تقارير

50 عامًا على رحلة أبولو 11- هل هبط البشر على سطح القمر؟.. ولماذا لم يعودوا إليه؟

نصف قرن من الشكوك حول الإنجاز الأمريكي وسباق عالمي لتكراره

علي البلهاسي

50 عامًا مرت على رحلة “أبولو 11” التي نجحت في تحقيق حلم البشر في الوصول إلى القمر، وشهدت تلك اللحظة التاريخية التي نال فيها رائد الفضاء الأمريكي “نيل آرمسترونج” شرف بدء أول خطوات الإنسان على سطح القمر.

وحتى اليوم لا زال هناك من لا يصدقون أن الولايات المتحدة حققت هذا الإنجاز، ولا زال الجدل والتشكيك يثار حول حقيقة هذه الرحلة التاريخية وتفاصيلها، ويومًا بعد يوم يتم الكشف عن العديد من أسرارها.

ورغم كل هذا الجدل ستظل رحلة “أبولو 11” لحظة فارقة في تاريخ الولايات المتحدة وفي تاريخ البشرية كلها، لم يشهد العالم مثيلاً لها حتى الآن.

فرغم كل التطور التكنولوجي الذي شهدته البشرية على مدى 5 عقود، ورغم أن مركباتهم تجول أرجاء بعيدة من فضاء الكون الواسع، لم تتمكن الولايات المتحدة أو أي دولة أخرى من إعادة البشر إلى القمر منذ عام 1972، حين نفذت مهمة “أبولو” الأخيرة.

لماذا قررت أمريكا الذهاب إلى القمر؟

دخلت الولايات المتحدة في سباق فضائي مع الاتحاد السوفيتي، بعدما أطلق السوفييت، في عام 1957، القمر الاصطناعي “سبوتنيك”.

وعندما تولى جون كينيدي الرئاسة عام 1961 ظن كثير من الأمريكيين أن بلادهم ستخسر السباق التكنولوجي أمام عدوها في الحرب الباردة. فقد أرسل الاتحاد السوفييتي في ذلك العام أول إنسان إلى الفضاء.

وبعدها عقد الأمريكيون العزم على أن يكونوا أول من يصل إلى القمر. وكانت رحلة “أبولو11” بإلهام من الرئيس الأمريكي “جون كينيدى” الذي حدث شعبه خلال فترة الستينيات من القرن الماضي على الصعود للقمر.

وفي عام 1962 ألقى كينيدي خطابه الشهير، في جامعة “رايس” بولاية “تكساس”، حيث قال: “نختار الذهاب إلى القمر في هذا العقد، ونفعل الأشياء الأخرى، ليس لأنها سهلة، ولكن لأنها صعبة، ولأن هذا الهدف سوف يعمل على تنظيم وقياس طاقتنا ومهاراتنا، لأن هذا التحدي الذي نحن على استعداد لقبوله، هذا هو التحدي الذي لا نريد تأجيله، هذا هو التحدي الذي نعتزم الفوز به”.

وتواصل السباق الفضائي بين روسيا وأمريكا، حتى وصل ذروته في عام 1965، عندما نجح السوفييت في إرسال أول مركبة فضائية غير مأهولة لتهبط على سطح القمر. وكان لزامًا على الأمريكيين الإسراع في تنفيذ وعدهم قبل أن يصل إليه الروس أولاً.

الإعداد للمهمة

خصصت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا موارد ضخمة لبرنامج عرف فيما بعد باسم “أبولو”. فقد عمل 400 ألف شخص في مهمات أبولو، وعددها 17 مهمة، بميزانية قيمتها 25 مليار دولار.

تم إرسال أول مركبة مأهولة لاختبار الوصول إلى المدار باسم “أبولو 1” عام 1967. ولكن وقعت كارثة خلال عمليات مراقبة اعتيادية، إذ اشتعلت النيران في مركبة القيادة، وقتل في الحريق ثلاثة رواد فضاء. وبعد هذا الحادث توقفت الرحلات الفضائية المأهولة لعدة شهور. ثم عاد إطلاق مهام أبولو إلى القمر من جديد، لتمهد لانطلاق الرحلة الأهم “أبولو 11”.

وتعد رحلة “أبولو 11″ هي المهمة الأولى من نوعها التي تقود الإنسان إلى النزول على سطح القمر، وذلك في 20 يوليو من عام 1969، بعد مهمتين سابقتين لـ”أبوللو 8″ و”أبوللو 10” اقتربتا من القمر، ودارتا في مدار حوله قبل العودة إلى الأرض، لكنهما لم تهبطا على سطح القمر.

واختير ثلاثة رواد فضاء لمهمة أبولو 11 هم: إدوين باز ألدرن، ربان المركبة القمرية Module Lunar- نيل أرمسترونج (القائد) وأول إنسان يمشي على سطح القمر- مايكل كولينز، ربان المركبة الرئيسية Command Module.

أما الفريق الاحتياطي فتكون من: بل أندرس، ربان المركبة الرئيسية- فريد هايس، ربان المركبة القمرية- جيم لوفل، القائد. أما فريق الدعم فتكون من: كين ماتينجلي- جاك سويغيرت- جون يونغ.

ووضعت مركبة القيادة والمركبة القمرية، التي ستهبط على سطح القمر، على صاروخ قوي يعرف باسم “ستورن 5”.

وكانت الخطة هي استعمال مدار الأرض للوصول إلى مدار القمر. وبعدها يستقل ألدرن وأرمسترونغ المركبة القمرية فيهبطان على سطح القمر، أما كولينز فيبقى خلفهما في مركبة القيادة.

استعداد ما قبل الانطلاق

وفي إطار الاستعداد للمهمة تم نقل ساتورن 5 حاملاً أبولو 11 على الزاحفة الضخمة إلى منصة الإقلاع A39.

بدأ تجهيز رحلة أبولو 11 في يناير 1969 حيث وصلت مركبة الهبوط على القمر (المركبة القمرية) Lunar Module إلى مركز كنيدي للفضاء بفلوريدا.

كما وصلت مركبة الفضاء Apollo Command Module الذي سيقضي فيه رواد الفضاء معظم وقتهم أثناء الرحلة يوم 23 يناير على ظهر إحدى الطائرات الضخمة، وتم فحصهما فحصًا دقيقًا بالنسبة لسلامة عملهما، وكذلك على لإحكامهما والعمل في الفراغ .

في نفس الوقت بدأ العمل على تجهيز المراحل الثلاث للصاروخ ساتورن 5 على بعد 7 كيلومتر في مبني تركيب الصواريخ Vehicle Assembly Building.

وبعد ذلك تم تركيب ساتورن 5 على قاعدة زاحفة للإطلاق من الفولاذ، تزن 5700 طن.

ثم ركّبت المركبة القمرية Lunar Module على الصاروخ محفوظة في غطائها القمعي خلال شهر أبريل وأصبح الصاروخ ساتورن 5 بطول 110 متر جاهزاً. وأجري بعد ذلك عدا تنازليا تجريبيا لاختبار جميع أجزاء الصاروخ.

وفي يوم 20 مايو 1969 قامت الزحافة الضخمة المسماة كراولر Crawler بنقل الصاروخ إلى قاعدة الإقلاع رقم 39A والتي استخدمت قبل ذلك أربعة مرات لإطلاق الصواريخ . واستغرق نقل الصاروخ على الكراولر 6 ساعات لمسافة 5و5 كيلومتر. وتم تركيب ألواح من الصلب على قاعدة الإقلاع تعمل على تصريف غازات الإقلاع الشديدة الضغط، وركّبت منصة الصيانة على برج الإقلاع، ووُصلت بساترن 5 لتسهيل العمل على الصاروخ .

وتم اختبار استعداد الصاروخ يوم 6 يونيو في حضور طاقم رواد الفضاء نيل أرمسترونج وبز ألدرن ومايكل كولينز.

وابتداء من يوم 27 يونيو أجرى على الصاروخ اختبارًا تجريبيًا ثانيًا مع العد التنازلي كاختبار نهائي.

وخلال هذا الاختبار تم ملئ خزانات ساتورن 5 بالوقود واكتمل العد التنازلي الاختباري. وفي مرحلة لاحقة تم تفريغ الخزانات ثانيا من الوقود، وأعيد اختبار العد التنازلي في وجود طاقم رواد الفضاء على متن المركبة الرئيسية.

لحظة تاريخية

عندما اكتملت الاستعدادات، بدأ العد التنازلي لانطلاق الرحلة، وبالفعل انطلق أبولو 11 يوم 16 يوليو 1969 في تمام الساعة 13:32 من مركز كنيدي للفضاء بفلوريدا على قمة الصاروخ ساتورن 5،  ووصل خلال 12 دقيقة إلى مداره المحدد حول الأرض.

وبعد دورة ونصف دورة حول الأرض أُشعلت المرحلة الثالثة للصاروخ مرة ثانية، ودام إشعالها 6 دقائق لكي تقود رواد الفضاء إلى القمر.

بعد ذلك بوقت قصير تم توصيل مركبة الفضاء/وحدة الخدمة (Command Module/Service Module) بمركبة الهبوط على القمر Lunar Module المسماة إيجل (أي النسر).

واستمرت رحلة الذهاب بدون أي مصاعب . ووصل الرواد بعد ثلاثة أيام إلى القمر حيث قاموا بإجراء انعطاف حوله في تمام الساعة 17:22 توقيت عالمي منسق UTC بواسطة الصاروخ الرئيسي لوحدة الخدمات Service Module في عملية كبح سرعة مركبة الفضاء فوق الوجه المختفي للقمر واتخذوا بذلك مداراً حوله.

هبوط صعب

بعد اتخاذ مركبة الفضاء المدار حول القمر انتقل بز ألدرن أولا إلى مركبة الهبوط على القمر إيجل ولحقه أرمسترونج إليها بعد ذلك بساعة. وبعد فحص الأجهزة والقيام بفرد أرجل المركبة القمرية قاما بفصلها عن مركبة الفضاء والتي بقي فيها زميلهما مايكل كولينز وبدؤا عملية الهبوط.

وعندئذ ظهرت صعوبة النزول في المكان المحدد من قبل على سطح القمر في منطقة بحر السكون Mare Tranquillitatis. فقد أدى انفصال المركبتان إلى إزاحة غير إرادية في المدار، نتج عنها أن الحاسوب الذي يقوم بعملية الهبوط آليا قادهم إلى مكان يبعد 4.5 كيلومتر عن المكان المحدد .

بالإضافة إلى ذلك بدأ ضوء الطوارئ يضيء وهم على ارتفاع 1.5 كيلومتر مما حيرهم ولم يستطيعا التركيز على البحث عن مكان مناسب للهبوط . وقد حدث ذلك عندما اختلطت إشارات رادار الهبوط بإشارات رادار اللحاق بالمركبة الفضائية التي تسبح في المدار فوقهم .

واكتظ الحاسوب بالمعلومات على غير العادة وكاد أن يُنهي تلقائيا عملية الهبوط، وأن يبدأ عملية العودة (الإنقاذ) واللحاق بمركبة الفضاء الرئيسية.

وسأل أرمسترونج مركز المراقبة على الأرض عن حالتي الطوارئ رقم 1201 و1202 التي ينذر بها حاسوب المركبة القمرية، فقام المختصون على الأرض بدراستها بسرعة، ثم أكدوا لأرمسترونج أن حالتي الطوارئ هذه ليستا ذات أهمية ويمكن إهمالهما.

وعلى ذلك أمسك أرمسترونج قيادة المركبة القمرية بنفسه في الوقت الذي وصل ارتفاعه فوق سطح القمر 300 مترًا، ووجه المركبة مجتازًا أحد الفوهات وصخور إلى منطقة بدت مستوية، ولم يبق لديه وقود سوى لمدة 20 ثانية أخرى .

واستمر أرمسترونج في الهبوط، وفي نفس الوقت يقوم ألدرن بقراءة الحاسوب عن الارتفاع ويقولها لأرمسترونج، إلى أن حدث تلامس أرجل الإيجل بسطح القمر، وأضاءت لمبة التلامس في تمام الساعة 20:17:39 بالتوقيت العالمي المنسق يوم 20 يوليو .

وقال قبطان المركبة القمرية ألدرن “ضوء التلامس يضيء” وبعد ذلك بثلاثة أو أربعة ثوان قام أرمسترونج بقفل المحرك الصاروخي. وبذلك هبطت المركبة القمرية بهم بهدوء على سطح القمر بسرعة قدرها 5و0 متر/ثانية.

واستغرقت عملية الهبوط الصعبة هذه وقتًا بحيث لم يبق سوى 20 ثانية قبل أن يلغي حاسوب المركبة القمرية عملية الهبوط تلقائيًا ويبدأ الصعود من أجل حالة الطوارئ والعودة.

وبعد الهبوط بدأ أرمسترونج وألدرن الاستعداد لتشغيل المحرك الصاروخي فورًا إذا تبين عدم ثبات المركبة على سطح القمر. وطبقا للخطة فلديهم نحو دقيقة واحدة لمغادرة مكان الهبوط واللحاق بمركبة الفضاء التي يقودها كولينز وإلا تعثر اللحاق بها وقد ضاعت من تلك الدقيقة نحو 30 أو 40 ثانية بسبب تأخرهم أثناء الهبوط . فأصبح كل ما كان لديهم من وقت للرجوع الطارئ نحو 10 ثوان فقط.

هبط الإيجل

في تمام الساعة 20:17:58 بالتوقيت العالمي المنسق UTC من يوم 20 يوليو 1969 اتصل أرمسترونج بمركز قيادة رحلات الفضاء قائلا: “هيوستن، هنا قاعدة الهدوء. هبط الإيجل!”

وانشغل رائدي الفضاء خلال الساعتين التاليتين بإعداد إيجل للعودة، حيث يمكن إجراؤها كل ساعتين. وكان عليهما برمجة حاسوب المركبة القمرية وإعطائه البيانات واتجاه المركبة القمرية.

وكانت إحداثيات مكان الهبوط في هذا الوقت لم تكن معروفة لهما بالضبط، حيث لم يستطع آرمسترونج خلال الهبوط التعرف على ملامح التضاريس التي يعرفها من قبل عن طريق الصور. وكذلك زميلهم مايكل كولينز لم يستطع رؤيتهم من مركبة الفضاء كولومبيا خلال دورته الخامسة فوقهم حول القمر بسبب قلة المعلومات.

وانشغلا أرمسترنج وألدرن بتصوير سطح القمر من نافذة المركبة، واقترحا على قاعدة رحلات الفضاء في هيوستن تقصير فترة الراحة المخطط لها من 5 ساعات و40 دقيقة إلى 45 دقيقة والخروج المبكر إلى القمر حيث تحتاج الاستعدادات لذلك نحو 3 ساعات.

أول خطوة على القمر

في يوم 21 يوليو 1969 في تمام الساعة 02:56:20 UTC (وكان الوقت لا يزال 20 يوليو في أمريكا) وطأت قدم نيل أرمسترونج كأول إنسان سطح القمر قائلاً جملته التاريخية: “خطوة صغيرة لإنسان، ولكنها قفزة كبيرة للبشرية!”.

وشاهد ما يربو عن 650 مليون شخص عبر العالم هذه اللحظة التاريخية في البث المباشر للرحلة وقتها.

وبعد ذلك بنحو 20 دقيقة خرج إليه ألدرن من المركبة القمرية. وبدأ الرائدان نصب عدة أجهزة للتجارب العلمية على سطح القمر، منها تعليق شريحة ألمونيوم لقياس الريح الشمسية على القمر واستعادتها وقت الإقلاع.

وقاما بنصب علم الولايات المتحدة الأمريكية، وكان من الصعب غرسها، فلم تُغرس سوي نحو 10 سنتيمتر في تربة القمر. كما قاما بتركيب مقياس الزلازل الذي يعطي معلومات عن مدى النشاط الزلزالي على القمر، إلا أن هذا الجهاز تعطل عن العمل خلال الليلة الأولى على القمر بعد ذلك.

وثبت الرائدان أيضًا عاكسا لأشعة الليزر على سطح القمر يمكن به قياس البعد بين القمر والأرض بدقة بالغة. وبدأ الاثنان انتقاء عينات من صخور القمر ومن تربتة، وجمعوا عينات تزن 21 كيلوجرام بغرض دراستها على الأرض. وانتهت فترة البقاء الأولى على القمر بعد ساعتين و31 دقيقة.

أشياء تركها البشر على القمر

بالإضافة إلى العلم الأمريكي الذي غرسه رواد الفضاء على سطح القمر، ترك رواد رحلة “أبولو11” 4 أشياء أخرى هناك وهي:

– جزء من الوحدة القمرية ولوحة على المنحدر، حيث تمت الكتابة عليها “هنا قدم رجال من كوكب الأرض لأول مرة على سطح القمر في يوليو 1969، لقد جئنا بسلام للبشرية جمعاء”.

– البنود التذكارية لتكريم رواد الفضاء، كما تركوا ميداليات لفلاديمير كوماروف ويوري جاجارين، رائدان فضاء روسيان.

– رسائل من 73 بلد محملة على قرص من السيليكون، وكان القرص في حد ذاته أكبر قليلاً من عملة بقيمة 50 بنسًا، ولكن تم تسجيله بعناية مع الرسائل المجهرية.

– أكياس من البراز.. حيث تركت ناسا 96 كيسًا من النفايات البشرية على سطح القمر، ولقد ترك رواد الفضاء هذه الأكياس للمساعدة في تخفيف حمل مركباتهم الفضائية، خاصة بالنظر إلى وزن الصخور القمرية التي حملوها على متنها في رحلة العودة.

العودة إلى الأرض

اكتشف بز ألدرن قبل فترة الراحة أن أحد المفاتيح قد كُسر ومفتاح آخر قد انزاح إلى وضع آخر، واتضح له أنه لابد وأن يكون قد لامسهما عفوًا بالحقيبة الضخمة التي على ظهره أثناء تجهيزه للتجارب خارج المركبة.

ويحتاج الرائدان تشغيل تلك المفاتيح قبل الإقلاع بمدة ساعة. لهذا استعاض ألدرن عن المفتاح واستعمل قلمه لتشغيل المفتاح!. ويتم عرض هذا القلم الآن في متحف الطيران في مدينة سياتل الأميركية.

ثم بدأت رحلة العودة من دون صعوبات، وصعدت المركبة القمرية في الوقت المناسب واتخذت مدارًا فوق القمر، واشتبكت بمركبة الفضاء أبولو وفيها زميلهما كولينز.

وبعد أن التأم شمل الثلاثة ثانيًا في مركبة أبولو ِتم فصل المركبة القمرية عنهم ووجهوا مركبة القيادة أبولو Command Module للعودة إلى الأرض.

وقام رواد الفضاء بإشعال المحرك الصاروخي في وحدة الخدمات Service Module الذي أكسبهم سرعة يستطيعون بها مغادرة مدارهم على القمر. وأكملوا رحلة العودة إلى الأرض. وفي يوم 24 يوليو في تمام الساعة 16:50 UTC حسب التوقيت العالمي المنسق نزلت مركبة الفضاء Command Module في المحيط الهادي والتقطتهم السفينة هورنيت Hornet.

نيكسون في الانتظار

وعلى سطح السفينة هورنيت لبس رواد الفضاء ملابس وقائية، وتم حجزهم داخل مقصورة حجر صحي أعدت خصيصًا لهم خوفًا من أن يكونوا قد جلبوا معهم بكتريا أو أوبئة قمرية غير معروفة للإنسان على الأرض.

واستقبلهما الرئيس الأمريكي نيكسون، وتحدث إليهم من خارج مقصورة العزل، وحياهم بكلمة تاريخية. ثم انتقلت المقصورة بهم إلى هيوستن وبقوا فيها 17 يومًا في معزل، حتى تم التأكد من خلوهم من أي شائبة، واستطاعوا اللقاء بذويهم.

وتُعرض مركبة الفضاء كولومبيا لأبولو 11 حاليا في المتحف الوطني للطيران والفضاء National Air and Space Museum بمدينة واشنطن.

حقائق غريبة

كشف موقع “ذي صن” عن حقائق غريبة حول رحلة “أبولو11” إلى القمر ورواد الفضاء المشاركين فيها.

التأمين على الحياة

أول هذه الحقائق كان التوقيع كتأمين على الحياة، حيث كانت مهمة “أبولو 11” شديدة الخطورة، لذا لم يكن رواد الفضاء: آرمسترونغ وباز ألدرن ومايكل كولينز، يعرفون ما إذا كانوا سيعودون إلى الأرض على قيد الحياة أم لا.

ولكن بدلا من الحصول على التأمين على الحياة، الذي نتخيل أنه كان مكلفًا للغاية، توصلوا إلى خطة بارعة تنطوي على توقيعاتهم، حيث وقّع الطاقم على المئات من الأظرف قبل رحلتهم إلى القمر، والتي خُتمت في تواريخ مهمة.

وبعد ذلك، وُزّعت الأظرف التي تحمل ختم البريد، على عائلاتهم لتكون مثابة “تأمين على الحياة” في حالة وفاة رواد الفضاء.

وقال المؤرخ الفضائي، روبرت بيرلمان: “إذا لم يعودوا من القمر، فبإمكان عائلاتهم بيعها- ليس فقط لتمويل حياتهم اليومية- ولكن أيضا لتغطية التكاليف الجامعية لأطفالهم واحتياجات الحياة المعيشية”. ولحسن الحظ، لم تكن عائلات رواد الفضاء بحاجة إلى تلك التوقيعات الهامة.

ارتداء الحفاضات

ثاني هذه الحقائق هي أن رواد الفضاء تبولوا في أنبوب يشبه “الواقي الذكري” وارتدوا الحفاضات. فلم يكن لدى رواد القمر مرحاضًا يمكن استخدامه على متن مركبة “أبولو 11″، التي أُطلقت نحو المدار من فلوريدا أمام مليون متفرج.

وخلال الأيام الثمانية التي قضوها في الفضاء، اضطر الثلاثي إلى التبول في أنبوب مطاطي يشبه الواقي الذكري، والتخلص من البراز باستخدام نظام مكون من كيس بلاستيكي وضعوه على الأرداف، حيث قاموا بلفه وتخزينه في أصغر حجم ممكن، ليتمكنوا من إعادته إلى الأرض. ولم يكن بإمكانهم استخدام النظام نفسه على سطح القمر، لذا ارتدوا حفاضات داخلية هناك.

وعد لم يتحقق

من الحقائق الغريبة أيضًا أن المسنة كارولين كورسبيتر، جدة رائد الفضاء آرمسترونج، قالت إن حفيدها أكد لها أنه لن يخرج من المركبة الفضائية إلى القمر، إذا بدا الأمر خطيرًا. ولكن رائد الفضاء خرج إلى سطح القمر، كأول بشري يفعل ذلك، وعاد بسلام إلى الأرض.

كمبيوتر أبولو

أما أغرب هذه الحقائق فهي أن كمبيوتر “أبولو” كان أضعف من آلة حاسبة، ولعب كمبيوتر “أبولو غايدنس” (AGC) دورًا رئيسيًا في نجاح الهبوط على سطح القمر، حيث وفر واجهات للإرشاد والملاحة والتحكم في المركبة الفضائية.

ولكن على الرغم من وزنه الذي بلغ أكثر من 30 كغ، كان الكمبيوتر أقل قوة من معالج الآلة الحاسبة. وفي الوقت نفسه، لم يُحدث خللا مرة واحدة خلال المهمة.

التضحية بالأبطال

المفاجأة الغريبة هي أنه كان هناك سيناريو بإمكانية التضحية برواد الفضاء الثلاثة على سطح القمر. وتبين أنه كانت هناك خطط للتخلي عن رواد الفضاء على القمر، إذا لم تسر الأمور كما هو مخطط لها.

وتم بالفعل تجهيز خطاب للرئيس الأميركي حينها، ريتشارد نيكسون، ليلقيه على الشعب في حال فشل الرواد في العودة إلى الأرض، وذلك بعد أن يتصل هاتفيا بزوجتي الرائدين اللذين هبطا على القمر لتعزيتهما.

وجاء في الخطاب، الذي لحسن الحظ لم يضطر نيكسون لإلقائه: “القدر قضى بأن الرجال الذين ذهبوا إلى القمر لاستكشافه بسلام، أن يرقدوا هناك بسلام”.

وأضاف: “هؤلاء الرجال الشجعان.. نيل أرمسترونغ وإدوين ألدرين يعلمون أنه لا أمل في إرجاعهم، لكنهم يعلمون أيضا أن هناك أمل للبشرية من خلال تضحياتهم”.

ومن الحقائق الغريبة أيضًا أن العلم الأمريكي الذي ثبته أرمسترونج ورفيقه لم يصمد على سطح القمر، حيث أسقطته المركبة القمرية خلال إقلاعها للعودة إلى الأرض، ومن حسن الحظ أن أرمسترونغ التقط صورًا للعلم قبل أن يسقط.

كشف جمركي

اضطر رواد الفضاء الذين شاركوا في “أبولو 11” للتوقيع على كشف جمركي بشان الأحجار وعينات التربة التي أحضروها من القمر.

رائحة بارود

من الحقائق الغريبة أن رواد الفضاء أحسوا بوجود رائحة بارود لدى وصولهم للقمر. وقارن رواد الفضاء الرائحة القوية التي استنشقوها لدى وصولهم، برائحة البارود. وقيل إن الرائحة الغامضة قد تكون نتيجة لأغشية رواد الفضاء الأنفية، التي تتفاعل مع الغبار المشحون بالكهرباء على القمر.

المرأة المنسيّة

ضمن الفريق المشرف على رحلة ” أبولو11″ كانت هناك امرأة واحدة، وهي “جو آن مورغان”، مهندسة طيران وفضاء جوي في وكالة الفضاء الأمريكية. وقالت جو إنها ألهمت جيلا كاملاً من النساء، وأن طريقها لم يكن سهلاً دائمًا.

وبعد مهمة “أبولو 11″، واصلت مورغان كسر الحواجز، وأصبحت أول مديرة تنفيذية في مركز كينيدي للفضاء، وعملت بعدها كمديرة العلاقات الخارجية وتطوير الأعمال في مركز كينيدي للفضاء (KSC)، وأعلنت اعتزالها العمل في وكالة ناسا، في 3 أغسطس 2003.

واستمرت رحلة مورغان لدعم المساواة بين الرجل والمرأة في حقل الهندسة بعد التقاعد، وهي ترعى منحا دراسية في الجامعات  ذات معدل الالتحاق المنخفض من الإناث في البرامج الهندسية.

أشرطة مفقودة

أما آخر الحقائق الغريبة فتمثلت في الأشرطة الأصلية لهبوط أبولو 11 على القمر مفقودة، وتعد الأشرطة التي سجلت عملية الهبوط لأبولو 11 على سطح القمر مفقودة، إلى جانب المئات من الصناديق التي تحتوي على شرائط مغناطيسية تضم بيانات برنامج أبولو.

ويعزز اختفاء هذه الشرائط المهمة، نظرية المؤامرة التي تقول إن الاتحاد السوفييتي سرقها، أو أن عملية الهبوط بأكملها كانت ملفقة.

مكاسب أمريكا

وبنجاح مهمة “أبولو11” أثبتت الولايات المتحدة للعالم ريادتها في سباق الفضاء وتفوقها على روسيا التي كانت تسعى لتحقيق السبق في هذا المجال.

والمعروف أن روسيا واليابان والصين والهند والوكالة الأوروبية للفضاء لهما تجارب في هذا المجال، حيث أرسل بعضها أجهزة تدور حول القمر، أو مركبات غير مأهولة هبطت على سطح القمر.

لكن كل ما تناله دولة من إنجاز مثل هذه المهمة التكنولوجية هو الانضمام إلى نادي الدول الأكثر تطورًا في علم الفضاء.

لكن تبقى الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي تمكنت من إرسال إنسان هبط على سطح القمر.

وهناك أسباب تدفع الدول لاستكشاف القمر من بينها استغلال موارده، مثل الذهب والبلاتين، ومعادن أخرى نادرة. وإن كنا لا نعرف مدى سهولة استخراج هذه المعادن من هناك.

وبهذا الإنجاز استعادت أمريكا بعض الثقة بالنفس، بعد سنوات من الاضطرابات الاجتماعية والسياسية في البلاد، إذ اغتيل فيها الرئيس كينيدي، وشهدت عدة مدن أمريكية احتجاجات بشأن القضايا العرقية، وضد الحرب الأمريكية في فيتنام.

مصداقية الرحلة

رغم أن الولايات المتحدة أرسلت 6 مركبات فضائية مأهولة بالبشر هبطت على سطح القمر حتى نهاية 1972، إلا أن هناك مزاعم وشكوك لا زالت تثار حتى الآن حول حقيقة الهبوط الأمريكي على سطح القمر، وأن ما روجت له أمريكا في هذا الإطار ليس حقيقيًا.

ولطالما ربط كثيرون ممن يؤمنون بـ”نظرية المؤامرة” بين الاستخبارات المركزية وبرنامج أبولو، وهي معلومة حقيقية بالفعل، إذ أن الوكالة دفعت ناسا للقيام بمهمة الهبوط على سطح القمر لتحدي الاتحاد السوفيتي وإحراجه.

فبعد أن وصلت معلومات إلى الاستخبارات الأميركية تفيد بأن الاتحاد السوفيتي كان يستعد للقيام بمهمة للتحليق حول القمر بحلول نهاية عام 1968، طالبت الوكالة ناسا بتحويل مهمة “أبولو 8” من مهمة مدارية حول الأرض، إلى رحلة مدارية إلى القمر، بحسب ما كشف رائد الفضاء فرانك بورمان.

وكانت “أبولو 8” التي أتمت في 25 ديسمبر عام 1968، أول مهمة تحقق مغادرة الإنسان لكوكب الأرض، والدوران حول جرم سماوي آخر وهو القمر.

وبورمان هو رائد فضاء أميركي من أصل ألماني، شارك بأول رحلة يقوم بها الإنسان إلى القمر، حيث قام مع زميليه جيم لوفل ووليام أندرس برحلة أبولو 8، واتخذوا بمركبة الفضاء مدارًا حول القمر من دون الهبوط على سطحه.

شكوك قوية

ولم تكن فترة النصف قرن كافية لدحض الشكوك التي ما زالت تحوم حول مصداقية رحلة أبولو 11 الأمريكية وسير أرمسترونج على سطح القمر، معتبرين الأمر برمته فبركة إعلامية،  اعتمدت فيها الولايات المتحدة على تقدم تقنيات الإنتاج السينمائي.

وأظهرت استطلاعات الرأي وقتها بأن 20% في المائة من الشعب الأمريكي لازال يؤمن بأن وصول الإنسان إلي القمر أكذوبة كبيرة. بينما وصلت إلي 28% عن الشعب الروسي .

وفي عام 2001 قامت شركة فوكس إنتاج فيلم وثائقي تحت عنوان: نظرية المؤامرة: هل هبطنا على القمر فعلا؟.

كما أن بعض العلماء الأمريكيين علي قناعة تامة بأن ما حدث في يوليو عام 69 مجرد فيلم أمريكي باهظ التكاليف تم إنتاجه وإخراجه في ظل مناخ سياسي دخلت فيه الحرب الباردة بين القوتين العظمتين مرحلة بالغة الحساسية .. كانت وكالة ناسا تهدف من ورائه إقناع الاتحاد السوفييتي بتفوق الولايات المتحدة في مجال الفضاء، مما يتيح لها التفوق العسكري حال حدوث حرب بين الدولتين.

ألغاز الرحلة

وتستند ادعاءات المؤمنين بنظرية المؤامرة إلى عدد من الألغاز التي طرحتها الصور ومقاطع الفيديو المتعلقة بالرحلة، والتي وثّقت خطوات نيل أرمسترونج الأولى، خصوصًا أنها بقيت متاحة فقط لوكالة ناسا للفضاء لمدة طويلة.

وتتمثل هذه الألغاز فيما يلي:

تموجات العلم

من أشهر المزاعم التي استخدمها البعض للتشكيك في وصول الأمريكيين إلى سطح القمر، وزيف الأشرطة التي توثق الحدث هو تحرك العلم الأمريكي الذي ثبّته رواد الفضاء على سطح القمر وتموجاته.

ويقول المروجون لهذه القرينة إنه إذا كانت الرياح منعدمة على سطح القمر بسبب عدم وجود غلاف جوي، فلماذا تحرك العلم وظهرت تلك التموجات عليه؟.

وتعد صورة تحرك العلم هي القرينة المهمة التي يستخدمها منظرو المؤامرة بانتظام كدليل على أن ناسا زيفت عملية الهبوط على سطح القمر.

حيث يظهر رائد الفضاء الأمريكي بز ألدرن، وهو يحيي العلم الأمريكي، في مشهد أثار الحيرة والتساؤلات، خاصة وأن العلم يبدو في الصورة كأنه يرفرف في النسيم.

لكن الرد على هذه المزاعم جاء من جانب وكالة ناسا ومتخصصون في هذا المجال، حيث أكد هؤلاء أن العلم صُنع خصيصا ليتم تثبيته في الفضاء، حيث شُدت فيه أسلاك ضمن القماش الذي صنع منه، لتبقيه مرتفعًا وتمنع انسداله للأسفل، بحسب موقع Thought Co.

وفسرت ناسا ما حدث، وكشفت عن سبب تحرك العلم، حيث قالت: “ليس كل علم يحتاج إلى نسيم، على الأقل ليس في الفضاء، فعند محاولة رواد الفضاء لتثبيت سارية العلم، قاموا بتدويرها ذهابًا وإيابًا لاختراق التربة القمرية بشكل أفضل، وهو ما يعرفه أي شخص يقوم بتثبيت خيمة، فبالطبع تحرك العلم، فإطلاق قطعة من القماش بزاوية سيؤدي بشكل طبيعي إلى موجات وتموجات، دون الحاجة إلى النسيم”.

غياب النجوم

أيضًا كان غياب النجوم من الصور التي تم التقاطها لرائدي الفضاء نيل آرمسترونج وباز ألدرين، خلال وجودهما على سطح القمر، أحد الأمور التي استخدمها المشككون لإثبات نظريتهم.

لكن المتخصصون يعزون ذلك إلى طبيعة تقنيات التصوير، مشيرين إلى أنه مع الضوء المنبعث من الشمس، والمرتد عن سطح القمر، يصعب ظهور أي جسم آخر ذي إضاءة خافتة مثل النجوم.

وقال علماء ناسا إن انعكاس ضوء الشمس على القمر عالي جداً مما تطلب أثناء التصوير استخدام فلاتر لتخفيف سطع الضوء، مما حجب تصوير أي شيء في السماء .

مصدر إضاءة مجهول

من المعروف أن أشعة الشمس هي المصدر الوحيد للإضاءة علي سطح القمر. وهذه الأشعة تنعكس بشكل كامل مما يمنع الرؤية في منطقة الظل (مثلما لا يظهر الجزء الآخر من القمر عندما يكون هلال مثلا) ولكن إحدى الصور أظهرت أحد الرواد عند صعوده للمركبة ظهور بعض أجزاء جسمه وبعض المعدات. مما يعطي تشكيكا كبير أن الضوء المستخدم هو ضوء استوديوهات وليس على القمر!

ظلال في اتجاهات مختلفة

من المفترض أن مصدر الإضاءة الوحيدة هي الشمس, لكن العلماء تحدثوا عن وجود ظلال للأجسام في اتجاهات مختلفة في نفس اللحظة، مما يوحي بوجود أكثر من مصدر للإضاءة.

درجة حرارة القمر

من المعروف علميًا أن درجة حرارة القمر نهارًا تصل إلى 123° نهارًا و (-153°) ليلاً، وهي تتطلب وجود بدلات ذات مواد وتصميم صعب، ويجب توافر أجهزة تبريد وتدفئة خاصة لتخفيف هذه الدرجات العالية، وأجهزة لمعالجة فرق الضغط وغيرها، وهو ما يتطلب تقينات عالية غير متوفرة في ذلك الوقت .

إمكانيات تكنولوجية

يعتقد هؤلاء العلماء أن الإمكانيات التقنية الموجودة وقتها لا تسمح بالوصول إلى القمر، بدليل عجز ناسا عن تكرار الحدث بعد 50 عامًا، بالرغم من التطورات الهائلة في مجال التكنولوجيا .

عدم حدوث إصابة أو تلوث

أقر علماء بوجود طبقة من موجات Van Allen radiation، إضافة إلى طبقة سميكة من الإشعاع الذري حول القمر، مما يجعل اختراق الإنسان لهذه الطبقة دون الإصابة بالسرطان أو تقرحات جلدية أمرًا مستحيلاً.. لكن لم يصب أي من رواد الفضاء لأبوللو 11 بأي أذي.

المنطقة المجهولة

يعتقد هؤلاء العلماء أن مسرح هذه العملية من أولها لآخرها كانت في صحراء نيفادا, في منطقة عسكرية حساسة تسمى المنطقة 51, وحتى تاريخ اليوم يتم منع وتصفية أي شخص يقترب من هذا المكان. ورجح البعض أن طبيعة المكان تكاد تكون مشابهة لما جاء بالصور.

صورة باز ألدرين

كما تم استخدام صورة لرائد الفضاء باز ألدرين، كدليل على زيف المهمة بأكملها، حيث أثيرت تساؤلات كثيرة عن هوية من التقط له هذه الصورة، خاصة وأن الانعكاس على زجاج خوذة ألدرين، يُظهر نيل آرمسترونج واقفًا بلا كاميرا تصوير.

لكن المتخصصون قالوا إن هذه الحجة يمكن دحضها ببساطة، إذا علمنا أن هذه الصور تم التقاطها بواسطة كاميرا مثبتة عند منطقة الصدر في البدلة التي يرتديها رواد الفضاء.

وبالإضافة إلى ذلك فإن ناسا لديها جهاز يدور حول القمر منذ عام 2009، ويرسل هذا الجهاز صورًا عالية الجودة لسطح القمر تُظهر آثار استكشافات مهمة أبولو، مثل أثر أقدام رواد الفضاء وكذلك أثر عجلات المركبة “إيجل”. وهناك أيضًا أدلة جيولوجية لصخور جلبها رواد الفضاء معهم إلى الأرض تثبت أنها ليست من الأرض.

لماذا لم تعد ناسا للقمر؟

في الحادي عشر من ديسمبر عام 1972 هبطت مركبة “أبولو 17” على سطح القمر. ولم تكن هذه الرحلة هي آخر رحلة للقمر فحسب، بل كانت آخر مرة سافر فيها الإنسان بعيدًا عن مدار الأرض.

واليوم وبعد عودة الحديث عن إرسال رحلات مأهولة إلى المريخ، تبرز التساؤلات حول سبب عدم إرسال أي بعثة مأهولة إلى القمر بعد أبولو 17، ولماذا لم تفكر الولايات المتحدة ووكالة ناسا في العودة إلى القمر مرة أخرى.

لكن جيمس برايدنستاين، رئيس “ناسا”، كشف أن عدم كفاية الأموال المخصصة منع رواد الفضاء من الهبوط على القمر والمريخ حتى اليوم.

وقال رئيس “ناسا” في تصريحات أدلى بها إلى قناة CBS التلفزيونية، “هناك مغامرة تقنية، تليها سياسية. لقد كان من الممكن أن نكون حاليًا على القمر لو لم يكن هناك خطر سياسي”.

وأوضح أن المقصود بالخطر السياسي هو التمويل، مشيرًا إلى أنه كانت هناك محاولات للطيران إلى القمر والمريخ في السنوات الماضية، ولكنها كانت بحاجة إلى “أموال هائلة ووقت كبير”.

تراجع الاهتمام

جدير بالذكر أنه بحلول عام 1970، أي بعد عام واحد فقط على نجاح مهمة أبولو11 بدأت ناسا بإعادة تقييم خططها المستقبلية. تم إحياء فكرة “محطة الفضاء الدولية” و المختبرات الفضائية، ولهذا ألغيت أخر ثلاث رحلات وانتهى مشروع أبولو بضغط من الحكومة.

وكان البيت الأبيض ينوي إلغاء البرنامج بعد رحلة أبولو 15، لكن المؤسسات العلمية أجبرتهم على الموافقة لإرسال أبولو 16 و 17.

وكان الجيولوجي “هاريسون شميت” من طاقم أبولو 17، و هو العالِم الوحيد الذي أُرسل إلى القمر. بينما كان رائد الفضاء يوجين سيرنان آخر إنسان يخطو على القمر.

ومن المعروف أن الدعم المالي لناسا لم يستمر كما كان عليه في الستينيات، خاصة بعد أزمة الوقود في عام 1973.

وكان السياسيون وكذلك الجماهير لا يرون سببًا لإنفاق الكثير من المال من أرجل إرسال رحلات أخرى للقمر.

وتغيرت أولويات الحكومة الأمريكية بعد الانتصار في برنامج الفضاء، وبالتالي اقتصرت مهام ناسا على الأبحاث العلمية و تطوير برنامج المختبرات الفضائية، ومن ثم برنامج “المكوكات الفضائية” الذي اقترحه الجيش الأمريكي، وبعدها برامج الاستكشافات الروبوتية.

وبعد الانشغال بمشروع “المكوكات الفضائية” تفككت كل البنية التحتية لمشروع أبولو، لم تعد صواريخ “ساترن4” تُصنع، وتم حل الفريق و توزيع خبرائه على مجالات أخرى.

وبعد الحوار الذي تم بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي عام 1972، عقب أزمة الصواريخ في كوبا، والاتفاق على خفض التسليح، قلت حدة الحرب الباردة بين البلدين، ولم تعد هناك أسباب كافية لكي تدعم الحكومة مشاريع مكلفة كـ”أبولو”.

كما ظهرت اهتمامات أخرى للحكومة الأمريكية قللت من دعمها لبرامج الفضاء، مثل الحرب على الإرهاب التي كلفت 5 تريلون دولار حتى الآن!.

عودة الحديث

بعد ذلك تحدث الكثير من رؤساء أمريكا عن نيتهم العودة إلى القمر، لكن “ليس الآن، بعد عقود” ولم يقدموا خطط حقيقية لذلك.

وفي عام 2005 أعلنت ناسا عن مشروع “الكوكبة” أو “Constellation program” الذي كان هدفه العودة إلى القمر قبل عام 2020، لكن للأسف هذا لن يحدث بعد إلغاء البرنامج لعدم توفر الميزانية الكافية.

ورغم هذا استمرت ناسا بتطور البنية التحتية اللازمة لإطلاق مركبات مأهولة للفضاء، هذا تكلل بنجاح الإطلاق التجريبي لمركبة “أوريون” عام 2014.

مشروع أرتميس

ومؤخرًا أعلنت ناسا عن مشروع أرتميس Artemis الذي يهدف إلى إرسال رواد فضاء إلى سطح القمر مرة أخرى عام 2024. وجاء اسم “أرتميس” تكريمًا لإلهة القمر اليونانية وأخوها أبولو، الذي سمي البرنامج السابق للقمر الأمريكي على اسمه.

وخلال مقابلة مع شبكة CNN، قال قدم مدير ناسا، جيم بريدنستاين Jim Bridenstine، إن خطة برنامج أرتميس Artemis، تشمل العمل مع شركات تجارية وشركاء دوليين، وبناء محطة فضائية حول سطح القمر، وإرسال رواد فضاء إلى القطب الجنوبي للقمر بحلول عام 2024، وذلك استعداداً للمهمات البشرية إلى المريخ.

وقال بريدنستاين: “بالنسبة للبرنامج بأكمله، فلتحقيق وجود مستدام على سطح القمر، فإننا سنحتاج ما بين 20 و30 مليار دولار”.

ودعت وكالة “ناسا” جميع الدول بما فيها روسيا للمساهمة في إنشاء المحطة الفضائية الدولية، وفق البرنامج الأمريكي بشأن عودة الإنسان إلى القمر.

وقال بريدنستاين، في تصريح لوكالة “تاس” الروسية للأنباء، “نحن نريد أن يكون هذا تعاونا دوليا فعليا”. مؤكدا أنهم في واشنطن يأملون من هذا توزيع الأعباء المالية، مضيفا “توجد لدى بعض البلدان معدات في الفضاء قادرة على تخفيض نفقاتنا”. وإن، “الخطوة الأولى هي القمر، ومن ثم المريخ”.

اهتمام ترامب

يذكر أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طلب في 27 مارس الماضي من “ناسا” إعادة رواد الفضاء الأمريكيين إلى القمر مهما كلف ذلك قبل عام 2024، ومن ضمنهم أول امرأة أمريكية.

وخصص ترامب في شهر مايو الماضي مبلغًا إضافيًا لوكالة ناسا مقداره 1.6 مليار دولار لاستكشاف القمر والمريخ.

وإذا كان البرنامج سيحتاج بالفعل إلى 30 مليار دولار، وإذا حصلت ناسا على 1.6 مليار دولار لعام 2020، فإن هذا يعني أن الوكالة ستحتاج إلى 7 مليارات دولار سنوياً لكل سنةٍ من السنوات الأربع المتبقية من البرنامج.

ويرى خبراء أن إعادة البشر إلى القمر بطريقة أكثر ديمومة من برنامج أبولو يستحق كل هذه التكاليف.

وقال بريدنستاين مدير ناسا لشبكة CNN: “فكر بالأمر على أنّه استثمار قصير الأجل للحصول على وجودٍ مستدام على القمر استعداداً لمهمات المريخ في نهاية المطاف.

ووضعت ناسا تصورات واضحة حول شكل العودة للقمر، وهو ما أوضحه بريدينستاين بقوله: ” هذه المرة لا نرغب في وضع عدة أعلام وآثار أقدام على القمر..تهدف أرتميس لبداية تواجد مستدام على القمر. الهدف هو توفير حياة وعمل هناك لرواد فضاء من مختلف أنحاء العالم، لجمع الخبرات اللازمة”. والجديد أيضًا أن ناسا تخطط هذه المرة لاصطحاب نساء لأول مرة إلى القمر.

هل يسبق الآخرون أمريكا؟

لكن برايدنشتاين أشار أيضًا إلى أن “ناسا” حاولت العودة إلى القمر والهبوط على المريخ في التسعينيات وبداية الألفينيات، ولكن كلا البرنامجين تطلبا وقتا طويلا للتحضير، وتكاليف مالية مرتفعة، مشددا على أنه لنفس السبب، قد لا تهبط الولايات المتحدة على سطح المريخ في عام 2024.

لكن هناك منافسون آخرون لأمريكا قد ينجحون في تحقيق هذا الأمر قبلها، فقد تم الإعلان مؤخرًا أن الهند ستطلق مركبتها الفضائية “تشاندرايان 2″، البالغة حمولتها 4 أطنان، من مركز الإطلاق الهندي في سريهاريكوتا إلى القمر.

وبعد أن تتخذ المركبة تشاندرايان 2″ مدارا حول الأرض لمدة 4 ستكمل مهمتها إلى القمر، حيث ستهبط على سطحه، بالقرب من قطبه الجنوبي، مركبة الهبوط “فيكرام”، التي ستطلق بدورها المركبة الجوالة “براجيان”. بحسب ما ذكرت صحيفة “الغارديان” البريطانية.

وبالطبع فالمركبة الهندية لن تكون وحدها على سطح القمر، إذ توجد حاليًا، ولكن على الجانب المظلم منه، المركبة الصينية “تشانغ إي 4″، التي هبطت عليه في يناير الماضي.

ووفقا لما ذكرته صحيفة “ميرور” البريطانية، قال جيمس بيرك، المذيع العلمى الذي قاد تغطية بي بي سي لمهمة أبولو 11 في عام 1969، إنه سوف يفاجأ إذا قامت ناسا بإعادة البشر إلى القمر.

وفي حين أن بورك غير مقتنع بأن وكالة ناسا ستعود إلى القمر، إلا أنه يعتقد أن الإدارة الوطنية الصينية للفضاء، يمكن أن تكون هي التالية التي ترسل البشر إلى سطح القمر وحتى إلى المريخ.

وقال: “اعتقد أن الصينيين سينجزون أمرًا ما مع القمر، وسيهبطون على سطح المريخ، سوف يهزمون الولايات المتحدة”.

سر الاهتمام العالمي

وعزت مجلة الإيكونوميست البريطانية هذا الإقبال العالمي على الصعود للقمر إلى عدد من العوامل منها: أن الجُرم السماوي الفضي (الفارغ الخالي من الهواء) يبدو الآن أكثر جاذبية مما كان عليه في السابق.

ومن تلك العوامل أيضا أنه وعلى مدار العشرين عاما الماضية تم اكتشاف الثلج وعناصر أخرى متطايرة على قطبَى القمر، ما يجعل تدشين “قواعد قمرية” وربما تمويل مركبات على سطحه أمرًا أكثر سهولة إذا ما رغب الناس فى ذلك.

ومن أهم تلك العوامل: معرفة المزيد من الدول الكثير عن علوم الفضاء، واهتمام القطاع الخاص إلى جانب الحكومات بهذا القطاع، فضلا عما يمتلك القمر من موارد طبيعية جاذبة.

كما يعتقد علماء الفضاء أن استكشاف القمر واستغلاله ضروريان إذا أراد البشر اتخاذ الخطوة العملاقة التالية في الفضاء، أي إرسال الناس إلى المريخ.

ويعتقد العلماء أن “هذا هو الهدف الحقيقي للبشرية”، مشددين على أنه لتحقيق هذا الهدف “سيتعين علينا أن نتعلم أولا كيفية التغلب على القمر”.

لكن علماء آخرون، ومن ضمنهم 45 ألف باحث في جمعية الفيزياء الأمريكية، يرون أنه لا يوجد سبب واحد يدفع إلى إرسال إنسان إلى سطح القمر. مؤكدين أن أن القمر ليس ضروريًا كمحطة في الرحلات إلى المريخ.

وأكد هؤلاء أن عربات الرصد والرجال الآليين يستطيعون القيام بكل ما كان مطلوبًا من الإنسان في الستينيات من القرن الماضي. وبدلاً من 100 بليون دولار لإرسال إنسان، يمكن إرسال عربة آلية إلى القمر أو المريخ، كما حصل مؤخرًا، بتكلفة لا تتجاوز 300 مليون دولار.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى