أخبار العالم العربيتقارير

من يقتل منكوبي الزلزال في سوريا.. الأنقاض أم إغلاق المعابر وتأخر المساعدات؟

يبدو أنه قدر السوريين أن يواجهوا مزيجًا من الكوارث في وقت واحد، ويبدو أنهم سيظلون يحملون هَمّ مصيرهم وحدهم، دون أن يلتفت إليهم أحد، ووسط صمت وتجاهل دولي.

في تركيا وسوريا كان المُصاب واحد، ولم يفرق الزلزال بين البشر في البلدين، ولم تقف الحدود أمامه فعبرها بسهولة وأسقط المنازل على رؤوس ساكنيها، لكن البشر أنفسهم لم يعدلوا في التعامل مع ما أصاب الشعبين التركي والسوري من ألم ومعاناة، فانهالت المساعدات والدعم على تركيا التي تتمتع بالكثير من الإمكانيات لمواجهة الكارثة، بينما التفتت الأنظار على استحياء إلى سوريا.

وتوقف الدعم للسوريين عند حدود التصريحات، وحتى ما تجاوز التصريحات إلى مساعدات فعلية توقف أمام المعابر المغلقة والحصار الجائر المفروض من الداخل والخارج على شعب منكوب جراء الصراع المسلح الممتد منذ أكثر من 11 عامًا، وزاده الزلزال نكبة فوق نكبة.

كل تأخير يعني مزيد من الضحايا

الوقت يمر، والساعات القادمة حاسمة في عمليات إنقاذ الضحايا المحاصرين تحت الأنقاض، وكلما استمر الحصار وإغلاق المعابر وتأخر وصول المساعدات، تضاءلت فرص المحاصرين تحت الأنقاض في الحصول على فرصة لإنقاذهم من موت محقق وسط الركام والبرد القارس.

وفي هذا الإطار حذرت فرق الإنقاذ من خطورة الوضع في الشمال السوري، مؤكدة أن كل ساعة تأخير في إيصال المساعدات إلى المنطقة التي دمرها الزلزال تقابلها 50 حالة وفاة.

وقال حسين بازار وزير الصحة في حكومة المعارضة، شمال غربي سوريا لـ”العربية” إن القطاع الطبي يقف عاجزًا عن استيعاب حجم الكارثة، وأضاف: “الوضع أكبر من قدرتنا على الاستيعاب، هناك عشرات الأبنية المتهدمة لا تزال فوق رؤوس سكانها، والمنطقة بحاجة لتحرك دولي عاجل لإيصال المساعدات الطبية اللازمة”.

نداء أممي

من جانبه قال المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، إن العقوبات الأمريكية والغربية المفروضة على سوريا تمنع وصول المساعدات لمتضرري الزلزال، داعيًا إلى تنحية كل الخلافات السياسية لضمان حصول السوريين على الدعم العاجل.

وأضاف أن “الدمار الذي خلّفه الزلزال لا يمكن تصوره، والسوريون في كل المناطق المتضررة في أمسّ الحاجة للدعم العاجل وبأسرع الطرق”، وفقًا لموقع “العربية“.

فيما دعت الأمم المتحدة الحكومة السورية إلى تنحية الخلافات السياسة جانبًا وتسهيل إيصال المساعدات إلى المناطق المنكوبة بفعل الزلزال في شمال غرب سوريا.

وقال منسق الأمم المتحدة المقيم في سوريا، المصطفى بن المليح “ضعوا السياسة جانباً ودعونا نقوم بعملنا الإنساني.. لا يمكننا تحمل الانتظار والتفاوض.. ففي الوقت الذي نتفاوض فيه، سيكون قد قُضي الأمر”.

وأشار بن المليح إلى أن العقوبات على سوريا تضر بالعمل الإنساني فيها، ومنعت وصول مساعدات مادية بملايين الدولارات للمتضررين من الزلزال.

لا عبور للمساعدات

ورغم كل التصريحات وما يتردد حول إرسال ووصول مساعدات تشير العديد من المصادر إلى أنه لم تصل أي مساعدات دولية حتى الآن إلى المناطق المنكوبة في الداخل السوري.

وتقول المصادر إن كل الحديث عن وصول المساعدات الدولية أو فرق الإنقاذ إلى شمال غرب سوريا، عارٍ عن الصحة تمامًا، ولا تزال المناطق المنكوبة تعاني من نقص المعدات والإمكانيات، وانهيار طواقم الإنقاذ بسبب الجهد الكبير والعمل المتواصل لحوالي 60 ساعة.

وهذا ما أكده مهند هادي منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية، حيث قال إن دخول المساعدات متوقف منذ وقوع الزلزال المدمر.

وأشار إلى أن الأمم المتحدة تأمل في استئناف شحنات المساعدات الحيوية عبر الحدود من تركيا إلى شمال غرب سوريا غدًا الخميس.

وتقول المصادر إلى أنه من المقرر أن تدخل 6 شاحنات من المساعدات الأممية غدًا الخميس، لكن المعلومات تشير إلى أنها تحمل مساعدات غير مخصصة لإغاثة منكوبي الزلزال، وأنها مساعدات أخرى كان من المقرر إدخالها قبل وقوع الزلزال، وسيتم إدخالها غدًا بشكل تجريبي.

وحول ما يتردد عن دخول مساعدات من معبر باب الهوى أكدت المصادر أنه لم يدخل أي شئ عبر المعبر، ولم يتم فتح المعابر أمام المساعدات حتى الآن، وما وصل حتى الآن مساعدات بسيطة قدمتها مجموعة متطوعة من مصريين مقيمين في تركيا.

وأشارت إلى أن معبر باب الهوى مفتوح فقط أمام عبور جثامين السوريين الذين لقوا مصرعهم جراء الزلزال في تركيا، لكن لم يتم فتحه لنقل المساعدات.

استغلال النظام السوري للأزمة

تشير العديد من التقارير إلى أن نظام بشار الأسد يستغل مأساة الزلزال لأغراض سياسية، حيث يسعى النظام السوري للسيطرة على المساعدات وتولي مهمة توزيعها حتى في المناطق التي تخضع للمعارضة.

وفي هذا الإطار قال السفير السوري لدى الأمم المتحدة، بسام الصباغ، إن بلاده يجب أن تكون مسؤولة عن إيصال جميع المساعدات إلى سوريا، بما في ذلك تلك الموجهة للمناطق التي لا تخضع لسيطرة النظام.

فيما قال رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، لموقع “الحرة” إن المساعدات القادمة من دول عربية وصلت إلى مطارات سوريا، ولم يتم توزيعها حتى في المناطق التي يسيطر عليها النظام.

وأضاف أن النظام السوري يرغب في السيطرة على توزيع المساعدات، لأنه يعتقد أن ذلك قد يمنحه الفرصة للعودة إلى المجتمع الدولي والخروج من العزلة المفروضة عليه.

ويسمح النظام السوري بدخول المساعدات إلى منطقة الشمال عبر معبر حدودي واحد فقط، ويرفض فتح معابر أخرى، لأنه يرى أن ذلك يقوض سيادته ويقلل فرصه لاستعادة هذه المناطق، وفق صحيفة “الغارديان” البريطانية.

ووفقًا لتقرير نشرته شبكة CNN فإنه على عكس تركيا، التي تلقت دعمًا كبيرًا من عشرات البلدان، يخشى أن يتم إهمال الضحايا في سوريا.

وأشارت الشبكة إلى أنه حتى الآن أرسلت الإمارات والعراق وإيران وليبيا ومصر والجزائر والهند بالفعل مواد إغاثة مباشرة إلى المطارات التي يسيطر عليها النظام السوري.

بينما تعهدت دول أخرى مثل أفغانستان والسعودية وقطر وعمان والصين وكندا والفاتيكان بتقديم مساعدات، لكن من غير الواضح ما إذا كان سيتم إرسالها مباشرة إلى النظام، أم إلى المناطق المتضررة.

بينما يصر النظام على توجيه جميع المساعدات إلى العاصمة دمشق، اعتقادًا منه أن وصول طائرات المساعدات من دول كثيرة إلى مطاراته قد تفك عزلته الدولية وترفع الحصار المفروض عليه.

المعابر والحصار

ومع تأزم الوضع الإنساني بعد الزلزال تجدد الحديث حول الحصار وإعلاق المعابر ومنع وصول المساعدات للشعب السوري، ويتم تبادل الاتهامات بين النظام السوري والمعارضة والمجتمع الدولي.

فالنظام السوري يؤكد أن العقوبات التي يفرضها المجتمع الدولي تعرقل جهود إنقاذ منكوبي الزلزال في المحافظات المتضررة، وقال رئيس اللجنة العليا للإغاثة في سوريا، حسين مخلوف، إن العقوبات تسببت في عدم قدرة الدولة على تعويض نقص الآليات، التي كانت ستمكنها من مواجهة تداعيات الزلزال.

بينما تعتبر المعارضة أن رفع العقوبات يعني مجدداً تمكين النظام السوري من إعادة فرض سيطرته على البلاد، وفقًا لـ”العربية“.

من جانبها أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان لها إن العقوبات لا تستهدف المساعدات الإنسانية وتسمح بها في كل سوريا. وأضافت أنها تتحرك بسرعة لتقديم المساعدات لمتضرري الزلزال في شمال غرب سوريا، موضحة أن تقديم المساعدات لكافة المناطق سيكون بحسب تقييم الاحتياجات.

في حين قالت المفوضية الأوروبية إن النظام في سوريا طلب للمرة الأولى المساعدة من الاتحاد الأوروبي، وهناك تشجيع للدول الأعضاء في الاتحاد للمساهمة بمساعدات تلبية لهذا الطلب، لكن نحتاج إلى ضمانات كافية لضمان وصول المساعدات المقدمة إلى المحتاجين.

يشار إلى أن القسم الأكبر من المساعدات الإنسانية المخصصة لشمال غربي البلاد يمر من تركيا عبر معبر باب الهوى، وهو نقطة العبور الوحيدة التي يضمنها قرار مجلس الأمن الدولي.

فيما شددت الأمم المتحدة مراراً في السنوات الأخيرة على أن نقل المساعدات عبر خطوط الجبهة – الذي يسلتزم موافقة النظام – غير كاف لتلبية حاجات السكان في شمال غربي سوريا.

في هذه الأثناء أكدت إدارة معبر باب الهوى، عدم وصول أي معونات دولية عبر المعبر حتى هذه اللحظة، وأكد مصدر في الإدارة أن المعبر استقبل جثامين الضحايا لا المساعدات.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى

اشترك مجانا في القائمة البريدية ليصلك كل جديد

نحترم خصوصية المشتركين