ما تأثير الطلاق على الوضع القانوني للمهاجر في أمريكا؟
أجرى الحوار: ليلى الحسيني ــ أعده للنشر: أحمد الغـر
الطلاق في أمريكا هو الإجراء القانوني الذي ينهي علاقة الزواج بين زوجين ويتم التعامل معه بموجب القانون الاتحادي والقوانين الولائية كما تختلف شروط الطلاق وأنواعه بين الولايات المختلفة في الولايات المتحدة، وإذا كنت داخل الولايات المتحدة بتأشيرةٍ على أساس طلب تقدَّم به شريكك، فقد لا يكون الطلاق عمليةً صعبةً فحسب، بل وقد يؤثر أيضًا على وضعك القانوني كمهاجر.
لمناقشة الموضوع ولتجنب هذه المعضلة، استضاف راديو صوت العرب من أمريكا المحامي المتمرس في قضايا الهجرةِ والتجنس، الأستاذ محمد الشرنوبي، لمناقشة المشكلاتٍ التي قد تنتج عن الطلاق، وألية التعامل مع قوانين وإجراءات الهجرة المعقدة الناتجة من دعوى الطلاق.
نسبة مرتفعة
* نبدأ مما قاله أحد المتابعين؛ لماذا ترتفع نسبة الطلاق بشكل مخيف في أمريكا؟، لا سيما وأن الأمر أحيانا يثير العديد من المشاكل إذا ما كان أحد الطرفين قد قدّم على معاملة هجرة للطرف الآخر.
** الصعوبات الاقتصادية الموجودة في أمريكا وفي العالم أجمع لها تأثير “إيجابي” على قضايا الطلاق، فالوضع المادي له تأثير كبير على مسألة الطلاق، ومع اختلاف الآباء والامهات على كيفية تربية الأطفال تحدث أيضا مشكلات قد تؤدي إلى الطلاق في النهاية.
الزواج والجنسية
* إحدى الطرق التي يحصل بها الشخص على وضع قانوني في أمريكا تكون من خلال الزواج، وهذا هو أسهل وأسرع الطرق، ولكن الأهم أن يكون الزواج صحيحًا من البداية وبهدف تشكيل أسرة جميلة، هل من الممكن توضيح الأمر أكثر للمستمعين؟
** الزواج هو أسهل طرق الحصول على الجرين كارد في أمريكا في مدة قياسية، وهو الذي يتخطى كافة الصعوبات مهما كانت؛ حتى إذا لم يكن لدى الشخص إقامة، أو لديه مشاكل جنائية، أو لديه مشاكل مرتبطة بقانون الهجرة، أو عمل بوظيفة بدون تصريح عمل، أو غيرها من المشكلات والصعوبات.
المشكلة إن النية في الزواج أحيانا لا تكون صافية لدى الطرفين أو أحدهما، وبالتالي تحدث مشكلات كبيرة جدا في المستقبل، وقد تؤدي إلى الطلاق في النهاية، ومن أهم شروط الزواج هي النية، فإدارة الهجرة عندما تحاول التأكد من صحة الزواج؛ حقيقي أم غير حقيقي؟!، تعتمد في إجابة ذلك السؤال على النية عند إبرام عقد الزواج.
التقديم على معاملة هجرة
* وردنا سؤال يقول إن أحد الزوجين يتعسف في حق الطرف الآخر، ولا يقدم معاملة الهجرة للطرف الآخر، زعمًا منه أن الزواج قد تمّ من أجل تشكيل أسرة فقط، فكيف تردّ على ذلك؟
** النية صعب إثباتها، هل النية كانت للحصول على أوراق فحسب، أم أن النية كانت الدخول في علاقة زوجية ويتم إثبات النية بكافة الإثباتات، بالطبع هما من يعيشان مع بعضهما البعض، وهما من يشعران بهذا الأمر، فلا أحد يستطيع أن يفصل بنسبة 100٪ في هذا الموقف، ولكن إدارة الهجرة تستدل على النية من خلال معرفة ما حدث قبل الزواج وما حدث بعد الزواج، من خلال معرفة الأمور التي كانت تتم قبيل الزواج من مكالمات هاتفية ورسائل ومحادثات، وما يحدث بعد الزواج من اضطراب في العلاقة وجفاء وما شابه.
* إذا تزوجت امرأة من رجل وكان هذا الزواج قانونيًا أما المحاكم الأمريكية، هل يحق لزوجها أن يحرمها من حقها في الحصول على الجرين كارد؟، والعكس أيضا.. هل يحق للزوجة قانونًا من أن تحرم زوجها من التقدم للحصول على الجرين كارد؟
** قانونًا نعم، يحق للزوج أو الزوجة عدم التقديم على معاملة الهجرة حتى بعد الزواج، ولا توجد أي قوة تستطيع إجبار أي طرف من الطرفين على التقديم على معاملات الهجرة، ولكن إذا حصل أحد الطرفين على الجرين كارد المؤقت فمن الممكن أن يحصل على الجرين كارد الدائم بدون مساعدة الطرف الآخر.
أسئلة هامة
* وردنا سؤال يقول: للتو تزوجنا والعلاقة قائمة، وأحدنا تقدم للحصول على الجرين كارد للآخر، ولكن سرعان ما حصلت خلافات، فما هي حقوق كل طرف من الطرفين؟
** أنا متخصص في قضايا الطلاق في ولاية ميشيغان فقط، ولا أتولى أي قضايا طلاق خارجها، وذلك على عكس قضايا الهجرة التي أتولاها في الولايات الخمسين، رغم أن المبادئ الأساسية في قوانين الطلاق بوجه عام هي ذاتها في الولايات الخمسين، من تلك المبادئ حصول الزوج أو الزوجة على نصف ما يملكان بعد الدخول في العلاقة الزوجية.
أما بخصوص السؤال الذي تم ذكره، فإجابته ببساطة أنه لا توجد حقوق، لأنه من المفترض أن أحد الطرفين قرر أن يبقى في أمريكا ويحصل على أوراق الإقامة أو الجنسية من أجل أن يعيش مع الطرف الآخر، وبالتالي إذا ما تم إلغاء هذه المعاملة فمن المفترض أن يعود الشخص إلى من حيث جاء.
هناك مفهوم خاطئ لدى الكثيرين في هذه النقطة، حتى لدى من يتقدمون لمعاملة لمّ الشمل، فنحن نتقدم بالأوراق للزوج أو الزوجة أو الأب أو الأم أو الإخوة من أجل أن يأتوا إلى هنا ونحظى بالمعيشة معهم، وليس لمجرد أن يأتوا ويحصلوا على الجرين كارد وحسب.
* حتى لو كانت النية صافية بشأن الزواج؟، أقصد لو مثلًا الزوجة كانت تريد استكمال الزواج وحصل حمل وهي تريد أن تبقى في أمريكا وأن يستمر الزواج، ولكن الزوج متعسف في ذلك ويريد الطلاق، والعكس صحيح طبعا.
** لا توجد أي حقوق إلا في حالة العنف المنزلي، فليس من حق الزوجة أن تطالب بالجرين كارد إلا من خلال العنف المنزلي في حالة حدوثه ويكون ذلك من خلال التقدم إلى The Office on Violence Against Women (OVW)، وحتى في حالات الخيانة الزوجية أيضا لا يمكن للزوجة الحصول على الجرين كارد إلا إذا كان هناك عنف وتحكم زائد وإساءة في العلاقة واستغلال نفسي ومعنوي، مع ضرورة إثبات ذلك أو شهادة الشهود.
وأود الإشارة هنا إلى أن هناك معاملة خاصة للأرمل أو الأرملة، فمن حق الزوج الأرمل أن يطلب الجرين كارد بعد وفاة زوجته الأمريكية، على أن يكون ذلك خلال مدة سنتين من الوفاة، والأمر ذاته ينطبق على الزوجة التي توفي زوجها الأمريكي.
* هل يختلف الوضع إذا كان هناك أطفال؟، هل يمكن للزوجة قبل حصولها على الجرين كارد أن تثبت أن هناك سوء نية من الزوج مثلًا؟.. والعكس صحيح.
** هذا السؤال من الواقع الأليم الذي أراه، فهناك آباء يقومون بالتقدم لمعاملات هجرة للأبناء ولا يتقدم بها للزوجة، يكون الزوج متعنتًا جدا وهذا الأمر منتشر في الجاليات العربية بالذات، وللأسف يظل القانون في صف الزوج في هذه الحالة، فحتى في حالة وجود أولاد لا يوجد ما يجبر الزوج على التقدم بمعاملة الهجرة للزوجة، وأقول بشكل عام إن القانون يظل في جانب المواطن الأمريكي، فالقانون هنا لا ينصف زوج أو زوجة بل ينصف المواطن الأمريكي.
فترة مؤقتة
* في السابق كان الحصول على الجرين كارد يتم مباشرةً، ولكن في ظل ما نشاهده الآن من زواج بقصد الحصول على الجرين كارد، أصبحت هناك فترة مؤقتة تصل إلى 3 سنوات حتى يصبح الجرين كارد دائما، فهل ما أقوله صحيحًا؟
** بمجرد حدوث الزواج، يمكن للزوجة مثلًا الحصول على الجرين كارد من داخل أمريكا في ظرف سنة، ولو خارج أمريكا يكون ذلك في ظرف سنتين، ويتم الحصول على الجرين كارد المؤقت في حالة ما إذا كان الزواج أقل من سنتين، وبعد الحصول على المؤقت يتم التقديم على الجرين كارد ذي مدة الـ 10 سنوات، وبعد 3 سنوات أخرى يمكن التقدم للحصول على الجنسية.
* لماذا لا نحصل على الجرين كارد الدائم بعد الزواج؟، لماذا يكون مؤقتًا؟
** حتى يتمكنوا من إثبات نية الزواج، وذلك بغرض حماية المواطن الأمريكي من العبث أو سوء نية الأجانب الراغبين في الزواج من أجل الحصول على الجرين كارد، لذلك فإن هذه الفترة المؤقتة مصممة من أجل حماية المواطن الأمريكي والحفاظ على العلاقة الزوجية بأنها لا يتم استخدامها للحصول على الأوراق.
حرمان دائم
* هل يختلف الوضع القانوني إذا ما حصل أحد الطرفين على الجرين كارد، ثم استحالت المعيشة بينهما، فما هي الأمور القانونية التي تحكم هذه الحالة؟
** هنا سيكون على أحد الطرفين عبء إثبات أن الزواج دخل في مرحلة استحالة الاستمرار فيه وصعوبة تكوين حياة بين الزوج والزوجة، إذا استطاع أحد الطرفين إثبات ذلك بأي طريقة من طرق الإثبات، فمن حق هذا الطرف أن يحصل على الجرين كارد لمدة 10 سنوات، ولكن في عدم التمكن من إثبات ذلك وقيام الطرف الآخر بإثبات ان هذا الزواج كان بهدف الحصول على الأوراق والجرين كارد، ففي هذه الحالة يكون هناك حرمان مدى الحياة من الحصول على أوراق هجرة داخل أمريكا.
* هل من السهل على دائرة الهجرة أن تقول إن هذا الزواج أو ذاك هو من أجل المصلحة وأنه يندرج تحت النصب، حتى لو كان الأمر به كذب وخداع من أحد الطرفين؟
** دعينا نتفق على شيء في البداية، معظم حالات الطلاق التي تحدث نجد أن أحد الطرفين يزعم أن الزواج كان بهدف النصب والخداع، إدارة الهجرة تعرف ذلك جيدًا، ولكن على المدعي إثبات ما يدّعيه بكافة طرق الإثبات، وأشير مجددًا إلى أن القانون يقف في صف المواطن الأمريكي؛ سواء زوج أو زوجة، ويمكن تجريد الطرف الآخر من كافة حقوقه وأوراقه ومعاملاته الخاصة بالهجرة إذا ما ثبُتَ أنه قام بخداع الطرف الأمريكي في ذلك الزواج.
نصائح هامة
* بماذا تنصح من الناحية القانونية كل من يتابعنا فيما يخص مسائل الزواج، إذا ما كان الزواج بالفعل صحيحًا أو إذا كان فقط من أجل الحصول على الجرين كارد؟
** أنصح بعدم استخدام الزواج كطريقة للحصول على الجرين كارد إلا إذا كانت بالفعل النية متوفرة، ودعيني أخبرك بأننا نحن الجالية الوحيدة التي تستغل الزواج من أجل الحصول على الجرين كارد، فهناك جاليات أخرى مثل القادمين من المكسيك مثلًا يأتون إلى هنا ويبقون لمدة 10 أو 15 عامًا بطريقة غير قانونية، لكنهم أبدًا لا يلجؤون إلى الزواج كطريقة للحصول على الجرين كارد.
من المعروف أن الاتفاق بين الطرفين على زواج من أجل الحصول على الجرين كارد هو اتفاق غير قانوني، كما أنها جناية يُعاقب عليها بالحبس لمدة 5 سنوات، وأنا أعرف أزواج غير أمريكيين محبوسين الآن لأنهم ارتكبوا هذه الجناية، وهناك مواطنين أمريكيين تم حبسهم لمدة سنتين لأنهم ارتكبوا هذه الجريمة.
أما بالنسبة لمن تزوجوا بنية سليمة، فمن السهل من خلال محامي متخصص أن ينجحوا في الحصول على الجرين كارد بمدة 10 سنوات ثم الحصول على الجنسية، الأمر بسيط ولا يجب أن يسمح الشخص لأحد كي يستغله، بشرط أن الزواج كان صادقًا وكان بنية العلاقة الزوجية السليمة والدائمة.
