رأي

يوميات مشجع في كأس العالم.. هل نجحت قطر في الاختبار؟

ترويها لكم: سارة حيدر- محاضر في القانون بجامعة باريس بانثيون سوربون

توجهت أنا وعائلتي إلى قطر بهدف تشجيع منتخب بلادنا، المنتخب الفرنسي. وبالرغم من أنني وزوجي من أصل لبناني، إلا أن فرنسا هي الوطن الذي احتضننا وأعطانا العلم، والعائلة والأمان، فكان أقل واجب  علينا هو أن نرفع راية الوطن في أكبر حدث رياضي في العالم.

وكعرب حصنا على أن نتواجد في المونديال الذي يقام لأول مرة في تاريخه في دولة عربية وبمشاركة 4 دول عربية.

وكلبنانيين لطالما كنا ممتنين لما فعلته قطر مع لبنان في الأوقات الصعبة التي عاشها سواء من مؤتمر الدوحة إلى إعادة إعمار بيروت بعد حرب تموز 2006.

لذا توجهت مع زوجي وأطفالي الذين لم تتجاوز أعمارهم الخمس سنوات إلى كأس العالم في قطر، وهناك عشنا فعلًا حلم الطفولة.

الوصول

كان الوصول إلى قطر دافئًا كطقسها وشعبها.. فقد استقبلنا أبو عبد الله وأم عبدالله، وهما قطريان كرسوا حياتهما في مهنة التعليم.

أبو عبدالله مدير سابق لمدرسة رسمية في قطر، حصد عدة تكريمات من قبل الحكومة القطرية وذلك خلال فترة مزاولة عمله.. فقد قضى عمرًا في المهنة الأسمى في العالم، واستثمر شبابه في إحياء جيل جديد من الشباب القطري المثقف.

تجده يحدثك متفاخرًا بما فعلته قطر في خلال العشر سنوات الماضية، وكيف أن اللجنة المنظمة للمونديال هي بغالبيتها القصوى مؤلفة من قطريين.

هذا الشعور بالفخر للهوية القطرية تلمسه في روح كل قطري.. ليس فقط لأن الدولة تستثمر بفائضها في تسهيل حياة القطريين، بل لأن كل قطري يرى أن مسار قيادته في قطر يتناسب مع طموحاته وفكره. فقطر اليوم هي دولة متقدمة تسعى للأفضل دائمًا، ولكن جذورها مغروسة عميقًا في أرض تسقيها أمطار الصحراء.

المباراة

كان لنا الحظ في مشاهدة عدة مباريات حماسية ضمن مرحلة التصفيات في دور الـ16، ومنها مباراة ألمانيا وإسبانيا، والبرتغال وأوروغواي، والولايات المتحدة وإنجلترا. وتلك المباريات أقيمت في ملعبي البيت ولوسيل.

ملعب البيت يبعد ساعة ونصف عن مكان إقامتنا، فكان علينا أولًا التوجه بالمترو إلى أقرب محطة، ومن ثم التوقف عند محطة لوسيل من أجل اخذ الباصات إلى ملعب البيت، وبالرغم من طول المسافة إلى أن التنظيم الجيد للمسار يُنسيك طول الطريق.

والجميل في المناسبات الرياضة الضخمة أنها تصبح مكانًا للتلاقي والتعارف بين الأفراد، بحيث يكون الحاضرون منفتحين للتحدث مع المارة.

كانت تجربة المترو فريدة وكاشفة لنمط الحياة في قطر، فدائمًا ما يكون استعمال المترو في دولة لا تعرفها يسمح لك بالتعرف عن كثب عن الحياة اليومية للعاملين فيها. ولا بد من التذكير بأن جزءًا كبيرًا من البنى التحتية التي نراها اليوم في قطر تم إنشاؤها خلال العشر سنوات الماضية.

وربما هنا من المجدي أن نذكّر بأن التطور التي شهدته الدوحة، سواءً في منشآتها أو مراكزها الإدارية والتسويقية، كان لا بد أن يحدث بغض النظر عن استعداد قطر لاستقبال كأس العالم أم لا.

وفيما يخص المترو، تذهلك نظافة المكان وسهولة التنقل، فهنالك مصاعد عديدة في كل محطة تسمح للأطفال وكبار السن بالتنقل دون عناء.

في الملاعب

قبل دخول الملعب يجب على كل فرد أن يمر بنقطة تفتيش، وعادة ما تتم الأمور بسرعة، حيث تتواجد عدة نقاط تفتيش في آن واحد معًا لتسهيل مرور المشجعين، ومن ثم يتم التأكد من التذكرة المخصصة لمشاهدة المباراة، والتي تكون عادة مسجلة في تطبيق “هيا”.

أفراد الأمن متشددين في تنفيذ القانون، وقد صادفنا موقفًا مميزًا حدث أمامنا، فقد حاول أحد الأشخاص الدخول وتخطي الحاضرين في الصف، وعرّف عن نفسه بأنه “فلان” وأنه شخصية مهمة، إلا أن الحارس رفض دخوله، مشددًا على أنه لا امتياز لأحد وأجبره على احترام الصف.

وإلى جانب روعة التنظيم، فإن ملعب لوسيل بحد ذاته مميز من حيث هندسته وإضاءته المستوحاة من الزخارف العربية بألوانها الذهبية.

نسمع كثيرًا عن الانضباط الروسي، أو عن دقة توقيت الشعب الألماني، كما نسمع عن شياكة الفرنسيين، ولكن دون مبالغة فإن قطر جمعت تلك الصفات في آن واحد، حتى بات لها اليوم معيار خاص، وهو معيار ذهبي بامتياز، فقد أصبح بإمكاننا  أمكن اليوم أن نقرن الدقة والكرم والترف بقطر.


الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس وجهة نظر الموقع


تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى