غير مصنف

الأمم المتحدة: التحالف بين القاعدة وطالبان لا يزال قائمًا

حذر تقرير صادر عن الأمم المتحدة من خطورة ما أسماه “التحالف الشيطانى بين القاعدة وطالبان على الأراضي الأفغانية”.

وكشف التقرير الصادر عن مكتب مكافحة الإرهاب التابع للأمم المتحدة، عن استمرار “بل ونمو” حالة التحالف بين تنظيمي القاعدة وطالبان وجماعات إرهابية أخرى في أفغانستان، وذلك للعام السابع عشر على التوالي منذ بدء عملية الناتو فى أفغانستان، كما باتت القاعدة وطالبان أكثر قدرة على بناء تحالفات فى مناطق عديدة فى الشرق الأوسط فيما بينهما – حسب ما جاء في التقرير.

ويعد تنظيم طالبان الإرهابي هو الحليف الأول لتنظيم القاعدة فى أفغانستان، وقد رصد تقرير الأمم المتحدة تشابها فى أساليب عمل ودعاية القاعدة وطالبان واستمالتها للمناصرين لهما فى الغرب وتأسيس الأذرع الإقليمية لعمل التنظيمين.

وحذر التقرير الأممى كذلك من أن امتلاك تنظيم القاعدة لوسائل اتصال وتفاعل أفضل في المجتمعات المحلية سيدعم نفوذ التنظيم فى مناطق عديدة من العالم ويعيد أحياء خطر القاعدة كمهدد للاستقرار العالمي، كما ألمح التقرير إلى أن مؤشرات تدلل على صحة ذلك التقدير قد اتضحت في مناطق عديدة فى أفغانستان وسوريا وأفريقيا، وهو ما جعل القاعدة أكثر جاذبية لعناصر تنظيم داعش الإرهابي ممن قرروا الانفصال عن داعش والانضمام إلى القاعدة.

 

نفوذ وقوة

وجاء فى التقرير كذلك أنه على الرغم من قيام زعيم تنظيم داعش أبوبكر البغدادى بالانسلاخ عن القاعدة وزعيمها أيمن الظواهرى فإن الأمم المتحدة تمتلك من المعلومات التفصيلية ما يؤكد استمرار تمتع زعيم القاعدة بنفوذ وقوة ربما أكثر من أي وقت سابق مقارنة بالجماعات المتطرفة الأخرى فى مناطق معينة منها الصومال واليمن وجنوب آسيا وإقليم الساحل والصحراء الكبرى الأفريقية.

يأتى ذلك – حسب التقرير – في الوقت الذي أعلنت فيه طالبان فى الثانى عشر من أبريل الجاري انطلاق عمليات الربيع فى أفغانستان فى إشارة واضحة من التنظيم إلى استمرار تمسكه بالخيارات العنيفة والدموية وبرغم كل محاولات التحالف الدولي في أفغانستان بقيادة الولايات المتحدة جذبه إلى مائدة المفاوضة.

ونبه التقرير الأممي إلى أن تنظيم القاعدة الإرهابى لا يزال يمتلك شبكة ارتباطات خطرة على خارطة العالم الأمر الذي ربما يجعله أشد تهديدا وخطورة على الأمن العالمي من تنظيم داعش على المدى البعيد، كما وصف التقرير أساليب تنظيم القاعدة فى العمل بأنها الأكثر ذكاء إذا ما قورنت بتنظيم داعش، كما استطاعت القاعدة خلال سنوات انشغال العالم بالتهديد الداعشى فى نسج علاقات قوية بالمجتمعات المحلية التي تتواجد فى محيطها وتوطيد علاقات التحالف معها بما يخلق محيطا آمنا لتواجد وعيش عناصر القاعدة.

وفضلا عن ذلك كان انخراط القاعدة فى تسوية الصراعات حينا وتأجيجها أحيانا فى المجتمع القبلي والعشائري الأفغاني سببا في جعل القاعدة رقما مهما لا يمكن تجاهله في معادلة تحالفات القوة والبقاء والنفوذ السياسي فى أفغانستان.

ويعيش زعيم القاعدة أيمن الظواهرى ومثله يعيش حمزة بن لادن فى المناطق الحدودية الوعرة بين أفغانستان وباكستان وتعيش قيادات القاعدة الأخرى فى مناطق إقامة القبائل الأفغانية فى أقاليم قد تكون أقل خطورة وبعضهم ترك أفغانستان وسافر إلى اليمن وسوريا قبل أعوام.

ويؤكد تقرير الأمم المتحدة امتلاك حمزة بن لادن نجل زعيم القاعدة السابق أسامة بن لادن قدرات مذهلة فى توجيه مسؤولي القاعدة فى الأقاليم البعيدة بفضل امتلاكه لقدرات تكتيكية كبيرة، وسعيه إلى دفع وكلاء القاعدة فى الأقاليم خارج أفغانستان صوب الانخراط في المشكلات والقضايا السائدة في المناطق التي يقيمون فيها والتفاعل بإيجابية تجعلهم طرفا ووسيطا أساسيا في كافة الخلافات المحلية التي تطرأ فى المجتمعات المتواجدين فيها والتي تشكل حاضنة لهم.

 

مسألة وقت

ولفت التقرير الأممى إلى أن قدرة القاعدة على شن عمليات إرهابية ضد الغرب من خلال شبكة عملائه المحليين حول العالم قد تكتمل فى المستقبل المنظور، وأن تحقيق ذلك بات مسألة وقت ما لم تبادر حكومات العالم إلى توحيد جهودها للخلاص من بقايا القاعدة وخلاياها المحلية الكامنة، ففي منطقة شبه القارة الهندية – على سبيل المثال – ذكر تقرير الأمم المتحدة أن ما يعرف بتنظيم القاعدة فى شبه الجزيرة الهندية “ايه كيو اى اس” الذى دشنه أيمن الظواهرى فى سبتمبر عام 2014 لا يزال يعانى العزلة في محيطه الإقليمى في هذا الجزء من العالم بفضل الإجراءات الأمنية والمخابراتية النشطة فى التصدي للتنظيم ومنع انتشار أفكاره من أجهزة الأمن الهندية، وبرغم ذلك لا يزال للتنظيم تواجدا قويا في أفغانستان، وتعد أقاليم باكتيا وقندهار ولغمان وغازنى وزابول أهم معاقله وحواضنه المجتمعية.

ويبرهن بيان إعلان تأسيس تنظيم القاعدة فى بلاد شبه القارة الهندية فى سبتمبر 2014 على مدى ارتباط القاعدة وطالبان حيث جاء فى البيان أن الهدف الاستراتيجي للتنظيم الجديد هو دعم إقامة إمارة إسلامية طالبانية المذهب فى أفغانستان، ويرأس تنظيم القاعدة فى شبه القارة الهندية واحد من أقرب التابعين والموالين لأيمن الظواهرى زعيم القاعدة وهو القيادى عاصم عمر، كما تؤكد التقارير الاستخبارية قيام أيمن الظواهري بإعلان إخلاصه وبيعة ولائه لأمير طالبان الأفغانية الملا هيبة الله اخونزاده وهى البيعة التى تعد ملزمة لكافة عناصر تنظيم القاعدة فى شبه القارة الهندية على صعيد الفكر وعلى صعيد العمل العسكري حيث يقاتل أعضاء القاعدة جنبا إلى جنب مع أعضاء إمارة طالبان.

وفضلا عن ذلك تقوم عناصر من القاعدة بعمل التدريب العسكرى اللازم لعناصر أمارة طالبان فى أفغانستان فى معسكرات تقع فى جنوب وشرق أفغانستان يتراوح عدد المنضمين للمعسكر الواحد منها ما بين 150 و180 متدرب طالبانى يتلقون التدريب القتالي على يد ما يشبه بالمستشارين العسكريين التابعين للقاعدة ممن يتم انتدابهم لهذه المهمة.

 

اتصال وتعاون

ورصد تقرير الأمم المتحدة روابط اتصال وتعاون بين القاعدة وغيرها من التنظيمات المتطرفة على الساحة الأفغانية منها تنظيم الحركة الإسلامية الأوزبكستانية وحركة كتبية الأمام البخارى ومنظمة كتيبة التوحيد والجهاد وتنظيم اتحاد المجاهدين المسلمين فضلا عن إمارة خورسان التى تعد فرع تنظيم داعش فى افغانستان، وتجدر الإشارة فى هذا الصدد إلى أن تنظيم الحركة الإسلامية الأوزبكستانية يضم نحو خمسمائة مسلح على مستوى عال من التدريب يتواجدون في أفغانستان بينما يصل عدد المسلحين التابعين للمنظمات الأخرى بما فى ذلك تنظيم إمارة خوراسان نحو 500 من المقاتلين ذوى البأس ممن يعتبرون “إرهابيو النخبة” من حيث التدريب والقدرة العملياتية ومعظمهم يتمركز فى منطقة آسيا الوسطى.

تجدر الإشارة إلى أن قيادة الحركة الإسلامية الأوزبكستانية كانت قد أعطت بيعة الولاء لتنظيم الدولة فى العام 2015 وهو ما استتبعه شن حركة طالبان لسلسلة من الضربات الانتقامية الموجهة لكل قادة الحركة الأوزبكستانية ممن أعلنوا مبايعة تنظيم داعش وسحبوا بيعة الولاء والنصرة التي سبق لهم أن أعطوها لقيادة تنظيم طالبان.

ويعد تنظيم الحركة الإسلامية فى شرق طاجيكستان أحد التنظيمات الخطرة المتحالفة مع القاعدة والتي تهدد استقرار منطقة وسط آسيا، وتتمركز عناصره المسلحة البالغ قوامها 400 فرد شديدى التدريب والخطورة فى منطقة بداخشان شمال شرقي فغانستان ويشكل أبناء عرقية الإيجور ممن اشتهروا باسم الحزب الإسلامى التركستانى عصب هذا التنظيم بشريا.

 

نجاح وإخفاقات

وتتبنى الاستخبارات الأفغانية نهجا يحبذ إيجاد الوقيعة بين قيادات طالبان والقاعدة، وتشير تقارير محلية أفغانية إلى نجاح الاستخبارات الوطنية في تفكيك شبكات العمل المشترك بين طالبان والقاعدة في منطقة ” نانجهار ” الأفغانية وتصفية قيادات القاعدة وطالبان في هذا الجزء من أفغانستان وملاحقة عناصر حركة الجهاد الإسلامى فى منطقة غازنى التي كانت تشكل مع نانجهار محورا للإرهاب ومصدر تهديد لا يستهان به لإقليم كابول.

لكن في مواجهة هذا النجاح.. توجد إخفاقات على صعيد اجتثاث القاعدة من مناطق عديدة في أفغانستان وتفكيك ارتباطاتها مع طالبان، ويعد إقليم كونار أحد مناطق تلاقى الجهد الطالباني والقاعدي الذى يمتد كذلك إلى منطقة باكتيا، وأرجع التقرير الأممي أسباب إخفاق جهود تفكيك ارتباط القاعدة وطالبان فى باكتيا وكونار إلى اتباع كلا التنظيمين أساليب لتأمين تحركاتهما واتصالاتهما غاية في الحذر تصل إلى حد استخدام الشفرات الكودية في الاتصالات لتنسيق عملياتهما وتصعيب انكشاف عناصرهما أو خططهما لأجهزة الاستخبارات والأمن الأفغانية.

كما لا يقوم تنظيم القاعدة أو طالبان في إقليم تواجدها في أفغانستان باستعراض أو توثيق عملياتهما أو نشر الأفلام الوثائقية عن معسكرات تدريبهما حفاظا على سرية العمل وأمن منتسبى كلا التنظيمين وذلك على خلاف تنظيم داعش الذي بدأ يتواجد فى ساحات العمل الإرهابي في أفغانستان بعد انتكاسه فى العراق وسوريا وتسببت أفلامه الدعائية التى توثق أنشطته في كشف كثير من خلاياه.

وبرغم ذلك قامت طائرات حلف شمال الأطلنطي “ناتو” بقيادة الولايات المتحدة أواخر العام الماضي بتنفيذ سلسلة من الضربات لمعسكرات التدريب التابعة لطالبان في منطقة منطقة بداخشان شمال شرق أفغانستان استنادا إلى معلومات استخبارية على الأرض وصور جوية التقطتها طائرات الاستطلاع التى تعمل بدون طيار، لكن هذا النوع من العمليات بات عاجزا حتى الآن عن دحر القاعدة وطالبان اللذين تمرسا على تكتيكات الاختفاء والتمويه تفاديا لهذا النوع من الضربات الجوية الاستباقية.

 

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى