أخبارأخبار العالم العربي

مصر: جدل حول دعوة حكومية لترديد الصلاة على النبي محمد جماعة

استمر الجدل في مصر اليوم حول قرار وزارة الأوقاف المصرية بدعوة المساجد إلى تخصيص وقت بعد صلاة الجمعة يتم خلاله ترديد الصلاة والسلام على النبي محمد علانية وبصورة جماعية خلف الإمام عقب أداء الصلاة.

وكانت وزارة الأوقاف قد أعلنت أن موضوع خطبة الجمعة اليوم سيكون عن فضائل الصلاة والسلام على النبي محمد، على أن يتم التطبيق العملي لموضوع الخطبة بأن تصدع جميع المساجد عقب صلاة الجمعة بالصلاة والسلام على النبي محمد علانية، وذلك لمدة من 3 إلى 5 دقائق، وحددت الصيغة التي سيتم ترديدها.

أكد وزير الأوقاف، محمد مختار جمعة، أن الهدف من القرار هو نشر الدعوة بالصلاة على النبي محمد. وعمدت وزارة الأوقاف إلى نشر فيديوهات على صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك تظهر التزام الأئمة بتطبيق القرار وترديد الصلاة على النبي جماعة بصورة جماعية عقب الصلاة في عدد من المساجد، وهو ما جدد الجدل حول جواز هذا الأمر من الناحية الشرعية.

انقسام حول القرار

وكان القرار قد أثار حالة من الانقسام ما بين مؤيدين ومعارضين له، وسط آراء مختلفة من شيوخ وعلماء بالأزهر الشريف، حيث رأى البعض أنه لا يجوز ويعتبر بدعة، بينما قالت وزارة الأوقاف إنه أمر مستحب ومشروع ولا حرج فيه.

ووفقًا لشبكة CNN فقد أطلق معارضون للقرار دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي لمقاطعة هذا القرار وعدم الالتزام بترديد الصلاة على النبي وراء أئمة المساجد بعد صلاة الجمعة، بدعوى أنها بدعة يجب التحذير من فعلها، مستشهدين بحديث للنبي محمد بأن: “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد”.

ونشروا فيديوهات سابقة لشيوخ سلفيين معروفين من بينهم الشيخ مصطفى العدوي، تؤكد أن الدعوة للصلاة على النبي “أمر محدث، ودخيل على الإسلام ولم يكن على عهد النبي”، مشيرة إلى أن الصحابة لم يقوموا بهذه الدعوات، ولم يرد بشأنها شئ في المذاهب الأربعة.

من جانبه أيد محمود الشريف، نقيب الأشراف في مصر، قرار وزارة الأوقاف، مؤكدًا أنه قرار مهم لما فيه من الدعوة للتعبير عن حب النبي، من خلال الصلاة والسلام عليه، والتي تعد أفضل الذكر وأقرب القربات. وقال إنه أصدر بيان رسميا بصفته نقيبًا للأشراف يثمن قرار وزارة الأوقاف.

وفي نفس السياق، قال إبراهيم رضا، أحد علماء الأزهر الشريف، إن الله سبحانه وتعالى أمرنا بأن نكثر من الصلاة والسلام على النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) في كل وقت وحين، كما أن الصلاة على النبي لها العديد من الفضائل وتعد بمثابة تجديد العهد مع النبي محمد.

وحول قرار وزارة الأوقاف قال إن الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد نص، ولا يوجد نص يحرم منع المسلمين من الصلاة على النبي محمد في مكان واحد ووقت واحد”.

في المقابل، انتقد الكاتب الصحفي، إبراهيم عيسى، قرار وزارة الأوقاف، قائلا إن الصلاة على النبي “لا تحتاج لقرار حكومي، ولا تحتاج إلى تحديد وقت معين”.

رأي مفتي السعودية

وفي الإطار نفسه تداول نشطاء رأي مفتي السعودية الأسبق، الشيخ عبدالعزيز بن باز عندما سئُل عن حكم “الاجتماع للصلاة على النبي بصوت مرتفع”، حيث رد قائلا: “أما الاجتماع على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بصوت جماعي أو بصوت مرتفع فهذا بدعة، والمشروع للمسلمين أن يصلوا على النبي صلى الله عليه وسلم من دون رفع الصوت المستغرب المستنكر، ومن دون أن يكون ذلك جماعيًا، كل واحد يصلي بينه وبين نفسه.

وأكد أن يوم الجمعة يشرع فيه الإكثار من الصلاة على النبي، صلى الله عليه وسلم، لأن النبي عليه الصلاة والسلام أمر بهذا، حيث قال: “إن خير أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا علي من الصلاة فيها، فإن صلاتكم معروضة علي، قيل: يا رسول الله! تعرض عليك صلاتنا وقد أرمت -يعني: بليت، قال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء”.

وتابع: “فالمقصود أنه صلى الله عليه وسلم شرع لنا أن نكثر من الصلاة عليه والسلام في يوم الجمعة، فيشرع لنا أن نكثرمن ذلك في المسجد وفي غيره، لكن كل واحد يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين نفسه، في مسجده وفي طريقه وفي بيته وفي كل مكان، بالصلوات المشروعة المعروفة من دون أن يكون ذلك بصوت مرتفع يشوش على من حوله، أو بصوت جماعي يتكلم جماعة، فكل هذا بدعة”.

وأضاف: “كل منا مشروع له أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم للرجال والنساء جميعًا، لكن بالطريقة التي درج عليها المسلمون، ودرج عليها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم، وهي أن كل واحد يصلي على النبي، صلى الله عليه وسلم بينه وبين نفسه، من غير حاجة إلى أن يرفع صوته حتى يشغل من حوله ومن غير حاجة أن يكون معه جماعة بصوت جماعي”.

رأي دار الإفتاء المصرية

وفي ظل هذا الجدل والانقسام نشرت دار الإفتاء المصرية بيانًا أكدت فيه أن الدعوة للصلاة على النبي محمد “ليست بدعة”، مستشهدة بنص أهل العلم على مشروعية تخصيص زمان أو مكان معين بالأعمال الصالحة، واستحباب تخصيص يوم الجمعة وليلته بالإكثار من الصلاة على النبي، كما أكدت أن من يتهم المسلمين في فعلهم ذلك بالبدعة فهو الأولى بهذا الوصف، لأنه “ضيق على المسلمين أمرا جعل الشرع لهم فيه سعة”.

وقالت دار الإفتاء المصرية، إن “الصلاة على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ من أفضل الذِّكر وأقرب القربات، وأعظم الطاعات؛ كما أن ذِكر الله تعالى والصلاة على نبيِّه من العبادات المطلقة المشروعة في الأصل بدون تقييد؛ فتصح على كل هيئة وحال في أي وقت -إلا ما جاء النهي عنه- وكذلك تجوز سرًّا وجهرًا فرادى وجماعات بكل لفظ وصيغة مشروعة، والاجتماع على الذكر المشروع يعدُّ من قبيل التعاون على البر والتقوى”.

وأضافت: “وقد جاءت الأدلة من القرآن الكريم والسُّنة المطهرة على الحثِّ على مجالس الذكر، وأجمع العلماء سلفًا وخلفًا على استحباب ذكر الله تعالى جماعةً في المساجد وغيرها من غير نكير، إلَّا أن يشوش جهرهم بالذكر على نائم أو مصلٍّ أو قارئ قرآن”.

وتابعت أن “إيقاع تلك العبادة جهرًا بعد أي صلاة مكتوبة – فضلًا عن كونها صلاة جمعة – أمر مشروع ولا حرج فيه؛ فقد قال الله تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا ٱللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ﴾ [النساء: 103]، والمُطْلَق يُؤْخَذُ على إطلاقه حتى يأتي ما يُقَيِّده في الشرع”.

وأردفت: “وما قد يطرحه البعض من إشكالية تخصيص أوقات معينة للعبادات ويعد ذلك من أبواب البدع، فهذا وهم وغلط في الفهم، فقد نصَّ أهل العلم على مشروعية تخصيص زمان معين أو مكان معين بالأعمال الصالحة والمداومة على ذلك.. ونرى الناس حاليًّا يخصصون يومًا بعينه أو ساعة بعينها للجلوس لحفظ القرآن -مثلًا- وتدارسه من غير إنكار، فما الفارق بين تخصيص وقت لمُدارسة القرآن وتخصيص وقت آخر لذكر الله تعالى والصلاة على رسوله؟”.

وخلصت دار الإفتاء في بيانها إلى أن من يتَّهم من يفعل ذلك بالبدعة فهو يضيَّق على المسلمين أمرًا جعل الشرع لهم فيه سَعةً، والناهي عن ذلك قد سنَّ سُنة سيئة في المنع من فعل الخير وتنظيمه والمداومة عليه، ولم يلتفت في نهيه هذا إلى عواقب ما يقوله ويزعمه مِن صرف المسلمين عن ذكر ربهم والصلاة على نبيهم، صلى الله عليه وآله وسلم، في عصرٍ الناسُ أحوج ما يكونون فيه إلى اتِّباع سُنة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى