أخبار

صحيفة فرنسية تكشف أكاذيب إسرائيل بشأن فظائع هجوم حماس يوم 7 أكتوبر

كشفت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية حقيقة الأكاذيب التي أطلقتها إسرائيل حول ما وصفته بالفظائع التي قالت إن مقاتلي حركة حماس ارتكبوها خلال هجومهم على إسرائيل يوم 7 أكتوبر الماضي، خاصة فيما يتعرق بقطع رؤوس الأطفال وحرقهم في الأفران.

وقالت الصحيفة في تحقيق لها إن التقييم شبه النهائي لما حدث خلال هذا الهجوم، بعد مرور أكثر من شهرين على حدوثه، يؤكد أن “الفظائع” المزعومة التي روجت لها إسرائيل لم تحدث مطلقًا، وكانت مجرد أكاذيب تم تداولها على أعلى المستويات لحشد الدعم الدولي لحربها المدمرة والانتقامية التي شنتها على قطاع غزة.

وبعد أن أصبحت النتائج النهائية لما حدث معروفة تقريبًا، حققت الصحيفة في تفاصيل الأعمال التي تم تصوير معظمها يوم 7 أكتوبر الماضي، وما تم الترويج له من مزاعم.

ولاحظ قسم التحقق من الأخبار بالصحيفة وجود العديد من القصص والشهادات المتضاربة وغير المؤكدة، مشيرة إلى أن البيانات المتاحة أكدت أن بعض “الفظائع” التي تم الترويج لها في البداية لم تحدث.

وقالت إن معظم الروايات الكاذبة تتعلق بمزاعم إساءة معاملة مقاتلي حماس للأطفال، من قتل وذبح وقطع رؤوس وحرق في أفران، والتي كانت في قلب حملة العلاقات العامة التي بدأتها إسرائيل قبل شهرين لحشد التعاطف والدعم الدولي.

وأوضح أنه تم الترويج لهذه الأكاذيب لعدة أسابيع من جانب رجال الإنقاذ المتطوعون والجنود ومسؤولي الجيش الإسرائيلي، بل وتم تداولها من جانب رأس الدولة والدبلوماسية الإسرائيلية، وضجت بها الصحافة العالمية، وكانت محورًا لتصريحات القادة السياسيين الغربيين وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي جو بايدن.

وتساءلت الصحيفة: هل قام رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أو وزارة الخارجية الإسرائيلية، أو زوجة الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، بنشر الأكاذيب عن عمد، بهدف حشد الدعم للرأي العام الدولي؟

تفنيد الأكاذيب

وذكرت الصحيفة الفرنسية أنه بعد 3 أيام من هجوم حماس سمح الجيش الإسرائيلي لصحفيين أجانب بالدخول إلى كيبوتس كفار عزة الواقع على بعد أقل من كيلومتر من قطاع غزة، وهناك ذكرت نيكول زيديك مراسلة القناة الإسرائيلية 24 أن “أحد القادة قال إن ما لا يقل عن 40 طفلا قتلوا”، وأضافت أنه أخبرها أن “بعضهم قطعت رؤوسهم. وقال إنه لم ير مثل هذه الأعمال الوحشية من قبل”.

وتكرر هذا البيان في وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم، ومن قبل السلطات الإسرائيلية التي غمرت به مواقع الانترنت والتواصل الاجتماعي لعدة أسابيع.

وودت الصحيفة أن هذه المعلومات تتعارض الآن مع الأرقام الرسمية التي تم إعلانها، لأن الشرطة الإسرائيلية أبلغت معهد التأمين الوطني الإسرائيلي بأسماء 789 جثة لمدنيين تم التعرف عليها من الذين قتلوا في هجوم حماس يوم 7 أكتوبر، وتم العثور على طفل واحد فقط بين أسماء هؤلاء المدنيين، وهو ما يؤكد أن مزاعم مقتل الـ40 طفلًا “غير دقيقة أو كاذبة”.

كما تطرقت الصحيفة إلى كذبة أخرى تتعلق بقط رؤوس الأطفال في كيبوتس كفار عزة، مشيرة إلى أنها جاءت من مصادر عسكرية، حيث روى العقيد غولان فاخ، قائد وحدة الإنقاذ الوطني التابعة للجيش الإسرائيلي، لوفد من البرلمانيين الفرنسيين إنه “نقل بنفسه جثث الأطفال المقطوعة الرأس”، وهي رواية لم تثبت صحتها بأدلة حتى الآن.

كما قال المقدم المتقاعد يارون بوسكيلا لصحيفة إيبوك تايمز إنه تحدث إلى حاخام زار كيبوتس كفار عزة، وأخبره أنه رأى “أطفالا معلقين في صف واحد على حبل الغسيل، بحمالات صدور لأمهاتهم”.

وكرر بوسكيلا الرواية نفسها في مقابلة مع موقع كيكار هاشابات الإخباري، مدعيا هذه المرة أنه رأى بأم عينيه “أطفالا رضعًا معلقين على حبل الغسيل”، وقد حذف الموقع المقابلة بسبب إبلاغه بعدم وجود أطفال ماتوا في كفار عزة.

كما روجت منظمة “زكا”، المسؤولة عن جمع الجثث، لقصص أخرى غير متسقة أو لم يتم التحقق منها، حول “الفظائع” التي ارتكبت، لكن عناصر هذه القصص بدت مشوهة إن لم تكن مخترعة.

ومن بين الأكاذيب التي تم الترويج لها أيضًا ما قاله، يوسي لانداو، أحد مسؤولي منظمة “زكا” حول اكتشاف جثث 20 طفلًا محروقًا في مستوطنة بئيري، حيث قال: “رأيت 20 طفلًا معًا، وأيديهم مقيدة خلف ظهورهم”، وتداول عدد كبير من وسائل الإعلام هذا التصريح.

كما تداول هذه الأكاذيب أيضًا رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ونقلها إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن، قائلًا له خلال حديث عبر الهاتف: “أخذوا عشرات الأطفال وقيدوهم وأحرقوهم وأعدموهم”، وأشارت الصحيفة الفرنسية أن هذه القصة تتناقض مع ما تم الكشف عنه اليوم، حيث قُتل 10 من عمال المناجم في بئيري.

كما روى يوسي لانداو، روايات متناقضة فيما يتعلق باكتشاف جثث عائلة في ببئيري تضم طفلين يبلغان من العمر 6 و11 عاما (أو 6 و7 سنوات، في رواية أخرى)، تعرضوا للتعذيب.

واختلقت التصريحات التي قدمها لانداو حسب وسائل الإعلام التي تحدث إليها، حيث تحدث أحيانًا عن أطفال يحرقون أحياء أمام أهاليهم، وأحيان أخرى عن عمليات التشويه التي لحقت بكل فرد من أفراد الأسرة.

وقالت الصحيفة إنه من المؤسف أن مسؤولين أمريكيين كرروا هذه المزاعم، ورددها وزير الخارجية أنتوني بلينكن يوم 31 أكتوبر الماضي أمام مجلس الشيوخ حيث قال: “صبي صغير وفتاة صغيرة، عمرهما 6 و8 سنوات، ووالداهما على مائدة الإفطار. اقتلعت عين الأب أمام أبنائه وقطع ثدي الأم، وبتر قدم الفتاة، وقطعت أصابع الصبي قبل إعدامهم”، علمًا بأنه لم يمت أي طفل عمره بين 6 و11 سنة في بئيري، بحسب التقارير المتوفرة.

وأمام زعماء الجمهوريين روج إيلي بير، مدير منظمة “يناتد هاتزلاه” غير الحكومية، لرواية أخرى كذبتها الصحيفة، تفيد بأنه رأى بعينه امرأة حاملًا في الشهر الرابع، دخلوا منزلها أمام أطفالها، وفتحوا بطنها، وأخرجوا الطفلة الصغيرة وطعنوها، ثم أطلقوا النار عليها أمام عائلتها.. ثم قتلوا بقية الأطفال، وفق زعمه.

وأضاف “رأيت أطفالا صغارًا مقطوعي الرأس، ورأينا طفلًا صغيرًا في الفرن. لقد وضع هؤلاء الأوغاد الطفل في الفرن وأشعلوا الفرن. لقد عثرنا على الطفل بعد بضع ساعات”، بحسب زعمه.

وقالت لينور أتياس، من المنظمة نفسها، في مقابلة مع قناة CNN في الأول من نوفمبر الماضي، إنها شاهدته في بئيري “فتاة صغيرة، تبلغ من العمر 8 أو 9 سنوات، قطعوا يدها وكانت لا تزال تتنفس، وكانت تلك أنفاسها الأخيرة بعد أن فقدت الكثير من الدماء لساعات”.

وأكدت الصحيفة أنه حتى الآن لم يتم العثور على أي معلومات مطابقة لمثل هذه الحالات، أو أدلة تؤكد صحتها. وخلصت الصحيفة إلى أن هذه الأكاذيب تمت صياغتها والترويج لها لدي السياسيين والمسؤولين وعلى شبكات التواصل الاجتماعي وفي أوساط الصحفيين، وذلك بهدف حشد التعاطف، وتعزيز دعم الرأي العام الدولي للحرب الانتقامية العنيفة التي شنتها إسرائيل على غزة.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى