الراديوطبيبك الخاص

هل لقاح كورونا آمن؟.. وهل له آثار جانبية؟

أجرى الحوار: سامح الهادي ــ أعده للنشر: أحمد الغـر

مع بدء التطعيمات بلقاح كورونا تداول العديد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بعض المزاعم حول خطورة اللقاح والآثار الجانبية التي سيتسبب بها، فيما أكد أطباء وخبراء، وكذلك هيئة الغذاء والدواء، سلامة اللقاح وأنه آمن ولا يسبب اي مشكلات.

لإلقاء الضوء أكثر حول هذا الموضوع استضاف الإعلامي سامح الهادي، الدكتور مراد الصباغ، أخصائي الطب الداخلي وزرع الكلية والبنكرياس من جامعة فلوريدا، وهو أيضا رئيس مركز زرع الكلية في مشفى (Doctors Hospital and Renaissance) في مدينة إدينبرج بتكساس.

تضمنت الحلقة العديد من الأسئلة، منها: هل لقاح فيروس كورونا آمن؟، وكيف نتأكد من سلامته؟، وما هى أعراضه الجانبية؟ ومن الذي يعتمد اللقاحات أو العلاجات؟، وبعيدًا عن الشائعات.. ما الذي يلزمنا معرفته عن لقاح كورونا؟

مرض حقيقي أم مؤامرة؟
* قبل أن نذهب للحديث عن اللقاح؛ هل لنا أن نبدأ بالحديث عن المرض نفسه؟، ما هو مرض كوفيد-19؟، وهل هو فعلًا مؤامرة أم فيروس حقيقي؟

** أولًا مرض كوفيد-19 هو أحد الفيروسات التاجية التي تصيب الجهاز التنفسي، فنحن على علم بفيروسات تاجية أخرى تصيب الجهاز التنفسي، ولكن ما يميز كوفيد-19 هو أنه يهاجم معظم أجهزة الجسم، لذلك فهو يحمل ـ ما نعرفه حاليًا ـ من قدرة على الفتك والقتل، وجعل المرضى في العناية المركزة لفترة طويلة، وإحداث قصور في أجهزة الجسم كاملةً.

لا أريد الخوض بالتفاصيل عن موضوع أن الفيروس مؤامرة أو تم تخليقه في معامل، فالجواب الشافي في هذه النقطة تحديدًا ليس عندي، ولكن ما أعرفه ـ كما يعرفه الجميع الآن ـ أن المرض قد أصبح منتشرًا بشكل شديد، وللأسف خرج عن السيطرة في مختلف أنحاء العالم.

ونحن نلاحظ هنا في الولايات المتحدة أن الوباء قد تفشى بشكل كبير للغاية، ونلاحظ يوميًا أن عدد الوفيات خلال الأسابيع الأخيرة تتراوح بين 2500 إلى 3000 وفاة.

ومن المؤسف أن البعض يقول أن فيروس الأنفلونزا يقتل أكثر، وأن وفيات كورونا من 2% إلى 3% فقط، وأن الوفيات تحدث لمن هم كبار في العمر، وأن الوفيات تريح الجهاز الطبي المرهق ماليًا، ولكن هذا كلام غير منطقي وغير أخلاقي، ولا يجب مقارنة وباء كورونا بأي وباء آخر مرت به البشرية.

Courtesy of Pixabay

تضخيم الوباء
* هناك من يقول ان تضخيم الأمر قد حدث بسبب الإعلام وأصحاب المصالح، وأن 2% فقط هم من يتوفون بسبب هذا الفيروس. فلماذا تضخمون الأمور؟

** في الواقع نحن لم نضخم الأمر، ولكنه ضخم بالفعل، وأي طبيب سيخبرك الآن أننا نعيش في حالة كابوس، فنحن نرى المرضى يتساقطون يوميًا، و2% هو رقم كبير، فإذا تم استثناء الأطفال ومعظم الأصحاء، فنحن نتكلم عن رقم يتجاوز الـ30% من المرضى المسنين والمرضى المزمنين.

بمثال بسيط.. لو تحدثنا عن أسرة تتكون من أب وأم و4 من الأبناء، وكان الجد والجدة فوق عمر الـ 70 سنة، والجميع يعيشون في منزل واحد، أو قريبين من بعضهم البعض ويتزاورون بشكل يومي، فإذا دخل المرض إلى تلك الأسرة، سيكون من المحتمل أن يتعافى الأب والام والأبناء، ولكن الجد والجدة لن يتعافيا منه.

لذلك لم يعد الأمر نسبته 2%، فوفاة شخصين من أصل 8 يعني أننا قد تجاوزنا نسبة الـ2%، فهذه نسبة خادعة.

وبشكل عام فإن المسنين وأصحاب الأمراض المزمنة مثل السكري والسمنة والسرطانات وغيرها، هم أهلنا ويجب احترامهم بكل ما نملك، وهم أشخاص لديهم هشاشة صحية، وأي مرض مثل كوفيد-19 قد يكون فتاك بالنسبة لهم.

Courtesy of Pixabay

لقاحات كورونا
* من المعروف أن شركة فايزر هى أمريكية، وهى تقدم للعالم لقاحًا معتمدًا للاستخدام الطارئ ضد مرض كورونا، السؤال الآن: هل نأخذ هذا اللقاح أم لا؟، وإذا أخذناه.. فما هى نسبة الحماية؟، وهل له آثار جانبية؟. وما هو تحليلك لظهور اللقاح بهذه السرعة.. خاصةً وأن اللقاحات عادةً ما تأخذ مدة أطول للوصول إليها. هل هذا يخدم نظرية المؤامرة حول الوباء؟

** أولًا؛ فإن اللقاح تم تصنيعه بآلية MRNA، وهى آلية معروفة سابقًا، فأنا أعمل في مجال زرع الأعضاء، ومن خلاله فإننا نتعاطي بشكل كبير مع علم المناعة، وهذه التقنية ظهرت منذ عام 2017، ولكنها لم تظهر على السطح بالشكل الكافي، وذلك لعدم وجود مرض وبائي قاتل منذ سنتين أو 3 سنوات.

لذلك فإن ظهور كوفيد-19 أعطى للعلماء إمكانية تطبيق الـMRNA، والتي تمتاز بكونها أسرع وأرخص، ويمكن من خلالها إنتاج كميات كبيرة جدًا من اللقاحات، كما أن تحضير اللقاح يتم من خلال التقنيات التكنولوجية فقط، وهو ما يجعله أنقى مقارنة باللقاحات التقليدية، حيث أن تحضير اللقاح بتلك الطريقة يتطلب زرع الفيروس في أوساط مغذية مثل البيض أو أنسجة الحيوانات.

Courtesy of Pixabay

تقنية MRNA
* هل يعني ذلك أننا في المستقبل القريب، سنتعامل مع ما يأتي ويظهر من فيروسات بنفس الطريقة، وسنصنع لها لقاحات بنفس الطريقة؟

** سؤال ممتاز، والإجابة عليه: نعم، ولكن هذا يعتمد على المادة الوراثية للفيروس، وهنا يمكن أن نتساءل: لماذا لم نطبق لقاح بتقنية الـMRNA على فيروس الإيدز؟، فالمادة الوراثية الخاصة بفيروس الإيدز معقدة جدًا، فهى تدخل على الـDNA والجينوم الخاص بالإنسان وتملك ما يسمى بالنسخ الانعكاسي، لذلك فإن فيروس الإيدز يبقى فعالًا مهما فعلنا معه.

لذلك ـ للأسف ـ فإن العلماء قالوا فيما يخص لقاحات الإيدز فلندعها جانبًا، ونركز الآن على الأدوية الخاصة به، فمثلما نعرف في أمريكا حاليًا توجد أدوية ناجحة جدًا لفيروس الإيدز، ولم يعد مشكلة صحية هنا في أمريكا منذ سنوات عديدة، والمرضى يتضاءل عددهم يوميًا، والأدوية ناجحة معهم بشكل عام.

بالعودة إلى لقاح كوفيد-19، سنجد أنه قد تم تصنيعه مخبريًا، وهو مغطى بغلاف من مادة دهنية وبروتينية، تدخل إلى جسم الإنسان، وعند دخوله إلى الخلية فإنه يدفع الأشواك الخاصة بالفيروس إلى سطح الخلية، وبعضها يطردها إلى خارج الخلية، لذلك يتم تفعيل الجهاز المناعي بنوعيه؛ الخلايا البائية والخلايا التائية، وهذا يعطي قدرة كبيرة لجسم الإنسان في مواجهة الفيروس في المستقبل.

Courtesy of Pixabay

أخذ اللقاح
* د. مراد؛ انا سمعت أنك ستأخذ لقاح كورونا، فهل لي أن أسألك وحتى نوضح للسادة المستمعين.. ما دافعك لفعل ذلك؟

** إن شاء الله، فاليوم سيقوم المشفى الذي أعمل به ببدء التطعيم من الساعة السابعة صباحًا وحتى الساعة الثانية ظهرًا، وإذا لم يسعفني الوقت اليوم.. فسوف أقوم بذلك غدًا، وسوف أنشر ذلك على السوشيال ميديا، حتى أبعث رسالة للجميع بضرورة أن نعمل معا على مواجهة هذا المرض، ويجب أن نتكاتف جميعا من أجل الحصول على “مناعة القطيع”.

وكما ذكر د. أنتوني فاوتشي سابقًا فإن الوصول إلى مناعة القطيع يستدعي تطعيم 70% من سكان كل بلد، وإلا سيظل الوباء يفتك بنا، لذا يجب أن نتحلى جميعًا بروح الجماعة.

Courtesy of Pixabay

رسالة إلى العرب
* ما هى رسالتك إلى المجتمع العربي الأمريكي فيما يخص سلوكيات التعامل مع هذا الوباء وما يخص اللقاحات؟

** أولًا.. اللقاح ليس مؤامرة، فقط تم تصنيعه بشكل سريع ليخدم الوضع الذي نعيش فيه، فنحن نعيش في وضع طارئ وبائس، ثانيًا.. التأثيرات الجانبية للقاح قليلة، وقد تم تطبيقه على أكثر من 100 ألف مريض، لمدة لا تقل عن 6 شهور، فتجربة فايزر تم تطبيقها على أكثر من 48 ألف شخص، كما أن تجربة موديرنا فقد تم تطبيقها على عدد مشابه تقريبًا.

وأنا لي أصدقاء أخذوا اللقاح، وأنا أشاهدهم يوميًا، ولم ألحظ أيّ تأثيرات جانبية واضحة عليهم، باستثناء بعض الصداع أو ارتفاع طفيف في درجة حرارتهم، أؤكد مجددًا أننا في حالة مسؤولية اجتماعية، واللقاح قد تم تصنيعه بدون أي غاية تخص المؤامرات الكونية.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى