الراديومستشارك القانونيهجرة

برنامج جديد يمنح الأمريكيين العاديين دورًا في إعادة توطين اللاجئين

أجرى الحوار: ليلى الحسيني ــ أعده للنشر: أحمد الغـر

في خطوة جديدة لم تشهدها البلاد منذ 4 عقود أعلنت الإدارة الأمريكية عن إطلاق برنامج جديد لإعادة توطين اللاجئين والنازحين الذين يصلون إلى الولايات المتحدة كل عام من جميع أنحاء العالم

البرنامج الجديد، الذي أعلنت عنه وزارة الخارجية، يحمل اسم “Welcome Corps”، أو “هيئة الترحيب”، والذي سيتم تنفيذه بالتعاون مع وزارة الصحة والخدمات الإنسانية، وبموجب البرنامج سيتولى مواطنون عاديون لعب دور مهم في إعادة توطين آلاف اللاجئين القادمين للولايات المتحدة، حيث سيقدمون الدعم اللوجستي والمالي لمساعدة اللاجئين على بدء حياتهم في أمريكا.

في هذا الإطار، استضافت الإعلامية ليلى الحسيني، المحامي المختص في قضايا الهجرة والتجنس محمد الشرنوبي، لإلقاء الضوء على هذا البرنامج.

الحلم الأمريكي

* هل تتفق مع من يقولون إن الحلم الأمريكي قد بات في غير محله، ويتناقض مع الواقع في الولايات المتحدة، خاصةً ما نشاهده اليوم من عنصرية، وإن كانت العنصرية منتشرة في جميع بلدان العالم؟

** أمريكا سوف تظل دائما حلمًا للكثير من الناس المتواجدين خارجها، والتغييرات المجتمعية تحدث في جميع أنحاء العالم، ولكن أمريكا تبقى حتى الآن مكانًا آمنًا لجميع الديانات والاجناس والعقائد، وحرية التعبير عن الرأي موجودة ومحفوظة بالقانون، وهذا ما يجعل أمريكا حلمًا لكل إنسان.

* هل مع تشهده الولايات المتحدة اليوم من تضخم وظروف اقتصادية صعبة، يبقى حلم تحقيق الثروات قائمًا؟، ألم تتسع الهوة بين الفقراء والأغنياء في هذا البلد بما يتناقض مع هذا الحلم؟

** الهوة اتسعت ولكن ليس بنفس مستوى الدول الأخرى، نحن لا زلنا في نعمة كبيرة يجب أن نحمد الله عليها، فرغم ارتفاع الأسعار لا تزال السلع في متناول الجميع، والمجتهد سيجد حصته من الثروة سواء داخل أمريكا او خارجها، فهذا رزق من الله.

طرق الهجرة

* سؤال يشغل بال كل من يريد الهجرة إلى أمريكا؛ ما هي أفضل طرق الهجرة إلى أمريكا؟

** أنا أرى أن أفضل وأقوى وأسهل طرق الهجرة إلى أمريكا هي هجرة العلم والمهارات والوظيفة، فالشخص يجب أن يكون مميزًا في علمه، لديه شهادات قوية ودرجات أكاديمية مثل الدكتوراة في مجال علمي معين، أن يكون لديه أبحاث منشورة أو سنوات طويلة من التدريس والبحث، والمميز هنا أن هناك قرار جديد صدر منذ شهر فقط بإعطاء الـ “جرين كارد” لهذه الفئة في خلال 3 أو 4 أشهر، بعدما كانت مدة انتظارهم لها تصل إلى عام ونصف.

إلى جانب هذه الفئة، هناك فئة المؤثرين من مخترعين أو مشاهير على السوشيال ميديا بفضل ما يقدمونه من محتوى قوي ومفيد ومؤثر، لأن أمريكا ترى في هؤلاء مصلحة قومية أن يكونوا متواجدين هنا، فقوة أمريكا في علمها وفي المهاجرين القادمين إليها بعلمهم وخبراتهم.

المؤسف أننا في الوطن العربي ـ ومن خلال مكاتب الخدمة المنتشرة هناك ـ لا نعرف عن الهجرة إلى أمريكا سوى طريق اللجوء والذي لم يعد سهلًا بالأساس، على عكس الهنود أو الصينيين الذين تركوا هذا الجانب وأقدموا على طريق العلم والوظائف والمهارات.

استشارة أهل الخبرة

* سؤال على الهامش، كم عدد أعوام ممارستك لمهنة المحاماة؟

** أنا محامي منذ عام 1992م، أي منذ أكثر من 30 عامًا، بدأت بالعمل في المحاماة في مصر أولًا، ثم جئت إلى أمريكا كطالب ودرست هنا، وتفوقت وحصلت على منح دراسية، ثم واصلت العمل هنا.

* من خلال خبرتك الطويلة، ما هي نسبة العرب الأمريكيين الذين استغلوا نقطة الكفاءة والخبرة من أجل الحصول على وضع قانوني للبقاء في الولايات المتحدة؟

** نسبة قليلة للغاية، وهذه من الأمور المؤسفة، وكنت كثيرًا ما أصادف ليبيين أو سعوديين يدرسون الدكتوراة هنا ويقدمون على اللجوء وينتظرون لسنوات دون الحصول على وضع قانوني، وعندما أسألهم على سبب عدم تقدمهم من خلال “National Interest Waiver”، يجيبونني بأنهم لم يكونوا يعرفون عنها شيئًا.

بالرغم من أن هذا المسار يؤهلهم بسهولة جدا للحصول على الـ “جرين كارد” بعيدًا تماما إضاعة الوقت أو تعقيدات اللجوء، لكن بسبب عدم الحصول على المعلومة الصحيحة من مصدرها مثل المحامين والمكاتب الموثوقة المتخصصة في موضوع الهجرة تضيع العديد من السنوات دون الوصول إلى الهدف.

لذا أؤكد مجددًا على ضرورة استشارة محامي ثقة للحصول على المعلومة الصحيحة، ويمكن أيضا استشارة أكثر من محامي من أجل الوصول إلى حالة من اليقين والاطمئنان للمعلومة التي يتم الحصول عليها.

* عدم معرفة قوانين البلد عندما تكون قادمًا جديدًا إليها، قد يكلّفك الكثير والكثير من عمرك حتى تصل إلى الطريق الصحيح، لكن هل لا توجد لدينا برامج توعوية لتوجيه الجالية نحو المعلومات الدقيقة والصحيحة؟

** من المؤسف أننا الجالية الوحيدة التي يوجد منها أفراد على السوشيال ميديا لديهم متابعين كثر ويتحدثون في مجال الهجرة والقوانين، بالرغم من أنهم ليسوا محامين وليسوا مصدر ثقة للمعلومة، صحيح أن هدفهم هو مساعدة الجالية وخدمتها، قلة قليلة جدا منهم من يوجّه الناس إلى استشارة محامي متخصص.

وأريد أن ألّفت النظر إلى أننا الآن نحظى هنا بعدد كبير من المحامين العرب وهذا شيء يجب أن يسعدنا، لأنني عندما جئت إلى أمريكا قبل 20 عامًا، لم يكن هذا العدد موجودًا، ولم تكن هناك برامج راديو لنصيحتنا مثل ما يقوم به راديو “صوت العرب من أمريكا” اليوم، لم يكن هنا محامين على السوشيال ميديا لتقديم المعلومة الدقيقة لنا.

برنامج “هيئة الترحيب”

* نريد الآن أن تطلعنا على البرنامج الجديد، الذي أعلنت عنه وزارة الخارجية، ويحمل اسم “Welcome Corps”، أو “هيئة الترحيب”.

** هذا برنامج جديد تم إطلاقه بعدما لاحظت الإدارة الأمريكية أن لديهم 125 ألف فرصة متاحة للنازحين واللاجئين ولكن من تستطيع البلاد إدخالهم كانوا حوالي 6 أو 7 آلاف فقط، وذلك نتيجة ضعف الإمكانيات المادية لتحقيق الرقم المستهدف، يُضاف إلى ذلك أنه عندما تم إطلاق برامج أخرى خاصة بالأوكرانيين والأفغان والفنزويليين ظهرت مجموعات كفلت اللاجئين ولم تتكلف البلاد أي أموال.

من هنا جاءت فكرة إطلاق برنامج جديد يسهل دخول النازحين من خلال تواجد من يكفلهم هنا في أمريكا، فهؤلاء النازحون “Refugees” خرجوا من بلادهم بسبب الحروب والظروف الصعبة في بلدانهم، وهم لديهم توطين في أمريكا ولكنهم لا يستطيعون الدخول، لذا تم إطلاق هذا البرنامج من أجلهم ومن أجل تسهيل دخولهم.

وبالتالي إذا كان الشخص غير نازح من دول مثل سوريا أو العراق أو أفغانستان أو أوكرانيا أو ما شابه، فإن لن يستطيع الاستفادة من هذا البرنامج، إلى جانب ضرورة أن يكون لدى الشخص توطين في أمريكا، حيث يعمل البرنامج على تسريع دخول الشخص إلى أمريكا.

* كلامك مطابق تماما لما قالته جولييتا فالز نويس، مساعدة وزير الخارجية لشؤون مكتب السكان واللاجئين والهجرة، حيث قالت إن إدارة الرئيس بايدن ستعيد بناء الدعم العام الواسع لبرنامج إعادة توطين اللاجئين وتسريع وصولهم، وأنه يجب على المجموعات المكونة من 5 أشخاص على الأقل ممن يرغبون في رعاية عائلة لاجئة أن يجمعوا ما لا يقل عن 2775 دولار لكل لاجئ للمشاركة في البرنامج، هذه النقطة أثارت الكثير من اللغط، فهل توضحها لمستمعينا؟

** لنأخذ مثالًا على ذلك، لديكِ أسرة تمت الموافقة على توطينهم في أمريكا، في هذه الحالة يجب أن تقومين بتجميع مجموعة من 5 أفراد، ثم تقومون بملء استمارة أو طلب “application” على موقع البرنامج، ثم تقومون بـ “Checkup clearance” أو تمرين وإجراءات إدارية، وبعدها إما أن يتم رفضكم، أو يتم إبلاغكم بالملاحظات التي تنقص طلبكم، أو يتم الموافقة على طلبكم باستقبال لاجئين.

المهم هنا هو إظهاركم للحكومة الأمريكية أنكم لديكم القدرة المالية على جمع 2275 دولار عن كل فرد سيتم كفالته من اللاجئين القادمين، ويتم وضع هذا المبلغ في حساب بالبنك، مع إظهار أيضا قدرتكم على استقبال القادمين في المطار وتوفير السكن المناسب لهم، وكذلك الطعام والشراب لمدة 90 يوم، إلى جانب توفير المدارس لأولادهم والعلاج الطبي خلال أول 90 يوم لهم في أمريكا دون أن يحتاجوا إلى أي دعم حكومي أو غير حكومي.

دفعة أولى

* من المتوقع أن تصل الدفعة الأولى ضمن هذا البرنامج خلال شهر أبريل من العام الجاري، إذن تم قبول بعض الطلبات بالفعل في هذا البرنامج.

** الدفعة الأولى عادةً لا نختارها بأنفسنا، بل الحكومة هي من تختارها ولا يحق لنا التدخل فيها، فالحكومة هي من اختارت المجموعات التي ستستقبل الأسر القادمة إلى البلاد، لكن في الدفعة الثانية يمكننا أن نتقدم كمجموعة محددة من 5 أفراد ونقدم أوراق أسرة معينة كي نستقبلهم ـ هم ـ تحديدًا.

إجراءات واشتراطات

* هل يحتاج الأمر إلى محامي أم يمكن لأفراد المجموعة التقدم بأنفسهم لإنجاز الأمر؟

** الأمر لا يحتاج إلى محامي، وأتمنى ألا يستغل الأمر بعض المتصيدين لمثل هذه الأمور، لأن البرنامج تم إطلاقه لظروف إنسانية بحتة، فأرجو ألا تتم إساءة استغلاله، الأمر يحتاج فقط كما ذكرت إلى 5 أشخاص، ويجب أن يكونوا من ولاية واحدة، والأفضل أيضا أن يكونوا من مدينة أو منطقة واحدة، حتى يتمكنوا من حسن استقبال اللاجئين بسلاسة.

* هل تُشترط الجنسية الأمريكية للخمسة أشخاص في المجموعة التي ستستقبل القادمين، أم تكفي الـ “جرين كارد”؟

** تكفي الـ “جرين كارد” بدون مشكلة، لكن لا يحق مثلًا لمن لديه تصريح عمل، فلا بد أن يكون الأشخاص الخمسة لديهم إقامة دائمة أو هم بالأساس مواطنين أمريكيين، ويتم التقدم من خلال الإنترنت عبر موقع “https://welcomecorps.org”، من أجل التحقق من خلفياتهم وقدراتهم المالية.

مساعدات خيرية

* هناك إشارة إلى أن بعض الأموال الخيرية قد تصبح متاحة في المستقبل للمواطنين العاديين الراغبين في المشاركة وليس لديهم المال للقيام بذلك، حيث سيساعد اتحاد من المنظمات غير الربحية ذات الخبرة في إعادة توطين اللاجئين من أجل الإشراف على فحص واعتماد المجموعات الراغبة في أن تكفل اللاجئين القادمين، فهل هذا الموضوع أصبح الآن متاحًا أم أنه لا يزال في طور الإعداد؟

** سيكون متاحًا في المستقبل، ولن تكون هناك أي مساعدات حكومية في هذا البرنامج، لأنه البرنامج بالأساس تم إطلاقه حتى لا تقدم الحكومة أي مساعدات، لكن نقطة قيام المنظمات الخيرية بدعم هذا البرنامج لا تزال غير معروفة، نظرًا لأن بعض هذه المنظمات تحصل على دعم حكومي.

* أنتوني بلينكن قال إن “البرنامج سيدعم إعادة توطين اللاجئين بشكل مباشر، وسيحدث فرقًا من خلال الترحيب بهؤلاء الجيران الجدد في مجتمعهم”، إلى أي مدى ترى هذا الموضوع قابلًا للتحقق؟، وماذا سيحدث بعد مدة الـ 90 يومًا الموجودة في شروط البرنامج؟

** خلال مدة الـ 90 يومًا يمكن للقادمين الجدد أن يكونوا قد تعرفوا على المكاتب التي تقدم الدعم والعون لهم، يمكنهم خلال هذه المدة أن تستقر أمورهم وأوضاعهم وأن يبدأوا حياتهم الجديدة.

فقط أعيد وأؤكد على نقطة مهمة، وهي أنه يجب على المتقدم أن ينطبق عليه تعريف لاجئ أو نازح وفقًا لتعريف الأمم المتحدة، وأن يكون لديه توطين داخل الولايات المتحدة، وإذا لم تنطبق عليه هاتين النقطتين، فمن الأفضل ألا يحاول التقدم للبرنامج.

قرار وليس قانون

* كلمة أخيرة نختم بها حلقتنا.

** هذا البرنامج هو قرار إداري وليس قانون صادر عن الكونغرس، مما يعني أنه قد يكون هناك طعنًا ضده وأن يتم إيقافه أو إلغائه، مثلما رأينا فيما يخص قرار أخرى عديدة مثل رفع أسعار رسوم الاستمارات وغيرها، لا يجب أن يؤخذ هذا الكلام على أنه نظرة تشاؤمية، ولكن نظرًا لأن أمريكا هي بلد الحريات والقانون والمحاكم وبلد الرأي والرأي الآخر، فإن القرارات قد يتم تعديلها أو تغييرها من حينٍ لآخر.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى