رأي

تحت سقف لاجئ

بقلم: د.ناهد غزول

ذات السبعة عشر ربيعًا قتلتها المئة دولار الامبريالية، لأن زينب سقطت في فقر اللجوء وعوزه، ولم تملك دولارًا واحدًا، فغادرت لبنان جائعة عطشى منهكة، لتلتحف بسماء وطن نادى على اللاجئين ليعودوا.

لكن كلمات النمير كانت سوط الجلاد، فلا يمكن لأي سوري أن يدخل سورية دون أن يدفع 100 دولار مهما صغر عمره، لصرفه حسب سعر الصرف الرسمي، وبالتالي لا بأس بآلاف العالقين على الحدود السورية أن يكملوا مشوار العذاب جزاء خروجهم من الوطن موتًا، فهنا سوريا.

تحت سقف لاجئ آخر في الأردن أعيته الحيلة في إيجاد عمل، حتى لو عامل نظافة وهو خريج الجامعة، تلقى رسالة من المفوضية السامية تخبره عن توقف المساعدة الغذائية عليه وعلى عائلته.

هرع وجلاً إلى الهاتف، فأبواب المفوضية مازالت موصودة ومازال الموظفون يختبئون خلف ظلال الكورونا.

كلمها، شرح لها ظرفه، فقالت تتكلم وكأن لك حق عندنا، نحن أعطيناك هذا، ونحن الآن نخبرك أننا سنوقفه.

توقف الزمن عند كلمة “نحن”، هل الموظفة التي تعتاش على ما يأتي من معونات للاجئين، وتتقاضى آلاف الدولارات، تظن نفسها هي مصدر هذا الكوبون الغذائي الذي لا تتجاوز قيمته 15 دينار للفرد بالشهر؟، وكيف سيطعم أولاده؟ هو لا يريد أن يأكل لكن هم أهم.

أغلق الهاتف مُفلسًا، قال سنعود للوطن. توجه للسفارة السورية التي طلبت منه أن يدفع 50 دولارًا للتقدم بطلب للحصول على موافقة أمنية للعودة، والتي قد تطول حتى أربعة أشهر.

وإذا ما جاءت فعليه أن يعود بالطائرة حسب الاتفاق مع الحكومة الأردنية، ويدفع كل فرد 285 دولار إيجار طائرة، و200 دولار لفحص الكورونا ومبيت ليلة بفندق ايبلا الشام، و100 دولار لتصريفهم حسب سعر الصرف الرسمي ويتقاضاهم في دمشق، بينما التسليم في السفارة السورية بالأردن.

أي 635 دولار عن كل شخص يرغب بالعودة إلى بلده وهو لا يمتلك عشر دنانير ثمن دواء الضغط.

تمنى أن يهاجر بعيدًا لسماء أخرى يموت تحت ظلالها… هطلت دموع الأب عجزًا تحت سقف لاجئ، وحمى مفوضية، وظروف اقتصادية لبلد مضيف، وأخرى تعجيزية للوطن الأم.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى