أخبارمنوعات

بعد 20 عامًا في السجن.. علماء يثبتون براءة سيدة من قتل أطفالها الأربعة

قصة أغرب من الخيال، بطلتها سيدة أسترالية تدعى كاثلين فولبيغ Kathleen Folbigg، أدينت بقتل أطفالها الأربعة (ولدين وبنتين)، ومكثت في السجن لمدة 20 عامًا، لكنها خرجت منه قبل أيام.

والغريب أن خروج هذه السيدة من السجن لم يتم بعد إتمام قضاء عقوبة السجن التي حصلت عليها والتي كانت تبلغ 30 عامًا. ولا لأن تحقيقات الشرطة أو المحكمة اكتشفت دليلًا جديدًا أدى إلى إخلاء سبيلها قبل انتهاء فترة عقوبتها.

لكن الفضل يعود إلى عريضة وقع عليها علماء تمكنوا من إثبات براءة السيدة من خلال أبحاثهم ودراساتهم التي توصلت إلى أن طفرة جينية نادرة هي السبب الحقيقي وراء وفاة أطفالها، وهو دليل براءة لم يكن من الممكن التوصل إليه إلا من خلال العلم والعلماء.

تفاصيل القضية

وفقًا لتقرير نشره موقع  science alert فإن السيدة فولبيغ كانت قد حصلت في عام 2003 على حكم بالسجن لمدة 30 عامًا، بعد أن خلصت هيئة محلفين إلى أنها قتلت أطفالها الأربعة خنقًا حتى الموت.

وأدينت فولبيغ بثلاث تهم بالقتل، وتهمة واحدة بالقتل غير العمد. وأصبحت تعرف باسم “أسوأ قاتلة متسلسلة” في أستراليا، لكنها تشبثت ببراءتها، خاصة وأن الإدانة ركزت على أدلة ظرفية فقط، ومن بينها مذكرات فولبيغ، التي كتبت فيها أن الشعور بالذنب تجاهه أطفالها يطاردها”، وهو ما أعطى انطباعًا بأنها تشعر بالذنب بعد أن قتلتهم.

براءة متأخرة جدًا

وبعد 20 عامًا من إدانة السيدة فولبيغ توصل العلماء إلى أن طفرة في الجين البشري تسبب متلازمة نادرة تسمى اعتلال الكالمودولين، هي المسؤولة عن وفاة الأطفال.

وقالوا إن هذه الطفرة الجينية تصيب واحدًا من كل 35 مليون شخص، حتى أن هناك 135 شخصًا فقط في جميع أنحاء العالم لديهم هذه الطفرة، لذلك من المرجح أن تكون عائلة فولبيغ هي الحالة الوحيدة في أستراليا.

وبحسب التقرير الذي نشره موقع  science alertفقد كان من الممكن فحص الحمض النووي للأطفال بحثًا عن حدوث طفرات يمكن أن تفسر وفاتهم المفاجئة، لكن ثمن هذا الفحص وقتها كان يصل إلى 300 مليون دولار أمريكي، بينما لا تتجاوز تكلفة الفحص حاليًا 1500 دولار.

سبب الوفاة

وحول تفسير سبب وفاة الأطفال الأربعة يقول العلماء إن الجسم البشري يحتاج إلى جينات CALM1 و CALM2 و CALM3 لإنتاج بروتين يدعى الكالمودولين، وهو ضروري للحياة، ويتحكم في حركة الكالسيوم حول الخلايا.

كما يساعد بروتين كالمودولين على التحكم في الانقباض الإيقاعي للقلب عن طريق فتح وإغلاق قنوات الكالسيوم في خلايا عضلة القلب.

وبفضل التطور العلمي تم إجراء بعض الأبحاث على طفرات حدثت لجين CALM يمكن أن تساعد في تفسير ما حدث لأطفال فولبيغ.

ففي عام 2012 وجد العلماء أن طفرة في حمض أميني واحد في جين CALM1 تسببت في عدم انتظام ضربات القلب والوفيات القلبية في عائلة سويدية كبيرة.

كما أكدت دراسة أجريت في عام 2013 أن طفلين تعرضا لسكتات قلبية متعددة بسبب طفرة في جينات CALM1 أو CALM2، فيما تسبب نوع آخر من الطفرات في CALM2 في حدوث سكتة قلبية لدى طفلين وفقًا لدراسة أجريت عام 2016.

الطريق للبراءة

لكن السؤال هو لماذا تأخرت مساعي تبرئة السيدة فولبيغ حوالي 10 سنوات بعد أن بدأ العلماء في عام 2012 اكتشاف علاقة هذه الطفرة الجينية بالوفيات المفاجئة للأطفال؟

يشير التقرير إلى أن العلماء كانوا في حاجة لمزيد من الدراسات لتأكيد نظريتهم، ويؤكد أن مساعي تبرئة فولبيغ من جانب العلماء بدأت بالفعل قبل 4 سنوات، ففي عام 2019 حاول علماء الوراثة استخدام البيانات التي تم التوصل إليها في الدفع ببراءة فولبيغ لكن ذلك لم يكن كافياً.

واضطر العلماء للانتظار عامًا آخر حتى توصل الخبراء في عام 2020 إلى أن اثنتين من أطفال فولبيغ الأربعة وهما (لورا وسارة) كانت لديهما طفرتان جديدتان في جين CALM2 تسببت في تغيير هيكلي لبروتينات الكالمودولين.

وقال الخبراء إن الطفلتين عانتا من مشاكل في الجهاز التنفسي قبل وفاتهما، وهي حالة يمكن أن تسبق الموت القلبي المفاجئ عند الأطفال. وفقًا لموقع “الحرة“.

كما توصل الخبراء إلى أن الطفلين الآخرين (كيليب وباتريك)، لم تكن لديهما طفرات في جين CALM، وإنما كانت لديهما نسخة واحدة من جين BSN المتحور، وهي طفرة جينية قد تكون مسؤولة عن عمى باتريك ونوبات الصرع، ويمكن أن تفسر وفاته المبكرة.

طلب العفو

بعد أن تجمعت كل هذه الأدلة لدى العلماء والخبراء، قاموا بتقديم عريضة وقع عليها 90 عالمًا، تتضمن التماسًا للعفو عن فولبيغ، وتم إرسالها إلى حاكم نيو ساوث ويلز في عام 2021.

وجاء في الالتماس أن إدانة فولبيغ كانت تستند إلى الافتراض القائل بأن احتمال وفاة أربعة أطفال من عائلة واحدة لأسباب طبيعية هو أمر غير مرجح لدرجة أنه يمكن يكون مستحيلًا عمليًا.. وهذا منطق معيب”.

وبناءًا على الالتماس الذي تقدم به العلماء أطلقت الولاية تحقيقًا جديدًا في القضية انتهى بإصدار العفو عن فولبيغ بالفعل في 5 يونيو من العام الجاري 2023، ويتم إنقاذها من قضاء 10 سنوات أخرى في السجن.

وبعد إطلاق سراحها من السجن قالت وقال فولبيغ: “اليوم انتصار للعلم والحقيقة، فعلى مدى السنوات العشرين الماضية، كنت في السجن أفكر دائمًا في أطفالي، وأحزن عليهم، وأفتقدهم وأحبهم بشدة”.

جدير بالذكر أنه إذا ما تم إلغاء إدانة السيدة فولبيغ في المرافعات التي ستتم أمام محكمة الاستئناف، والتي قد تستغرق حوالي عام، يمكنها مقاضاة الحكومة للحصول على تعويضات بالملايين.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى