تغطيات خاصةكلنا عباد الله

الأزهر واتحاد علماء المسلمين: تصريحات ماكرون عن الإسلام عنصرية

أصدر الأزهر الشريف بيانًا شديد اللهجة رد فيه على اتهامات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للإسلام، والتي وصفها الأزهر بأنها دعوة صريحة للعنصرية والكراهية.

وكان ماكرون قد ألقى خطابًا، الجمعة الماضية، أعلن فيه أن على فرنسا التصدي لما سماها “الانعزالية الإسلامية”، زاعمًا أنها تسعى إلى “إقامة نظامٍ موازٍ” و”إنكار الجمهورية”.

وأضاف أن فرنسا ستتصدى لـ”الانعزالية الإسلامية” التي تسعى لإقامة “نظام مواز” و”إنكار الجمهورية”، معتبرًا أن الإسلام “ديانة تعيش اليوم أزمة في كل مكان في العالم”.

وأعلن ماكرون عن تدابير عدة مثل إرغام أي جمعية تطلب مساعدة من الدولة التوقيع على ميثاق للعلمانية، وفرض إشراف مشدد على المدارس الخاصة الدينية، والحد بشكل صارم من التعليم الدراسي المنزلي، وفقًا لموقع “الجزيرة نت“.

ويطرح ماكرون مشروع قانون ضد “الانفصال الشعوري” بهدف “مكافحة من يوظفون الدين للتشكيك في قيم الجمهورية”، وهو ما يعتبر استهدافا للجالية المسلمة على وجه الخصوص.

وبدأ العمل على المشروع في فبراير الماضي لكن أزمة كورونا أعاقته، ويهدف مشروع القانون المستقبلي إلى “مكافحة من يوظفون الدين للتشكيك في قيم الجمهورية”، وفق ما أفاد قصر الإليزيه.

استنكار الأزهر

واستنكر مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر تصريحات الرئيس الفرنسي والتي اتهم فيها الإسلام باتهامات باطلة لا علاقة لها بصحيح هذا الدين الذي تدعو شريعته للسماحة والسلام بين جميع البشر حتى من لا يؤمنون به.

وأكد المجمع، في بيان له على موقعه الرسمي، رفضه الشديد لتلك التصريحات التي تنسف كل الجهود المشتركة بين الرموز الدينية للقضاء على العنصرية والتنمر ضد الأديان، مؤكدًا أن مثل هذه التصريحات العنصرية من شأنها أن تؤجج مشاعر ملياري مسلم ممن يتبعون هذا الدين الحنيف.

وأكد المجمع على أن إصرار البعض على إلصاق التهم الزائفة بالإسلام أو غيره من الأديان كالانفصالية والانعزالية، هو خلط معيب بين حقيقة ما تدعو إليه الأديان من دعوة للتقارب بين البشر وعمارة الأرض وبين استغلال البعض لنصوص هذه الأديان وتوظيفها لتحقيق أغراض هابطة.

ودعا المجمع هؤلاء إلى ضرورة التخلي عن أساليب الهجوم على الأديان ووصفها بأوصاف بغيضة، لأن ذلك من شأنه أن يقطع الطريق أمام كل حوار بنّاء، كما أنه يدعم خطاب الكراهية ويأخذ العالم في اتجاه من شأنه أن يقضي على المحاولات المستمرة للوصول بهذا العالم إلى مجتمع يرسخ للتعايش بين أبنائه ويقضي على التفرقة والعنصرية.

وكان شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب قد أعلن في بيان له يوم الخميس الماضي “استنكاره وغضبه الشديد من إصرار بعض المسؤولين في دول غربية على استخدام مصطلح الإرهاب الإسلامي غير منتبهين لما يترتب على هذا الاستخدام من إساءة بالغة للدين الإسلامي والمؤمنين به”.

جاءت تصريحات شيخ الأزهر بعد أيام من تصريحات لوزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، تؤكد أن بلاده “في حرب ضد الإرهاب الإسلامي”، عقب هجوم استهدف مقرًا قديمًا لصحيفة شارلي إيبدو الساخرة.

وأعرب شيخ الأزهر في البيان المنشور على الموقع الرسمي للأزهر عن استنكاره أيضًا لإصرار هولاء المسئولين على التجاهل المعيب لشريعة الإسلام السمحة، وما تزخر به من قوانين ومبادئ تجرم الاعتداء على حقوق الإنسان كافة، وأولها حقه في الحياة، وفي الحرية والأخوة والاحترام المتبادل.

وأكد شيخ الأزهر أن إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام أو غيره من الأديان السماوية هو خلط معيب بين حقيقة الأديان التي نزلت من السماء لتسعد الإنسان، وبين توظيف هذه الأديان لأغراض هابطة على أيدي قلة منحرفة من هذا الدين أو ذاك.

وأضاف أن هؤلاء السادة الذين لا يكفون عن استخدام هذا الوصف الكريه لا يتنبهون إلى أنهم يقطعون الطريق على أي حوار مثمر بين الشرق والغرب، ويرفعون من وتيرة خطاب الكراهية بين أتباع المجتمع الواحد.

وطالب شيخ الأزهر عقلاء الغرب من مسئولين ومفكرين وقادة رأي، بضرورة الانتباه إلى أن إطلاق تلك المصطلحات المضللة لن تزيد الأمر إلا كراهيةً وتعصبًا وتشويهًا لمبادئ الأديان السمحة التي تدعو في حقيقتها إلى نبذ العنف، والحث على التعايش السلمي بين الجميع.

رد اتحاد علماء المسلمين

كما أصدر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بيانًا أمس السبت، رد فيه على تصريحات ماكرون، موضحًا أن المقتنعين بالإسلام يزدادون كل يوم “فهو ليس في أزمة، وإنما الأزمة في الجهل بمبادئه وحقائقه والحقد عليه وعلى أمته، فهي أزمة فهم وأزمة أخلاق”.

وقال الاتحاد في البيان المنشور على موقعه الرسمي إن المشكلة التي يواجهها الإسلام تكمن في ازدواجية المعايير والإسلاموفوبيا “وفي حفنة ممن صنعهم المحتلون والمستعمرون يحكمون بلاد المسلمين”.

وأكد الاتحاد أن مثل هذه التهجمات غير المبررة والسماح بالاعتداء على مقدسات الإسلام تحت غطاء الحرية “هي التي تصنع الإرهاب والعنصرية الدينية، وتحول دون التعايش السلمي القائم على احترام جميع الأديان وخصوصياتها”.

وعلق البيان على أوضاع المسلمين في فرنسا، وتساءل عن مصير الحرية هناك “إذا كانت اللادينية تفرض على المسلمين أن يوقعوا على ميثاق العلمانية ويرغمون عليه”.

وأضاف أن الانسجام لا يصنع بالقوة، والاندماج لا يتحقق بالإرغام، والتعايش لن يتكون بالإكراه والتهميش والتضييق على حريات الآخرين وحقوقهم، وإنما يتحقق بالعدالة والمساواة والحريات المسؤولة وتوفير المساواة للجميع دون أي تمييز على أساس العرق أو الدين.

وشدد البيان على أن المسلمين – ماعدا حفنة صنعتها المخابرات الدولية والإقليمية – يؤمنون باحترام القوانين والالتزام بالعقود والعهود والمواثيق، وذلك من منطلق دينهم الذي يوجب عليهم ذلك فقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) المائدة:1.

وقال تعالى (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ۖ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا) الاسراء: 34، كما أن المسلمين يؤمنون بجميع المبادئ الإنسانية المشتركة وقواعد التعايش السلمي ما دامت تحترم حريات الجميع ، لأن دينهم هو دين الرحمة والعزة للجميع، وأن خطاباته موجهة إلى الانسان، فقال تعالى (أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) الحجرات:13.

وأكد البيان أن هذه الهجمات المتكررة على الإسلام التي تؤذي مشاعر مليار، و700 مليون مسلم لا تتناسب إلا مع فكر القرون الوسطى الذي دفع بأوربا إلى حرب دينية صليبية (سماها السلطان صلاح الدين بحرب الفرنجة: وقال ليست حرب الصليب، وإنما هي حرب اقتصادية واستغلالية، وسيدنا المسيح عليه السلام بريء منها، لأنه قائد التسامح والمحبة)، حيث كانت النتيجة الدماء والخراب.

وأضاف: “نحن ندعوكم وأمثالكم الى التسامي فوق هذه النزاعات العنصرية.. ندعوكم إلى المبادئ المشتركة إلى التعايش السلمي، إلى الحريات للجميع، إلى الاندماج الإيجابي القائم على احترام خصوصية كل قوم ودين ولون فقال تعالى (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وبينكم..) آل عمران: 64، فالمشتركات أكثر، وأن ما هو محل خلاف يكون مناطاً للحوار البناء، وليس بالفرض والإرغام على التوقيع”.

وتابع: “إن المسلمين يحسون بالظلم والقهر من الاحتلال القديم الذي كانت لفرنسا حصة الأسد منه، وما زالت جيوشها في أفريقيا تحرس نهب الثروات، وتدعم الأنظمة المستبدة الفاسدة،  وهم يعانون اليوم من الهيمنة والغطرسة، ومحاربة الإسلام المعتدل المسالم”.

إننا ندعو الجميع – من منطلق ديننا الذي هو دين السلام والأمن والأمان-  إلى السعي الجاد لتحقيق السلام العادل، وتوفير الأمن والأمان للجميع بدل الحرب وإثارة الصراعات والنزعات والعنصريات التي هي زيت على  نيران الفتنة والمشاكل والمصائب.

 فقد دعا الإسلام الإنسانيه إلى الدخول في هذا السلم الشامل، لأنه الأنفع والأصلح للجميع، وأن ماعداه إتباع لخطوات الشر والشياطين فقال تعالى موجهاً كلامه إلى جميع المؤمنين  (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) البقرة : 208 صدق الله العظيم

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى