الركن الخامستغطيات خاصة

دراسة تثبت عدم انقطاعه من قبل.. كيف اختلف موسم الحج هذا العام؟

يشهد العالم الإسلامي هذا العام موسم حج استثنائي فرضته ظروف تفشي وباء كورونا، الذي حرم مئات الآلاف من أداء فريضة الحج، بعد أن قررت المملكة العربية السعودية اقتصار أداء الحج هذا العام على 10 آلاف شخص من مختلف الجنسيات داخل المملكة، وعدم استقبال حجاج الخارج والذي كان عددهم يفوق 2 مليون حاج.

وفي هذا الإطار تواجه السلطات السعودية تحديًا غير مسبوق، في تنظيم موسم الحج هذا العام، بعد أن قررت عدم إلغاء الموسم، على أن يتم وسط إجراءات صحية مشددة تحافظ على سلامة الحجيج والقائمين على خدمتهم، وكذلك تحول دون تحول مدينة مكة والمدينة المنورة لبؤرتين جديدتين لنشر فيروس كورونا.

الحج لم ينقطع من قبل

وقبل أن نتعرف على أبرز أوجه الاختلاف الخاصة لموسم الحج هذا العام، دعونا نستعرض أهم ما جاء في دراسة علمية جديدة أجراها معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة بجامعة أم القرى، والتي أكدت عدم تعطل أو انقطاع شعيرة “الحج” أبدًا على مدى “التاريخ الإسلامي”.

وهي الدراسة التي توضح لماذا قررت الحكومة السعودية عقد مناسك الحج وعدم إلغائها؛ ليقينها بأن الحج من أعظم شعائر الدين الظاهرة التي على ولي أمر المسلمين ببلاد الحج إقامتها في كل عام.

وذكرت الدراسة التي عرضتها وكالة الأنباء السعودية (واس) أنه بعد استقراء أكثر من 40 مرجعًا ومصدرًا علميًا تتبعت التاريخ الإسلامي كاملًا؛ فإنه تبين أن الحج لم يتوقف أو ينقطع بالكُلية، وأن غاية ما حصل هو إما توقف جزئي من بعض البلدان، وإما أوبئة وعوارض صحية أو أمنية حصلت لبعض الحجاج منعتهم من أداء الفريضة، بينما قام غيرهم بالحج.

9

وبينت الدراسة، التي أجراها وكيل معهد أبحاث الحج والعمرة، الدكتور أيمن بن سالم السفري، أن إحياء البيت الحرام بالحج إليه كل عام، فرضٌ على الأمة على الكفاية، ولا بد في كل عام من وجود عدد من المسلمين تحصل بهم الكفاية يؤدون مناسك الحج.

وأثبتت الدراسة أن المؤرخين بينوا ما وصل إليهم من أخبار الحوادث التي تعرض لها الحجاج بمكة المكرمة والطريق إليها عبر التاريخ، وذكروا تفاصيل ما حصل في مواسم الحج من غلاء ورخص، وريّ وعطش ورخاء، ووباء وموت، ومطر وسيول، وحروب واختلال أمن داخل مكة المكرمة، وقطع طريق إليها وتقطع سبل، وما حصل بسبب تلك الحوادث من توقف وصول الحجاج من بعض البلدان في بعض الأعوام.

إلا أنه وعلى الرغم من كل ما ذكروه من الحوادث العظيمة والخطوب والفواجع؛ لم يحدث قط أن ترك المسلمون كلهم حج بيت الله الحرام في سنةٍ من السنين، بل بقي البيت محجوجاً مقصوداً كل عام، وحافظ المسلمون على هذه الشعيرة رغم مرورهم بحوادث بالغة القسوة عبر التاريخ. ومثلت الدراسة بأمثلة عديدة منها سنة هجوم القرامطة على الحرم الشريف في موسم الحج، عام 317هـ، حيث كان جنودهم يوم التروية يقتلون الحجاج وهم يطوفون، فما يقطعهم ذلك عن طوافهم.

وقال المؤرخون إن الحج في تلك السنة كاد أن يمتنع إتمامه، لولا أن بعض الحجاج قاموا بعد الحادثة باللحاق بعرفة وإكمال مناسكهم على أقدامهم.

وبين الباحث أن انقطاع الحج بالكُلية إنما يكون في آخر الزمان، بعد خروج يأجوج ومأجوج، وساق في ذلك عدداً من الأدلة منها قول النبي ﷺ: “لا تقوم الساعة حتى لا يُحج البيت”.

موسم استثنائي

وحتى لا ينقطع موسم الحج لهذا العام لجأت الحكومة السعودية لإقامة المناسك مع تطبيق بروتوكولات صحية وإجراءات احترازية صارمة لمنع تفشي المرض سواء بين الحجاج أو في مدينتي مكة والمدينة.

وفي هذا الإطار قررت السعودية ألا يتجاوز عدد حجاج هذا العام 10 آلاف شخص، كما نظمت توافد الحجاج إلى المسجد الحرام، صباح اليوم الأربعاء، لتأدية طواف القدوم، مع بدء مناسك الحج لهذا العام.

واعتمدت الجهات المعنية جدولاً منظماً لنقل الحجيج إلى صحن المطاف لضمان تحقيق التباعد بين الحجاج، كما وضعت حواجز وملصقات أرضية لتحديد مسارات الحركة بشكل آمن وصحي.

9

وفي مقابلة مع موقع CNN بالعربية أكد الدكتور عبدالله عسيري، أنه تم التخطيط مسبقاً وبشكل دقيق لجعل حركة الحجاج تراعي الإجراءات الضرورية.

وأضاف قائلاً: “كان هناك تقسيم للحجاج على دفعات، بحيث يستطيعون تأدية مناسكهم بأعداد قليلة، وبطريقة تمكنهم أيضاً من تطبيق الإجراءات الوقائية  مثل التباعد فيما بينهم بمسافة آمنة”.

وكثفت السعودية أيضاً من الخدمات الصحية المتوفرة للحجاج، إذ تتواجد فرق طبية لمرافقة الحجاج تقوم بمتابعة حالتهم الصحية، للتأكد من عدم وجود أعراض الفيروس لديهم.

وفي حال ظهرت أي أعراض للفيروس على الحجاج، أكد عسيري على وجود آلية لإجراء فحوصات مخبرية وإشعاعية داخل المشاعر المقدسة.

‘C*E'D

جاهزية كل المرافق

من جانبها أعلنت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد في السعودية جاهزية مرافقها كافة بجميع الخدمات المقدمة للحجاج، وذلك عبر منظومة متكاملة من الخدمات والتسهيلات في ظل الخطة الاستثنائية للحج هذا العام، وفق “البروتوكولات” الاحترازية لمنع تفشي فيروس كورونا تحقيقاً لتوجيهات القيادة الرشيدة .

وووفًا لوكالة الأنباء السعودية (واس) فقد تضمنت الإجراءات تركيب شاشات في اماكن المشاعر والمناسك لبث المحتوى التوعوي والإرشادي بعدة لغات عالمية، وتشغيل خدمة الرد الآلي عبر رقم مجاني بعشر لغات عالمية، وبثه ضمن محتوى المادة الإعلامية داخل المساجد.

كما قامت الوزارة بفرش المساجد وتجهيزها والعمل على تعقيمها بشكل مستمر بتقنية الأوزون منذ مطلع شهر ذي الحجة عبر الشركات المتخصصة، إلى جانب تهيئة وتشغيل أنظمة التكييف وتنقية الهواء لمسجد نمرة بعرفات.

H2'1)

وخصصت الوزارة مسارات لتنظيم حركة الحجاج وتطبيق الإجراءات الاحترازية و”البروتوكولات” الصحية الواردة من الجهات المختصة لتحقيق التباعد بينهم، من خلال تركيب الملصقات الإرشادية على مداخل المساجد والأعمدة والمخارج حسب الألوان المعتمدة لكل حاج.

وحددت بوابتين للدخول والخروج في مسجد نمرة بالتنسيق مع الجهات المختصة المشاركة في الخطة التنظيمية، إلى جانب تخصيص فرق عمل متكاملة للتعقيم داخل المساجد والمرافق التابعة لها، وتوزيع المعقمات في المساجد ومداخل دورات المياه وتأمينها لتشمل جميع المواقع التي تشرف عليها الوزارة.

من جانب آخر، أنهت وزارة الشؤون الإسلامية تجهيز وتعقيم 1000 دورة مياه أضيفت مؤخراً في مشعر عرفة و 64 دورة مياه في مسجد المشعر الحرام بمزدلفة، والتنسيق مع وزارة البيئة والمياه والزراعة لتأمين المياه.

/

كما أجرت الوزارة الكشف الطبي على المشاركين في حج هذا العام، بالتنسيق مع وزارة الصحة على جميع العاملين القائمين بأعمال الصيانة والنظافة في مساجد المشاعر وملحقاتها، كما خصّصت الوزارة أكثر من 145 عاملاً للنظافة على مدار الساعة وأكثر من 70 مهندساً ومشرفاً في مسجدي نمرة والمشعر الحرام، إلى جانب اعتماد مراقبين.

إجراءات مسبقة

وفي إطار الإجراءات الاحترازية أيضًا حظرت السعودية دخول الأجانب من خارج البلاد إلى مكة والمدينة في إطار مساعي الحد من انتشار فيروس كورونا.

ووفقًا لموقع “بي بي سي” فقد خضع المشاركون في الحج هذا العام لقياس درجة الحرارة، واختبارات فيروس كورونا قبل الوصول إلى مكة في نهاية الأسبوع الماضي.

ويخضع الحجاج لحجر صحي قبل وبعد أداء المناسك مع إلزامهم بارتداء الكمامات الوقائية طوال فترة الحج.

وقال وزير الحج والعمرة محمد صالح بنتن، في مقابلة أجرتها معه قناة العربية، إن الحجاج خضعوا للعزل الذاتي في منازلهم قبل أن يخضعوا للحجر الصحي لأربعة أيام إضافية في فنادق مكة.

‘C*E'D

وفي مكة، تم تزويد الحجاج بمجموعة من الأدوات والمستلزمات بينها إحرام طبي ومعقم وحصى الجمرات وكمامات وسجادة ومظلة، بحسب كتيب “رحلة الحجاج” الصادر عن السلطات، بينما ذكر حجاج أنه طلب منهم وضع سوار لتحديد تحركاتهم، وفقًا لموقع “الحرة“.

وقالت وزارة الحج والعمرة إنها أقامت العديد من المرافق الصحية والعيادات المتنقلة وجهزت سيارات الإسعاف لتلبية احتياجات الحجاج الذين سيطلب منهم الالتزام بالتباعد الاجتماعي.

الاستعداد ليوم عرفة

وأعلنت وزارة الصحة السعودية اكتمال استعداداتها لتوفير الرعاية الطبية لحجاج بيت الله الحرام في مشعر عرفات يوم غدٍ الخميس، وفقًا لوكالة الأنباء السعودية (واس).

حيث تم تجهيز مرافق صحية في عرفات تضم عيادات عامة يعمل بها أطباء أسرة واستشاريو باطنة، إضافةً إلى تمريض متخصص في العناية المركزة، وأيضاً مجهزة للتعامل مع ضربات الشمس والإجهاد الحراري، إضافةً إلى أجهزة إنعاش قلبي رئوي، والعناية مركزة.

كما سيوجد في مشعر عرفة المستشفى المتنقل وكذلك العيادات المتنقلة في مشعر مزدلفة وذلك طوال يوم عرفة لخدمة ضيوف الرحمن وحتى مغادرتهم مشعري عرفات ومزدلفة.

كما أعدت الصحة مخيما متكاملا في مشعر عرفة لعزل حالات الاشتباه بفيروس كورونا وتطبيق الإجراءات الاحترازية والوقائية المتبعة.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى