رأي

نقطة على ‏السطر- لماذا يتبرع لنا من نشتمه.. وكيف نضمن عدم سرقة المساعدات؟

بقلم د. ظافر عبيد، أخصائي الطب العام، وعضو لجنة حماية ميشيغان

‏لليوم السادس على التوالي تتكرر مناظر المأساة والفاجعة التي ضربت سوريا والمنطقة، ويبدو أن الآتي أعظم، وأعداد الضحايا للأسف تزداد يومًا بعد يوم، وبدلًا من أن تركز الجهود على الإنقاذ أخذت تركز أكثر على انتقاد الدول من ناحية، والمدح في دول أخرى من ناحية ثانية، والكل حسب أهوائهم، بينما لا يوجد تركيز مطلقًا على كيفية توحيد جهود الإنقاذ على كيفية إيصال المساعدات للمحتاجين دون أن تُسرق، لا يوجد توجيه للناس حول أين يتم إرسال المساعدات، خاصة في سوريا، وللأسف الكل سارق وحرامي ممن يشرفون علي توزيع هذه المساعدات.

المهم فقط هو شتيمة أمريكا والغرب، ولكن هل تدرك شعوبنا أنه عندما يتم شتيمة شعب بأكمله لسنوات عديدة فهل سيتعاطف معكم، هل تعاطفتم أنتم معهم في مصائبهم، أم كانت الشتيمة والشماتة سمتين ملازمتين لشعوبنا الغارقة في الجهل، هل توجد شفافية في توزيع المساعدات؟، والناس التي ترسل أموالها هل تعرف إلى أين تذهب هذه الأموال؟، هل توجد منظمة واحدة موثوق بها لإرسال هذه الأموال؟، فكيف تتكلمون عن إنسانية الغرب؟

لقد حان الوقت لوضع النقاط على الحروف، وهذا الزلزال سيغير الكثير من المفاهيم الدينية والاجتماعية والسياسية، لابد من نظرة جديدة لتفسير ما يحدث حولنا، حان الوقت لتطور الشعوب العربية، بدلًا من أن تغرق في الجهل والتخلف، وتفسر الزلازل مثلًا على أنها عقاب إلهي في كل الأديان.

لم ينتقد أحد الدول أو الحكومات التي سمحت بالبناء العشوائي، وبالغش في البناء، وبالرشاوى التي كانت تعطى للجهات الحكومية من أجل الغش.

لماذا هذا العدد الكبير من الضحايا، بينما زلزال مماثل في اليابان يقتل العشرات فقط، أنا كنت شاهدًا على إنسانية أمريكا أيام تسونامي إندونيسيا، فقد كانت أكبر دولة متبرعة، ولكن سنوات الشتيمة والشماتة فعلت فعلتها وغيرت الشعب الأمريكي، فكيف نطلب من شعب أن يتبرع إلينا ونحن نشتمه يوميًا.

حتى في أعظم دول العالم، حيث الشفافية والمحاسبة، تصل فقط 30% من التبرعات إلى محتاجيها، فكيف نتوقع الحال في دول تفتقد الشفافية وينخرها الفساد، أين هي هيئة الإغاثة في سوريا الموثوق بها التي ستستقبل وتنظم وتوزع هذه المساعدات؟، أين هي ردة فعل المسؤولين وهبّتهم والجدية في خطابهم، فكل ما نراه على شاشة التلفاز هو ابتسامات واستقبالات لا غير.

 حان الوقت لتصحو شعوبنا وتدخل القرن الواحد والعشرين بدلًا من الخزعبلات والخرافات، حان الوقت إلى تفسير مغاير للدين، وأن يكون الإنسان هو المحور وليس رجل الدين، سواءً كان عالمًا أو جاهلًا، حان الوقت لكي تصنع الشعوب مستقبلها وليس السياسي الفاسد والكذاب، حان الوقت أن نعمل جميعًا، كل حسب طاقته، ونوحد الجهود ونتعلم كيفية العمل الجماعي لبناء الأوطان، بدلًا من الانتقادات وتسخير السياسة والدين حسب الأهواء والمصالح.

من يريد أن يتبرع عليه أن يبحث عن منظمة موثوق بها يرسل أمواله من خلالها، ومن يريد أن ينتقد الدول فقط لمجرد الانتقاد عليه أن يوجه جهده لمساعدة الناس، أو أن يصمت، فذلك أفضل وأجدى لمن هم بحاجة للمساعدة.


الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس وجهة نظر الموقع


تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى