أخبارأخبار العالم العربي

مشروع لحماية السوريين في تركيا من الترحيل والاعتداءات.. وجدل حول خطة “نموذج حلب”

من جديد تزداد معاناة اللاجئين السوريين في تركيا الذين ساهم الخطاب العنصري ضدهم في إثارة مشاعر العداء تجاههم على المستوى الشعبي بالإضافة إلى حملات الملاحقة والترحيل الموجهة إليهم من جانب الحكومة التركية.

في هذا الإطار أظهرت مقاطع فيديو تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد عنيفة لأتراك غاضبين يقتحمون وينهبون محلات تجارية يملكها سوريون في مدينة شانلي أورفا بجنوب شرقي تركيا.

ورغم أن ناشطون أفادوا بأن الأحداث اشتعلت بعد أنباء عن تحرش أحد السوريين بفتاة قاصر، إلا أنه لم يتم التأكد من صحة تلك الادعاءات وفقًا لموقع “العربية“.

رفوف فارغة

ويؤكد الكثير من الخبراء أن ما حدث لا يمكن فصله بأي حال من الأحوال عن الاعتداءات التي طالت العديد من السوريين في بعض المناطق التركية خلال الفترة الماضية، فضلًا عن حملات الملاحقة الحكومية لهم.

وأكد رئيس جمعية بائعي التجزئة في منطقة إيجة، محمد فوزي باشداش، أن حملة ملاحقة السوريين تسبّبت في بقاء رفوف المحلات التجارية فارغة من المنتجات والسلع.

وأشار إلى أنه خلال الأسبوعين الماضيين اشتكى المواطنون في منطقة إيجة من نقص من المنتجات والسلع وخاصة المُستهلكة بشكل يومي في المحلات التجارية، وفقًا لموقع “ترك برس“.

وأوضح أن ذلك يعود إلى نقص عمّال التحميل في مراكز تخزين البضائع والمنتجات، حيث لم يتمكن مشغلي مراكز توزيع البضائع من إيجاد عمّال لتحميل المنتجات إلى الشاحنات التي تقوم بتوزيع البضائع إلى المحلات التجارية.

وأشار إلى أن حملة ملاحقة المهاجرين أدت إلى إجبار السوريين على البقاء في منازلهم وعدم الخروج إلى أعمالهم خوفاً من الترحيل، مؤكدًا أنهم كانوا يقومون بأعمال كثيرة وبقطاعات مختلفة مثل الزراعة والصناعة والإنشاءات والأعمال الثقيلة.

وأكد باشداش أن المشاكل تتزايد في قطاع الخدمات اللوجستية يوماً بعد يوم مع استمرار ملاحقة المهاجرين وترحيل السوريين.

اعتداءات ومشرع حماية

ومع تواصل وتصاعد الاعتداءات على السوريين وملاحقتهم من جانب السلطات في تركيا أطلق “منبر منظمات المجتمع المدني”، مشروع تحت عنوان “حماية” (Himaye) الذي يسعى لحل الإشكالات القانونية التي يتعرض لها اللاجئون السوريون في تركيا.

المشروع أطلقه مجموعة من الناشطين الحقوقيين السوريين في تركيا، وعدد من منظمات المجتمع المدني السورية في تركيا.

ووفقًا لموقع “عنب بلدي” يقوم المشروع على حل الإشكالات القانونية التي يتعرض لها اللاجئون السوريون في تركيا، وذلك عن طريق عمل ممنهج لرفع مستوى الوعي القانوني لدى اللاجئين، وإنشاء آلية تواصل فعالة لاستقبال مشاكلهم وحلها، بالإضافة إلى توثيق مهني للحالات التي يتعرض اللاجئين لها للاستفادة منها في الدفع لتحسين البيئة القانونية.

ويقول القائمون على المشروع إن الإشكالات القانونية تعد عائقًا كبيرًا أمام انسجام اللاجئين في المجتمع التركي وتحقيق التوافق المجتمعي، حيث شهدت الفترة الأخيرة تفاقمًا حادًا في الإشكالات القانونية التي يتعرض لها اللاجئون سواء نتيجة التمييز العنصري، أو نقص الوعي القانوني لدى اللاجئ السوري، أو الإشكالات البيروقراطية عند الجهات التركية.

وسيعمل المشروع لتحقيق أهدافه، ضمن ثلاثة مسارات، تتمثل فيما يلي:

1- التوعية القانونية: تعريف اللاجئين بحقوقهم وواجباتهم وتوعيتهم بالطرق القانونية لحل المشاكل التي يتعرضون لها وتشجيعهم على المبادرة لتسوية أوضاعهم القانونية في تركيا، وذلك عبر عقد ندوات توعوية، وعبر مقاطع ستنشر عبر منصات المشروع على وسائل التواصل الاجتماعي.

2- إدارة الحالات والتعامل معها: إنشاء آلية تواصل فعالة لاستقبال مشاكل اللاجئين والعمل على حلها عبر تقديم الاستشارات القانونية اللازمة أولًا، جهود الوساطة عبر التواصل مع الجهات الرسمية التركية المعنية ثانيًا، أو التوجه إلى القضاء أخيرًا، وذلك عند الحاجة.

3- إعداد التقارير للحالات التي يتعرض لها اللاجئين بالتعاون مع مختصين للاستفادة من هذه التقارير في التواصل مع الجهات التركية المسؤولة والدفع لتحسين البيئة القانونية للاجئين السوريين في تركيا.

وقال القائمون على المشروع إنه سيخدم اللاجئين السوريين في عموم الولايات التركية، وسيقوم عدد من المحاميين المختصين بملاحقة قضايا الانتهاكات التي يتعرض لها السوريين، خاصة ممن يحملون أوراق ثبوتية قانونية رسمية.

كما قدمت عددًا من الجهات الحقوقية التركية دعمًا لوجيستيًا لمشروع “حماية” من ناحية تقديم الاستشارات القانونية، وتدريب الكوادر التي ستلتحق بالمشروع للتعامل بشكل صحيح مع الحالات المختلفة.

ويحصل المشروع حاليًا على الدعم والتمويل من رجال أعمال سوريين ومنظمات حقوقية وأفراد مستقلين، وفق الأتاسي، دون أي انخراط لمنظمات حقوق الإنسان الدولية أو التابعة للأمم المتحدة في ذلك حتى الآن.

خطة نموذج حلب

ويعيش قرابة 4 ملايين لاجئ سوري في تركيا، غالبيتهم يحملون بطاقات حماية مؤقتة، وتتركز النسبة الأكبر من اللاجئين في المدن الجنوبية القريبة من الحدود السورية كغازي عنتاب، وهاتاي، وشانلي أورفة، وكلس، وأضنة، بالإضافة إلى المدن الكبرى كإسطنبول وأنقرة.

فيما تنوي الحكومة البدء بتنفيذ برنامج وضعته لإعادة قسم كبير من هؤلاء إلى مناطق آمنة على الحدود السورية التركية، لاسيما في حلب.

ووفقًا لموقع “الجزيرة نت” فقد تحدثت تقارير للصحافة التركية حول خطة للتشجيع على عودة اللاجئين السوريين متضمنة إشارة إلى احتمال التفاوض على مصير مدينة حلب، ثاني كبرى المدن السورية وعاصمتها الاقتصادية.

وفي هذا الإطار تحدثت صحيفة صباح التركية عن إصدار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تعليمات تقضي بتشكيل آلية ثلاثية بين كلّ من وزارة الداخلية وحزب العدالة والتنمية وكتلته النيابية بالبرلمان، لوضع خطة تفضي إلى تسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، من خلال إحياء الحياة الاقتصادية في المناطق الخاضعة لسيطرة تركيا.

وقالت الصحيفة إن تركيا تجري مباحثات مع الجانبين الروسي والسوري لضم مدينة حلب- الخاضعة لسيطرة النظام السوري- إلى جهود الإحياء الاقتصادي والاجتماعي والعمراني، في خطوة تهدف لجذب مئات الآلاف من اللاجئين السوريين.

ولم يوضح التقرير تفاصيل الخطة المتعلقة بحلب، إلا أن محللين سياسيين ذكروا 3 سيناريوهات محتملة يمكن لكل منها أن يلبي مطالب تركيا في حال تحققها.

الاحتمال الأول الذي يعد أفضل السيناريوهات بالنسبة لأنقرة، يقوم على إقناع الروس والإيرانيين بمد السيطرة التركية القائمة في الشمال السوري إلى حلب.

أما الاحتمال الثاني وهو ما ستلجأ إليه أنقرة في حال فشل الأول، وهو أن تتفاوض مع موسكو وطهران لجعل مدينة حلب والشمال السوري منطقة آمنة ذات إدارة مشتركة تركية روسية إيرانية، بحيث لن يكون للنظام السوري أي قرار بهذه المنطقة، ولا يمكنه البطش باللاجئين العائدين، بذريعة أحكام قضائية سابقة أو سوقهم إلى الخدمة العسكرية مثلا.

فيما يتمثل الاحتمال الثالث في الإدارة المشتركة للمدينة مع نظام الرئيس بشار الأسد، وهو ما يعتبره كثيرون احتمالًا غير قابل للتطبيق، حيث لا يوجد لاجئ سوري يرغب للعودة طوعيا ليكون تحت رحمة نظام دمشق، خاصة أن التاريخ والوقائع السابقة تؤكد أن النظام السوري يعطي ضمانات ولا يطبقها، كما لا توجد دولة ولا رجال أعمال يرغبون بالاستثمار وبناء البنية التحتية وصرف ملايين الدولارات في منطقة تابعة للنظام السوري.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى