تقارير

هل يوافق ترامب على اتفاق الكونجرس حول الجدار أم يغلق الحكومة من جديد؟

إعداد وتحرير: علي البلهاسي

قبل أن ينتصف فبراير جاءت البشارة، فقد أعلن أعضاء في مجلس الشيوخ أن مشرعين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي توصلوا إلى اتفاق مبدئي يتضمن تمويلاً لبناء الجدار العازل الذي يسعى الرئيس دونالد ترامب لبنائه عند الحدود الجنوبية مع المكسيك، وهو ما يعني تجنب إغلاق حكومي جديد نهاية الأسبوع.

وقال السناتور ريتشارد شيلبي، رئيس لجنة المخصصات في مجلس الشيوخ وأحد المفاوضين الجمهوريين الرئيسيين – وفقا لراديو (سوا) الأمريكي- “توصلنا إلى اتفاق بيننا، من حيث المبدأ، حول الأمن الداخلي و قوانين أخرى”.

وأوضح شيلبي في تصريحات سابقة أن الرئيس دونالد ترامب، يبدو أنه أصبح أكثر مرونة لأي شيء سيترتب على الاتفاق، مضيفًا أنه عقد اجتماعًا مع ترامب وقال إنه يعتقد بأن كل الأمور تسير على المسار الإيجابي.

في المقابل أبدى الديمقراطيون مرونة في الموافقة على تمويل بعض السياجات الحدودية في مناطق مستهدفة، إلى جانب تجديد بعض الحواجز الموجودة بالفعل، لكن نقطة الخلاف الرئيسية كانت تكمن في حجم التمويل اللازم للحواجز الحدودية وشكل هذه الحواجز.

وقال السناتور الديمقراطي باتريك لياهي إنّ “الاتفاق سيتم التوقيع عليه وسيتم تمريره على الأرجح، ونحن بانتظار توقيع ترامب”.

 

تمويل جزئي

بعض تفاصيل الاتفاق كشفها مساعدون لأعضاء في مجلس النواب، حيث قالوا “إن الاتفاق يتضمن تخصيص تمويل بقيمة 1.375 مليار دولار لبناء جدار عند الحدود مع المكسيك، وهو أحد الوعود الانتخابية للرئيس دونالد ترامب، الذي كان يطالب بمبلغ 5.7 مليار دولار من أجل مشروعه”.

ووفق المساعدين يسمح الرقم الذي تم الاتفاق عليه بتمويل بناء 55 ميلا (89 كيلومترًا) من الجدار في منطقة ريو جراندي فالي في جنوب تكساس. وتم اعتبار المبلغ، إلى جانب تدابير أمنية أخرى، كحل وسط لإرضاء الجانبين.

ولا يزال الاتفاق مرهونًا بالحصول على موافقة البيت الأبيض. وفي حال لم یتم قبول الصفقة التي تم التوصل إليها ستدخل الحكومة في إغلاق جزئي جدید بدءًا من یوم الجمعة المقبل

ترامب غير راض

لكن لا يبدو أن الرئيس ترامب  يوافق على هذا الاتفاق، حيث صرح بأنه غیر سعید بالصفقة المؤقتة التي تم التوصل إليھا في الكونجرس حول تمویل الجدار. وقال ترامب للصحفیین في البیت الأبيض “لست سعیدًا، وأرى أن ھذا غیر كاف وأنا لا أراوغ هنا”.

لكنه ألمح إلى أنه قد يكمل العرض الذي قدمه الكونجرس من مصادر تمويل أخرى لوضع حد للخلاف. وأكد ترامب أن “الجدار سيتم تشييده في كل الأحوال” في إشارة إلى أنه سيجد تمويلاً إضافياً من “مناطق أقل أهمية بكثير”.

ورجح ترامب عدم إغلاق الحكومة مجددًا قائلاً: “لا أعتقد أنكم ستشهدون إغلاقًا حكومیًا، ولو حصل ذلك فسیكون خطأ الدیمقراطیین”. وحول ما إذا كان سیعلن حالة الطوارئ من أجل ضمان بناء الجدار أشار ترامب إلى أنه یأخذ كل الاحتمالات في الاعتبار.

فهناك قانون يعود إلى العام 1976 يجيز للرئيس استخدام سلطات استثنائية بحجة وجود “ضرورات وطنية”. إلا أن ترامب لا يزال يتردد في اتخاذ خطوة مماثلة، لأنها لا تحظى بالإجماع داخل معسكره نفسه، كما يمكن أن تدخل البلاد في معركة قانونية معقدة جدًا.

وكانت أزمة الجدار قد أدت إلى أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة، استمر أكثر من شهر وانتهى في 25 يناير الماضي، عندما وقع ترامب قانونًا يعطي المشرعين في الكونجرس ثلاثة أسابيع للتوصل إلى اتفاق أو مواجهة الإغلاق الحكومي مجددًا.

الجدار يعود لسباق الانتخابات

كان ترامب قد قام الاثنين الماضي بزيارة مدينة إل باسو في تكساس، وهي مدينة مجاورة للحدود مع المكسيك قال ترامب إن بناء جدران فيها سمح بوقف تدفق “مجرمين” مكسيكيين، واختار زيارتها في هذا التوقيت للتشديد على أهمية الجدار الحدودي الذي يطالب ببنائه، وذلك وسط بدء الاستعدادات غير الرسمية لانتخابات 2020 الرئاسية.

وهناك خلاف حول الوقائع على الأرض في إل باسو، حيث يقول ترامب إن إقامة سياجات في المدينة قلل بشكل كبير من نسبة الجريمة بفصلها عن مدينة سيوداد خواريز المكسيكية التي تشهد اضطرابات، والكائنة على مسافة قريبة جدًا من الحدود.

غير أن رئيس بلدية ال باسو دي مارغو قال إن تلك التصريحات “غير صحيحة من حيث الوقائع”. فيما قالت النائبة الديمقراطية عن هذه المدينة فيرونيكا اسكوبار “إن إل باسو هي واحدة من المدن الأكثر أمنا في الولايات المتحدة منذ ما قبل بناء الجدار”

وأمام آلاف تجمعوا في أل باسو واعتمروا قبعته الحمراء التي كتب عليها “اجعلوا أميركا عظيمة مجددا”، قال ترامب:”نحن بحاجة للجدار، ويتعين بناؤه ونريد بناؤه بسرعة”. وأضاف: “الجدران تنقذ أرواحًا، الجدران تنقذ أعدادا هائلة من الأرواح”.

ووفقًا لـ”فرانس برس” يقول ترامب إن المهاجرين غير القانونيين يمثلون خطرًا على الأمن القومي لا يمكن وقفه إلا بتوسيع كبير للحواجز الموجودة. ويرفق تصريحاته تلك بتحذيرات عن مغتصبين ومهربين يصلون إلى القلب الأميركي، وهي رسالة يقول منتقدوه إنها معادية للأجانب ومبنية على بيانات تم التلاعب بها بشكل كبير.

وهاجم الرئيس ترامب، النواب الديمقراطيين بالكونجرس مؤخرًا، متهما إياهم بالتصرف بكراهية وخبث في التعامل مع البيت الأبيض.

وكتب ترامب – في مجموعة تغريدات على موقع (تويتر)-: “الديمقراطيون في الكونجرس كانوا خبثاء وكشفوا أوراقهم ليراها الجميع.. عندما كانت الأغلبية للجمهوريين (بمجلس النواب)، لم يتصرفوا أبدا بمثل تلك الكراهية. الديمقراطيون يحاولون الفوز بانتخابات 2020 ويعلمون أنهم لا يستطيعون الفوز بها بشكل شرعي”.

وأضاف أن الولايات المتحدة كانت ستواجه كسادًا اقتصاديًا لو فاز الديمقراطيون بانتخابات عام 2016، كنا نتجه للأسفل، ولا تتركوا الديمقراطيين يخدعونكم”.

من يتنازل لمن؟

وبينما تعهد الديمقراطيون في مجلسي النواب والشيوخ بأن يظلوا حازمين في تعهدهم بعدم توفير التمويل للجدار الحدودي، أكد الجمهوريون في مجلس الشيوخ أنهم سيفعلون أي شيء لمنع الإغلاق الثاني، خاصة بعد الخسارة التي تلقاها البيت الأبيض في المعركة مع الديمقراطيين بشأن الجدار؛ حيث تراجع ترامب عن موقفه وموافقته على فاتورة إنفاق لا تشمل تمويل الجدار.

وكانت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي، قد استبعدت حدوث إغلاق جديد للحكومة بعد انتهاء مدة التمويل المؤقت. وقالت في حوار مع صحيفة “بوليتيكو” الأميركية إن “الزعماء الجمهوريين في الكونغرس لن يدعموا إغلاقًا حكوميًا آخر إذا فشلت المفاوضات بين الحزبين حول الجدار الحدودي مع المكسيك”.

وتعهدت بيلوسي بدعم أي اتفاق ينشأ من المفاوضات بين فريق المشرعين من الحزبين في مجلسي النواب والشيوخ حول أمن الحدود، مؤكدة أنه “لن يكون هناك إغلاق آخر. لن يحدث ذلك”.

وفي جميع الأحوال فإن ضمان موافقة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على أي مشروع قانون لتمويل الحكومة هو أساس أي اتفاق لتجنب إغلاق الحكومة.

ودافع نائب الرئيس الأميركي مايك بنس عن سياسات ترامب الصارمة تجاه أمن الحدود، وقال خلال حواره مع برنامج “سي بي إس هذا الصباح”: “لا أعتقد أنه من الخطأ أن تدافع عما تؤمن به. فالرئيس ترامب وقف بقوة في عزمه على الحصول على التمويل اللازم لبناء الجدار الحدودي منذ فترة طويلة”.

وأضاف: “الحقيقة البسيطة هي أن الكونجرس عليه أن يقوم بوظيفته. لقد تحدثنا إلى أعضاء ديمقراطيين بارزين في مجلسي الشيوخ والنواب، وقيل لنا إنهم كانوا على استعداد للعمل معنا لتمويل الحاجز على حدودنا الجنوبية”. وتابع بنس: “لقد قال الرئيس إنه مصمم على الحصول على التمويل، وبناء جدار وتأمين حدودنا، وكان على استعداد لاتخاذ موقف لإنجاز ذلك”.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى