تحذير أممي من جوع كارثي في غزة بسبب نفاد الغذاء ومنع دخول المساعدات

يبدو أن هناك تعتيم إعلامي مخيف ومتعمد حول العالم بخصوص ما يحدث في شمال غزة من حرب تجويع، فالضجة الإعلامية السابقة حركت ضمير العالم، وجعلت الشعوب تمثل عامل ضغط قوي على الحكومات، وكان من أثرها أنها استطاعت إيصال الطعام للمحتاجين إليه هناك.
أما الآن وبعد أن تناسى الجميع حالهم وانشغل بمخطط وقف إطلاق النار الذي اقترحته إسرائيل ويرعاه بايدن، فقد غفل العالم عنهم، واستغلت إسرائيل الفرصة لتشديد الخناق عليهم من جديد، ومنع وصول الطعام وكل مقومات الحياة إليهم، وعادت المجاعة من جديد إلى شمال غزة وباقي أرجائها، وأصبح الناس لا يجدون ما يأكلون، ولا ما يطعمون به أطفالهم.
ويتهافت الأهالي أمام نقاط معينة في محاولة للحصول على بعض الأكلات المطبوخة، عقب فراغ الأسواق من السلع الأساسية ونقص المياه، وتدمير الاحتلال المخازن الرئيسية التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وإحراقها.
ومع تلاحق نداءات الاستغاثة من شمال القطاع بسبب نفاد المواد الغذائية ومنع الاحتلال دخول َالمساعدات، قال مسؤول حكومي في غزة إن الموت يتهدد المئات من أطفال القطاع المحاصر.
جوع كارثي
من جانبها حذرت منظمة الصحة العالمية من أن سكان غزة يواجهون “جوعًا كارثيًا وظروفًا شبيهة بالمجاعة”. ونفى المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، وجود أي دليل على أن المحتاجين في غزة يتلقون ما يكفي من الغذاء كمًا ونوعًا، رغم الأنباء عن زيادة تسليم الأغذية.
وأشار غيبريسوس إلى أن أكثر من 8 آلاف طفل دون سن الخامسة شخصوا وعولجوا من سوء التغذية الحاد، بما في ذلك 1600 طفل يعانون سوء التغذية الحاد الوخيم.
وأضاف أنه بسبب انعدام الأمن وعدم إمكانية الوصول، لا يمكن تشغيل سوى مركزين لتحقيق الاستقرار للمرضى الذين يعانون سوء التغذية الحاد.
كما أدى عدم قدرة المنظمة على تقديم الخدمات الصحية بأمان إلى الافتقار إلى المياه النظيفة والصرف الصحي، وإلى زيادة كبيرة في مخاطر إصابة الأطفال بسوء التغذية.
الموت والمجاعة
من جانبه، توقع مارتن غريفيث وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، أمس الأربعاء، أن يواجه نصف سكان قطاع غزة الموت والمجاعة بحلول منتصف يوليو المقبل.
وقال غريفيث في بيان إن “الصراعات في السودان وغزة تخرج عن نطاق السيطرة، وتدفع الحرب ملايين الناس إلى حافة المجاعة”.
وأشار إلى أن “الأمور الفنية هي التي تمنع إعلان المجاعات (في غزة والسودان) حيث يموت الناس من الجوع بالفعل” في تلك المناطق.
وأضاف “في غزة، من المتوقع أن يواجه نصف السكان، أكثر من مليون شخص، الموت والمجاعة بحلول منتصف يوليو المقبل”.
https://twitter.com/UNReliefChief/status/1800873456441155815
نفاد الغذاء
وقال مسؤول حكومي في غزة لقناة “الجزيرة” إن المجاعة شمال القطاع وصلت مدى كارثيًا، وإن أغلب السلع الغذائية قد نفدت. وأضاف أن مئات الأطفال والمرضى مهددون بالموت جراء المجاعة، مشيرًا إلى أن المؤسسات الدولية المعنية لا تقوم بواجبها بإجبار الاحتلال على احترام القوانين الدولية.
وحذّر المكتب الإعلامي الحكومي في القطاع من أنّ شبح المجاعة يتهدد من جديد محافظتي غزة والشمال، بينما تتدهور أزمة الأمن الغذائي بمحافظات الوسط والجنوب.
وقال إنّ عدد شاحنات المساعدات الإنسانية التي دخلت هذا الأسبوع غزة انخفض عن الأسبوع الماضي بنسبة 12%، بينما بلغ عدد الشاحنات التي دخلت الأسبوع الماضي محافظتي غزة والشمال من نقطة غرب بيت لاهيا 224 شاحنة فقط، أغلبيتها محملة بالطحين.
وأشار المكتب الإعلامي إلى أنّ الاحتلال يخدع الرأي العام العالمي عبر الحديث عن إدخال شاحنات لا تحمل سوى الطحين فقط، كما أنه يتعمد تقليل حمولتها لزيادة عددها، ولا يزيد عددها في اليوم الواحد على 35.
توقف المستشفيات
كما حذرت وزارة الصحة في غزة من توقف المستشفيات والمراكز الصحية ومحطة الأوكسجين الوحيدة في محافظة غزة التي تزود المرافق الصحية والمرضى المزمنين بالأوكسجين، بسبب سيطرة الاحتلال على المعابر وعدم إدخال السولار لتشغيل المولد المغذي لمحطة الأوكسجين وثلاجات حفظ الأدوية.
وقالت إنّ هذا يعرّض حياة عشرات من المرضى والجرحى للموت المحتم، إضافة إلى تعرّض الأدوية في الثلاجات إلى التلف.
وناشدت وزارة الصحة في غزة كافة المؤسسات المعنية والأممية والإنسانية سرعة التدخل لإدخال الوقود، إضافة إلى المولدات الكهربائية وقِطع الغيار اللازمة للصيانة.
سياسة التجويع
من جهتها، أدانت حركة حماس “سياسة التجويع” التي يستخدمها الاحتلال الإسرائيلي، وطالبت الدول العربية والإسلامية بالضغط لفتح المعابر وإدخال المساعدات.
وأكدت الحركة في بيان لها أن “سياسة التجويع إمعان في جريمة الإبادة، وعلى الدول العربية والإسلامية الضغط لفتح المعابر وإدخال المساعدات”.
وقال البيان إن “استخدام الاحتلال التجويع كسلاح خلال هذا العدوان الفاشي هو جريمة حرب موصوفة، وتأكيد على استمراره بجريمة الإبادة ضد شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، بالقصف والمجازر والتجويع، أمام مرأى ومسمع من العالم أجمع، في انتهاك صارخ لكل القوانين الدولية”.
ومنذ 7 أكتوبر الماضي، تشن إسرائيل حربًا مدمرة على غزة خلفت نحو 122 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وأكثر من 10 آلاف مفقود.