تقارير

وداعًا جون دينجل .. أيقونة المحبة وصانع التاريخ داخل الكونجرس

إعداد وترجمة: مروة مقبول

بعد صراع طويل مع المرض، توفي عضو مجلس النواب الديمقراطي جون دينجل جونيور، أحد عمالقة صناعة السيارات، وصاحب أطول مدة خدمة داخل الكونجرس على مدار تاريخ الولايات المتحدة.

وكان السياسي الراحل قد عانى من المرض لفترة طويلة. فقبل عام واحد، تم تشخيصه بمرض السرطان ، والذي قرر ألا يعالجه، حسب ما أعلنته عائلته. كما عانى من نوبة قلبية وتم نقله إلى المستشفى في ديترويت العام الماضي. وساءت حالته الصحية الأسبوع الماضي، الأمر الذي جعل زوجته تطلب من الجميع الدعاء له.

وكانت زوجته ديبورا ديجل، عضوة الكونجرس الديمقراطية، قد أعلنت عن وفاته في منزله بديربورن يوم الخميس الماضي عن عمر يناهز 92 عامًا.

وتم تكريم السيناتور الراحل بإقامة جنازة له في ديربورن، وأخرى في واشنطن العاصمة، فيما تم دفنه في مقبرة “أرلينغتون” الوطنية.

وقالت زوجته في نعيها له إن الجميع في جنوب شرق ميشيجان سيتذكرون إنجازاته والسنوات الطويلة التي قضاها لتحسين حياة “كل من يسير على هذه الأرض”.

حداد في ميشيجان

وحدادًا على السياسي المخضرم الذي ينتمي لمدينة ديربورن، أمرت الحاكمة جريتشين وايتمر بالتنكيس النصفي لأعلام الولايات المتحدة وولاية ميشيجان داخل مجمع “الكابيتول ستيت” وفي جميع مباني الدولة.

وقالت وايتمر: “ودعت ولاية ميشيجان أحد قادتها العظماء.. نحن أمة أقوى وأكثر أمانًا وصحة بسبب خدمة السيد دينجل في الكونغرس لأكثر من 59 عامًا، وسيستمر ما قدمه في تحسين حياة المواطنين في ميشيجان لأجيال قادمة”.

فيما قالت السيناتور ديبي ستابينو، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية ميشيجان “إن دينجل، الذي كان عميدًا للكونجرس وصديقي العزيز، لم يكن مجرد شاهد على التاريخ. بل كان صانعًا له”. وأضافت “اسم عائلته الأصلي، المترجم إلى اللغة البولندية، كان يعني”الحداد”.. وكان هذا الاسم بالفعل يصف هذا الرجل الذي وضع قوانين أمتنا، وكون اتحادًا قويًا يمكنه مواجهة تحديات المستقبل. فلقد أحب جون دينجل ميشيجان”.

أيقونة المحبة

من جانبها وصفت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي الراحل دينجل بأنه كان “أيقونة المحبة داخل الكونجرس، وأحد أعظم المُشرّعين في التاريخ الأمريكي”. وأضافت: “لقد ترك جون دينجل إرثًا هائلاً من القوة التي لا تتزعزع، والطاقة التي لا حدود لها”.

وتابعت: “كان دينجل هو العميد المتميز والرئيس داخل الكونجرس، وزميلنا الأسطوري وصديقنا الحبيب. وستبقى ذاكرته مصدر إلهام لكل من عمل معه أو كان من دواعي سروره أن يعرفه. وستبقى ذكراه في حياة ملايين العائلات الأمريكية التي أثر فيها”.

وقال المحرر بصحيفة “ديترويت نيوز” جون وليمان إن دينجل “كان شخصية تعمل في خدمة المجتمع، وكان شخصية عملاقة استمرّ إبداعها السياسي حتى أنفاسه الأخيرة، أو يجب أن أقول حتى تغريدته الأخيرة”.

قاهر المرض

كان عضو الكونجرس الراحل، يفتخر بوجود أكثر من 250 ألف متابع في حساب تويتر الخاص به، والذي دشنه عام 2010. ونشرت زوجته ديبي تغريدة يوم الأربعاء الماضي – قبل يوم من وفاته، تقول فيها إنها كانت في المنزل معه وأنهم “دخلوا مرحلة جديدة”، حيث كان يتلقى الرعاية الصحية في المنزل.

وتوالت التمنيات له بالصحة من أكثر من 4 آلاف متابع على مدار هذا اليوم. ومع ذلك، قال هو في تغريدة نشرها في وقت لاحق يوم الأربعاء، إنه كان ممتنًا، ولن يستسلم.

وكتب دينجل في نص آخر تغريدة له: “تعمل زوجتي ديبورا الجميلة على راحتي والبقاء هنا، لكن بعد مفاوضات طويلة، توصلنا إلى اتفاق أنها ستتابع حساب التويتر الخاص بي وأنا سأملي عليها الرسائل.. أود أن أشكركم جميعًا على كلماتكم الرقيقة ودعائكم لي. ولكن اطمئنوا، لن تتخلصوا مني بعد”.

وكثيرًا ما استخدم جون دينجل موقع التواصل الاجتماعي لتهدئة الأمور، ففي ذات مرة أرسل أحد الأشخاص، ويدعي مايك تويتيد، تغريدة إليه يقول فيها إنه كان يكرهه ولم يحبه أبداً” عندما كان شابًا صغيرًا ينتمي إلى الحزب الجمهوري، لكنه كان يعلم أنه “جزءًا من سلالة نادرة من المُشرّعين الذين يتعاونون ويحترمون بعضهم البعض.

وشكره دينجل وقال: “بغض النظر عن انتمائنا الحزبي، فنحن جميعًا في نفس القارب. لا يمكننا أن نتوجه إلى الجار ونقول له معذرة ولكن القارب سوف يغرق من جهتك”.

مغرد متفرد

وكان حاكم ولاية أوهايو السابق جون كاسيش، الذي كان عضوًا سابقًا في الكونغرس، من بين متابعي جون دينجل على تويتر. وقال كاسيش لصحيفة “أسوشيتد برس” أن دينجل أعاد القوة إلى الديمقراطيين”.

وقال كاسيش عن دينجل: “أعتقد أنه من الممكن في عصر المعلومات الجديد هذا ألا نضطر إلى شغل مناصب عامة وأن يكون لدينا صوت – هذا بوضوح ما فعله.. فالأمر يتطلب أن تكون متفردًا لتكسب متابعين.. يجب أن يكون لديك شيء تقوم به يكون مثير لاهتمام الناس. من الواضح أن دينجل لم يكن رجلا عاديا”.

وأضاف كاسيش “أنا لست مندهشًا من أنه سيظل يملي أفكاره من خلال تويتر.. فبمجرد وصوله إلى الأرض الموعودة، لن أكون مندهشًا إذا حاول إيجاد طريقة للتغريد من هناك”.

تاريخ حافل

بوفاة دينجل تكون الولايات المتحدة الأمريكية قد خسرت أحد أكثر الوجوه تأثيرًا على الحقبة السياسية الحالية، ويكون الحزب الديمقراطي قد فقد أحد أعمدته التاريخية في الكونجرس.

ولم يعرب دينجل إطلاقًا عن ندمه لانتمائه الحزبي، وكان ينشر تغريدات في كثير من الأحيان في العام الماضي لدعم المرشحين الديمقراطيين في الانتخابات النصفية.

وسبق أن قام بتشجيع المُشرّعين في الحزب الجمهوري على التنحي قائلاً: “بالنسبة لأصدقائي الجمهوريين في الكونغرس: التقاعد متعة حقيقية، حيث الاستمتاع بالقيلولة والوجبات الخفيفة..انضموا لي”.

ومثل النائب الراحل الدائرة الـ 15 في ميشيغان لـ 59 عامًا بين كانون الثاني/ديسمبر 1955 وكانون الثاني/يناير 2015، بعدما خلف والده الذي شغل المقعد ذاته لنحو 22 عامًا.

وجاءت قوة دينجل من رئاسته للجنة الطاقة والتجارة، واللجنة التي كان يسيطر عليها من عام 1981 حتى عام 1995، ثم مرة أخرى من عام 2007 إلى عام 2009 ، عندما تم إقصاؤه من قبل النائب عن ولاية كاليفورنيا هنري واكسمان، الذي كانت ترشيحه مدعومًا ضمنيًا من قبل نانسي بيلوسي.

وكان دينجل معروفًا بحياته الساخرة وذكائه السريع، إلى جانب إتقانه لمعظم الصفقات التي تتعلق بالتشريع. واشتهر بدعمه للرعاية الصحية الشاملة وحرصه على الرقابة على الإنفاق الحكومي.

ويملك دينجل تاريخًا حافلاً مع التشريعات الأمريكية، حيث ساعد في كتابة معظم قوانين البيئية والطاقة الرئيسية في البلاد.

وفي 2014 أعلن دينجل عزمه عدم الترشح من جديد في انتخابات المجلس بعدما خدم في 30 كونغرس منذ بدأ مسيرته، لتخوض زوجته الانتخابات على المقعد وتفوز به.

بين أيزنهاور ‏وترامب

أثناء عمله بالكونجرس عاصر “جون دينجل”، العديد من الرؤساء الأميركيين بداية من دوايت أيزنهاور (الرئيس الـ 34 للولايات المتحدة) وحتى باراك أوباما (الرئيس الـ44).

وكان دينجل يعتبر الرئيس جورج دبليو. بوش “صديقًا عزيزًا”، ولكنه كان بالنسبة لبوش الأب الصديق “الصريح والصادق” في تعليقاته على بعض الأمور والأحداث، والتي في بعض الأحيان كانت تتسبب في مضايقة بوش. وكتب تغريدة بعد وفاته في نوفمبر قائلا له “انعم براحتك”.

​ونعى الرئيس السابق بيل كلينتون دينجل قائلاً: “منذ 1955 إنجازات تشريعية قليلة لم يكن له دور رئيسي في تمريرها”، في إشارة إلى دور (دينجل) في إنجاز معظم التشريعات الأمريكية التي صدرت خلال هذه الفترة.

​وأصدر الرئيس السابق أوباما بيانًا نعى فيه دينجل قائلاً إنه “ترأس التصويت على قانون الرعاية الصحية… وساعد في قيادة المعركة من أجل قانون الحريات المدنية”.

أما بالنسبة للرئيس ترامب فلم يشن دينجل مطلقًا نيرانه أو غضبه على الرئيس الأمريكي الحالي من خلال تويتر، لكنه أشار إليه الشهر الماضي على أنه “رئيس أحمق” ووصفه بـ”المحتال” في تغريدات حول الإغلاق الجزئي للحكومة. لكن لا يبدو أن دونالد ترامب قد قام بالرد أو نشر أي تغريدة تتعلق بـ”دينجل”.

للإطلاع على المقالات الأصلية:

https://www.sentinelcolorado.com/orecent-headlines/john-dingel-dies-at-92-in-or-out-of-the-house-fiery-congressman-was-at-home-on-twitter/

https://www.freep.com/story/news/local/michigan/2019/02/08/funeral-john-dingell-dearborn-arlington/2810527002/

https://www.detroitnews.com/story/news/local/michigan/2019/02/07/political-giant-john-dingell-congressional-legend-dies/2789108002/

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى