAMA Pediatrics)، وقام بها باحثون من جامعة كولومبيا، أن البدانة ربما تكون من العوامل المهمة لتفاقم حالات الأطفال من مرضى كورونا.

الإعلامية “ليلى الحسينى” ناقشت مع “د. نسرين صوان” فى فقرة صحة وحياة، موضوع السمنة عند الأطفال، أسبابها وعلاجها، وعلاقتها بمرض كورونا المستجد.

يُذكر أن “د. نسرين نادر صوان”، هى أخصائية الأمراض العصبية وأمراض الصداع والآلام المزمنة، وأمراض اضطرابات النوم، كما أنها مختصة بطب التجميل والليزر وعلاج السمنة.

ناقوس الخطر
* د. نسرين؛ لنبدأ من السمنة لدى الأطفال وناقوس الخطر الذي يدق حول ارتفاع معدلاتها.

** طبعا السمنة مرض خطير ومزمن، والحقيقة أنه قد تزايد خلال الـ20 عامًا الماضية، ولا يزال يتزايد، وهذا التزايد له علاقة بنمط الحياة الذي كان موجودًا من قبل وباء كورونا، فقد كان معدل سمنة الأطفال في المرحلة العمرية من سنتين وحتى 5 سنوات تقريبًا 12.8% هنا في أمريكا، وفي المرحلة من 6 سنوات وحتى 19 سنة تقريبًا بحدود 18%، وهذه نسبة كبيرة للغاية.

أما بالنسبة لمعدل السمنة وزيادة الوزن عند الكبار هنا في أمريكا فهو حوالي 69%، وهؤلاء يكون معدل السمنة (BMI) لديهم فوق الـ25، تحديدًا من 25 إلى 29.9، ففي هذه الحالة نقول إنها زيادة وزن وليست سمنة، لكن نصفهم تقريبًا (35%) يكون معدل السمنة (BMI) لديهم فوق الـ 30، وفي هذه الحالة نقول إن لديهم سمنة.

معدلات مرتفعة
* هل طبيعة الحياة في أمريكا هى التي تؤدي إلى ظهور السمنة بالعموم، وليس فقط لدى الأطفال؟، وهل هذا الموضوع وراثي؟، ولماذا هذه المعدلات مرتفعة في أمريكا؟

** هناك عدة عوامل تسببت في حدوث هذا الموضوع، سواء هنا في أمريكا أو في دول أخرى، فنسبة السمنة في الكويت حوالي 43%، وفي السعودية 35%، فالموضوع ليس قاصرًا فقط على أمريكا، ففي بلادنا العربية هذه المشكلة موجودة أيضًا.

بلا شك فإن طبيعة الأكل لها علاقة، ونمط الحياة أيضا، فنحن هنا في أمريكا نجد أن الطعام الذي نتناوله يوميًا معظمه مأكولات سريعة ومشروبات غازية، وأنا دائما أقول للناس تجنبوا الـFFB، وهى: Fast Food & Fatty Food & Batters Food، فكل هذه الأشياء تؤدي إلى السمنة، بالإضافة إلى الكربوهيدرات والسكريات والمشروبات الغازية ورقائق البطاطس والتي تحتوي جميعها على كميات كبيرة من السعرات الحرارية.

بدانة الأطفال
* إذا انتقلنا إلى موضوع السمنة لدى الأطفال، ففي عام 2014 كانت نسبة الأطفال الذي يعانون من البدانة أكثر من 33%، برأيك لماذا يعاني الأطفال في أمريكا من البدانة في هذه السن الصغيرة؟

** هناك عدة أسباب؛ منها بدانة الوالدين، ونمط الحياة نفسها في البيت، فالأطفال يأكلون من نفس الأكل الذي يأكل منه الوالدين، ويقضون وقتًا طويلًا أمام الشاشات، مع عدم وجود نشاط بدني وقلة ممارسة الرياضة، وتناول كميات كبيرة من السكاكر والكربوهيدرات والسعرات الحرارية.

فالشخص، سواءً كان صغيرًا أو كبيرًا، إذا تناول 100 سعر حراري كل يوم، فإن هذه السعرات الحرارية تصل إلى 36 ألف سعر حراري في السنة، وهذا يتحول إلى كيلو باوند، وإذا تصورنا أن هذا الشئ يحدث عامًا وراء الآخر، فإن كل ذلك يتراكم ويزداد وزن الشخص.

معايير تشخيص السمنة
* متى نقول إن هذا الطفل سمين؟، وما هى معايير تشخيص السمنة؟

** هناك معايير معينة، حيث نبدأ من مؤشر كتلة الجسم (BMI)، وهو عبارة عن الوزن مقسوم على مربع الطول، ونضع قيمة مؤشر كتلة الجسم على Charts معينة مرتبطة بجدول النمو، ويمكن للجميع إيجاده على موقع الـCDC، حيث نقارن وضع الطفل بالأطفال الآخرين في نفس عمره.

ونجد أن الطفل الذي يكون Underweight يكون أقل من 5 percentiles، أما الطفل الذي يكون طبيعي أو Healthy يكون وزنه طبيعيًا، فيكون من 5 percentiles إلى أقل من 85 percentiles ، أما الطفل الـ Overweight فيكون من 85 percentiles إلى أقل من 95 percentiles، أما الطفل الذي يعاني من السمنة فهو الذي يكون 95 percentiles فأكثر.

ويقوم طبيب الأطفال بمنتهى البساطة من خلال هذه المؤشرات بإخبار الأهل عن وضع طفلهم، وأين يكون مقارنة بالأطفال الآخرين، ويمكن للأهالي نفسهم عن طريق جوجل أن يعرفوا هذا الأمر أيضا، فهناك عدد من المواقع التي يمكن أن تحدد الـBMI والـ percentiles للطفل بسهولة.

أسباب سمنة الأطفال
* ما هى أسباب السمنة عند الأطفال؟

** أهمها: تناول الأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية بانتظام، مثل الأطعمة السريعة والسلع المخبوزة والسناكس ذات السعرات الحرارية العالية مثل المقبلات، إلى جانب المشروبات الغازية، وحتى عصائر الفاكهة التي تكون فيها كمية سكر كبيرة، بالإضافة إلى قلة النشاط البدني، وعدم ممارسة الرياضة.

وإذا كانت العائلة كلها تعاني من السمنة فإن الطفل سيكون أيضًا لديه سمنة، لأنه سيعايش نفس نمط الحياة الخاص بعائلته، إلى جانب أيضًا هناك العوامل النفسية، فإذا كانت هناك مشكلات خاصة بالأسرة فيمكن أن يلجأ الطفل إلى الأكل كي يخرج من هذه المشكلات، إلى جانب العوامل الاقتصادية التي تجبر البعض على شراء مأكولات ليست غنية بالقيمة الغذائية المفيدة.

أيضًا في بعض الأحيان نجد أن الطفل الذي يعاني من السمنة يعاني من مشكلات نفسية، بسبب ابتعاد الأطفال الآخرين عنه في المدرسة، وغياب الدعم الأسري وفقدان الطفل للعوامل التي تسانده وتدعمه، فالأهل هم المسؤول الأول، وهم الذين يقدمون الأكل للطفل، وهم من يفرضون عليه نمط الحياة الذي يعيش فيه، لذا يجب علينا أن نساعد أطفالنا أن يتخلصوا من زيادة الوزن وعدم الوصول إلى السمنة.

ومضاعفات السمنة كثيرة، إذ يمكن للطفل أن يُصاب بداء السكري، أو متلازمة الأيض التي بها أمراض القلب وزيادة الدهون الثلاثية والكوليسترول، بالإضافة إلى زيادة ضغط الدم، وسمنة البطن الزائدة، إلى جانب اضطرابات النوم، ومرض الكبد الدهني غير الكحولي “Nonalcoholic fatty liver disease”.

بالإضافة إلى ضعف العضلات وكسور العظام، فالطفل عندما يقل وزنه عن طريق الحمية الغذائية، يقل وزنه عن طريق العضلات والدهون في نفس الوقت، ولكن عندما يزيد وزنه يزيد عن طريق الدهون فقط، وهذا الأمر يؤدي إلى ضعف العضلات.

السمنة وكورونا
* هل هناك علاقة بين الطفل البدين أو الذي يميل إلى السمنة وبين خطر العدوى بفيروس كورونا؟، وهل يكون تأثير الفيروس عليه أكبر؟

** بكل تأكيد، فمنذ أن بدأ وباء كورونا تم التركيز على الأشخاص الذي هم أكثر تأثرًا بالفيروس، وكانوا هم الأشخاص الذين يعانون من الضغط والسكر والربو، إلى جانب الأشخاص الذي يعانون من البدانة، وهذا الخطر كبير على الكبار والأطفال في نفس الوقت.

لذلك أنا أنصح الأباء والأمهات دائمًا باتباع ما يُعرف بـ(5-2-1-0) مع أطفالهم، ومعنى هذه الأرقام هو أن 5 = خمسة أكواب من الخضروات أو الفاكهة في اليوم.

و2 = أقل من ساعتين أمام التلفزيون أو الكمبيوتر أو الشاشات عمومًا، وللأسف لم نعدّ نستطع ان نطبق ذلك بسبب عدم ذهاب الأطفال للمدارس وتعلمهم عن بعد الآن، ولكن في الأحوال العادية لا يجب أن يمكث الطفل أكثر من ساعتين أمام تلك الشاشات.

أما 1 = ساعة من الرياضة والنشاط البدني أو أكثر، و 0 = عدم تناول أي مشروبات غازية أو سكاكر أو رقائق البطاطس، فهذه الأشياء يجب ألا ندخلها للمنزل.

يجب أن نتأكد أن الطفل ينام جيدًا، لأن الحرمان من النوم يؤدي إلى السمنة، وإذا كان الطفل يتناول أدوية معينة يجب مراجعة هذه الأدوية مع الطبيب المختص، لأن بعض هذه الأدوية قد يسبب السمنة، كما يجب أن نسأله ما إذا كان هناك بديل دوائي آخر لا يسبب السمنة.

وينبغغي مراجعة الطبيب باستمرار، حتى يتأكد الطبيب أن هذا الطفل ليس لديه قصور في الغدة الدرقية، أو لديه فرط نشاط في الغدة الكظرية، أو لديه أسباب أخرى مرضية تؤدي إلى السمنة.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى