تقارير

بعد انكفاء دوله على ذاتها.. هل يُفكك كورونا الاتحاد الأوروبي؟

إعداد: أحمد الطلياني

أزمة غير مسبوقة يعيشها الاتحاد الأوروبي، مع انتشار فيروس كورونا المستجد في القارة العجوز وتسجيل أكثر من 300 ألف إصابة وأكثر من 15 ألف وفاة حتى الآن.

وأظهرت الأزمة مدى التباعد أو المسافة بين دول الجنوب بقيادة إيطاليا وإسبانيا وبدعم فرنسا، وبين دول الشمال بقيادة هولندا والنمسا وبدعم من ألمانيا.

واتبعت الدول الأعضاء في التكتل في ظل انتشار كورونا سياسة “الانكفاء الداخلي” وسط غياب روح التضامن.

قدرة تحمل

ولا يُشكل كورونا أزمة صحية واقتصادية فقط، بل يمثل اختبارًا حقيقيًا قدرة تحمل الاتحاد الأوروبي كتكتل سياسي لتبعات الأزمة، خاصة مع عدد من الممارسات والقرارات التي اتخذتها عدة دول ألقت بظلالٍ من الشك على مدى جدوى استمرار هذا التكتل.

فقد استولت التشيك، وفقا لصحيفة “لا ريبوبليكا” الإيطالية، منذ أيام على شحنة من المساعدات الطبية والكمامات القادمة من الصين وكانت في طريقها إلى إيطاليا.

وتعرضت التشيك لانتقادات لاذعة قبل أن ترد وتقول إن الأمر حدث بالخطأ، وتعهدت برد الشحنة، وهو ما لم يحدث ذلك حتى اللحظة.

وكانت ألمانيا ودول أخرى شمال أوروبية قد رفضت مناشدة تسع دول، من بينها إيطاليا، من أجل الاقتراض الجماعي من خلال “سندات كورونا” للمساعدة في تخفيف الضربة الاقتصادية للوباء.

كما قررت ألمانيا حظر تصدير مستلزمات الوقاية الطبية للخارج، في وقت تطالب فيه إيطاليا وإسبانيا بمساعدات لوقف انتشار المرض هناك بعدما أصبحت الدولتان الأكثر تضررًا في أوروبا.

إيطاليا وإسبانيا

وسجلت إيطاليا نحو 87 ألف إصابة بما وضعها في المركز الثاني عالميًا، مقابل أكثر من 9 آلاف وفاة لتصبح أكثر دولة في العالم يحصد فيها الوباء أرواح السكان.

وعلى نفس الخطى تسير إسبانيا، بعدما رصدت نحو 73 ألف إصابة وأكثر من 5 آلاف وفاة.


وقد قرر الاتحاد الأوروبي الخميس الماضي، تأجيل تدابير قوية في مواجهة التداعيات الاقتصادية لتفشي وباء كورونا المستجد، لمدة أسبوعين حتى يتم الاتفاق على اقتراح مشترك.

وهددت روما ومدريد خلال القمة التي نظمت عبر الفيديو بعدم التوقيع على الإعلان المشترك.

الاعتماد على النفس

وقال رئيس الوزراء الإيطالي جوسيبي كونتي إن بلاده لن توقع على الإعلان في حال لم يعتمد الاتحاد تدابير قوية “مرفقة بأدوات مالية مبتكرة وملائمة بالفعل لحرب يتوجب علينا خوضها سوياً”.

وقالت الصحف الإيطالية إن كونتي أمهل دول الاتحاد 10 أيام فقط لاتخاذ هذه التدابير، وإلا لن يكون أمام إيطاليا سوى الاعتماد على نفسها.

أوروبا القبيحة

ووصفت صحيفة “لا ريبوبليكا” الإيطالية القارة بـ “أوروبا القبيحة”، فيما كانت صحيفة “كورييري ديلا سيرا” فكانت أشد وضوحًا وقالت إن أزمة كورونا لا تمثل فقط حالة طوارئ صحية واقتصادية، إنما تمثل أيضًا اختبار لقدرة الاتحاد الأوروبي على التحمل.

وأضافت أن التكتل قد ينتهي أو “يموت” وفقًا لتعبير الصحيفة، إذا لم يتمكن من التوصل إلى اتفاق لدعم العائلات والشركات في الدول الأكثر تضررًا، في حين وصفت صحيفة “فاتو كوتيديانو” أوروبا بأنها “ميتة”.

أخطاء فادحة

وحذر كونتي، اليوم السبت، الاتحاد الأوروبي من “عدم ارتكاب أخطاء فادحة” في مكافحة فيروس كورونا.

واعتبر كونتي مقابلة مع صحيفة “إل سولى 24″، إن “التقاعس سيترك لأبنائنا العبء الهائل لاقتصاد مدمر”، مضيفًا: “هل نريد أن نكون على مستوى هذا التحدي؟، إذاً لنطلق خطة كبيرة، خطة أوروبية للتعافي وإعادة الاستثمار تدعم وتنعش الاقتصاد الأوروبي كله”.

وتابع إنه خلال اجتماع المجلس الأوروبي حدث أكثر من خلاف، موضحًا أنه حصلت مواجهة شديدة وصريحة” مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل “لأننا نعيش أزمة تسفر عن عدد كبير من الضحايا من مواطنينا وتسبب ركودًا اقتصاديًا شديدًا”.

وقال خلال الجلسة: “أمثل بلدًا يعاني كثيرا ولا يمكن أن أسمح لنفسي بالمماطلة”.

وأضاف: “في إيطاليا، وأيضًا في دول أعضاء أخرى، نحن مرغمون على اتخاذ خيارات مأساوية… ينبغي علينا تجنب أن نتخذ في أوروبا خيارات مأساوية. إذا لم تثبت أوروبا أنها على مستوى هذا التحدي غير المسبوق، فإن التكتل الأوروبي بكامله قد يفقد بنظر مواطنينا، سبب وجوده”.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مقابلة مع 3 صحف إيطالية وهي “كوريري ديلا سيرا” و”لا ستامبا” و”لا ريبوبليكا” إن الاتحاد لن يتغلب على هذه الأزمة “بدون تضامن أوروبي قوي، على المستويين الصحي والمالي”.

وتخشى فرنسا من اجتياح الفيروس لأراضيها وأن يصبح الوضع أسوأ ويتكرر فيها سيناريو إيطاليا وإسبانيا.

أكبر من الاتحاد

وبات الحديث الآن واضحًا عن غياب فكرة التضامن الأوروبي حيث تواجه الدول الأعضاء في التكتل الأزمة بمفردها دون الاتفاق على خطة مشتركة لإنقاذ الدول الأكثر تضررًا .

فهل تكتب أزمة كورونا نهاية الاتحاد الأوروبي؟.. وهل الأزمة الحالية أكبر بكثير من حجم الاتحاد تقنيًا وسياسيًا اقتصاديًا؟.

تعليق

إقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى