أخبارأخبار العالم العربيهجرة

عدد النازحين في العالم يحطم رقمًا قياسيًا.. والمأساة تتفاقم في غزة وسوريا والسودان

ارتفعت أعداد عدد المُهجّرين قسرًا والنازحين إلى مستويات تاريخية جديدة في جميع أنحاء العالم خلال العام الماضي، وفقا لتقرير الاتجاهات العالمية للنزوح القسري 2024 الذي أصدرته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، اليوم الخميس.

ويعرض التقرير الاتجاهات الإحصائية الرئيسية وآخر الإحصاءات الرسمية بشأن اللاجئين وطالبي اللجوء والنازحين داخلياً وعديمي الجنسية في جميع أنحاء العالم.

ووفقًا للتقرير فإنه حتى نهاية العام الماضي 2023، نزح حوالي 117.3 مليون شخص قسريًا في جميع أنحاء العالم نتيجة الاضطهاد والصراع والعنف وانتهاكات حقوق الإنسان والأحداث التي تزعزع النظام العام بشكل خطير.

وتمثل هذه الزيادة ارتفاعاً بنسبة 8 بالمائة، أو ما مجموعه 8.8 مليون شخص، مقارنة بنهاية عام 2022، كما أنها تعد استمراراً لسلسلة من الزيادات السنوية المتعاقبة على مدى السنوات الـ 12 الماضية.

وأشار التقرير إلى أن 1.5 بالمائة من سكان العالم بأسره أصبحوا الآن في عداد النازحين قسراً – أي واحدٌ من بين كل 69 شخصاً – ويقارب ذلك ضعف ما كان عليه عدد النازحين قسراً قبل عقد من الزمن، أي واحد من كل 125 شخص.

زيادة سنوية

وتشير تقديرات المفوضية إلى أن أعداد النازحين قسريا شهدت زيادة أيضا في الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري 2024، ورجحت أن يكون العدد قد تجاوز 120 مليونا بحلول نهاية أبريل الماضي، مشيرة إلى أنه جرى تسجيل زيادة سنوية في عدد النازحين قسرا على مدى السنوات الـ12 الماضية.

وأوضحت أن من شأن هذا الرقم أن يجعل عدد النازحين العالمي يعادل تقريبا عدد سكان دولة بحجم اليابان التي تحتل المرتبة الثانية عشرة في قائمة أكبر دول في العالم.

وأكدت أن هذا الارتفاع في أعداد النازحين يعكس الصراعات الجديدة والمتحولة والفشل في حل الأزمات طويلة الأمد، مشيرة إلى أن أعداد النازحين قد تشهد ارتفاعًا أكبر إذا لم يتم اتخاذ تعديلات سياسية عالمية واسعة تحد من ذلك.

الصراعات والحروب

وأوضح المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي أن هذا الرقم الذي كشف عنه التقرير يشمل “اللاجئين وطالبي اللجوء والنازحين داخليًا ممن اضطروا للنزوح بسبب الصراعات والاضطهاد وأشكال من العنف متباينة ومعقدة”.

وأضاف أن الصراعات ما زالت تشكل دافعا كبيرا للنزوح، وقال غراندي “ما لم يكن هناك تحول في الجغرافيا السياسية الدولية فإنني أرى للأسف أن هذا الرقم مستمر في الارتفاع”.

وجاءت أكبر زيادة في أرقام النزوح من الأشخاص الفارين من الصراعات الذين ظلوا في بلدانهم، حيث ارتفع العدد إلى 68.3 مليون شخص وفقا لمركز رصد النزوح الداخلي – بزيادة تقرب من 50 في المائة على مدى خمس سنوات.

وارتفع عدد اللاجئين وغيرهم ممن يحتاجون إلى الحماية الدولية إلى 43.4 مليونا عند تضمين أولئك الخاضعين لولاية المفوضية والأونروا.

وتستضيف البلدان المجاورة الغالبية العظمى من اللاجئين، حيث يقيم 75 في المائة منهم في بلدان منخفضة ومتوسطة الدخل تنتج معا أقل من 20 في المائة من دخل العالم.

السودان وغزة وسوريا

ووفقًا للتقرير تظل سوريا صاحبة أكبر أزمة نزوح في العالم، حيث نزح 13.8 مليون شخص قسرًا داخل البلاد وخارجها. كما تشمل الصراعات التي أدت إلى زيادة حركات النزوح الحرب في السودان التي وصفها غراندي بأنها “إحدى أكثر الحروب كارثية”، ورغم ذلك فإنها لا تحظى باهتمام يذكر مقارنة بالأزمات الأخرى.

وأشار التقرير إلى أن الصراع المدمر في السودان أدى إلى تشريد 10.8 مليون شخص بنهاية عام 2023. وأوضح غراندي أن أكثر من 9 ملايين شخص نزحوا داخليًا في السودان، في حين هرب نحو مليوني شخص إلى دول مجاورة، من بينها تشاد ومصر وجنوب السودان. وقال المسؤول الأممي إن “الناس يصلون بالمئات كل يوم” إلى الدول المجاورة للسودان هربا من ويلات الحرب.

وفي قطاع غزة بفلسطين تسبب القصف الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من 8 أشهر والاجتياح البري العسكري الإسرائيلي للقطاع في نزوح نحو 1.7 مليون شخص داخليًا، ويمثل هذا الرقم نحو 80% من سكان غزة، كثير منهم اضطروا للنزوح مرات عدة، وفقًا للتقرير.

وحذر غراندي من أن أي عمليات نزوح محتملة لسكان غزة إلى مصر عبر مدينة رفح الحدودية الجنوبية هربًا من الهجوم الإسرائيلي ستكون كارثية.

وقال إن “حدوث أزمة لاجئين أخرى خارج غزة سيكون كارثيا على جميع المستويات، لأنه ليس لدينا ضمان بأن الناس سيتمكنون من العودة إلى غزة في المستقبل”.

اللاجئون

وفقًا للتقرير فقد ازداد عدد اللاجئين حول العالم بنسبة 7 بالمائة، ليصل إلى 43.4 مليون شخصٍ خلال هذا العام. ويتضمن هذا العدد 31.6 مليون لاجئ وشخص في وضع شبيه بوضع اللاجئ، و5.8 مليون شخصٍ آخرين بحاجة للحماية الدولية تحت ولاية المفوضية، فضلاً عن 6 ملايين لاجئ فلسطيني تحت ولاية وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا). وقد أصبح عدد اللاجئين أكثر بثلاثة أضعاف مما كان عليه قبل عقدٍ من الزمن.

وتأتي النسبة الأكبر من اللاجئين على مستوى العالم من سوريا وأفغانستان – حيث يبلغ عدد اللاجئين من كل من البلدين 6.4 مليون لاجئ، وكلاهما يعادلان معاً ثلث اللاجئين ممن هم تحت ولاية المفوضية – وتليهما فنزويلا (6.1 مليون لاجئ وسواهم من الأشخاص المحتاجين للحماية الدولية) وأوكرانيا (6.0 مليون لاجئ).

ويبقى معظم اللاجئين قريبين من الدول التي يتحدرون منها، علماً بأن 69 بالمائة كانوا يعيشون في دول مجاورة لبلدانهم في نهاية عام 2023. وما زالت الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط تستضيف الغالبية العظمى من اللاجئين، أي 75 بالمائة يعيشون في هذه البلدان.

النازحون داخلياً

لا يعبر أغلب الأشخاص الذين يضطرون للفرار من ديارهم الحدود الدولية، بل يبقون داخل بلدانهم، وهم يعرفون بتسمية “النازحون داخلياً” ويمثلون نسبة 58 بالمائة من مجمل تعداد الأشخاص النازحين قسراً.

في نهاية عام 2023، بقي 68.3 مليون شخص في عداد النازحين داخلياً بسبب الصراعات والعنف. واضطر ما يقدر بنحو 9.1 مليون شخص للنزوح داخل السودان، وهو أكبر عدد من النازحين داخلياً أفيد عنه على الإطلاق، تليه سوريا (7.2 مليون)، وجمهورية الكونغو الديمقراطية (6.7 مليون).

الحلول

وأظهر التقرير أنه في جميع أنحاء العالم، عاد أكثر من 5 ملايين نازح داخليا ومليون لاجئ إلى ديارهم في عام 2023. وتُظهر هذه الأرقام بعض التقدم نحو حلول أطول أمدا. وكان نحو 62 بالمائة من إجمالي النازحين العائدين داخل جمهورية الكونغو الديمقراطية (1.8 مليون) وأوكرانيا (1.3 مليون).

ففي عام 2023، قرر نحو 1.1 مليون لاجئ من 39 دولة العودة إلى ديارهم من 93 دولة كانوا قد لجأوا إليها. وقد شكل الأوكرانيون أو جنوب السودانيين أربعة أخماس العائدين. ومع ذلك، نظراً لأن معظم حالات العودة حدثت في سياقات لا تساعد تماماً على العودة بأمان وكرامة، فإنها قد لا تكون مستدامة.

وفقاً للبيانات الحكومية الرسمية، فقد جرت إعادة توطين 158,700 لاجئ في بلدان ثالثة في عام 2023، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 35 بالمائة (40,000) مقارنة بالعام السابق. وعلى الرغم من الارتفاع الكبير في الأعداد، إلا أن هذا لا يمثل سوى 8 المائة مما يقدر بنحو 2 مليون شخص على مستوى العالم حددتهم المفوضية على أنهم بحاجة إلى إعادة التوطين. وحصل 30,800 لاجئ آخر على جنسية البلد المضيف لهم خلال العام وتم إدماجهم محلياً.

وقال فيليبو غراندي إن اللاجئين والمجتمعات التي تستضيفهم يحتاجون إلى التضامن والمساعدة، مضيفا أن هؤلاء اللاجئين يمكنهم المساهمة في المجتمعات عندما يتم إدماجهم. وبالمقابل أوضح أن عودة ملايين الأشخاص إلى ديارهم خلال العام الماضي يعد بمثابة بارقة أمل مهمة. وأضاف: “الحلول موجودة – لقد رأينا دولا مثل كينيا تقود الطريق في إدماج اللاجئين – لكن الأمر يتطلب التزاما حقيقيا”.

النزوح القسري وتغير المناخ

وقدم التقرير تحليلا جديدا لأزمة المناخ وكيف تؤثر بشكل متزايد وغير متناسب على النازحين قسرً، موضحًا أن تغير المناخ يؤدي إلى تفاقم احتياجات الحماية والمخاطر التي يواجهها النازحون قسراً ويتسبب في نشوء حالات نزوح جديدة ومستمرة وطويلة الأمد.

وقال إن الظواهر الجوية القاسية، مثل الجفاف والفيضانات والحرارة الشديدة، باتت أكثر تواتراً وشدةً، وقد أثرت في كثير من الأحيان على البلدان التي تعاني من صراعات جديدة أو قائمة.

وأكد التقرير أنه بدون التحرك على نحوٍ عاجل للتكيف والوقاية بغرض معالجة الخسائر والأضرار، من المتوقع أن تطال تأثيرات تغير المناخ – بشكل متزايد وغير متكافئ – الدول والمجتمعات المعرضة للمخاطر الناجمة عن المناخ، بما في ذلك النازحون قسراً.

وقال إنه نظرا للتحديات الهائلة التي يواجهها 120 مليون نازح قسرا والموضحة في التقرير، تظل المفوضية ثابتة في التزامها بتقديم نهج وحلول جديدة لمساعدة الأشخاص الذين أجبروا على الفرار من ديارهم، أينما كانوا.

تحرك عاجل

وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي: “وراء هذه الأرقام الصارخة والمتزايدة تكمن مآس إنسانية لا يمكن حصرها. ويجب أن تحفز هذه المعاناة المجتمع الدولي على التحرك بشكل عاجل لمعالجة الأسباب الجذرية للنزوح القسري”.

وأضاف المفوض السامي أن الوقت قد حان كي تحترم الأطراف المتحاربة القوانين الأساسية للحرب والقانون الدولي. “والحقيقة هي أنه بدون تعاون أفضل وجهود متضافرة لمعالجة الصراع وانتهاكات حقوق الإنسان وأزمة المناخ، ستستمر أرقام النزوح في الارتفاع، مما يجلب بؤسا جديدا واستجابات إنسانية باهظة التكلفة”.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى