أخبار أميركاأميركا بالعربيتقارير

أمريكا على موعد مع نسخة مختلفة من ذكرى “يوم الاستقلال”

علي البلهاسي

تبدأ اليوم الاحتفالات بذكرى “يوم الاستقلال Independence Day” والتي توافق الرابع من يوليو كل عام، وهو يوم إعلان وثيقة استقلال الولايات المتحدة عن بريطانيا العظمى في 4 يوليو/تموز عام 1776.

حيث سيقوم الرئيس دونالد ترامب اليوم الجمعة بالمشاركة في عرض ضخم للألعاب النارية في جبل راشمور، كما سيشارك ترامب غدًا السبت في احتفال آخر بعنوان «تحية إلى أميركا» لتكريم الجيش، وذلك في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض.

ويوم الاستقلال هو عطلة فيدرالية في الولايات الأمريكية، تنظم فيه الحكومة مسيرات في عواصم الولايات، وعادة ما يرتبط الاحتفال به بالمسيرات والألعاب النارية وحفلات الشواء والمعارض والرحلات والحفلات الموسيقية.

فهو يوم تجمع فيه الأسرة شملها، ويلقي فيه المسئولون المنتخبون والشخصيات العامة الأخرى خطب تمجد التقاليد والقيم الأمريكية.

ذكرى مختلفة

ولأول مرة سيعيش الأمريكيون وقع احتفالات مختلفة بذكرى يوم الاستقلال هذا العام، فالرئيس وأنصاره وخصومه مشغولون بمعركة انتخابية حامية الوطيس قد تطيح بأحلام ترامب في البقاء بالبيت الأبيض لولاية ثانية.

والأمريكيون جميعًا بمن فيهم الرئيس مشغولون أيضًا بمعركة أخرى مع فيروس كورونا القاتل، الذي فاجأهم بعودة قوية خلال الأيام الماضية بعد أن ظنوا أنهم قد تجاوزوا أزمته.

وفي ذكرى هذا العام بالتحديد يبدو أن الأمريكيين سيتعاملون مع مفهوم الاستقلال بمعاني مختلفة، فالرئيس ترامب وأنصاره من الجمهوريين يسعون للاستقلال بالبيت الأبيض بعيدًا عن مطامع خصومهم الديمقراطيين، ليكمل الرئيس الجمهوري المثير للجدل فترة ولايته الثانية.

أما الديمقراطيون ومعارضو ترامب فيتمنون أن يحالفهم الحظ ليكتبوا استقلالاً جديدًا للولايات المتحدة بالخلاص من حكم ترامب، الذي يجدون أن استمراره في منصبه يهدد القيم الراسخة للأمة الأمريكية، من وجهة نظرهم.

وبعيدًا عن هذا الصراع السياسي يُجمِع كل الأمريكيين على حلم الاستقلال عن ذلك المحتل الغاشم الجاثم على صدورهم منذ عدة أشهر، وهو وباء كورونا، الذي عطّل مصالحهم وشلّ اقتصادهم، وهدد معظمهم بالإفلاس رغم حزم المساعدات والمعونات المتتالية.

فقد سجلت أرقام الإصابات اليومية بالفيروس اللعين معدلات قياسية وصلت إلى حوالي 55 ألف إصابة في اليوم، وذلك بعد فترة توقع فيها الكثير من الخبراء بدء السيطرة على انتشار الفيروس.

خيبة أمل ترامب

وكان الرئيس ترامب قد ضاعف من ضغوطه لإعادة تشغيل عجلة الاقتصاد، آملاً أن يستعيد الاقتصاد عافيته قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة في نوفمبر، بعد أن أطاح الوباء بالإنجاز الاقتصادي الذي كان يتباهى به ترامب ويعوّل عليه في الفوز بولاية ثانية.

ومع عودة ارتفاع أعداد الإصابات والوفيات الناتجة عن الفيروس ووصولها لمستويات قياسية في عدة ولايات متأرجحة صوتت لترامب عام 2016، يثار الكثير من التساؤلات عن حظوظه في الانتخابات القادمة.

فحتى نهاية شهر يونيه سجل أكثر من 45 مليون أمريكي في قواعد العاطلين على العمل من أجل الحصول على إعانات البطالة الحكومية، ويتوقع أن يزداد هذا العدد مع إعادة غلق الأنشطة التجارية والاقتصادية بسبب عودة تفشي الفيروس.

ومع تحذير الخبراء من أن الأسوأ لم يأت بعد، وقولهم إن أمريكا يمكن أن تواجه موجة ثانية أكثر خطورة من وباء كوفيد- 19 في الشتاء القادم، ربما يكون من الصعوبة إعادة انتخاب ترامب لفترة ثانية.

كورونا واحتفالات عيد الاستقلال

في ظل هذه الظروف تتضاعف المخاوف بين خبراء الصحة العامة مع حلول عطلة عيد الاستقلال في ظل العودة القوية لتفشي وباء كورونا، خاصة وأن هذه المناسبة تشهد تجمعات ضخمة للاحتفال في مختلف المدن الأمريكية، وهو ما قد يؤدى لزيادة انتشار الفيروس على نطاق واسع.

وقال خبراء الصحة ومسئولو مركز مكافحة الأمراض الوبائية إن خروج الأمريكيين إلى الشواطئ والتجمعات الواسعة قد يتسبب في كارثة، ويؤدي إلى ارتفاع غير مسبوق لمعدلات الإصابة بفيروس كورونا.

وارتفعت حالات الإصابة بالفيروس في أكثر من 37 ولاية، لتزيد حالة القلق من خروج الأمر عن السيطرة، وأجّلت 19 ولاية مراحل إعادة فتح الاقتصاد ودور العبادة والسينما والمسارح وصالات الرياضة.

وفرضت عدة ولايات أخرى قرارات بإغلاق بعض الشواطئ التي كانت قد قامت بفتحها سابقًا، وعادت لتقييد الإجراءات في الأماكن التي تشهد تجمعات سكانية خاصة مع تحضيرات عطلة عيد الاستقلال.

يأتي ذلك فيما بلغ فيه إجمالي عدد الإصابات بفيروس كورونا في الولايات المتحدة أكثر من 2.8 مليون إصابة، وأكثر من 130 ألف حالة وفاة.

إجراءات احترازية

ويقول خبراء الصحة إن الأمريكيين ربما يضطرون للتخلي هذا العام عن التقاليد الخاصة التي اعتادوا عليها في الاحتفال بعيد الاستقلال، من تنظيم تجمعات واسعة، وإطلاق الألعاب النارية، وارتداء الأزياء، وإقامة حفلات الشواء، والنزهات الجماعية في الحدائق العامة والشواطئ.

فهذه العادات قد توفر أرضًا خصبة لتكاثر الفيروس على نطاق واسع، وارتفاع مستويات الإصابة والعدوى بشكل غير مسبوق.

لذلك شدد مدير مركز مكافحة الأمراض روبرت ريد فيلد على ضرورة الالتزام بإرشادات السلامة خلال عطلة عيد الاستقلال وارتداء الأقنعة والالتزام بالتباعد الاجتماعي.

وقد أقرت بعض الولايات إجراءات احترازية جديدة قبل عطلة عيد الاستقلال، حيث أعلنت مقاطعة لوس أنجليس في ولاية كاليفورنيا غلق الشواطئ طوال العطلة لمنع الازدحام الذي يؤدي إلى انتشار الفيروس.

وأعلنت ولايات أريزونا إعادة إجراءات الإغلاق مرة أخرى بعد أكثر من شهر من إعادة فتح الاقتصاد في الولاية. كذلك اتخذت ولاية فلوريدا قرارًا بإغلاق العديد من المدن والحانات والمطاعم والشواطئ في جنوب الولاية.

وفي ولاية تينيسي مدد حاكم الولاية بيل لي حالة الطوارئ لمدة شهرين حتى نهاية شهر أغسطس (آب) المقبل وقامت كل من ولاية نيوجيرسي وميتشيغان بخطوات مماثلة بما يسمح لحكام الولايات بإعادة فرض إجراءات الإغلاق.

ودعا المشرعون في الكونجرس إلى ضرورة إعادة النظر في خطط رفع القيود وإعادة الفتح حتى في الولايات التي تشهد استقرارًا أو انخفاضًا في مستوى الإصابات.

ترامب يلعب بالنار

من جانبه يخطط الرئيس ترمب لإحياء عرض ضخم للألعاب النارية في جبل راشمور اليوم 3 يوليو، بمناسبة عيد الاستقلال، وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جود دير: «يتطلع الرئيس إلى المشاركة في احتفالات يوم الاستقلال بعرض رائع للألعاب النارية فوق الوجوه الرائعة للرؤساء جورج واشنطن وتوماس جيفرسون وثيودور روزفلت وإبراهام لنكولن».

ويشكل هذا الاحتفال واحدًا من العديد من التجمعات الانتخابية الكبيرة التي ستنظم هذا الصيف قبل انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني). حيث يخطط ترامب أيضًا في احتفال بعنوان «تحية إلى أميركا» لتكريم الجيش في الحديقة الجنوبية في البيت الأبيض يوم 4 يوليو عيد الاستقلال، وسيتم بثه على الموقع الإلكتروني للبيت الأبيض.

وكان قد تم حظر استخدام الألعاب النارية في منطقة جبل راشمور الشهيرة منذ 10 سنوات، لأسباب تتعلق بمخاوف على السلامة والصحة العامة وأخطار بيئية.

حيث أوقفت إدارة المتنزه الوطني تنظيم الألعاب النارية في جبل راشمور في عام 2010 خشية اشتعال الحرائق في موسم الجفاف، خصوصًا أن النصب التذكاري يحيط به نحو 1200 هكتار من الأراضي الحرجية.

لكن المتحدث باسم حاكم الولاية كريستي نويم الجمهوري، قال إن إدارة المتنزه خلصت إلى أن الحدث لن يضر بالبيئة، مضيفاً أنه نفذ عمليات حرق مدروسة في محيط النصب التذكاري في وقت سابق من هذا الشهر، لخفض الأخطار. كما أعلن مسؤول كبير في وزارة الداخلية أن موارد ومعدات مكافحة الحرائق وُضعت في المنطقة.

وبالنسبة للإجراءات الاحترازية للوقاية من عدوى كورونا فإن المسئولين عن تنظيم الحدث لم يفرضوا شروط التباعد الاجتماعي، لكن مسؤولا في وزارة الداخلية قال إنه رفع لافتات في أنحاء المتنزه تحض الزوار على ارتداء الأقنعة عندما لا يمكنهم الابتعاد ستة أقدام عن الآخرين.

ويرى مراقبون أن ترامب يسعى دائمًا إلى كسر التقاليد المُتعارف عليها في هذه المناسبة الوطنية. ولعقود نظم الرؤساء الأمريكيون السابقون احتفالات سنوية عادية في ذكرى إعلان الاستقلالن وهي الاحتفالات التي تجذب في العادة مئات الآلاف من الأشخاص إلى حديقة ناشونال مول لحضور عروض موسيقية وألعاب نارية.

لماذا 4 يوليو؟

جدير بالذكر أنه في الرابع من يوليو/تموز 1776، أقر الكونجرس الأمريكي الوثيقة الرسمية النهائية للاستقلال، بالرغم من أن التصويت على إعلان الاستقلال كان قد تم قبل يومين.

وكتب كل من توماس جيفرسون وجون آدامز وبنجامين فرانكلين أنهم جميعًا وقعوا عليه في ذلك اليوم، غير أن معظم المؤرخين استنتجوا أن الإعلان تم توقيعهُ قبل قرابة شهر من اعتماده، وليس يوم 4 يوليو/تموز كما يُعتقد.

وفي مصادفة جديرة بالانتباه، كلاً من جون آدامز وتوماس جيفرسون، الموقعين الوحيدين لـ “إعلان الاستقلال” عملوا كرؤساء للولايات المتحدة، وكذلك توفيوا في اليوم نفسه في الرابع من تموز من عام 1826 م، الذي كان الذكرى الخمسين للإعلان.

ومن المفارقات أيضًا أن جيمس مونرو، رئيس الولايات المتحدة الخامس، توفي في 4 تموز 1831م، بالرغم من كونه من غير الموقعين لــ”إعلان الاستقلال”..

ووُلد كالفين كوليدج، الرئيس الـ 30 في 4 تموز 1872 م، وحتى اليوم هو الرئيس الوحيد الذي وُلد في عيد الاستقلال.

ما هو يوم الاستقلال؟

ويوم الاستقلال الأمريكي (Independence Day)، والمعروف شعبياً بالرابع من يوليو (بالإنجليزية: Fourth of July). هو عطلة فدرالية في الولايات المتحدة الأمريكية تتم بمناسبة اعتماد وثيقة إعلان الاستقلال في 4 يوليو من عام 1776، مُعلنةً استقلالها عن بريطانيا العظمى.

يشار إلى أن أمريكا كانت مكونة من مستعمرات بريطانية، عددها 13 مستعمرة، أجبرت جميعها على دفع الضرائب لملك إنجلترا جورج الثالث على الرغم من عدم وجود تمثيل لها بالبرلمان في لندن.

وخرجت المظاهرات ونشبت حالات العنف اعتراضًا على دفع الأمريكيين للضرائب دون تمثيل بالبرلمان البريطاني، وقام جورج الثالث بإرسال قوات من الجيش لإخماد هذه المظاهرة.

وفي عام 1776، اجتمع كونجرس المستعمرات الأمريكية بمدينة فيلادلفيا، واتفق ممثلوه على تكوين لجنة تقوم بكتابة مستند بهدف قطع العلاقات مع بريطانيا العظمى، وكان من ضمن أعضاء هذه اللجنة توماس جيفرسون وبينجامين فرانكلين وغيرهم من السياسيين المعروفين بالآباء المؤسسين.

وخلال الثورة الأمريكية، وقع الانفصال القانوني للمستعمرات الثلاثة عشر عن بريطانيا العظمى في 2 يوليو، 1776، عندما أعطى الكونجرس القاري الثاني موافقته على قرار الاستقلال الذي كان قد اُقترح في شهر يوليو من قبل ريتشارد هنري لي من ولاية فرجينيا مُعلناً أن الولايات المتحدة مُستقلة عن بريطانيا العظمى.

وبعد التصويت لصالح الاستقلال، حول الكونجرس اهتمامه إلى إعلان الاستقلال، الذي كان عبارة عن بيان يوضح هذا القرار، وقد أُعد من قبل لجنة مكونة من خمسة أشخاص، من ضمنهم توماس جيفرسون ككاتبها الأساسي. وقد قام الكونغرس بمناقشة ومراجعة الإعلان، حتى وافق أخيراً عليه في 4 يوليو من عام 1776.

وفي عام 1777 كانت المغرب أول دولة تعترف باستقلال الولايات المتحدة، حيث أصبحت أمريكا أول دولة يتم فيها إنهاء الاستعمار وإعلان الاستقلال عن بريطانيا العظمي.

تطور الاحتفالات

خلال أول احتفال بمرور عام من إعلان الاستقلال، تم إطلاق 13 طلقة نارية، مرة في الصباح وأخرى مع حلول المساء، في بريستول، وجهزت مأدبة عشاء رسمية للكونجرس والخبز المحمص، وألقت الخطب والصلوات والموسيقى واستعراض القوات، والألعاب النارية، كما زينت السفن في المواني بنفايات ملونة بألوان علم بريطانيا (أحمر وأبيض وأزرق).

وفي العام التالي بقاعة روس بالقرب من نيو برونزويك، احتفل الجنرال جورج واشنطن، بحصة مضاعفة من التحية المدفعية، عبر المحيط الأطلسي، وعقد السفيران جون آدمز وبنجامين فرانكلين مأدبة عشاء لزملائهم الأميركيين في باريس.

وفي عام 1779 صادف 4 يوليو يوم الأحد، العطلة في أمريكا، وتم الاحتفال بها يوم الاثنين 5 يوليو، وتجمعت فيه العائلات مع إقامة حفلات الشواء والموسيقى، والألعاب النارية.

وكانت الذكرى الرابعة مختلفة بعض الشيء حيث قررت الحكومة الأمريكية أن تجعل المحكمة العامة في ولاية ماساتشوستس أول هيئة تشريعية في الولاية احتفالا بعيد الاستقلال.

وفي عام 1783، أقامت مدينة وينستون سالم بولاية نورث كارولينا احتفالا ببرنامج موسيقي للملحن الأمريكي يوهان فريدريش بيتر، بعنوان “مزمور الفرح”، وكان أول حدث رسمي يقام في المدنية، فتم توثيقه بعناية من قبل الكنيسة المورافيا.

واستمرت الاحتفالات كما هي في جميع المدن حتى عام 1870، الذي أقر فيه الكونجرس الأمريكي يوم الاستقلال عطلة رسمية غير مدفوعة الأجر للموظفين الفيدراليين، أما عام 1938، جعل الكونجرس يوم الاستقلال عطلة فدرالية مدفوعة الأجر.

سيطرة الألعاب النارية

وتحظى الألعاب النارية في الرابع من يوليو بشعبية في جميع أنحاء الولايات المتحدة، بدءًا من المعرض المذهل في المول الوطني، وحتى عروض الألعاب النارية الأكثر تواضعا، ففي عام 2008، تم إطلاق 35 ألف قذيفة لمدة 30 دقيقة في نهر إيست وفي ميناء نيويورك، شاهده أكثر من 3 ملايين شخصًا.

وتتنوع الاحتفالات في يوم الاستقلال الأمريكي، بنفس القدر الذي تتنوّع به المدن والولايات نفسها، لكنها تكون ممتعة، لذلك فأينما كنت في الولايات المتحدة الأمريكية، فمن المؤكد أنك ستجد طريقة رائعة ومميّزة للاحتفال بذكرى الرابع من يوليو.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى

اشترك مجانا في القائمة البريدية ليصلك كل جديد

نحترم خصوصية المشتركين