أخبار أميركاتقارير

كيف ستؤثر أزمة السيناتور مينينديز على مصر وبايدن والحزب الديمقراطي؟

لا زالت أزمة السيناتور الديمقراطي، بوب مينينديز، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، تلقي بظلالها على الساحة السياسية في أمريكا وخارجها.

ويشير الكثير من المراقبين إلى أن مينينديز، الذي يواجه اتهامات بالرشوة والفساد هو وزوجته نادين أرسلانيان، سيتسبب في أزمة داخلية كبيرة للرئيس بايدن الذي خسره كحليف مهم في الكونغرس، وكذلك للحزب الديمقراطي الذي يحافظ بالكاد على أغلبية ضئيلة في مجلس الشيوخ، وقد يفقدها بسبب هذه الأزمة التي قد تجبر مينينديز على التنحي.

كما قد تضع الأزمة إدارة بايدن في حرج مع مصر، في ظل الاتهام الموجه إلى مينينديز بالقيام بتعاملات مشبوهة مع الحكومة المصرية، وهو ما قد يزيد من توتر العلاقات بين البلدين.

بايدن يخسر حليفه

بداية ستكلف الاتهامات الموجهة للسيناتور بوب مينينديز، الرئيس جو بايدن، خسارة أحد أكثر حلفائه فعالية في الكونغرس، خاصة وأنه يشغل منصب رئيس لجنة العلاقات الخارجية، في الوقت الذي يحتاج فيه بايدن لجهوده في حشد الدعم لمساعدة أوكرانيا، والعمل على استعادة القيادة الأمريكية في القضايا العالمية من تغير المناخ إلى الصين، وفقًا لوكالة “رويترز“.

ودفعت الأزمة مينينديز إلى التنحي مؤقتًا عن منصبه كرئيس للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، وهي المرة الثانية التي يتنحى فيها عن منصبه البارز في لجنة العلاقات الخارجية بعد توجيه اتهامات إليه.

وتأتي أزمة مينينديز في الوقت الذي تنخرط فيه إدارة بايدن في جهد طموح لإعادة بناء التحالفات الأمريكية لمواجهة الصين الأكثر عدوانية، والحفاظ على الدعم السياسي لحرب أوكرانيا ضد روسيا، والتي كلفت الولايات المتحدة أكثر من 100 مليار دولار.

لقد كان مينينديز شريكًا حاسمًا لبايدن في هذه الأولويات وغيرها من أولويات السياسة الخارجية. حيث قام بتوجيه تأكيدات العشرات من المعينين من قبل بايدن من خلال مجلس الشيوخ، وساعد بايدن بقوة في الحصول على دعم الكونغرس لتقديم مساعدات إنسانية واقتصادية وعسكرية إضافية لأوكرانيا.

وقال دانييل فايديتش، الموظف الجمهوري السابق في لجنة العلاقات الخارجية: “سواء أعجبنا أو لم يعجبنا، لعب مينينديز دورًا مؤثرًا في تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية”.

وأشار إلى أن رحيل مينينديز سيزيد من حالة عدم اليقين في الكونغرس بشأن السياسة الخارجية، نظرًا للانقسامات الحادة بين الجمهوريين، الذين يسيطرون على مجلس النواب، حول قضايا مثل المساعدات المقدمة لأوكرانيا.

ويدرس الكونغرس حاليًا طلب بايدن للحصول على 24 مليار دولار إضافية، بالإضافة إلى 113 مليار دولار تم إرسالها بالفعل إلى كييف، وهو طلب يواجه مقاومة من العديد من الجمهوريين اليمينيين المتشددين، بينما يتدافع المشرعون لتمويل الحكومة قبل الموعد النهائي في 30 سبتمبر.

ويعد منصب رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ أعلى منصب في مجال السياسة الخارجية في الكونغرس. وبصفته رئيسًا، يكتب مينينديز التشريعات، ويضع جدول أعمال جلسات استماع اللجنة، ويشرف على ترشيحات الرئيس لمجموعة واسعة من مناصب الأمن القومي الخاضعة لتأكيد مجلس الشيوخ، ويراجع معظم مبيعات الأسلحة الدولية.

وبموجب قواعد المؤتمر الديمقراطي بمجلس الشيوخ، يجب على أي عضو متهم بارتكاب جناية أن يتخلى عن منصبه القيادي في لجنته. ولا تطلب هذه القواعد من مينينديز الاستقالة من عضويته بمجلس الشيوخ، ويمكنه العودة إلى منصبه في رئاسة لجنته إذا تم إسقاط التهم أو تخفيضها إلى أقل من جناية.

ضغوط الحزب الديمقراطي

على المستوى الداخلي أيضًأ لن يفوت الجمهوريون الفرصة في توجيه الانتقادات لمنافسهم التقليدي الحزب الديمقراطي، في ظل الصراع المحموم الذي يقوده الجمهوريون لاستعادة السيطرة على البيت الأبيض وانتزاع مجلس الشيوخ من الديمقراطيين في الانتخابات المقبلة.

ويبدو أن الأزمة سببت حرجًا كبيرًا للحزب الديمقراطي نفسه، حتى أن الدعوات التي تحث مينينديز على الاستقالة خرجت من داخل الحزب نفسه، بل وبدأ البحث عن بديل له في مقعده المهم بمجلس الشيوخ.

في هذا الإطار أعلن النائب الديمقراطي، آندي كيم، أنه يخطط لخوض الانتخابات ضد السيناتور بوب مينينديز، في ولاية نيوجيرسي، الذي يواجه ضغوطًا متزايدة من الديمقراطيين للاستقالة بعد لائحة الاتهام التي تم توجيهها إليه.

وبعد أن دعا مينينديز إلى التنحي، أمس الجمعة، قال كيم اليوم السبت إنه يعتزم تحدي مينينديز على مقعده في مجلس الشيوخ، وفقًا لشبكة nbcnews.

وكتبت كيم في منشور على موقع X: “لم أتوقع أن أفعل ذلك، لكن نيوجيرسي تستحق الأفضل.. لا يمكننا تعريض مجلس الشيوخ للخطر أو المساس بنزاهتنا”

دعوات للاستقالة

كما انضم النائب جوش جوتهايمر إلى الكثير من سياسيي نيوجيرسي الذين يطالبون مينينديز بالتنحي. وقال جوتهايمر في بيان اليوم السبت إن مينينديز “كان صوتًا منتقدًا ومقاتلًا قويًا من أجل نيوجيرسي، وله سجل قوي يشمل سلامة الأسلحة وحماية حقوق المرأة ومكافحة العنصرية ومعاداة السامية، وأعتقد أنه يستحق محاكمة عادلة، لكني أعتقد أيضًا أنه يجب أن يتنحى لكي يركز على الدفاع عن نفسه”.

واتفق كثير من الديمقراطيين على نفس الرأي، داعين مينينديز إلى “الاستقالة حتى يتمكن من تركيز اهتمامه الكامل على دفاعه القانوني”، ومن بينهم حاكم ولاية نيوجيرسي فيل مورفي، والنائبة ميكي شيريل.

فيما قالت النائبة بوني واتسون كولمان، إن الاتهامات الموجهة ضد مينينديز “مقلقة للغاية”، واقترحت عليه التنحي قائلة: “أصلي من أجل السيناتور مينينديز، وآمل أن يتخذ القرار الصحيح، الذي يصب في مصلحة الولاية وجميع سكان نيوجيرسي”.

من جانبه وصف حاكم ولاية نيوجيرسي السابق، كريس كريستي، لائحة الاتهام ضد مينينديز بأنها “مقززة”. وكتب في منشور على حسابه على منصة X: “لا ينبغي لأي موظف عام يحصل على 174 ألف دولار سنويًا أن يكون لديه ما يقرب من 500 ألف دولار نقدًا مخبأة في منزله، ناهيك عن سبائك الذهب.. يجب أن يستقيل”.

كما دعا السيناتور جون فيترمان، الديمقراطي عن ولاية بنسلفانيا، مينينديز إلى الاستقالة قائلًا: “يحق له افتراض البراءة بموجب نظامنا، لكن لا يحق له الاستمرار في ممارسة التأثير على السياسة الوطنية، خاصة بالنظر إلى الطبيعة الخطيرة للاتهامات الموجهة ضده. آمل أن يختار مخرجًا مشرفًا، ويركز على محاكمته”.

مينينديز يرفض الاستقالة

من جانبه رفض مينينديز الدعوات المطالبة باستقالته، قائلا في بيان: “أولئك الذين يؤمنون بالعدالة يؤمنون بالبراءة حتى تثبت إدانتهم. أنوي مواصلة النضال من أجل شعب نيوجيرسي بنفس النجاح الذي حققته على مدى العقود الخمسة الماضية”.

وأضاف: “هذا هو نفس سجل النجاح الذي أشاد به هؤلاء القادة أنفسهم طوال الوقت. لا يغيب عن بالي مدى سرعة اندفاع البعض للحكم على شخص لاتيني وطرده من مقعده. وأضاف: “لن أذهب إلى أي مكان”.

ويواجه مينينديز وزوجته، نادين مينينديز، اتهامات بالرشوة والابتزاز وارتكاب عمليات احتيال، واستخدام سلطة منصبه الرسمي لإثراء ثلاثة من رجال الأعمال في نيوجيرسي وإفادة الحكومة المصرية. وقال مينينديز إنه يعتزم محاربة هذه الاتهامات.

وقال مينينديز إنه قرر التنحي مؤقتًا عن منصبه كرئيس للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ. لكنه نفى ارتكاب أي مخالفات، وقال إنه يعتزم مواصلة العمل من أجل شعب نيوجيرسي، على الرغم مما وصفه بـ”حملة التشهير” ضده.

التأثير على مصر

من ناحية أخرى يرى مراقبون أن الاتهامات التي يواجهها مينينديز، وخاصة تلك التي تتعلق بارتكاب تعاملات مشبوهة مع الحكومة المصرية، سيكون لها تأثير على مصر، حيث ستضفي مزيدا من التوتر على العلاقات بين مصر وأمريكا، والتي ليست في أحسن أحوالها بالفعل.

وتتزامن الأزمة مع الانتقادات الأخيرة التي وجهتها أمريكا لملف حقوق الإنسان في مصر، وقرار تعليق جزء من المساعدات لمصر بسبب هذا الملف، كما تتزامن أيضًا مع اقتراب مصر من إجراء انتخابات رئاسية جديدة أواخر العام الجاري.

وكانت الخارجية الأمريكية قد قالت في وقت سابق من هذا الشهر إن أمريكا تعتزم حجب مساعدات عسكرية لمصر بقيمة 85 مليون دولار، وهو مبلغ يمثل جزءًا صغيرًا من 1.3 مليار دولار تخصصها واشنطن للقاهرة سنويًا، وأقل من مبلغ 135 مليون دولار الذي تم حجبه العام الماضي.

وتقول لائحة الاتهام التي وجهها مكتب المدعي العام في مانهاتن إلى مينينديز إنه تلقى مئات الآلاف من الدولارات في صورة أموال وسبائك ذهبية، مقابل استخدام سلطته ونفوذه كعضو بارز في مجلس الشيوخ، من أجل مساعدة الحكومة المصرية”.

ووفقًا لشبكة CNN فقد أشارت لائحة الاتهام الموجهة إلى مينينديز وزوجته إلى أنهما قبلا مئات الآلاف من الدولارات مقابل استغلال منصبه لصالح السلطات المصرية، مشيرة إلى أن ذلك يشمل تقديم معلومات حساسة للحكومة المصرية، والمساعدة سرًا في توجيه المساعدات العسكرية لمصر.

وتقول لائحة الاتهام: “تشمل تلك الرشاوى النقد والذهب ومدفوعات الرهن العقاري ووظيفة لزوجته بمرتب دون عمل، وسيارة فاخرة وأشياء أخرى ذات قيمة”.

كان السيناتور مينينديز قد زار مصر مرتين خلال العامين الماضيين، آخرهما ضمن وفد للكونغرس التقى بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في 30 أغسطس الماضي، وفقًا لموقع “الحرة“.

وقال مراقبون إن تلك الاتهامات الموجهة إلى مينينديز “ستترك صورة سلبية للغاية بين مصر وأمريكا، خاصة في ظل علاقات ليست جيدة بالأساس بين البلدين. وأشار إلى أن “التأثير سيكون سلبيًا للغاية، فهذا حديث عن تقديم رشوة لسيناتور صاحب منصب رفيع في الكونغرس، وهو ما سيؤثر على صورة مصر في الولايات المتحدة وفي الداخل، باعتبارها تقدم مثل هذه الرشاوى”.

وأوضح تقرير لصحيفة Washington post أن الأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة لإدارة بايدن، يتمثل في هوية المسؤولين المصريين الذين لم يتم الكشف عنها، والذين على الأغلب من بينهم ضباط من الجيش والمخابرات، ووصفهم المدعون بأنهم يسعون للحصول على معلومات ونفوذ عبر التواصل المباشر مع مينينديز وزوجته أو من خلال معاونيهم”.

ويؤكد المراقبون أن أزمة مينينديز ستزرع المزيد من عدم الثقة بين الجانبين المصرية والأمريكي، مشيرين إلى أن تركيز إدارة بايدن على التعاون مع الدول الخليجية فيما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط، وغضب الحكومة المصرية من الانتقادات الموجهة لها فيما يخص حقوق الإنسان، جعل التعاون بين واشنطن والقاهرة في أضيق الحدود.

وأوضحوا أن الأزمة ستجد من يستغلها من مجموعات الضغط في الولايات المتحدة ضد مصر، باعتبار أنها تحاول تقديم رشى، وتخالف القانون الأمريكي، مما يدعم مطالبهم بتعليق المساعدات العسكرية لمصر.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى