ضربة ترامب لإيران.. عسكرية أم سياسية أم مزيد من العقوبات؟

تصريحات متضاربة صدرت على لسان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومسئولي إدارته بشأن كيفية الرد على الهجوم الذي تعرضت له منشآت النفط السعودية، والذي تؤكد العديد من المعلومات السعودية والأمريكية ان إيران هي من تقف خلفه.
تارة تتصاعد التصريحات إلى حد شن الحرب، ثم تقتصر على ضربات عسكرية محدودة، وتارة تنخفض إلى مستوى توقيع مزيد من العقوبات أو تهدأ إلى حد البحث عن حل سلمي.
وما بين هذا وذاك يبقى الرد المتوقع غامضًا حول كيفيته ومداه ومدى نجاعته في وقف الاعتداءات التي تتعرض له السعودية.
توتر متصاعد
ويشهد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران تصاعدًا متسارعًا منذ 8 مايو 2018، حينما أعلن الرئيس الأمريكي انسحاب بلاده من الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني، وفرض عقوبات موجعة على الجمهورية الإسلامية في قطاعات مختلفة بينها النفط، حيث تتهم واشنطن طهران بدعم الإرهاب والتدخل في شؤون الدول الأخرى.
وازدادت الأوضاع في المنطقة عقدة بعد أن تعرضت السعودية، في 14 سبتمبر الحالي، لهجوم واسع استهدف منشأتين نفطيتين لشركة “أرامكو” العملاقة شرق البلاد، وهما مصفاة بقيق لتكرير النفط وحقل هجرة خريص، تبنته قوات جماعة “أنصار الله” الحوثية اليمنية المدعومة إيرانيا والتي قالت إن العملية نفذت بـ 10 طائرات مسيرة.
سيناريوهات كثيرة
من جانبه اعتبر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أن حل القضية الإيرانية قد لا يتم عبر الطرق السلمية.
وقال ترامب، في مقابلة مع قناة “فوكس نيوز” الأمريكية، اليوم الخميس: “لنرى ماذا سيحدث، هناك سيناريوهات كثيرة قد تحصل، إذا تحقق الحل سلميا فهذا جيد، لكن من الممكن أن ذلك قد لا يحدث”.
وأضاف الرئيس الأمريكي: “لم تمتلك أبدا بلادنا في وقت سابق مثل هذه القوة العسكرية، ولم تكن حتى قريبة من ذلك”.
واعتبر ترامب: “من الممكن أن ترى إيران ضربة قوية جدًا، ونحن أقوى دولة عسكريًا في العالم مع تفوق كبير على الآخرين. وهذا حدث بعد أن جئت أنا، وكانت قواتنا مستنفدة آنذاك، لكن اليوم نحن أقوياء جدًا ولدينا طائرات وصواريخ ومعدات جديدة”.
من ناحية أخرى كشفت مصادر مطلعة أن الرئيس الأمريكي أمر البنتاجون بإعداد خيارات محتملة للرد على هذا الهجوم، فيما أعلن رسميًا عن نية واشنطن فرض عقوبات جديدة على طهران.
البنتاجون يترك القرار لترامب
من جانبها قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون)، الخميس، إن الرئيس دونالد ترامب هو من سيقرر طبيعة الرد على الهجوم على منشأتي شركة أرامكو السعودية، مؤكدة أن المؤشرات الحالية تظهر ضلوع إيران في الهجوم.
وفي مؤتمر صحفي عقد في مقر الوزارة بواشنطن، قال المتحدث باسم (البنتاجون) جوناثان هوفمان، إن الولايات المتحدة ستعمل مع السعودية بعد استكمال التحقيقات ومعرفة مصدر الهجمات، لافتا إلى أنه “لن نقفز إلى الاستنتاجات قبل استكمال كل التحقيقات”.
وأضاف هوفمان أن الجيش الأميركي سيقدم الخيارات المطروحة للرد على الهجوم الإرهابي إلى الرئيس دونالد ترامب، الذي سيقرر طبيعة الرد، مشيرًا إلى أن الهدف منه الردع وليس الحرب.
وشدد على أن المؤشرات الحالية تظهر أن إيران هي المسئولة عن الهجمات، لافتا إلى أن أسلحة متطورة بشكل غير مسبوق استخدمت في الهجوم. ولفت المتحدث إلى أن “هدفنا منع التصعيد وليس الحرب”
لماذا لا ترد السعودية؟
أما النائب بالكونجرس الأمريكي، آدم كيزينغر، الذي خدم في القوات المسلحة الأمريكية في كل من العراق وأفغانستان، فقال إن هناك 3 خيارات فيما يتعلق بالرد على إيران ومهاجمتها معملين لشركة أرامكو السعودية.
جاء ذلك في مقابلة مع CNN، حيث رد على سؤال مفاده: المملكة العربية السعودية أنفقت المليارات على الدفاع والتسليح، أليس من الأفضل أن تقود الرد على إيران، قائلا: “لنفكر بالموضوع، ضربة أمريكية ضد منشأة نفطية إيرانية أو الأسلحة التي استخدمت في هذه الضربة (هجوم أرامكو) وهذا رد جزئي أو ما أعتقد أنه يجب القيام به وهو استهداف مصالح إيرانية في سوريا، هذا سيكون ردا يترتب عليه ردود يمكن أن تكون أي شيء، وباعتقادي لن يكون هناك أي رد من إيران عليه”.
وتابع قائلا: “ماذا يحدث إن قامت المملكة العربية السعودية بذلك؟ (الرد العسكري على إيران) ولنكن واضحين في ذلك، إن ضربت السعودية إيران، حتى وإن كانت الضربة جزئية فباعتقادي أنها بذلك قد أشعلت حربا إقليمية.. رد سعودي مباشر ضد إيران، سيترتب عليه تداعيات أكبر بكثير على أمننا القومي مما سترتب على رد أمريكي”
3 خيارات
وأضاف: “أمامنا الاختيار من بين 3 أمور للرد على إيران، أعتقد أنه كان علينا الرد على هجوم الطائرات المسيرة، الأثر كان أشبه بخسارة 10 طائرات F-16، وبصراحة رأت إيران ذلك على أنه ضعف وهم يعودون إلى ذلك، وهنا لدينا 3 خيارات، إما ضرب منشأة نفطية إيرانية كرد جزئي، أو ضرب مواقع الأسلحة التي أطلقت هذا الهجوم أو وهذا ما أرجحه هو أهداف تابعة للحرس الثوري الإيراني في سوريا، فلديهم الكثير من القوات في سوريا، هذا البلد الذي يمر بوضع كارثي، وإسرائيل تقوم بضرب إيران في سوريا بشكل شبه أسبوعي ولا تقوم إيران بالرد”.
تحذير من المخاطر
فيما حذر وير الدفاع الأمريكي الأسبق، ليون بانيا، من المخاطر المترتبة على توجيه ضربة عسكرية أو عمل عسكري ضد إيران.
وأوضح بانيتا في مقابلة مع CNN: “كوزير كنا دوما قلقين من احتمال الذهاب وتوجيه ضربة لإيران، الأمر ليس ذاته كتوجيه ضربة لسوريا، فإيران لديها القدرة لاستخدام الصواريخ لضرب قواتنا والرد باستهداف قواعدنا وتحويل وتصعيد وتيرة الحرب بصورة سريعة”.
وتابع بانيتا قائلاً: “على الولايات المتحدة الأمريكية أن تكون حذرة في قرار ما إذا كانت ستستخدم عملاً عسكريًا هنا، لم يكن ذلك (هجوم أرامكو) عملاً عسكريًا ضد قواتنا، وعلى أمريكا الحذر من الانجرار إلى حرب من قبل المملكة العربية السعودية”.
وأضاف: “علينا اتخاذ قرار بناء على مصالحنا وأمننا القومي، وهذا ما يجب أن نقوم به هنا، لا ما يقوله ويريده الآخرون.. نعم يمكننا التنسيق والاستشارة مع السعودية ودول أخرى، ولكن عندما يتعلق الأمر بعمل عسكري، فإن هذا النوع من القرار يجب أن تتخذه أمريكا بمفردها وفي سبيلها فقط”.