باب للخير وزيادة في الأجر.. رجال أعمال يستجيبون لمبادرة توزيع الأضاحي في غزة
أجرى الحوار: ليلى الحسيني ــ أعده للنشر: أحمد الغـر
رغم قسوة الحياة لا تزال قلوب البشر تنبض بالخير، وليس أدل على ذلك من انتفاضة الإنسانية والضمير العالمي الذي استجاب لنداء الاستغاثة القادم من غزة، ولم يستطع تقبل مشاهد المجازر والقتل والدمار والحصار والتجويع غير المسبوق في القطاع الفلسطيني.
فما بالنا إن كان المستجيب للنداء أهلٌ للخير والعطاء، يبحث عنه في كل وقت، ويقصد أبوابه غير عابئ بجنسية ولون ومعتقد من يقف خلف تلك الأبواب، طالما أنه كان محتاجًا ويستحق العطاء.
في راديو صوت العرب من أمريكا سعينا لفتح باب للخير، ويبدو أن هذا الباب وجد صدى واستجابة سريعة من أهل العطاء والسخاء، الذين أبوا إلا أن يجودوا ويهبّوا لمساعدة أناس حاصرهم الفقر والجوع في مناطق الحروب والنزاعات والنزوح والمخيمات.
فقد وجدنا استجابة سريعة من جانب عدد من رجال الأعمال للمشاركة في المبادرة التي أطلقها راديو صوت العرب من أمريكا مؤخرًا بالشراكة مع منظمة Life للإغاثة والتنمية، والخاصة بتوزيع لحوم الأضاحي للمحتاجين في غزة وسوريا واليمن والسودان.
هذه الاستجابة الكريمة دفعتنا للقيام بدورنا الإعلامي من أجل جعل باب الخير مفتوحًا، وتشجيع أناس آخرين على الولوج منه إلى عالم العطاء ومساعدة الغير ممن يعانون أشد المعاناة ويكادون ينجون من القصف ليقتلهم الفقر والجوع.
وفي هذا الإطار يستضيف راديو صوت العرب من أمريكا في سلسلة حلقات منفصلة عدد من رجال الأعمال الذين شاركوا في مبادرة الأضاحي، وستكون البداية مع رجل الأعمال، حيدر قوصان، أحد وجوه الجالية اللبنانية والعربية والإسلامية المعروفة بأياديها البيضاء الخيرة في مدينة ديربورن، وأحد مؤسسي سلسلة أسواق المصطفى بولاية ميشيغان.
تابعونا وشاركوا معنا في حملة توزيع الأضاحي في أماكن تواجد النازحين والمحتاجين في هذه الدول الأربع التي تعصف بها ويلات الحرب ويعاني مواطنوها من الفاقة والمجاعة وسوء التغذية، ولتكن أضحيتكم هذا العام وسيلة لرسم البسمة على وجوه المساكين والمحتاجين، وإدخال الفرحة والسعادة على قلوبهم وقلوب أطفالهم، ولتكن مثالاً لتحقيق التراحم والألفة.
إنسانية مشتركة
* في البداية نرحب بالسيد حيدر قوصان عبر أثير راديو صوت العرب من أمريكا، ونبارك لكل أبناء الجالية بمناسبة هذه الأيام المباركة.
** أهلًا وسهلًا بكم، ونسأل الله أن يبارك علينا جميعًا وعلى الأمة الإسلامية وعلى الإنسانية جمعاء، إن شاء الله.
* لو تحدثنا عن تكريس ثقافة المبادرات الإنسانية من باب المسؤولية الأخلاقية والإنسانية المجتمعية، نذكّر أنفسنا دائما بقول رسولنا ﷺ: “ليس المؤمنُ بالذي يشبعُ وجارُه جائِعٌ إلى جنبَيْهِ”، فكيف يمكن لنا أن نكرّس ثقافة التبرع والمساندة، هذه القيمة الفاضلة في مجتمعاتنا، لا سيما في هذه الأيام الصعبة التي يعيشها الكثير من الناس؛ خاصةً في غزة؟
** لو تحدثت عن نفسي كمسلم عربي، فعلينا أن نتذكر التاريخ الإسلامي العريق، تاريخ رسولنا ﷺ وما فعله أسلافنا في سبيل مساعدة الإنسانية والأمة بأكملها، ولنا الأسوة في حديث النبي: “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”.
سأتحدث من منطلق إنساني وبشكل عفوي؛ ما يحدث في غزة ليس طبيعيًا، وعلى المسار التاريخي ليس طبيعيًا، مشهد هؤلاء المظلمين والجرحى والشهداء يجب أن يهز الإنسانية بداخلنا، وفي نفس الوقت علينا ألا ننسى ما يحدث في السودان واليمن، والأم الحنون سوريا، التي أحبها كثيرًا وأحب أهلها.
تحفيز على التبرع
* لو انتقلنا للحديث عن المبادرة التي نقوم بها في راديو صوت العرب من أمريكا، لتحفيز رجال الأعمال على التبرع، وأنا قد بادرت للتواصل معك لتقديم تبرع لمنظمة لايف للإغاثة والتنمية، من أجل مساعدة أهلنا في غزة. في هذا الصدد نريد منك تقديم كلمة إلى رجال الأعمال وإلى المستمعين عموما لتحفيزهم على التبرع وتقديم المساعدة ولو بشيء بسيط جدا، لا سيما وأنك مصدر كبير للثقة وحين طرقنا بابك، قدمت المساعدة من دون سؤال.
** أشكرك أولًا على أننا اكتسبنا الأجر والثواب من خلالكم، وثانيًا فإن هذا أقل واجب نساهم به إلى أهلنا في غزة، ومن خلالكم أيضا ننادي ونطالب كل رجال الأعمال للتبرع، لا سيما وأننا في الولايات المتحدة وكندا نعدّ من أكثر الجاليات نجاحًا، وأقل ما يمكن أن نقدمه هو ان نخدم أهلنا في غزة ونساعدهم.
أنا لا أتحدث من منطلق سياسي، بل من منطلق إنساني بحت، هناك مؤسسات إغاثية مثل منظمة لايف للإغاثة والتنمية، لدي ثقة عمياء فيهم، منظمة تضمّ شرفاء يخدمون الإنسانية بحب، وهناك منظمات أخرى عديدة مثلها، وليس لدينا أي حجة كي نتحجج بعدم التبرع، أو نزعم أن هناك عدم ثقة في وصول التبرعات، أو التهرب من مسؤولية التبرع.
هناك آية قرآنية كلما تذكرتها أشعر بالخوف: “ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ”، سوف نُسأل عن كل الدولارات التي نملكها وعن النعيم الذي نعيش فيه، هذا ليس منافيًا لأن نعيش حياتنا، فالحكمة تقول: عشْ حياتك كأنك تعيش أبدًا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا، وأعتقد أن الطريق إلى الآخرة يبدأ من غزة وأيتام سوريا وأيتام اليمن ولبنان والسودان وكل بلد جريح.
وأنا تفكيري دائما إنساني وليس إسلاميًا فقط، ولكن بالمصادفة أن كل الدول التي تنزف الآن في أغلبها دولًا إسلامية، ونحن لا ندعم الجوانب السياسية، بل ندعم النساء الثكلى والأطفال الأيتام والجرحى والمصابين، ولا يجب على أحد التحجج بأن الحكومة الأمريكية تفرض قوانين كذا أو كذا، بل على العكس فإن التبرع يعيد جزءًا من المبلغ إليك وفقًا للقوانين، وهناك منظمات ثقة توصل التبرعات إلى المناطق التي تختار التبرع لها، وبدون أي فساد، والقوانين تحمي تبرعك وتقنن ما تفعله.
لذة العطاء
* لسنوات طويلة أتعامل مع منظمة لايف للإغاثة والتنمية، وأعرف الشفافية التي يتعاملون بها، ولطالما تحدث السيد عمر الريدي عن أعمال المنظمة وإمكانية المتبرع من التواصل معهم والاطلاع على كل شيء، وأودّ ان أشير أيضا إلى أن كلامك في الصميم تماما، سيد حيدر، بشأن ضرورة التبرع، ولكن هناك من يقول إن تبرعي الصغير لن يحل المشكلة، فكيف ترد؟
** لا يجب أن يستحي الشخص من إعطاء القليل، فالجوع ظالم، وإذا قمت أنا بإعطاء دولار، وأنتِ أخت ليلى بإعطاء دولار، وجاري يعطي دولارًا، فإن الأزمة ستُحَل، لا يجب أن نخلق لأنفسنا مبررات لعدم التبرع.
المساعدة الإنسانية أمر ضروري، الله سبحانه وتعالى أمرنا بمساعدة المسكين والمظلوم والجائع وابن السبيل، وفي التبرع لهؤلاء ومساعدتهم لذة من أجمل لذات الشعور الإنساني، فما أجمل أن تعطي مساعدة وأمل في الحياة لطفل في غزة يكاد يموت من الجوع، التبرع هو إعطاء من نعم الله التي أنعم بها علينا.
كان الفقير في أيام الرسول ﷺ يصل إليه حقه دون أن يذلّ نفسه أو يشحذ، ومن بعده ﷺ سار على دربه الصحابة والخلفاء، فالمحتاج لا يجب أن يذلّ نفسه ويأتي للسؤال، بل يجب علينا نحن أن نذهب إليهم.
ثقافة التبرع
* أودّ أن نختم معك حديثنا بحديث شريف يقول: “ما نقص مالٌ من صدقةٍ”، حدثنا عن ثقافة التبرع في ضوء هذا الحديث النبوي العظيم.
** واستكمالًا لهذا الحديث الشريف، نذكر الآية الكريمة: “مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ”، فما من إنسان يقدم الخير إلا ويجد أضعافه، وما من إنسان يتبرع ويقدم الخير إلا وتجد أن صحته بخير وأحواله أفضل.
إذا كان الشخص يعمل لوقت إضافي “أوفر تايم” من أجل أن يحصل على مال إضافي، فما بالنا إذا كان الشخص يتاجر مع الله سبحانه وتعالى، وأؤكد مجددًا على أن التاريخ يُكتب الآن في غزة، فساعدوا أهل غزة وأخبروا أولادكم بأنكم تساعدون أهل فلسطين، وأنكم تساعدون القضية الفلسطينية.
أطالب الجميع بالتركيز على مساعدة أهل غزة والسودان واليمن وسوريا، حرام ننسى أهلنا في تلك المناطق، حرام أن نظل نخلق مبررات لعدم الدفع أو عدم تقديم العون والمساعدة، بالمناسبة الشعب الأمريكي من أكثر الشعوب المتبرعة والتي تقدم الدعم والعون، وبعضهم يسافرون إلى دول أخرى للتبرع والمساعدة.