تقارير

حكومة لبنان الجديدة بين تحديات إقناع الشارع ومواجهة الأزمة الاقتصادية

أحمد الطلياني

بعد 3 أشهر من الشلل السياسي في لبنان، خرجت  إلى النور تشكيلة الحكومة الجديدة برئاسة حسان دياب، والمؤلفة من 20 وزيرًا غير معروفين بغالبيتهم، ومن بينهم أكاديميين وأصحاب اختصاصات.

وشكلت جماعة حزب الله وحلفاؤها – بمن فيهم التيار الوطني الحر الذي أسسه الرئيس اللبناني ميشال عون، الحكومة دون مشاركة أحزاب سياسية رئيسية تتمتع بدعم غربي.

والأطراف السياسية الأبرز الممثلة في الحكومة هي التيار الوطني الحر، وحزب الله، وحركة أمل، وأحزاب أخرى حليفة وإن كانت أقل نفوذا مثل حزب المردة برئاسة سليمان فرنجية.

وقاطعت أحزاب أخرى الحكومة الجديدة على رأسها تيار المستقبل بزعامة رئيس الوزراء المستقيل سعد الحريري، والقوات اللبنانية، أحد أبرز الأحزاب السياسية.

ويطالب مئات آلاف اللبنانيين الذين ينزلون إلى الشوارع والساحات برحيل الطبقة السياسية التي يحملونها مسؤولية تدهور الوضع الاقتصادي ويتهمونها بالفساد والعجز عن تأهيل المرافق وتحسين الخدمات العامة الأساسية.

كما يطالبون بتشكيل حكومة اختصاصيين ومستقلين عن الأحزاب السياسية التقليدية، على أن تكون مهمتها وضع خطة إنقاذية تخرج البلاد من الانهيار الاقتصادي.

ورغم إصرار دياب على أن الحكومة تعبر عن تطلعات الشارع الذي يشتعل منذ 17 أكتوبر الماضي رفضًا للطبقة السياسية برمتها، إلا أن المتظاهرين احتجوا عليها، على اعتبار أنها ليست سوى واجهة لأحزاب سياسية متحالفة طالبوا بخروجها من السلطة، وأن الوزراء الجدد ليسو إلا ممثلين عن تلك الأحزاب.

كما يعارض الحكومة الجديدة مناصرو رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، على اعتبار أنها لا تمثل سوى طرف سياسي واحد. ووقعت اشتباكات في بيوت بين محتجين وقوات الأمن التي ردت بإطلاق الغاز المسيل للدموع.

وإلى جانب رفض الشارع للحكومة الجديدة المدعومة من جماعة حزب الله، فإنها ستواجه تحديًا سياسيًا صعبًا يتمثل في أسوأ أزمة اقتصادية تمر بها البلاد منذ الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990.

ودخل لبنان في الأزمة المالية الحادة في أعقاب الاحتجاجات الواسعة ضد السياسيين والتي انطلق في أكتوبر الماضي.

وسيكون على الحكومة التحرك سريعا لضمان الحصول على تمويل خارجي لمنع حدوث انهيار مالي، وإنقاذ البلاد من “كارثة اقتصادية”، كما وصفها رئيس الوزراء حسان دياب.

وربما تتطلع الحكومة أيضًا إلى مساعدة من صندوق النقد الدولي، بل بات ذلك شبه مؤكد،خاصة بعدما قال الرئيس عون في أول اجتماع للحكومة الجديدة إن مهمتها الرئيسية هي استعادة ثقة المجتمع الدولي والمستثمرين والمانحين الأجانب.

الأمر الذي قد يفتح الباب أمام التمويل وتخفيف أزمة السيولة التي أضرت بالليرة اللبنانية وزادت من التضخم إلى جانب فرض قيود على المعاملات المصرفية.

ولن تكون مهمة دياب، الذي قال إن أول زيارة له للخارج ستكون لدول الخليج العربية، سهلة لإنقاذ اقتصاد بلد مثقل بدين عام تبلغ نسبته نحو 150% من الناتج المحلي الإجمالي.

وسيكون على دياب أولا وقبل أي شئ طمأنة حكام المنطقة المتحالفين مع الولايات المتحدة والتي لا تبدو مستعدة لدعم بيروت، خاصة وأنها تصف حزب الله المدعوم من إيران، بأنها جماعة إرهابية.

وتتوالى تحديات الحكومة الجديدة مع رفض عدد من تجار العملة بيع الدولار بسعر أقل وافقت عليه نقابة الصرافين مع البنك المركزي.

وقال وزير المالية اللبناني غازي وزني إن من غير المرجح أن يعود سعر صرف الليرة أمام الدولار لما كان عليه في السوق الموازية. ووصف وزني استحقاقات الديون السيادية القادمة بالعملة الأجنبية بأنها “كرة نار”.


وفي النهاية فإن الحكومة اللبنانية الجديدة – التي تأخر تشكيلها نتيجة انقسام القوى السياسية الداعمة لدياب على شكلها وتقاسم الحصص فيما بينها – يتوجب عليها توزيع جهودها وأولوياتها على نحو يعود بالهدوء إلى الشارع، وينقذ البلاد من الأزمة الاقتصادية، وذلك عن طريق موازنة خياراتها.

وقد تتجه حكومة دياب إلى قطر التي تتقرب بشدة من إيران، حال رفض جيرانها مثل السعودية والإمارات تقديم الدعم المالي لبيروت.

فهل تنجح الحكومة الجديدة في إقناع الشارع وأن تكون مستقلة في بلد يقوم نظامه على المحاصصة الطائفية والمذهبية، إلى جانب العبور من تلك الأزمة الاقتصادية الطاحنة؟

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى