قيس سعيد رئيسًا لتونس بعد فوز كاسح بنسبة 77%

تونس- هاجر العيادي
فاز المرشح المستقل وأستاذ القانون الدستوري قيس سعيّد (61 عامًا) برئاسة تونس، بعد تصدره نتائج الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية التونسية التي جرت اليوم الأحد، محققًا فوزًا كاسحًا على منافسه رجل الأعمال نبيل القروي، بحصوله على نسبة 77% من إجمالي أصوات الناخبين، حسب ما أعلنه التلفزيون الرسمي التونسي.
ووفقا لنتائج الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة “سيغما كونساي” فقد نال سعيد 76.9 في المئة من الأصوات، في حين حاز القروي 23.1 في المئة من الأصوات.
في المقابل اكتفى القروي بتبرير هزيمته بكونه لم تكون لديه فرص التكافؤ لتحقيق النصر مشيرًا إلى أنه سيقرر خطواته التالية بعد الإعلان الرسمي عن نتائج الانتخابات.
انتهاء عهد الوصاية
كما أعلن قيس سعيّد فوزه برئاسة تونس، في مؤتمر صحفي عقده أمام مقر حملته الانتخابية، مؤكدًا “انتهاء عهد الوصاية”، كما شدد على أن “مشروعه يقوم على الحرية”، مؤكدًا على “ثورة بمفهوم جديد”.
وفي هذا الصدد قال سعيد إن “الشعب التونسي يدخل اليوم مرحلة تاريخية جديدة يستلهم الآخرون العبر منها”.
ووجه سعيد الشكر لكل من انتخبه ومن لم ينتخبه، كما شكر الشعب التونسي في كل مكان، ووصف الفترة المقبلة “بصفحة جديدة في التاريخ”.
وقال سعيد: “شكرا للذي انتخبني ولمن لم ينتخبني، شكرا لشعب تونس العظيم في كل مكان، شكرا للشباب والشيوخ وحتى الأطفال، الذين فتحوا صفحة جديدة في التاريخ، اليوم أعطيتم درسا للعالم كله”.
وأضاف سعيد: “هي ثورة بمفهوم جديد، ثورة بإطار الدستور، فليطمئن الجميع بأنني سأحمل الرسالة والأمانة بأعبائها وأوزارها بكل صدق، ونحاول نبني تونس جديدة”.
وأضاف أن “الدولة ليست أشخاص، وليطمئن الكثيرون بأننا نعرف حجم المسؤولية، ومعنى الدولة التي يجب أن تستمر”.
وشدد قيس سعيد على أن “ثقة التونسيين به لن تذهب سدى”. وأضاف، “الشعب يريد، وها أنتم اليوم تحققون بإذن الله ما تريدون.. الدولة ستستمر بقوانينها وتعهداتها الدولية، فهي ليست أشخاصا، وليطمئن الكثيرون وليعلموا أننا نعي ما نقول، لأننا نعرف حجم المسؤولية وما معنى الدولة التي يجب أن تستمر”.
وتابع، “علاقاتنا في الداخل ستبنى على الثقة والمسؤولية، فنحن بحاجة إلى تجديد الثقة بين الحكام والمحكومين (المواطنين)، وسنعمل في إطار الدستور والاحترام الكامل لقواعده”.
قضايا العرب
وشدد السياسي التونسي على أنه سيعمل على الجبهة الخارجية من أجل القضايا العادلة، “وعلى رأسها وأولها القضية الفلسطينية”. وقال: “أتمنى أن نبني علاقة جيدة مع الأمم والشعوب”.
وأشار سعيد إلى أن أولى محطاته الخارجية ستكون الجزائر، متمنيًا في الوقت ذاته زيارة ليبيا، كما وجه تحية خاصة لأبناء فلسطين، وتعهد بالعمل على دعم القضية الفلسطينية.
وأشار سعيد إلى أن تونس” ستعمل من أجل القضايا العادلة، وأولها القضية الفلسطينية، تمنيت أن يكون العلم الفلسطيني بجانب العلم التونسي”.
احتفالات التونسيين
وعقب إعلان النتائج الأولية للانتخابات خرج أنصار قيس سعيد في عدة محافظات للاحتفال بانتصاره، وتجمع مئات من أنصار سعيّد في مقر حملته الانتخابية بشارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة، وهتفوا “الشعب يريد قيس سعيّد” و”تحيا تونس”، مرددين النشيد الوطني التونسي. وفقا لفرانس برس.
وهنأت حركة “النهضة” ذات المرجعية الإسلامية قيس سعيّد، ودعت أنصارها “للالتحاق والاحتفال مع الشعب التونسي بشارع الثورة” في وسط العاصمة.
سير الانتخابات
من جانبها قالت الهيئة العليا للانتخابات في تونس إن نسب الإقبال على الانتخابات الرئاسية في الجولة الثانية وصلت إلى 57.8 بالمئة.
كما أشارت إلى أن أكثر من 90 ألف تونسي في الخارج أدلوا بأصواتهم في جولة الإعادة، بينما تستمر عملية فرز أصوات الناخبين.
وكانت مراكز الاقتراع قد أغلقت أبوابها الساعة 17:00 بتوقيت غرينتش الأحد، بالجولة الثانية الحاسمة من انتخابات الرئاسة في تونس، بين قطب الإعلام نبيل القروي وأستاذ القانون المتقاعد قيس سعيد.
وفي تصريح سابق لـ”سكاي نيوز عربية”، قال رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات التونسية، نبيل بفون، إنه قد يعلن عن اسم الرئيس الجديد لتونس، بشكل رسمي غدًا الاثنين.
وأضاف أن “العملية الانتخابية تسير بشكل سلس.. سجلنا بعض المخالفات وخرق للصمت الانتخابي، لكنها لا تؤثر على النتائج”.
من جهة أخرى تحدث الهيئة عن مراقبي الانتخابات حيث قدرتها بنحو 6 آلاف ملاحظ من 6 منظمات أهلية، إلى جانب إلى سبعمائة ملاحظ أجنبي كانوا يراقبون سير عمليات الاقتراع، مشيرة إلى أنها منحت أكثر من 33 ألف اعتماد لممثلي المترشحين المتنافسين في الجولة الثانية لمراقبة سير الاقتراع.
من جهته قال رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات الرئاسية في تونس فابيو ماسيمو كاستالدو إن الاقتراع جرى بطريقة سلسة، احترمت فيها القوانين الانتخابية، ولم تشهد أي إخلالات واضحة.
كما أضاف كاستالدو أن بعثة الاتحاد عاينت عدم وجود مراقبين عن المرشحين أو ملاحظين في عدد من مكاتب الاقتراع.
كبار السن أكثر من الشباب
على صعيد آخر انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات توثق توافد الشيوخ وكبار السن إلى صناديق للاقتراع للإدلاء بأصواتهم، في حين كانت التوقعات تشير إلى إقبال أعلى للشباب على صناديق الاقتراع في فترة ما بعد الظهر.
تصويت بالخارج
وفي الوقت الذي كان التونسيون يدلون باصواتهم في مراكز الاقتراع واصل الناخبون التونسيون في الخارج البالغ عددهم نحو 400 ألف عملية الاقتراع لليوم الثالث والأخير.
وقد بلغت نسبة المقترعين بالخارج خلال اليومين الماضيين نحو 14%، وتوقعت هيئة الانتخابات أن تزيد نسبة المشاركة بنهاية اليوم الثالث للاقتراع.
من هو قيس سعيد؟
هو قيس ابن منصف سعيد من بني الخير (الرأس الطيب)، وينتمي لعائلة مثقفة. كان عمه هشام سعيد أول جراح للأطفال في تونس ، والمعروف في جميع أنحاء العالم بفصل التوائم السيامية في السبعينيات.
حياته الشخصية
متزوج من اشراف شبيل، وهي قاضية ومستشارة بمحكمة الاستئناف ووكيل رئيس المحكمة الابتدائية بتونس، وله منها ثلاثة أولاد.
مؤهلاته العلمية
شهادة الدراسات المعمقة في القانون الدولي العام من كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس 1985. دبلوم الأكاديمية الدولية للقانون الدستوري تونس 1986. دبلوم المعهد الدولي للقانون الإنساني بسان ريمو إيطاليا 2001.
مسيرة مهنية
هو أستاذ جامعي تونسي، مختص في القانون الدستوري. وعمل كمدرس بكلية الحقوق والعلوم الاقتصادية والسياسية بسوسة 1986-1999، ومدرس بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس منذ 1999، ومدير قسم القانون العام بكلية الحقوق والعلوم الاقتصادية والسياسية بسوسة 1994-1999.
وشغل منصب الأمين العام للجمعية التونسية للقانون الدستوري بين عامي 1990 و1995، وكان نائب رئيس المنظمة منذ عام 1995. كما كان خبيرًا قانونيًا في جامعة الدول العربية والمعهد العربي لحقوق الإنسان.
حيث كان عضو فريق خبراء الأمانة العامة لجامعة الدول العربية المكلف بإعداد مشروع لتعديل ميثاق جامعة الدول العربية 1989-1990
وكان سعيد أيضًا عضوًا في لجنة الخبراء التي دعيت لتقديم تعليقاتها على مشروع الدستور التونسي في عام 2014.
واشتهر بإتقانه للغة العربية ومداخلاته الأكاديمية المميزة للفصل في الإشكاليات القانونية المتعلقة بكتابة الدستور التونسي بعد الثورة.
الترشح للانتخابات الرئاسية
في 15 سبتمبر 2019، وفقًا لنتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، والتي ترشح لها سعيد كمرشح مستقل حقق بشكل غير متوقع أفضل نتيجة ليأتي في المركز الأول (18.8%)، يليه مباشرة نبيل القروي بنسبة (15.7%) ممثلاً حزب قلب تونس المنشأ حديثا قبيل الانتخابات بفترة قصيرة، لينتقلا معا إلى الجولة الثانية.
وبحلول هذا الوقت، كان سعيد قد اكتسب شهرة كسياسي غير عادي: فلقد رفض الأموال المخصصة لتمويل حملته من قبل الدولة، على الرغم من أنه كان لديه الحق القانوني لنيلها، وجمع وديعة ضمان قدرها 10000 دينار (حوالي 3000 يورو) للتسجيل في القائمة النهائية للمرشحين وذلك باللجوء للاستدانة من بين أفراد عائلته.
يعد قيس سعيد من العائلة السياسية الثورية في تونس بما أن شعار حملته كان “الشعب يريد” واستطاع بهذه الحملة البسيطة أن يكسب صوت ما يقرب 700,000 ناخب تونسي، وقد فسر بعض المراقبين نجاحه بأنها خيبة أمل المجتمع في الطبقة السياسية التقليدية للبلد وتفضيلها لوجوه جديدة قد تحقق ما لم يستطع من سبقهم أن يحققها.
وكما كان متوقعاً فقد فاز قيس سعيد في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية التي جرت يوم 13 أكتوبر 2019 بعد تحقيقه أغلبية أصوات الناخبين التونسيين.
في النهاية قال الشعب التونسي كلمته، وصوت لمن رآه الأفضل لقيادة تونس في المرحلة القادمة، فهل سيكون قيس سعيد محل تلك الثقة التي منحها له شعبه…الأيام القادمة وحدها من ستوضح ذلك.