رأيهجرة

“عشتار” تجربة ثقافية جديدة للجالية العربية بكندا

الإعلامية السورية المهاجرة خلود حدق تدشن "عشتار" لتنمية الثقافة العربية بكندا

حسام عبد القادر

لا زالت الطيور العربية المهاجرة تبدع وتتألق في بلاد المهجر وتساعد بقوة في التنمية الاجتماعية والثقافية لمجتمعهم الجديد، واليوم أقدم نموذجا رائعا لإعلامية سورية، منذ أن وطأت قدمها أرض كندا لم تضيع وقتها وبحثت عن أحلامها وسط هذا المجتمع الأممي، وبدأت بالتنقيب داخل الجالية العربية عن ماذا يفتقدون.

اكتشفت أن الجالية العربية متعطشة إلى الثقافة العربية، وأن شغف الجالية العربية وحبهم للغتهم ولثقافتهم لا يوجد ما يرويه من مصادر وأماكن، فالكتاب العربي -المصدر الرئيسي لمحبي الثقافة العربية- نادر الوجود، وصعب الحصول عليه، وكل ما يصدر من آلاف الكتب من دور النشر العربية لا يعرف طريقا للوصول إلى الجالية العربية بكندا، ونفس الأمر على جميع الكتب التي صدرت من قبل، باسثناء بعض المكتبات القليلة جدا التي تضع بعض الكتب العربية على استحياء دون انتشار حقيقي لهذه الكتب.

هذا ما اكتشفته خلود حدق خريجة كلية الإعلام بجامعة دمشق والتي عملت في كثير من الوظائف الإعلامية في عدة مواقع إلكترونية ومنابر إعلامية، قررت خلود على الفور أن تضع على كاهلها مهمة نشر الثقافة العربية، فأنشأت بداية من يناير 2021 دار عشتار للثقافة والفنون لتكون منبرا ثقافيا للجالية العربية ولتبدأ رحلة كبيرة وطموحة من أجل تنمية الثقافة العربية بكندا.

“مساحة صغيرة تشبهني، علها تكون ملاذا لأرواحنا المنهكة إلى الأحبة في كندا وأمريكا” بهذه الجملة الرائعة والمؤثرة دشنت خلود صفحة عشتار على الفيس بوك  

ولم يأت اسم “عشتار” عشوائيا وإنما هناك فلسفة خاصة لخلود وراء هذا الاسم، وتقول “أن منطقتنا العربية كانت مهدا لحضارات قديمة وعريقة مثل الأشورية والفرعونية والسومرية، وأردت من خلال دار عشتار أن أمثل الحضارات العريقة التي أتينا من سلالتها والتي كانت سباقة لاختراع الأبجديات والعلوم والفنون ومن هنا أتت عشتار الآلهة الأسطورة المفضلة لدي، وهي آلهة الحب والجمال والخصوبة عند الآشوريين، وهذا أهم دليل على تقديس الجنس الأنثوي في الحضارة التي أنحدر منها والتي تحطم الصورة النمطية السائدة وتروج لها الأيديولوجية اليوم في ظل ما تعيشه الشعوب العربية من تجهيل وتهميش”.

وتضيف خلود “أن الهدف من عشتار هو توفير الكتاب العربي للقارئ العربي في كندا حيث أن الموقع الجغرافي البعيد لكندا جعل الجالية العربية فيها بعيدة عن الأجواء الثقافية العربية، ولذلك لندرة المشاريع الثقافية التي توفر للجالية العربية ما يساعدها على استمرار التواصل مع لغتها وثقافتها الأم مع العلم أن المجتمع الكندي يرحب ترحيبا شديدا بأي مبادرة تحافظ على الخلفية الثقافية والفكرية لأي جالية، خاصة أنه مجتمع يعتمد على التعددية والتنوع، وهذا ما يجعل لكل جالية تأثيرها المنفرد في المجتمع الكندي ومنهم طبعا الجالية العربية “.

وعن طموحاتها لعشتار تقول خلود ” إن دار عشتار ما زالت تحبو في ظل تحديات كثيرة، لكنها ستكون مشروعا ثقافيا فكريا متكاملا، يقوم بحلقة الوصل بين المجتمعين العربي والكندي، ومنبرا ثقافيا يجمع أبناء الجالية ويعيد لهم ولأطفالهم الارتباط بالهوية العربية”.

وتؤكد خلود أن الجالية العربية في كندا لها بصمة يشهد لها الجميع منذ زمن طويل، وقدمت الجالية العديد من العقول التي ساهمت في تطوير المجتمع الكندي، ولكن للأسف لأسباب لا أعرفها كمهاجرة جديدة لم يكن هناك أي بصمة ثقافية واضحة.

وكل ما أطمح إليه اليوم على امتداد كندا وبوجود مجموعة كبيرة من الكتاب والصحافيين والفنانين العرب أن يكون للثقافة العربية مكانة مهمة على الساحة الأدبية والفكرية في كندا.

سعدت بلقاء خلود من جديد بعد غياب عدة سنوات، وبمشروعها الثقافي الواعد، واجتمعنا بكندا، فالمسافات بيننا ساعات طويلة بين مدينة مونتريال بمقاطعة كيبك التي أسكن بها، وبين مدينة تورنتو بمقاطعة أونتاريو التي تسكن بها، ولكن الثقافة جمعتنا من جديد، فالثقافة هي الحل كما أقول منذ سنوات، وسيكون للثقافة العربية بكندا شأنا آخر في السنوات القليلة القادمة.


الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس وجهة نظر الموقع


تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى