أخبارأخبار أميركا

دلائل متزايدة على قمع الاحتجاجات والأحداث المؤيدة لفلسطين في الجامعات الأمريكية

تتعرض الجامعات الأمريكية لضغوط هائلة للقضاء على معاداة السامية، لكن البعض يقول إن هذه الضغوط تجاوزت هذا الهدف إلى الحد من حرية التعبير وقمع كل ما يتعلق بالاحتجاجات والأحداث المؤيدة للفلسطينيين، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز“.

وقالت الصحيفة إنه في جامعة بنسلفانيا، تم رفض عرض فيلم وثائقي ينتقد إسرائيل. وفي جامعة برانديز – التي عبرت عن التزامها بحرية التعبير – مُنعت مجموعة طلابية مؤيدة للفلسطينيين بسبب تصريحات أدلى بها أعضاؤها حول الأحداث في غزة.

وفي جامعة فيرمونت، كان من المقرر أن يلقي الشاعر الفلسطيني محمد الكرد محاضرة، لكن الجامعة ألغت الفعالية بعد أن اشتكى الطلاب من أنه معاد للسامية.

ورفض منظمو المحاضرة هذه الاتهامات، مؤكدين أن “الخلط بين منتقدي إسرائيل ومعاداة الصهيونية ومعاداة السامية أمر خاطئ ويتم استخدامه للحد من حرية التعبير والحرية الأكاديمية”، وأشاروا إلى أن العديد من أعضاء مجلس إدارة سلسلة المحاضرات هم من اليهود.

قمع متزايد

وأكد تقرير “نيويورك تايمز” أن هناك دلائل متزايدة على أن الجامعات الأمريكية بدأت في قمع الاحتجاجات والأحداث المؤيدة للفلسطينيين في الحرم الجامعي، حيث تواجه هذه الجامعات ضغوطًا من الجهات المانحة والخريجين والسياسيين، الذين يشعرون بالغضب مما يقولون إنه حملة معادية للسامية ضد اليهود.

وقامت بعض الجامعات بإلغاء الأحداث المؤيدة للفلسطينيين أو تأجيلها، كما قام البعض الآخر بمنع نشاط المجموعات الطلابية وتأديب الطلاب.

وأدت هذه الإجراءات إلى توقف بعض الطلاب عن المشاركة في الاحتجاجات، خوفًا على سلامتهم، وخوفًا من رجال الأعمال الذين بدأوا إعداد قوائم عدم التوظيف، والمجموعات الخارجية التي قامت بمضايقة الطلاب.

وقالت الصحيفة إن الحرب في غزة تكشف عن الصعوبات التي تواجهها الجامعات الأمريكية في التعامل مع حرية التعبير، مشيرة إلى أن قادة الجامعات يكافحون الآن لتحقيق التوازن بين الحق في التعبير والمخاوف والشكاوى من بعض الطلاب اليهود بشأن أن لغة الاحتجاج المؤيدة للفلسطينيين تدعو إلى العنف ضدهم.

ومع انتشار مقاطع فيديو لبعض الاحتجاجات، وتحول بعضها إلى مشادات جسدية، تعرض مسؤولو الجامعة لضغوط متزايدة لإيجاد طريقة لاحتواء المظاهرات.

عودة للوراء

وقالت راديكا سيناث، المحامية في منظمة “فلسطين القانونية”، وهي مجموعة حقوق مدنية، إن منظمتها تلقت أكثر من 450 طلبًا للمساعدة في القضايا المتعلقة بالحرم الجامعي منذ 7 أكتوبر الماضي، أي أكثر من عشرة أضعاف ما تلقته في نفس الفترة من العام الماضي.

وتشمل هذه الحالات الطلاب الذين تم إلغاء منحهم الدراسية أو تم استبعادهم، والأساتذة الذين تم تأديبهم، والإداريين الذين تعرضوا لضغوط من إدارات الجامعات.

وأضافت: “هذا الأمر لا يشبه أي شيء آخر رأيناه من قبل، إننا نعيش هنا لحظة تشبه فترة الستينيات، سواء فيما يتعلق بالقمع أو بالتعبئة الطلابية الجماهيرية”.

وفي الأشهر القليلة الماضية، تم وقف نشاط أبرز مجموعة جامعية مؤيدة للفلسطينيين، وهي “طلاب من أجل العدالة في فلسطين”، في أربع جامعات على الأقل، بما في ذلك كولومبيا، وبرانديز، وجورج واشنطن، وروتجرز.

وفي بعض الحالات، اتهمت الجامعات المجموعة بأنها تدعم حماس، وتقوم بتعطيل الفصول الدراسية وترهيب الطلاب الآخرين.

وأنكرت المجموعة التي تأسست منذ حوالي 30 عامًا هذه الادعاءات، وقالت في بيان لها إن “هذه الإيقافات التي تعرضت لها هي تصعيد خطير للإجراءات القمعية التي يتخذها الإداريون لوصف الطلاب المناهضين للصهيونية بأنهم تهديد عنيف ووجودي”، مضيفة أن الإداريين “قاموا بصياغة البنية التحتية للقمع الجماعي والرقابة والتلاعب الفكري”.

وضع صعب

ويرى خبراء أن وقف نشاط مجموعة طلاب من أجل العدالة في فلسطين إجراء ينتهك بوضوح التعديل الأول للدستور الأمريكي.

وقال بيرت نيوبورن، من جامعة نيويورك، إن قادة الجامعات في وضع صعب، مشيرًا إلى أن الجامعات “ستدفع ثمن الانفتاح الفكري إذا فرضت قيوداً غير مبررة على حرية التعبير التي تسمح بها في حرمها الجامعي، ولكن من ناحية أخرى، هناك شباب آخرون من اليهود يشعرون بالصدمة والخوف ولا ينبغي تجاهلهم”.

ويقول الطلاب العرب والمسلمون إنهم واجهوا الترهيب والمضايقة أيضًا، مشيرين إلى واقعة مقتل طفل فلسطيني يبلغ من العمر 6 سنوات في شيكاغو في هجوم كان بدافع الكراهية. كما تعرض ثلاثة طلاب من أصل فلسطيني لإطلاق النار الشهر الماضي.

وفي منتصف نوفمبر الماضي صوت مجلس إدارة مجلة هارفارد لو ريفيو على عدم نشر مقال باحث فلسطيني ومحامي حقوق الإنسان، قال في مقالته إن الأحداث في غزة يجب أن يتم تقييمها ضمن الإطار القانوني للإبادة الجماعية حسب تعريف الأمم المتحدة.

وفي بيان على الإنترنت، أدان العديد من المحررين المعارضين للمجلة قرار سحب المقال في مواجهة “حملة تخويف ومضايقة عامة”، فيما اعتبر الباحث الفلسطيني أن الأمر “مروع ومثير للقلق”، قائلا إنه “ليس تمييزيا فحسب، بل يكشف أيضًا عن استثناء فلسطين من حرية التعبير”.

وفي الإطار نفسه قالت المجموعة الطلابية اليهودية التقدمية إنها كانت تخطط لعرض فيلم “الإسرائيلية” في جامعة بنسلفانيا وهو فيلم وثائقي من إنتاج اليهود الأمريكيين الذين أعادوا التفكير في معتقداتهم حول إسرائيل بعد زيارتهم للبلاد ورؤية معاملتها للفلسطينيين، لكن الجامع رفضت عرض الفيلم الشهر الماضي.

وخلال الشهر الجاري استقالت رئيسة جامعة بنسلفانيا إليزابيث ماغيل بعد مثولها أمام الكونغرس للرد على ما إذا كانت ستعاقب الطلاب الذين يدعون إلى إبادة اليهود بموجب قواعد سلوك الجامعة.

ويقول بعض الطلاب إن إجراءات القمع التي تتم ممارستها في الجامعات لم تردعهم، مؤكدين أنهم سيواصلون الاحتجاج دعمًا للفلسطينيين.

وقال الطلاب إن الجامعات تتحدث كثيرًا عن التنوع، ولكنها تحتاج إلى قبول التنوع داخل الحرم الجامعي، حتى يكون لديها أصوات وآراء متنوعة.

وفي جامعة هارفارد، قال طلاب أنهم يشعرون بالقلق بشأن عواقب التحدث علناً عن الفلسطينيين، مشيرين إلى أن المخاوف بشأن العواقب يجعل بعض الطلاب يفكرون مرتين قبل التحدث بصراحة عن آرائهم في الحرم الجامعي.

لكن في النهاية، يقول الطلاب إنه نظرًا للوفيات الوحشية لآلاف المدنيين في غزة، فإنهم يشعرون أنه لا يوجد خيار أمامهم سوى الاستمرار في الاحتجاج والتحدث علنًا في الحرم الجامعي، مهما كانت العواقب، مشيرين إلى أن المخاطر في غزة أكبر من أن يبقوا صامتين في لحظة كهذه.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى