أخطر أزمة منذ 50 عامًا.. احتجاجات إسرائيل تشتعل بعد إقالة وزير الدفاع وحكومة نتنياهو في مهب الريح

تصاعدت الأزمة السياسية بسرعة كبيرة في إسرائيل بعد قرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إقالة وزير الدفاع، يوآف غالانت، على خلفية إعلانه رفض خطة نتنياهو المثيرة للجدل لإصلاح النظام القضائي، ودعوته الحكومة لوقف هذه الخطة.
وفي رد فعل على إقالة وزير الدفاع نزل آلاف الإسرائيليين إلى الشوارع في تل أبيب والقدس وحيفا ومدن أخرى اليوم الأحد، وتوجه متظاهرون لمنزل نتنياهو للاحتجاج ضد القرار، ما دفع الشرطة الإسرائيلية للتدخل بمنعهم والاشتباك معهم.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن محتجين اخترقوا حواجز قرب منزل نتنياهو في القدس، كما قامت حشود ضخمة بإغلاق الطريق السريع الرئيسي في تل أبيب، وقام بعضهم بإشعال النار في وسطه.
إقالة وزير الدفاع
وكان نتنياهو قد أعلن عزل وزير الدفاع، يوآف غالانت، من منصبه، بعد دعوته إلى وقف خطته للإصلاح القضائي، وقال بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء إن نتنياهو استدعى غالانت إلى مكتبه “وأبلغه أنه فقد الثقة به بعد أن عمل ضد الحكومة وضد التحالف، بينما كان رئيس الوزراء في زيارة سياسية للخارج”.
ووفقًا لشبكة (CNN) فقد قال البيان إن “الوزير غالانت لم ينسق كلماته مع رئيس الوزراء مقدمًا، وبالتالي خرب جهود التوصل إلى حل”.
وكان غالانت قد دعا أمس السبت إلى وقف خطة الحكومة لإصلاح النظام القضائي في البلاد، مع تعليق المظاهرات المناهضة لها، ليصبح بذلك أول وزير في الحكومة يعلن موقفه العلني تجاه خطة نتنياهو التي أثارت انقسامًا كبيرًا بين الإسرائيليين.
وقال غالانت في بيان له: “من أجل أمن إسرائيل ومن أجل أبنائنا وبناتنا: نحتاج إلى وقف العملية التشريعية في هذا الوقت”. وأضاف: “نحن بحاجة إلى وقف المظاهرات والاحتجاجات – والتواصل من أجل الحوار”.
وفي أول تصريح له بعد إقالته، قال غالانت إن “أمن دولة إسرائيل كان وسيظل دائمًا مهمة حياتي”. وكان غالانت قد حذر من وجود “تهديدات هائلة” مع وصول ما اعتبره “انقساما” إلى داخل الجيش الإسرائيلي، وقال في كلمة نقلها التلفزيون “نحتاج إلى تغيير في النظام القضائي لكن التغييرات الرئيسية يجب أن تتم عبر الحوار”. وفقًا لموقع “العربية“.
ردود فعل غاضبة
وفي ظل اشتعال الأزمة بعد إقالة وزير الدفاع خرجت دعوات لإضراب شامل غداً الاثنين، ولوح اتحاد العمال الإسرائيلي بإعلان إغلاق كامل للاقتصاد، بينما قال مسؤولون ورؤساء بلديات إنهم سيبدؤون إضرابا عن الطعام غدًا أمام مكتب نتنياهو.
ونفذت الشرطة الإسرائيلية اعتقالات بحق المحتجين، فيما وجه مفوض الشرطة بزيادة التعزيزات في جميع أنحاء إسرائيل، وقال إن الشرطة ستعتقل كل من يتورط في حالات عنف شديد وتخريب، مشيرًا إلى أن السلطات تسمح بالحق الديمقراطي في الاحتجاج لكنها لن تسمح بالاضطرابات العامة والإضرار برموز الحكومة، وفق تعبيره.
من جانبه عزز الجيش حالة التأهب بعد “فقدان السيطرة داخل إسرائيل” وفقا للقناة 12 الإسرائيلية. وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن المفتش العام للجيش سيعقد اجتماعًا لبحث الآثار الأمنية لإقالة غالانت.
أزمة فوق أزمة
ومع تصاعد الاحتجاجات واتساع رقعتها، قررت لجنة القانون والدستور في الكنيست الإسرائيلي إلغاء مداولات الليلة للتصويت على التعديلات القضائية.
ونقلت القناة 12 الإسرائيلية عن مسؤولين في الليكود أن نتنياهو قد يعلق إقرار قانون تعديل النظام القضائي. لكنها أشارت إلى أن نتنياهو سيكون في مأزق آخر إذا استجاب لمطالب المحتجين، حيث هدد وزير العدل، ياريف ليفين، بالاستقالة إذا قرر رئيس الوزراء تعليق التعديلات القضائية.
وأوضحت القناة أن نتنياهو وزعيم حزب شاس و6 من نواب حزب الليكود في الكنيست يؤيدون وقف التعديلات القضائية، لكن وزيرا العدل والأمن القومي يعارضان ذلك وقد تؤدي استقالتهما لانهيار الائتلاف الحكومي.
خطر نتنياهو
فيما أعرب سياسيون ومسؤولون حاليون وسابقون عن قلقهم من انفلات الأوضاع في إسرائيل، وقال أعضاء في الائتلاف الحكومي إنهم يشعرون بصدمة كبيرة، مؤكدين أن رئيس الوزراء ارتكب “خطأ إستراتيجيا”.
وأصدرت المعارضة الإسرائيلية بيانا حمل رئيس الوزراء مسؤولية تهديد أمن إسرائيل، وقالت “لا ينبغي أن يكون أمن البلاد لعبة سياسية بيد نتنياهو”.
ودعت المعارضة أعضاء حزب الليكود بعدم القبول بمنصب وزير الدفاع بعد إقالة غالانت، وقالت “من يقبل بمنصب وزير الدفاع يجلب العار لنفسه”، مؤكدة أن نتنياهو تجاوز الخط الأحمر بإقالته وزير الدفاع.
وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، يائير لابيد، أن إقالة غالانت لمجرد أنه حذّر من تهديد للأمن القومي “مستوى متدن جديد”، مضيفًا أن نتنياهو قد يكون قادرًا على إقالة غالانت، ولكن “لا يمكنه إقالة الشعب الإسرائيلي الذي يقف في وجه جنون الائتلاف” الحاكم.
وأوضح لابيد، في تغريدة نُشرت مساء اليوم الأحد، أن “إقالة وزير الدفاع هو تدني جديد لحكومة معادية للصهيونية تمس بالأمن القومي وتتجاهل تحذير جميع المسؤولين الأمنيين”. واعتبر لابيد أن “نتنياهو يشكل خطرًا على أمن دولة إسرائيل”.
ووفقًا لموقع “الجزيرة نت” فقد قال رئيس الوزراء السابق، نفتالي بينيت، إن إسرائيل تواجه أكبر خطر منذ حرب 1973. فيما قال رئيس الوزراء الأسبق، إيهود أولمرت، إن “عصابة تحكم إسرائيل وتتصرف بطريقة مجنونة ومدمرة وتمس أسس التعايش”.
قلق أمريكي
من جانبه عبر البيت الأبيض عن قلقه مما يجري في إسرائيل بعد إقالة وزير الدفاع، يوآف غالانت، من منصبه، مشيرًا إلى أن “ما يجري في إسرائيل سيؤثر على أمنها وجيشها”.
وأعرب المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي عن قلق شديد حيال التطورات في إسرائيل وتداعياتها على الجيش، مؤكدًا على “الحاجة الملحة للتوصل إلى حل وسط في إسرائيل”.
ونقلت القناة 13 الإسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي رفيع يزور البنتاغون قوله إن الدوائر العسكرية الأميركية مصدومة من إقالة غالانت.
فيما أعلن القنصل الإسرائيلي العام في نيويورك أنه قدم استقالته اليوم الأحد احتجاجًا على إقالة وزير الدفاع. وقال القنصل آساف زمير عبر تويتر “لم يعد بإمكاني الاستمرار في تمثيل هذه الحكومة، لا يمكنني أن أخدم بحكومة يقودها نتنياهو”.
وأوضح إن الوضع السياسي في إسرائيل وصل إلى “نقطة حرجة”، واصفاً قرار إقالة غالانت بأنه “خطير”، وأشار إلى أن تشريع التعديلات القضائية الذي دعا غالانت لوقف العمل به “يقوض أساس النظام الديمقراطي ويهدد سيادة القانون” في إسرائيل.