أخبارأخبار أميركا

لماذا لم تتمكن إدارة بايدن من إخراج الأمريكيين المحاصرين في غزة حتى الآن؟

تسعى وزارة الخارجية الأمريكية جاهدة لتقديم تفسيرات حول السبب الحقيقي الذي يجعل المواطنين الأمريكيين المحاصرين في قطاع غزة لا يزالون غير قادرين على الخروج من هناك حتى الآن.

فالتصريحات والبيانات الصادرة عن مسؤولي الخارجية والبيت الأبيض غير مقنعة لأهالي هؤلاء المحاصرين، خاصة وأنها تقدم إجابات مختلفة ومتضاربة بين ما يقال في السر وما يقال في العلن.

هذا ما كشفت عنه الرسائل التي تلقاها الأمريكيون المحاصرون في غزة وأهليهم من الخارجية الأمريكية خلال العشرين يومًا الماضية، والتي عرضت شبكة ABC News بعضًا منها.

فعندما تلقى عبود أوكال، وهو أمريكي يبلغ من العمر 36 عامًا محاصر في غزة، رسالة من مسؤولي وزارة الخارجية تبلغه فيها أنه من المرجح أن يتم فتح معبر رفح إلى مصر في 21 أكتوبر الجاري كان يعتقد أن الكابوس الذي كان يعاني منه مع زوجته وابنه الصغير قد اقترب من نهايته أخيرًا.

وقال محاميه، سامي النابلسي، إن عبود اصطحب عائلته إلى بوابة معبر رفح وانتظر طوال اليوم، ولكن لم يُسمح لأحد بالخروج من هناك.

بين السر والعلن

وفي الأيام التي تلت ذلك، ألقت وزارة الخارجية اللوم في العلن على متهم واحد وهو حركة حماس، بينما في رسائل البريد الإلكتروني التي تلقاه عبود وغيره من الأمريكيين المحاصرين سرًا، قدم المسؤولون الأمريكيون تفسيرًا مختلفًا، قائلين إن عدم قدرتهم على عبور الحدود كان نتيجة الفشل في التوصل إلى اتفاق دبلوماسي بين إسرائيل ومصر وحماس حول منح الأمريكيين ممراً آمناً للخروج من غزة.

وكتب لهم مسؤول كبير في وزارة الخارجية في رسالة بالبريد الإلكتروني قائلًا: “هناك أكثر من نقطة شائكة.. نحن بحاجة إلى اتفاق مع كل من مصر وإسرائيل وحماس جميعاً، ونحن قريبون جدًا من الاتفاق مع اثنين من الثلاثة، ونعمل مع الثالثة بجدية شديدة”.

وأضاف المسؤول الكبير في نفس الرسالة أن المسؤولين الأمريكيين نصحوا المسؤولين القنصليين الذين يعملون مع الأمريكيين في غزة “بعدم إصدار أي بيانات إضافية تنصح الأمريكيين بفرص عبور معبر رفح حتى نحصل على “نعم” واضحة من جميع الجهات الفاعلة”.

وحتى منتصف نهار الأربعاء الماضي قال عبود إنه لم يتلقى هو أو غيره أي تحديث ذي معنى من وزارة الخارجية. وأضاف: “نحن لا زلنا في مكاننا، ونحاول عدم المغادرة رغم اشتداد الضربات الجوية الإسرائيلية، لا نزال نسمع القصف في كل مكان حولنا، وكل يوم نحن معرضون للموت ونشعر بالقلق من أن الوقت قد فات”.

من جانبها رفضت وزارة الخارجية التعليق على أي مراسلات خاصة، لكن المتحدث باسمها ماثيو ميللر اعترف علنًا بأن الوزارة أبلغت الأمريكيين في غزة أنه من المحتمل أن يتم فتح بوابة معبر رفح أمامهم في مناسبات قليلة سابقة، لكن تبين بعدها أن الأمر ليس كذلك، مشيرًا إلى أن المسؤولين يواصلون التوصل إلى حل.

وقال ميلر خلال مؤتمر صحفي أمس الخميس “لقد أحرزنا تقدمًا، إنه شيء نركز عليه ونأمل أن يتمكن المواطنون الأمريكيون وغيرهم من الرعايا الأجانب من التحرك والمغادرة خلال الأيام المقبلة”.

مزاعم اتهام حماس

ورغم اعتراف وزارة الخارجية سرًا في رسائلها للأمريكيين المحاصرين بأن هناك عدة عوامل تمنع مغادرتهم غزة عبر معبر رفح، إلا أنها في العلن تنتقد حماس فقط لوقوفها في طريق القيام بذلك.

وقال وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، في مقابلة تلفزيونية: “إن الكرة الآن في ملعب حماس، فيما يتعلق بالسماح للأشخاص الذين يريدون المغادرة، والمدنيين الأجانب، بما في ذلك الأمريكيين، بالخروج من غزة”.

وبعدها ردد ميلر كلام بلينكن قائلًا إن حماس هي الكيان الوحيد الذي يقف في الطريق. وقال “التقارير التي وصلت إلينا على الأرض تفيد بأن حماس كانت تمنع أي شخص من المرور عبر البوابة من جانب غزة إلى الجانب المصري”.

وأضاف: “نعتقد أن مصر مستعدة لمعالجة المواطنين الأمريكيين إذا تمكنوا من الوصول إلى السلطات المصرية، وعلى حماس أن تتوقف عن عرقلة خروجهم”.

لكن يبدو من مقاطع الفيديو والصور التي أرسلها عبود لشبكة ABC News أنه لا يوجد أحد في الجانب الفلسطيني يسد معبر رفح أو يمنع الناس من المرور عبره، ولم يظهر في تلك الصور ومقاطع الفيديو سوى تجمع من الناس، بينهم نساء وأطفال، يقفون أمام بوابة مغلقة ومعهم بعض الأمتعة لكن لم يتم فتح المعبر من الجانب المصري لعبورهم.

ويمكن سماع صوت في الفيديو يقول: “عادة ما نمر عبر هذه البوابة، لكن لا أحد يستطيع السير إلى هناك، إذا حاولت ذلك فسوف تتوقف عند الحدود وسوف يردك المصريون”.

وبالفعل تراجع مسؤولو وزارة الخارجية الأمريكية عن بعض مزاعمهم الأولية بشأن حصار حماس للمواطنين الأجانب ومنعهم من العبور لمصر.

وقال ميلر في مقابلة أجريت معه يوم الأربعاء: “لم يكن هناك من حماس يحرس الجانب الفلسطيني من معبر رفح، وهي منطقة حدودية تديرها حماس”. وأضاف: “لذلك كانت هناك مشكلة في نقل الأشخاص عبر الجانب الفلسطيني في غزة إلى المنطقة الحدودية، حيث يمكنهم في النهاية العبور إلى الجانب المصري لتتم معالجتهم”.

ولم يوضح ميلر كيف تسبب غياب حماس عن المحطة الحدودية افي عدم مغادرة الأمريكيين من غزة، بينما لم يتسبب في منع عبور المساعدات الإنسانية المحدودة إلى غزة في الاتجاه المعاكس.

مفاوضات مستمرة

من جانبه قال متحدث باسم وزارة الخارجية “إننا نتبع كل البدائل الممكنة لإخراج المواطنين الأمريكيين”، مشيرًا إلى أن المفاوضات مع جميع الأطراف المشاركة في فتح معبر رفح أمام الرعايا الأجانب لا تزال مستمرة.

وأضاف: “نحن نتعامل مع إسرائيل ومصر وحماس، ونحن لا نتحدث مباشرة مع حماس، ونرسل لها رسائل عبر مصر وعبر قطر، ويمكنك أن تتخيل مدى صعوبة التفاوض بهذا الشكل بشأن كل شيء صغير، إنه أمر معقد، حققنا بعض التقدم وأعتقد أننا سنصل إلى هدفنا، لكن الأمر صعب”.

وبينما تستمر المفاوضات، فإن عبود وعائلته، بالإضافة إلى ما يقدر بنحو 500 إلى 600 مواطن أمريكي في غزة ليس لديهم مخرج – ما زالوا يعانون.

يقول عبود: “نحاول أن نبقى أقوياء، لكن الأمر ليس سهلا، فنحن نواجه ضربات جوية مكثفة كل يوم”، وأشار إلى أنه وزوجته يحاولان حماية ابنهما البالغ من العمر عاماً واحداً، لكنهما لا يستطيعان فعل الكثير.

وأضاف: “لسوء الحظ، نفد الحليب منه بالأمس، لقد فتحنا آخر علبة لدينا، والليلة ستكون أول ليلة له على الإطلاق في حياته كلها ينام فيها دون تناول الحليب. لذلك نأمل ألا تكون تلك الليلة سيئة للغاية”.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى