أخبار أميركااقتصادالراديو

هل يعبر الفيدرالي باقتصاد أمريكا دون ركود ومعاودة التضخم؟

أجرى الحوار: ليلى الحسيني ــ أعده للنشر: أحمد الغـر

هل يعبر مجلس الاحتياطي الفيدرالي باقتصاد أمريكا دون ركود ومعاودة التضخم؟، نصحت الخبيرة الاقتصادية نانسي لازار الأمريكيين بضرورة ادخار أموالهم، حتى ولو كانت مبالغ صغيرة، وأن يقتصدوا في استخدام بطاقات الائتمان لأنه من المتوقع أن يزداد الوضع الاقتصادي سوءًا قريبًا ولا مجال للوقوع في المزيد من الديون، وأوضحت أن تلك الأزمة لديها مؤشرات، بما في ذلك تراجع معدل التصنيع والاستهلاك، في مقابل ارتفاع أسعار السلع اليومية بشكل مبالغ فيه وتزايد الإنفاق الحكومي.

يُذكر أن أسعار النفط قد ارتفعت مؤخرًا بسبب تراجع الدولار وفرص العمل والإعصار إداليا، يأتي ذلك فيما قال الخبراء إن ضعف سوق العمل قد يشجع مجلس الاحتياطي الفيدرالي على إبطاء وتيرة رفع أسعار الفائدة. في هذا الإطار؛ استضاف راديو صوت العرب من أمريكا البروفيسور محمد ربيع، الخبير والمحلل الاقتصادي لمناقشة هذا الموضوع الهام.

انخفاض الدولار والنفط
* بدايةً؛ كيف تعلّق على الأخبار الذي وردت في المقدمة؟

** بالنسبة لانخفاض الدولار الأمريكي فإن هذا الانخفاض يكون أمام عملات أخرى محلية للبلدان أخرى، فمثلًا قيمته الآن تساوي 92٪ من قيمة اليورو، لكن اليورو عندما بدأ قبل حوالي 20 سنة كان يساوي 1.6 دولار، فالآن انخفض اليورو ولكنه لا يزال أعلى من سعر الدولار. ويُلاحظ من هذا الانخفاض أن الدول إذا ما اشترت النفط بالدولار فإنه سيكون أرخص، على العكس لو قامت بشرائه باليورو فإن سعره سيكون أعلى.

لذا نجد مثلًا أن انخفاض الدولار يأتي في مصلحة الدول الأوروبية، لأنهم يشترون النفط بالدولار، وبالتالي فإنهم يشترون النفط بسعر أقل مما لو تم شرائه باليورو، وكان من الملاحظ انخفاض سعر اليورو أمام الدولار منذ الأزمة المالية في عام 2008، حيث انخفض إلى 1.4 دولار، ثم 1.3، واليوم يساوي 1.1 دولار.

التعامل بالدولار
* كيف ترى تأثير تغيير التعامل بالدولار على الأسواق العالمية؟، فقد لاحظنا مؤخرًا تهديدات من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعدم استخدام الدولار كعملة، واستبداله بالروبيل الروسي، وكذلك الصين تحاول إيجاد عملة بديلة للدولار.

** سوف يكون تأثير ذلك سلبيًا على الدولار، كما أن احتياطي الدولار في العالم سوف يقلّ، لو تحدثنا مثلًا عن علاقة الصين بالسعودية، فالسعودية اكتشفت أن ما تستورده من الصين يفوق ما تشتريه الصين منها من بترول، فبالتالي أصبحت السعودية تقبل التعامل بالعملة الصينية لأنها في النهاية ستشتري بها لاحقًا بضائع من الصين، هذا التعامل نجده أيضا أصبح موجودًا بين الصين وإيران، وفي ظل خروج الدولار الأمريكي من التعاملات الدولية على المدى الطويل، نجد أن قيمته تنخفض وتتراجع قوته، وهذا يخلق أزمات لدول أخرى عملاتها مقوّمة بالدولار.

* وهل يؤثر ذلك على الداخل الأمريكي؟

** لا، ففي الداخل الأمريكي يتم استعمال الدولار الأمريكي ولا توجد عملات أجنبية أخرى، نحن فقط نأخذ قروض من الدول عبر بيع السندات، فهناك دول تستثمر في السندات الأمريكية، ولكن المشكلة أنه عندما تنخفض قيمة الدولار أو تنخفض الفائدة على السندات الأمريكية، فإن هذه الدول ستذهب للاستثمار في سندات دول أخرى.

نصيحة هامة
* ما تعليقك على نصيحة الخبيرة الاقتصادية نانسي لازار للأمريكيين بضرورة ادخار أموالهم خلال الفترة المقبلة؟

** أنا أتفق إلى حد كبير مع وجهة النظر تلك، لأن نسبة البطالة وإن كانت عند 3.5٪ كما يأتي في بعض التقارير، إلا أن هناك قطاعات كثيرة مثل النقل والمواصلات والزراعة والخدمات المالية وغيرها تعيش واقعًا أسوأ مما كانت عليه من قبل، وبالتالي هناك مؤشرين؛ الأول يتحدث عن نسبة بطالة قليلة، والثاني يتحدث عن حقائق أخرى على أرض الواقع تُظهر واقعًا مختلفًا.

وبالتالي من الصعب معرفة ما الذي سيحدث بالضبط، فقط ما يجب معرفته هو أن الاقتصاد غير مستقر، وكان من اللافت أن القروض التي حصل عليها الناس من خلال كروت الائتمان الخاصة بهم قد تجاوزت الآن تريليون دولار، لذا فإن النصيحة بألا يقترض الناس أكثر هي نصيحة مهمة، لأنه عند الوصول إلى الحد الأقصى من الاقتراض ستقل لاحقا القدرة الشرائية للأفراد، وهو ما سيؤثر سلبًا على الاقتصاد الأمريكي في النهاية.

* جيروم باول قال خلال كلمة أمام محافظي البنوك المركزية إن مرونة الاقتصاد الأمريكي وقوته قد تدفع الفيدرالي لتطبيق المزيد من زيادات الفائدة في الفترة المقبلة، ولفت إلى أن الاقتصاد الأمريكي ينمو بشكل أسرع من المتوقع، فكيف ينسجم ذلك مع ما حظر منه الخبراء الاقتصاديون، ومع ما أكدته لنا الآن؟

** ما قاله باول ليس من علم الاقتصاد، وهناك خلافات داخل المجلس بأكمله، فهناك من ينادون بضرورة وقف رفع معدلات الفائدة مع مراقبة وضع الاقتصاد، أما باول فإنه خائف من ارتفاع الأسعار، وبالتالي تصبح معالجة التضخم أصعب، هو يريد أن تهبط معدلات التضخم إلى 2٪، وبشكل عام لا أحد يعلم متى سيتم رفع أسعار الفائدة لأن هناك ضغوط على باول لعدم رفعها الآن، لكن بالنسبة لفائدة القروض فقد ارتفعت جميعها، سواء بالنسبة لقروض المنازل أو السيارات أو غيرها.

بين الركود والتضخم
* برأيك؛ هل سيعبر الفيدرالي باقتصاد أمريكا دون ركود ودون معاودة التضخم؟

** من الصعب جدا، خاصة بسبب وجود أزمات في بعض القطاعات، على سبيل المثال نجد شركات الأدوية والمصروفات الكبيرة التي تدفعها، ومن ثمَّ نجد أن سعر الدواء في أمريكا لا ينخفض، بل هو دائما في ارتفاع وذلك بسبب قرار سيء اتخذه الكونغرس في الثمانينات، ومن المؤسف أننا نجد نفس الأدوية في الخارج بعُشر السعر تقريبا، فأنا خلال إحدى زياراتي للخارج نسيت دوائي واضطررت لشرائه، كنت في فيينا، وكانت مفاجأتي أن ثمنه عُشر الثمن هنا في أمريكا، كما أنني اشتريته بدون وصفة طبية أو روشتة على العكس من هنا.

* ماذا عن قطاع التجزئة؟، فالأسعار لا تزال مرتفعة وإن انخفضت قليلًا، كنا نتحدث خلال فترة الوباء عن أزمة سلاسل التوريد، لكن ما السبب وراء ارتفاع الأسعار حاليا؟

** السبب وراء ذلك هو الاحتكار وعدم وجود بدائل أمام المشتري، ولذلك هناك مؤشرات خاطئة يتحدثون عنها أحيانا بخصوص ارتفاع القدرة الشرائية للمواطن، وفي الحقيقة المواطن يدفع أكثر لأن السلع أسعارها مرتفعة، وليس لأنه يشتري بكثرة وكثافة نتيجة انخفاض الأسعار، فهذا الأمر مختلف عن ذاك، فما يتحدثون عنه ليس نموا في الاقتصاد، بل الناس يدفعون أكثر بسبب ارتفاع الأسعار. ولذلك عندما يقولون إن الاقتصاد ينمو، فغن هذه كذبة، لأن الإنفاق يشكل فوق الـ 70% من الناتج القومي الإجمالي، ونسبة الـ 70% هذه بسبب ارتفاع الأسعار وليس بسبب زيادة الإنتاج.

الاحتفاظ بالسيولة
* * لدينا سؤال من إحدى المستمعات، تقول: هل الاحتفاظ بالسيولة النقدية خارج البنوك أفضل؟، وما هي الاحتياطات التي يجب ان تتبع من قبل المواطن العادي؟

** أعتقد أنه لا يوجد خطر من وجود الأموال داخل البنوك، لأن البنوك أصبح وضعها مستقرًا، فقط إذا ما حدثت أزمة كبرى تتأثر البنوك، ومن المعروف أن مؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية (FDIC) تؤمن ما يصل إلى 250 ألف دولار لكل صاحب حساب والبنك المؤمن عليه وفئة الملكية في حالة فشل البنك في الوفاء بالتزامه للمودعين. وبشكل عام أنا أنصح الناس دائما بالاحتفاظ بجزء من السيولة في المنزل، أن يحتفظوا بمبلغ يكفي لمدة أسبوعين أو ثلاثة على الأقل، وذلك تحسبًا إذا ما وقعت أي أزمة وأغلقت البنوك.

استعمال البطاقات الائتمانية
* ما هي نصيحتك بخصوص استعمال البطاقات الائتمانية؟

** نصيحتي ألا يستخدمها الشخص إلا إذا كانت لديه أموال بالفعل، بمعنى أن يكون الشخص لديه القدرة على دفع الفوائد على هذه البطاقات دون تأخير، ففي هذه الحالة لا مشكلة من استعمالها.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى