الراديوطبيبك الخاص

هل خلقت السيجارة والشيشة الإلكترونية جيلًا جديدًا من مدمني التدخين؟

أجرى الحوار: ليلى الحسيني ــ أعده للنشر: أحمد الغـر

أصبحت السجائر الإلكترونية مصدر ذعر للعديد من الحكومات والسلطات الصحية، لدرجة تصنيفها من قبل الخبراء على أنها وباء يهدد صحة المراهقين على وجه الخصوص، ولوحظ أن الولايات المتحدة من أكثر البلدان التي تعاني من وباء السجائر الإلكترونية، بسبب الارتفاع الملحوظ في عدد مستخدميها من المراهقين.

هذا الموضوع الهام ناقشناه في فقرة خاصة مع الدكتور ماهر كفري، أخصائي الطب العام وأمراض الرئة والصدر وأمراض الجهاز التنفسي، حيث تم التطرق إلى ظاهرة انتشار أضرار منتجات التدخين الإلكتروني بين الشباب، وما إذا كانت تمثّل بالفعل بدائل آمنة لمنتجات التبغ التقليدية.

وباء السجائر الإلكترونية
* بداية دكتور.. هل بالفعل الولايات المتحدة من أكثر البلدان التي تعاني من وباء السجائر الإلكترونية، وما هو حجم انتشار استخدامها بين المراهقين؟

** في الحقيقة هناك تسارع في زيادة نسبة المراهقين الذي يستعملون السيجارة الإلكترونية، لدرجة وصلت إلى 9% تقريبًا، ولكن لحسن الحظ أنه خلال العامين الماضيين نتيجة انتشار وباء كورونا، انخفض هذا التسارع قليلًا، أما بالنسبة للبالغين فإن النسبة تصل إلى 5%، وهي تعتبر نسبة عالية، ولكنها ليست نسبة كاسحة، وهي أقل من نسبة المدخنين بشكل عام.

وليست لدي مقارنات دقيقة بين هذه النسب ونظيرتها في الدول الأوروبية، ولكن لو تحدثنا عن نشوء هذا النوع من التدخين سنجد أنه ظهر لأول مرة في عام 2003 في الصين، ثم انتقل إلى أوروبا في عام 2006، ولا تزال ظاهرة التدخين الإلكتروني غير مدروسة بشكل كامل حتى الآن.

تضليل ودراسات
* هناك تضليل بشأن المخاطر، فإحدى الدراسات صدرت في عام 2015 وكانت تقول إن السجائر الإلكترونية أكثر أمانًا على الصحة من السجائر القابلة للاحتراق، كيف ترد على ما صدر سابقًا؟ وما صدر اليوم؟

** مع الأسف هذا الكلام صحيح، فقد كانت تساعد على الحد من انتشار التدخين التقليدي، ولكنها مع الأسف خلقت مجالًا جديدًا من إدمان التدخين وعادة سيئة جديدة، فالسجائر الإلكترونية تحتوي على سائل به مادة النيكوتين، وبها بطارية لتسخين السائل وتحوّله إلى دخان قابل للاستنشاق، وكانت الغاية منها بشكل عام هي السيطرة على إدمان النيكوتين، الذي هو بحد ذاته غير مسرطن، ولكنه يؤدي إلى أمراض وعائية وأضرار بالقلب، لأنه مادة غير جيدة للجسم.

وفي الواقع فإن تدخين السجائر الإلكترونية قد يؤدي إلى سرطان الرئة، ولكن هذه النقطة لم تتم دراستها بعد بشكل كبير، على خلاف التدخين العادي الذي هو معروف بأنه يؤدي إلى سرطان الرئة وانتفاخها، والكثير من الأمراض القلبية والوعائية.

أما السجائر الإلكترونية فلم يتم دراستها بعد لفترة طويلة لكي نعرف تأثيراتها البعيدة، ولكن كما قلت فإن بها مواد بخلاف النيكوتين تضر بالجسم، وقد تكون مسرطنة.

التدخين وأمراض الرئة

* إحدى الدراسات تقول إن أمراض الرئة التي تفشت خلال عامي 2019 و2020 بالتزامن مع وباء كورونا في الولايات المتحدة، تسببت في 68 وفاة مرتبطة بمنتجات التدخين الإلكتروني في 27 ولاية أمريكية ومقاطعة كولومبيا، وأرجع الخبراء الوفيات إلى عمليات التصنيع غير القانوني وغير المنظم لمنتجات التدخين الإلكتروني، فما تعليقك على ذلك؟

** بلا شك فإن ضرر التدخين الإلكتروني كبير على الشخص، إلا إذا كان مدخنًا للتبغ العادي، لأن هذا الأخير ضرره أكبر، فمثلًا نجد أن الـ “Vaping” أو السيجارة الإلكترونية تسبب التهاب رئوي شديد وعواقب رئوية طويلة المدى بما فيها الوفاة، وفي عام 2019 استقبلت المستشفيات في الولايات المتحدة حوالي 2000 حالة التهاب رئوي شديد كان سببها التدخين الإلكتروني.

الرئتان وظيفتهما أن نتنفس بهما الأوكسجين ونطرد من خلالهما ثاني أكسيد الكربون، وليس أن ندخل إليهما مواد عضوية مختلفة وأدخنة، لذلك فإن ضرر السجائر الإلكترونية كبير، ولا سيما على صغار السن.

إدمان جديد
* الآن أصبحت هناك أنواع مختلفة للتدخين الإلكتروني؛ مثلًا السيجارة الإلكترونية والشيشة الإلكترونية، فهل تحولنا من إدمان إلى إدمان آخر؟

** للأسف انحرف هدف السجائر الإلكترونية عن خطته الأساسية، والتي كانت تهدف إلى محاولة منع التدخين التقليدي، ومرّت السيجارة الإلكترونية بأجيال وصارت لها أشكال وأنواع، وأضيفت إليها نكهات جديدة، فصار صغار السن يقبلون عليها بشراهة، بالرغم من أن “FDA” منعت عدة أنواع منها، لا سيما السجائر الإلكترونية ذات النكهات الحلوة والفاكهية لأنها خلقت أجيالًا جديدة من المدخنين.

مخاطر كبيرة
* ما هي المخاطر الحقيقة للسجائر الإلكترونية أو الشيشة الإلكترونية أو السحبة؟

** هناك خطورة بكل تأكيد، صحيح أنها ليست بنفس خطورة إدمان المخدرات، لكنها بشكل عام قد تكون مسرطنة على المدى الطويل، هذا بخلاف الأمراض التي تصيب الرئة والقلب، إلى جانب مرض الدوار.

* يلفت نظري الآن أن هناك قطاع كبير من المراهقين وصغار السن يقبلون على تدخين هذا النوع من السجائر، ما الذي يجذبهم إليها؟

** أظن أن السبب يعود إلى أنهم يعتبرونها جزءًا من الـ “life style” الخاص بهم، كما أن النكهات تجعلهم يقبلون عليها أيضًا بسبب غياب النصح والإرشاد سواءً من المنزل أو المدرسة.

نقص الدراسات
* لماذا لا توجد حتى الآن دراسات متخصصة وموسعة حول التدخين الإلكتروني لتدرس أضراره والمخاطر الناتجة عنه؟

** ربما لأنها لا تزال عادة جديدة، وأيضًا لكونها تشبه إلى حد كبير التدخين التقليدي، لذا فإننا دائما ما نقيسها على نفس أضرار التدخين التقليدي، ولا شك أن الناس الذين كانوا يدخنون في الأربعينات والخمسينات لم يكن أحد منهم يتصور أنه سيُصاب بانتفاخ الرئة أو السرطان أو أمراض القلب عندما يكبرون، فأمراض التدخين العادي أخذت سنوات طويلة حتى أدركناها.

وكما ذكرت، فإن التدخين الإلكتروني ظهر في البداية كحل بديل لمشكلة أكبر وهو التدخين التقليدي، ولكن للأسف تحول الحل بدوره إلى مشكلة، وكبرت هذه المشكلة مع الوقت، وصارت موازية لمشكلة التدخين التقليدي.

لذا نحن بحاجة إلى دراسات أكثر حول التدخين عمومًا، وحول التدخين الإلكتروني بصفة خاصة، ويجب أن تكون هناك قوانين أكثر صرامة لمنع تفشي التدخين الإلكتروني وانتشاره، خاصةً بين الأجيال الناشئة والمراهقين.

وفي الختام؛ أنا أرى أن تكون السجائر الإلكترونية بوصفة طبية من الأطباء للمدخنين التقليديين، وذلك كخطوة نحو جعلهم يقلعون عن التدخين تمامًا، لا سيما وأن التدخين الإلكتروني أقل ضررًا بعض الشيء من التدخين التقليدي، مع العلم بأن الضرر القليل هو ضرر في النهاية.

* أشكرك في الختام على هذا اللقاء، وأمرر للمستمعين فقط عنوان العيادة في: 15146 ليفونيا، ميشيغان، ورقم التواصل هو: 7347444562.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى