أخبارأخبار العالم العربي

غزة تموت جوعًا بعد وقف تسليم المساعدات.. وأهالي الشمال يأكلون طعام الحيوانات

تفاقمت الأزمة الإنسانية في قطاع غزة مع دخول الحرب يومها الـ137، حيث أفادت تقارير عدة إلى معاناة أهالي القطاع من المجاعة مع استمرار إسرائيل في منع دخول المواد الغذائية والإمدادات الأساسية للقطاع،

وقال برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة إن أكثر من ربع سكان غزة استنفدوا إمداداتهم الغذائية، فيما حذرت منظمة اليونيسيف من أن 90% من أطفال غزة يعانون من سوء التغذية.

وفي الشمال كان الوضع أسوأ بكثير، حيث تصدر وسم “شمال غزة يجوع” منصات التواصل الاجتماعي بعدما وثّقت مجموعة فيديوهات من قطاع غزة المجاعة التي يعيشها الأهالي، والذين لجأوا إلى علف الحيوانات لسد جوعهم بعد أن توقفت المساعدات الغذائية والإنسانية عن الوصول إليهم بسبب الحرب المستمرة، والحصار الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي عليهم.

وقف المساعدات

ووسط هذه الظروف المأساوية، أعلن برنامج الغذاء العالمي، اليوم الثلاثاء، أنه أوقف مؤقتا تسليم المساعدات الغذائية الحيوية إلى شمال غزة، حتى تسمح الظروف بالتوزيع الآمن للمساعدات.

وقال البرنامج في بيان له إنه لم يتم اتخاذ قرار وقف إيصال المساعدات إلى شمال قطاع غزة بسهولة، “حيث نعلم أنه يعني أن الوضع هناك سوف يتدهور أكثر، وأن المزيد من الناس سيواجهون خطر الموت جوعًا”.

وأكد برنامج الأغذية العالمي أنه “ملتزم بشدة بالوصول بشكل عاجل إلى الأشخاص الذين بحاجة ماسة للمساعدة في جميع أنحاء غزة، ولكن يجب ضمان السلامة والأمن اللازمين لإيصال المساعدات الغذائية الحيوية وكذلك سلامة الأشخاص الذين يتلقونها”.

وكانت عمليات إيصال المساعدات لشمال غزة قد استؤنفت يوم الأحد الماضي بعد توقف دام ثلاثة أسابيع في أعقاب قصف شاحنة تابعة للأونروا وبسبب عدم وجود نظام فعال للإخطار عن قوافل المساعدات الإنسانية.

وكانت خطة البرنامج تقوم على إرسال 10 شاحنات محملة بالأغذية لمدة سبعة أيام متتالية، للمساعدة على وقف موجة الجوع واليأس، والبدء في بناء الثقة لدى المجتمعات المحلية بأنه سيكون هناك ما يكفي من الغذاء للجميع.

وفي يوم الأحد، عندما بدأت شاحنات البرنامج في التحرك نحو مدينة غزة وبالقرب من نقطة تفتيش وادي غزة، أحاطت بالقافلة حشود من الناس الذين هم بحاجة ماسة للمساعدات. وفي البداية، تصدينا لعدة محاولات لأشخاص حاولوا تسلق شاحناتنا، ثم واجهنا إطلاق النار بمجرد دخولنا مدينة غزة، وتمكن فريقنا من توزيع كمية صغيرة من الأغذية على طول الطريق.

ويوم الاثنين، واجهت رحلة القافلة الثانية للشمال فوضى وأعمال عنف كاملة بسبب انهيار النظام المدني. وتعرضت عدة شاحنات للنهب بين خان يونس ودير البلح، كما تعرض سائق إحدى الشاحنات للضرب. وتم توزيع ما تبقى من الطحين بشكل عفوي على الشاحنات في مدينة غزة، وسط توتر شديد وغضب متفجر.

خطر المجاعة

في ديسمبر الماضي حذر تقرير “التصنيف المرحلي المتكامل” الذي أعدته 15 منظمة من بينها برنامج الأغذية العالمي، من خطر المجاعة في شمال غزة بحلول مايو ما لم تتحسن الظروف هناك بشكل جذري.

وفي نهاية شهر يناير، وبعد إيصال المواد الغذائية إلى الشمال، نوهنا عن التدهور السريع في الأوضاع هناك. وفي اليومين الماضيين، شهدت فرقنا هناك مستويات غير مسبوقة من التدهور.

وتؤكد أحدث التقارير انزلاق غزة المتسارع نحو الجوع والمرض. لقد أصبح الغذاء والمياه الصالحة للشرب شحيحين بشكل لا يصدق، كما انتشرت الأمراض، مما يعرض تغذية النساء والأطفال ومناعتهم للخطر ويؤدي إلى موجة من سوء التغذية الحاد. الناس يموتون بالفعل لأسباب تتعلق بالجوع.

وأشار تقرير صدر يوم الاثنين عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) وبرنامج الأغذية العالمي، استنادا إلى بيانات حديثة، إلى أن الوضع خطير بشكل خاص في شمال قطاع غزة.

وفد وجدت فحوصات التغذية التي أجريت في الملاجئ والمراكز الصحية في الشمال أن 15.6 في المائة – أو 1 من كل 6 أطفال دون سن الثانية من العمر – يعانون سوء التغذية الحاد.

وقال البرنامج إنه سيسعى إلى إيجاد سبل لاستئناف عمليات إيصال المساعدات على نحو يتسم بالمسؤولية في أقرب وقت ممكن، مؤكدًا أن هناك حاجة ماسة إلى توسيع نطاق تدفق المساعدات إلى شمال غزة لتجنب الكارثة.

ولتحقيق ذلك، يحتاج برنامج الأغذية العالمي إلى كميات أكبر بكثير من المواد الغذائية القادمة إلى قطاع غزة من طرق متعددة، فضلا عن ذلك، يجب فتح نقاط العبور إلى شمال غزة. هناك حاجة إلى نظام إخطار إنساني فعال وشبكة اتصالات مستقرة. ويجب توفير الأمن لموظفينا وشركائنا وكذلك للأشخاص الذين نخدمهم.

واختتم البرنامج بيانه قائلًا: “إن غزة معلقة بخيط رفيع، ويجب تمكين برنامج الأغذية العالمي من تفادي المجاعة بالنسبة لآلاف الأشخاص الذين يعانون بيأس من الجوع الشديد”.

تجويع القطاع

وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة في بيان له أن المجاعة تتعمق في القطاع، وحذر من كارثة يروح ضحيتها مئات الآلاف من الأطفال والنساء.

وأضاف أن الاحتلال الإسرائيلي بدأ تنفيذ سياسة التجويع والتعطيش، وصولا للمجاعة منذ بدء حرب الإبادة، ودعا روسيا والصين وتركيا، وكل دول العالم الحر والمنظمات الدولية، إلى كسر الحصار والضغط لوقف حرب الإبادة الجماعية. وطالب البيان الفلسطيني بوقف فوري وعاجل لحرب الإبادة الجماعية ضد المدنيين والأطفال والنساء.

وأظهرت مشاهد حصلت عليها قناة “الجزيرة” تجمع الآلاف من الفلسطينيين بانتظار وصول عدد محدود من الشاحنات التي تحمل مساعدات إنسانية من الطحين.

وتوثق الصور حجم ومستوى المجاعة التي وصل إليها السكان، حيث توافد الآلاف منهم إلى هذه النقطة رغم معرفتهم بوجود آليات إسرائيلية تطلق النار والقذائف باتجاه كل من يصل المكان. وفي النهاية لم يحصل معظم المتجمعين على مرادهم بسبب محدودية المساعدات.

وتناقلت وسائل إعلام محلية روايات عن شهود عيان في مناطق شمال غزة تتحدث عن بدء المدنيين بطحن الرمل مع التبن والأعلاف ليصنع منه الخبز، في وقت يؤكد مدونون أن بعض المواطنين يتساقطون في الأرض من شدة الجوع.

تنديد وغضب

وأشعلت هذه المشاهد غضبًا واسعًا، حيث نددت النائبة البريطانية كلوديا ويب باستخدام إسرائيل التجويع كسلاح حرب، قائلة “المدنيون يموتون جوعًا في غزة، يأكلون العشب والأعشاب وأعلاف الحيوانات، وتتعمد إسرائيل استخدام التجويع كسلاح حرب، وإن قادتنا السياسيين يلعبون بالكلمات، إنهم متواطئون، السماح لإسرائيل بالتصرف دون عقاب”.

وحذّرت الأمم المتحدة -الأسبوع الماضي- من أنّ النقص المُقلق في الغذاء وسوء التغذية المتفشّي والانتشار السريع للأمراض عوامل قد تؤدّي إلى “ارتفاع كبير جدا” في عدد وفيات الأطفال في قطاع غزّة.

ويعاني ما لا يقلّ عن 90% من الأطفال دون سنّ الخامسة في غزّة مرضا معديا أو أكثر، وفق تقرير صادر عن اليونيسيف ومنظّمة الصحّة العالميّة وبرنامج الأغذية العالمي.

ويأتي ذلك مع مواصلة الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على القطاع المحاصر، في ظل وضع بات أهالي غزة، لاسيما شمال القطاع، يكابدون فيه مجاعة تهدد من نجا من القصف بالموت جوعا.

ويترافق ذلك مع دعوات ومناشدات بضرورة إنقاذ الناس -لاسيما الأطفال- والسماح بدخول المساعدات بما يخفف من هذا الوضع الذي يوصف بالكارثي.

كما وثقت تقارير جوانب من كفاح الأهالي اليومي من أجل تدبّر وجبة طعام، بينما يقول بعضهم إن أعلاف الحيوانات التي كانت تطحن ويصنع منها بعض الطعام هي أيضا قد نفدت.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى